رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
صديق عزيز، وهو بالمناسبة مواطن إماراتي، اشترى شقة في أحد المشروعات العقارية، ليس بغرض الاستثمار وإنما بغرض استخدامها للعائلة، عند قدومهم من إمارتهم لقضاء العُطَل، أخبرني أنه اليوم شبه نادم على هذه الصفقة، ليس بسبب الشقة أو موقعها، بل لأنه يدفع سنوياً للمطور العقاري مبلغاً لا يقل عن 150 ألف درهم، هي عبارة عن رسوم خدمات صيانة الحديقة والأشجار والممرات!
هذا المبلغ الذي يدفعه للخدمات يستطيع أن يؤجر به فيلا سكنية في مناطق عدة، فما الفائدة إذن من الشراء؟ ولماذا دفع الملايين لتملك هذه الشقة! وما الخدمات التي يقوم بها المطور العقاري حتى يأخذ هذا المبلغ بشكل سنوي؟ مهما كانت جودتها فهي لا تتناسب أبداً مع حجم هذا المبلغ! هذه التساؤلات وغيرها طرحها صديقي العزيز من دون أن يجد إجابة شافية من أحد!
وهذه المعاناة لا تقتصر على هذا الصديق، لا شك أن هناك عشرات الآلاف غيره، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، ممن يعانون زيادة كلفة رسوم الخدمات.
هذه الرسوم التي يفرضها المطورون العقاريون على الملاك مقابل صيانة «إجبارية» للمباني والأبراج، تحتاج إلى تنظيم وتقنين، فالفكرة غير واضحة لدى كثير منهم، وهناك خلط واضح في المفهوم، فهل هذه المبالغ نظير تقديم خدمات صيانة حقيقية، أم هي لتحقيق أرباح سنوية دائمة إضافة إلى الأرباح التي جناها المطور مرة واحدة عقب بيع المشروع بالكامل؟!
ما يحدث اليوم أن هذه الرسوم تحولت إلى دخل إضافي جديد ومستمر للمطورين، وشكّلت عبئاً كبيراً على المُشترين والساكنين، خصوصاً أن المطورين أعطوا لأنفسهم الحق في رفع هذه الرسوم متى شاؤوا وبأي نسبة أرادوا، وعلى المُلاك الدفع فقط، في حين أن الهدف من أخذ هذه المبالغ هو استخدامها للصيانة فقط، من دون اعتبارها ربحاً إضافياً يجب تعظيمه وزيادته كل عام، والصيانة لا تستدعي دفع مبالغ كبيرة كتلك التي يفرضها معظم المطوّرين حالياً!
ولمزيد من التوضيح، فلنفترض أنك تملك مبنى جديداً، وقمت ببيعه كاملاً لشخص آخر، فهل يحق لك مطالبة المالك الجديد برسوم خدمة سنوية؟ بالتأكيد لا يُعقل ذلك، لذا فمن باب أولى ألا يحق للمطور التحكم في هذه الرسوم وتغييرها وزيادتها سنوياً على ملاك الشقق، بعد أن باعها لهم، ليصبحوا كأنهم مستأجرون لعقارات هم يملكونها!
بالتأكيد لابد من صيانة المباني، ولابد من تعيين شركات للحراسة والتنظيف، وغير ذلك من خدمات مشتركة للمبنى بأكمله، ولا مانع من تحميل الملاك هذه الرسوم، لا أحد يختلف على ذلك، لكن الخلاف في أن تصل هذه الرسوم لتعادل إيجار بيوت وشقق سنوياً في أماكن أخرى، ما يجعل المستثمرين يعيدون النظر في قرار الشراء!
مثل هذه التصرفات الغريبة تؤثر سلباً في القطاع العقاري وفي جاذبيته، لذا لابد من تدخل الجهات المختصة لتنظيم هذا الأمر، ووضع قوانين خاصة به، تماماً كما وضعت قوانين خاصة بالتطوير العقاري بشكل عام، فمثل هذه الممارسات لا ينبغي أن تستمر.
المصدر: الإمارات اليوم