كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة
جميل جداً هذا الازدهار السياحي الذي تشهده دولتنا، خاصة في مواسم الأعياد والمناسبات الوطنية والإجازات، حيث يتدفق الأشقاء من دول مجلس التعاون الخليجي، والسياح من مختلف مناطق العالم على بلادنا، وتبلغ نسبة الإشغال في فنادقنا 100% خلال هذه المواسم، رغم الزحام الشديد الذي يسببه هذا التدفق في شوارعنا ومراكزنا التجارية، لكنه زحام إيجابي، يدل على مدى هذا الازدهار الذي نتحدث عنه، ونتمنى أن يستمر ويتنامى.
وإلى جانب الجاذبية التي تتمتع بها دولتنا بمدنها المختلفة، والتي هي بالتأكيد العامل الأول في انجذاب الأشقاء الخليجيين والسياح الأجانب إليها، فإن العروض المغرية التي تقدمها فنادقنا وناقلاتنا الوطنية تمثل هي الأخرى عوامل جذب مهمة في استقطاب الزوار، وتشجيعهم على اتخاذ قرار التوافد على دولتنا لقضاء إجازاتهم فيها،.
والاستفادة من التسهيلات التي تقدمها لهم هذه الفنادق والناقلات، والتمتع بالمرافق الموجودة في مدننا التي تضاهي أكثر المدن تقدماً، إلى جانب استغلال مهرجانات التسوق، والتنوع الذي تتمتع به أسواق الإمارات ومراكزها التجارية، على النحو الذي يناسب ذوي الدخول المختلفة، وفق مستوياتهم وإمكاناتهم المادية.
كل هذا جميل، ويصب في الاتجاه الصحيح الذي تنتهجه دولتنا لتشجيع السياحة، وجذب السياح من مختلف الجنسيات، لجعل دولتنا التي تشهد ازدهاراً اقتصادياً وحضارياً وثقافياً، وجهتهم الأولى، لكن الأجمل منه لو أن هذه العروض التي تقدمها فنادقنا وناقلاتنا الوطنية شملت مواطني الإمارات وسكانها الذين هم مستثنون منها، إما لكونهم يحملون جنسية دولة الإمارات، أو لكونهم يقيمون فيها!
وهذا وضع غريب لا مثيل له في الدول الأخرى، كما أنه لا يستقيم مع المنطق، ولا مع الفكرة التي تدعو إلى تشجيع السياحة الداخلية، وحث المواطنين والمقيمين على التنقل في ربوع الوطن، والتعرف على مناطقه وبيئاته وأجوائه المتنوعة.
يذكر لي أحد الأصدقاء أنه عندما كان يدرس وزوجته في الولايات المتحدة، أن اضطرت الزوجة للسفر إلى الإمارات أياماً معدودة لإنجاز بعض الأمور، ولكون المدة التي سوف تقضيها قصيرة، وكون الزوج والأبناء خارج الدولة، فقد قرر أن يحجز لها في أحد الفنادق، خاصة وأن السعر الذي حصل عليه عبر أحد مواقع الحجوزات في الإنترنت كان مغرياً،.
وقد فعل ذلك. وعندما وصلت إلى الفندق قوبلت بترحاب بالغ من قبل موظفة الاستقبال التي بدأت إجراءات التسجيل تمهيداً لتسليمها الغرفة، لكن تعابير وجه الموظفة سرعان ما تغيرت عندما قدمت لها الزوجة جواز سفرها الإماراتي، وسألتها:
كيف حصلت على هذا السعر وأنت تحملين جنسية الإمارات؟! كانت الصدمة أكبر من أن تتحملها المواطنة الإماراتية فأخبرتها أن الموقع الإلكتروني الذي قامت بالحجز من خلاله في الولايات المتحدة لم يكن عنصرياً، لذلك لم يسألها عن جنسيتها. وتساءلت عن وجه الغرابة في الموضوع، لتجيبها موظفة الاستقبال بأن هذه الأسعار مخصصة لغير مواطني الإمارات، وأنه لا يحق لها الحصول عليها لأنها مواطنة إماراتية!
هذه الحكاية ذكرتني بصديق أميركي، متزوج من ألمانية، ويقيمان في مدينة “فرايبورغ” عاصمة “الغابة السوداء” القريبة من الحدود السويسرية والفرنسية.
حيث تلقيت، قبل أعوام، اتصالاً من هذا الصديق يقول لي فيه إنه موجود، هو وزوجته، في الإمارات، وإنهما يقيمان بأحد فنادق المنطقة الشرقية، وسيكونان في دبي بعد أسبوع، فكان أن التقيت بهما عندما وصلا إلى دبي، وعلمت منهما أنهما قدما إلى الإمارات ضمن فوج سياحي، عبر إحدى الشركات الألمانية، وأن المبلغ الذي دفعاه مقابل تذكرة السفر، والإقامة في أحد فنادق المنطقة الشرقية 11 ليلة.
وفي دبي 3 ليال، شاملة الإفطار والتنقل من المطار وإليه وبين المنطقة الشرقية ودبي، لم يتجاوز 2000 دولار! وهو مبلغ زهيد، لا يكفي لإقامة أي إماراتي أو مقيم، ليلتين في أحد فنادق المنطقة الشرقية، خلال إجازة العيد، ولا أي إجازة.
هذا عن الفنادق، أما عن ناقلاتنا الوطنية والأسعار التي تتعامل بها مع مواطني الإمارات والمقيمين فيها فحدث ولا حرج. أذكر خلال الإجازة الصيفية الأخيرة أنني لاحظت في مطار “ميونيخ” كثرة عدد الأشقاء الكويتيين العائدين على إحدى ناقلاتنا الوطنية..
وعندما سألت أحدهم عن سبب اختيارهم لناقلتنا الوطنية، أجابني أنها تقدم لهم أسعاراً تنافسية تقل عن أسعار الشركات الأخرى، علاوة على الإقامة 3 ليال في أحد فنادق الدرجة الأولى بالإمارات، في طريق عودتهم إلى الكويت. ونحن نعرف جميعاً الأسعار النارية التي تقدمها لنا ناقلاتنا الوطنية، مقارنة بشركات الطيران الأخرى، خاصة إذا أردنا الحجز من الإمارات، في الوقت الذي تنخفض فيه هذه الأسعار كثيراً إذا قمنا بالحجز من الخارج.
وقد أجرى أحد الأصدقاء تجربة، قام خلالها بالحجز عبر الموقع الإلكتروني لإحدى ناقلاتنا الوطنية على درجة رجال الأعمال “دبي/بانكوك/دبي”، ثم قام بالحجز “بانكوك/دبي/ بانكوك”، في اليوم والتاريخ نفسه، فوجد أن سعر الحجز الثاني قل عن سعر الحجز الأول بنحو 4000 درهم.
وقد أدرك الكثير من مواطني الإمارات ذلك، فأصبح بعضهم يحجز رحلاته الطويلة على درجة رجال الأعمال من دول أخرى، مثل الكويت وقطر وباكستان، ويحصل على أسعار تقترب من أسعار الدرجة السياحية، فيما لو حجز هذه الرحلات من الإمارات!
مرة أخرى نقول إننا سعداء بهذا الازدهار السياحي الذي تشهده دولتنا، لكننا نتمنى أن تشمل العروض التي تقدمها فنادقنا وناقلاتنا الوطنية أهل الإمارات والمقيمين على أرضها، كي تكتمل الفرحة، ونشعر، على الأقل، بأننا سياح في وطننا.
المصدر: البيان