قوة الاتحاد تبدأ من رسم تضاريس ملساء لا تعيقها كبوة، ولا تعقبها ربوة، فكل الجداول تذهب إلى حقيقة الوطن، وتروي مشاعر أبنائه، بحلم أزهى من الورد، وأبهى من القمر، نسير ونحن على طريق سالك، لا تغشيه عقبة، ولا تكدره صبوة، هو المشروع العملاق، الذي يربط الشرايين بالقلب، ويعقد الصفقة المباركة ما بين الدم والوريد.
فإذا كانت المشاعر توحدت منذ الأزل، فإن طريق المشاعر يبدأ من خطوط الطول والعرض، التي تحدد خريطة الإمارات، كما تسدد النظرة إلى أحلام شعب، تواءمت مع تطلعات قيادة هذا الثنائي المبارك هو ما دعا إلى إرساء المشاريع الكبيرة، والإنجازات اللافتة، والمكتسبات المذهلة، والمهارات المدهشة، والابتكارات ذات الصوت، والصيت، كل ذلك يجعل من الإمارات، الحلقة واسعة الحدقات، والتي تدور في فلكها الدول، وتحذو حذوها، وتقتدي بما تقوم به، وما تضعه على الأرض واقعاً يسطع كأنّه القمر، ويمتد ذراعاً على التراب، كما هو المحيط، ويمد مداه في العالم، كما أنه الأفق.
مشروع السكك الحديدية، هو مشروع المستقبل، هو طريق الحرير الذي تسترخي على أريكته كل الأحلام
والطموحات، والتطلعات، والأفكار، والرؤى، لأن الإمارات، فارس لا حدود لجياده، ولا مناطق توقف لنوقه الباحثات عن غافة الأمل، ونخلة التفاؤل.
هذه هي الإمارات، تسعى، وفي سعيها خطوات تملأ العالم بالصدى، وفي دورتها الشمسية، خيوط من نور، وشعاع يحرك البريق في عيون الآخرين، هذه هي الإمارات، بنيت على الإبداع، فهي اليوم قصيدة تنثر في الوعي مشاعر الذين يعشقون الجمال، والذين يهبون أنفسهم فداء لعطاء يخدم البشرية، ويرفع من سقف التوقعات.
هذه الإمارات اليوم تبدو في العالم، منارة عالية، وقيثارة زاهية، وحلم البشرية في أن يصبح الإنسان في كل مكان، ما بين خطوة وأخرى هو في نفس مكانه، وفي كل زمانه.
هذه الإمارات، سجيتها تقريب المسافات، بين الإنسان والإنسان، ووظيفتها، جمع البعيد ليكون قريباً، وحض القريب، لأن يصبح في القلب.
منذ خمسين عاماً، وقطار الإمارات يمضي للعلا، ويستلهم من تراص النجوم في السماء عبرة لتواصله مع الآخر، وردم الفجوات، وكسر الحدود، وزراعة أشجار الدفء، والظل الظليل.
هذه لغة الإمارات في التخاطب ما بين الإنسان والإنسان، فلا لثغة، ولا تثليم لبلاغة البوح، هو السرد المبجل في صناعة التواصل، وتلاحم البحر مع السواحل كي تمضي السفن في المحيط من دون خضة، ولا رضة.
المصدر: الاتحاد