رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
«عاصفة الحزم» واضحة الأهداف، لا أجندات خفيّة، ولا ممارسات توسعية سرية وظلامية، ولا أطماع في توسع أو أرض أو ثروة.
دول مجلس التعاون لا تريد ذلك من اليمن، ولا غير اليمن، ولا تطمع من وراء التحرك العسكري إلا في تحقيق أهداف واضحة معلنة، أيدتها فيها الدول العربية، ومعظم دول العالم والمنظمات الدولية.
إفشال انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية اليمنية، والعودة إلى المسار السياسي المتفق عليه دولياً، والمستند إلى الشرعية والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار اليمني، هذه أهداف واضحة لـ«عاصفة الحزم» الخليجية العربية، وذلك بعد أن استبد الحوثيون وتمادوا في استخدام العنف والاحتكام إلى شريعة الغاب والبنادق، ومحاولة السيطرة بشكل كامل على اليمن، وإلغاء الشرعية، والانقلاب على السلطة.
ولا يخفى على أحد سبب آخر مباشر لردة الفعل الخليجية، هو إيقاف التغلغل والعبث والتوسع والهيمنة الإيرانية المتعطشة لإنهاك الجسد العربي والنخر في كل أطرافه، لقد سيطرت إيران شمالاً، وامتد نفوذها ليجتاح العراق وسورية ولبنان، ما شجعها على تكرار التجربة في جنوب الجزيرة العربية، فالسيطرة على مضيق هرمز وباب المندب الاستراتيجي أمر مغرٍ للغاية، والفرصة أصبحت سانحة لتحويل الحوثيين إلى «حزب الله» جديد يطوق السعودية وشبه الجزيرة العربية، ليصبح الجميع تحت فك الكماشة الإيرانية، ووضعت الإجراءات الميدانية التنفيذية لهذا المخطط، ووجود 5000 خبير ومدرب وعناصر استخبارية إيرانية ومن «حزب الله» اللبناني حالياً في اليمن، لم يكن قطعياً بغرض السياحة، ولاشك في أن نجاح إيران في السيطرة على العاصمة العربية «الرابعة» لن يكفيها، بل سيكون بداية حقيقية لهيمنة أكبر، والخطوات اللاحقة المتوقعة ليست خافية على أحد، بل بدأت إرهاصاتها تخرج فور تحرك الحوثيين نحو عدن.
أمن الدول الخليجية خط أحمر، والصمت على تلك التحركات هو بداية فقدان الأمن والاستقرار، وبداية السقوط في الهيمنة الإيرانية أيضاً، لذلك فإن استقرار اليمن وعودة الشرعية، وإنهاء الانقلاب الحوثي، هي جزء من أمن الخليج، فدول المجلس ليست بعيدة جغرافياً عن اضطرابات المشهد اليمني، واليمن لديه حدود مشتركة مع الإقليم الخليجي، وتجاهل أحداث اليمن يعتبر أحد مصادر الخطر المحدقة بالمنطقة الخليجية، لذلك كان لزاماً على دول المجلس قطع الصمت بالحزم، فكانت «عاصفة الحزم» خياراً أمنياً استراتيجياً لا بديل له.
لم تكن دول مجلس التعاون يوماً دولاً توسعية، ولم تشن يوماً عدواناً على أحد، ولا تبحث إلا عن أمن واستقرار المنطقة، كما أن اليمن لم يكن يوماً يشكل همّاً لدول مجلس التعاون الخليجي، ولم يكن مصدر تهديد لها، غير أن الوضع الحالي مختلف، فوجود جماعة مدعومة من قوى خارجية معادية، انقلبت على الشرعية وعلى الرئيس الشرعي لليمن، تحاول فرض الأمر الواقع بالقوة، والوضع يسير نحو حرب أهلية في دولة فقيرة جداً، تسيطر على باب المندب، وذات كثافة سكانية كبيرة، تقاسم شبه جزيرة، تضم دولاً آمنة، معضلة تحتاج إلى حل، فليس من الحكمة وجود «دولة فاشلة» في الجوار، كما حدث للصومال، إذ إن أراضيه الشاسعة وصحاريه الكبيرة، أصبحت معسكرات للتنظيمات الإرهابية التي تسهم في تفريخ الإرهاب لأماكن عدة، لذلك لابد لدول التعاون، وكخيار وحيد، العمل بشتى الطرق لتمكين عودة الرئيس اليمني الشرعي، وعودة حكومة صنعاء، وإنهاء التمدد الحوثي، من أجل الوصول باليمن إلى بر الأمان.
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2015-03-29-1.769748