في اللقاءات تحدث الحميمية، وفي الدفء تنشر المشاعر أوراقها الخضراء، وتزدهر حقول الحياة، كما تزهر قلوب المواطنين عندما تهلّ على بيوتهم وجوه كأنها المصابيح تنير قلوب من أحبُّوا هذا الوطن، كما أحبُّوا شيوخهم، الذين يمثلون بالنسبة لهم، الحنان في تجسده في زيارات تفتح آفاق الحلم، وتشرع أبواب الطمأنينة في قلوب من أحبوا، ومن ألفوا مثل هذه الاستهلالات المهيبة.
في الإمارات التواصل ثيمة الحكاية الاجتماعية، وفي تفاصيلها تشهد تلك الابتسامات المرسومة على وجه الوجود، وتلك الوسامة التاريخية التي يتمتع بها هذا الوطن، متخذاً من موروث زايد الخير، طيب الله ثراه، الثيمة، والقيمة، وشيمة الأخلاق التي تربّت عليها أجيال من هذا الوطن، وترعرعت في بساتينها، ونشأت على الحب؛ مما جعل هذا الوطن، ينسج خيوط الحرير في كل تطلعاته، ويبني طموحاته على أسس التآلف، والتضامن، والتسامح، وما يحدث هنا، على هذه الأرض، هو الجملة الفريدة في بناء رواية وطنية تتناقلها الأجيال، وتقرأ في تفاصيلها ما يجعل الفكرة في الأصل، فكرة أننا جسد واحد، ورواية ملحمية تتداولها الأيام والسنون، وتستمر القافلة، مجدها وشأنها، تستمر في مسيرتها المكللة بهوى العلاقات الإنسانية ذات الفرادة والتميز، والاستثنائية. تستمر والإنسان في هذا الوطن لا يشعر أنه وحيد في وجه العواصف الزمنية، بل هو محمول مكفول، متوج بأمنيات تتنازل عن عقباتها، لتصبح في الحياة سلسال ذهب يطوق الأعناق. تصبح كأشواق الطير في تحليقه، ورفرفته، تصبح أمنيات بأجنحة لا تكفّ عن تمتين حبال المودة بين حاكم ومواطن، وفي المسيرة التاريخية، يحدث ما لا يتخيله بشر، لأن ما نشهده في بلادنا هو المستحيل الذي أرخى ذيول الصعاب ليصبح في الواقع، نبتة طيب، تعبق وجدان عشاق، أدمنوا الحب، حتى صار في الزمان، كياناً بحجم الإمارات، وصارت الإمارات في العالم محيطاً ماؤه مشاعر مودة دافئة، وشطآنه، أفئدة شرايينها من تفاصيل الجمل المعرفية.
عندما نقرأ، ونشاهد هذه اللقاءات، نشعر بأننا مجتمع سماوي، تتلاقى فيه آيات من الصور السحرية، تثلج الصدر، وتفتح في القلب نافذة لمشاعر تتجدد كأنها الهواء الطلق في فيحاء مؤثثة بالروح والريحان.
في الإمارات لا يشعر المرء بأنه يعيش بمفرده، ولا يحس بأنه يسكن خيمة في العراء، لأن العلاقة بين الحاكم والمواطن علاقة أشف من ورقة التوت، وإن الحب خيمة عملاقة، سقفها المطر، وأرضها العشب القشيب، وما بين هذا وذاك، تسكن أجنحة الود، والناس يترعون من سلسبيل هذه العلاقة، كما تترع غزلان البساتين من عذوبة النبع في طبيعة زاهية، ثرية بعيون الماء، وعيون المها.
في الإمارات تنمو أغصان الحياة، منسجمة مع مشاعر الناس الطيبين، متداخلة مع تلك الابتسامات واسعة الأحداق، جزيلة الشفافية.
في الإمارات تبدو الحياة في ظل هذه العلاقة الإنسانية المتحررة من عقد الرسميات، والنقية من ضحالة اللقاءات، كأنها الوردة التي تنبت عند عتبات البيوت، فتمنحها العطر، تمنحها نشوة الانتماء إلى الأرض، وإلى وطن بحجم سمعته الطيبة في العالمين.
المصدر: الاتحاد