كاتب سعودي؛ كان سفيراً لبلاده في منظمة اليونسكو
في التاسع والعشرين من شهر كانون الأول (ديسمبر) من عام 1962م (1382هـ) وُلد «المذكور اسمه أعلاه».
كان يمكن لهذا القادم الجديد أن يتريث يومين فقط فيصغر عمره، على ألسنة الناس، عاماً كاملاً. لكنه لم يأبه يوماً بإخفاء أو تصغير عمره. وها هو يكرر «غلطته» اليوم بإعلانه أمام الملأ أنه، في الشهر الماضي، بلغ الخمسين من عمره… وما أدقّه من رقم!
عاش الرضيع في كنف والديه، بمدينة الرياض، يسرح ويمرح ظناً منه أنه لم يحن قطافه هو وجيله من مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا بعد أن عمّ السلام في هذا الكون ووضعت الحروب أوزارها ووزراءها. لكنه بعد أن أصيب بكسر في رجله في الثالثة من عمره وبقي أثره معه حتى الآن، سيصاب بكسر في قلبه في الخامسة من عمره حين رأى أباه «الشاعر» يبكي ضياع القدس، وسيبقى أثر هذا الكسر معه طيلة حياته.
ظنَّ الطفل، الذي ينتظر السلام، أن حرب 1967 هي الحرب الأخيرة، وما درى أنها ستكون الحرب الأولى أو شبه الأولى، وستتلوها حروب… حقيقية ومزيّفة. وحين قُتل الملك فيصل في عام 1975 أدرك الفتى الصغير ذو الثلاثة عشر عاماً أن المسألة ستطول، وأن عصر السلام الذي سيعيشه هو وأقرانه، كما وعدهم قادة وحكماء العالم في عام 1945 «عام الوعود» ما زال بعيداً.
ظل الشاب الموعود يكبر والحروب بجواره تكبر وتكثر. عاش «فتى عصر السلام» حروب 1967، 1973، 1982، 1991، 2003. لم يمر عليه عقد من الزمان من دون حرب، ليس في القدس وحدها بل وفي بيروت والكويت وبغداد… ودمشق على الأبواب!
في عام 2011 أصبح العالم العربي كله معركة!
قالوا له إن الربيع على الأبواب، وإن السلام الذي وعدهم به حكماء العالم في عام 1945 بدأ يقترب.
فرح الكهل الموعود بالسلام، وهو حينها على مشارف الخمسين بأن الوعد الذي وُعد إياه يوم وُلد قد اقترب، وإن كان قد تأخر «بعض» الشيء!
وبدأ الموعود يبني العش للحمامة التي ستأتي بعد أن كان قد طيّرها من عشّها الآمن حكماء العالم الانتهازيون، الذين اكتشفت الشعوب أنهم يُهدون الوعد بالسلام في رسالة أنيقة مرفقة مع «باقة أسلحة»!
ها هو عام 2012 ينقضي، والموعود بالسلام يبلغ الخمسين من عمره، ويصبح منذ شهرين جَدّاً، ويعطي حفيدته «لمياء» الوعد الذي أُعطي له يوم وُلد قبل نصف قرن، لعل هذه الصغيرة وأقرانها يدركون الوعود المنتظرة… وعود السلام.