رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
لا توجد إحصاءات دقيقة ترصد العلاقة بين انتشار أمراض معينة، مع انتشار مطاعم الوجبات السريعة في المناطق السكنية بمختلف أنحاء الدولة، لكن مع ذلك فإن معظم الدراسات تؤكد أن الوجبات السريعة لها علاقة وطيدة بانتشار بعض الأمراض.
والأكيد أن الإمارات تعاني – منذ فترة طويلة – انتشار بعض الأمراض، مثل السكري حيث تبلغ نسبة المصابين به نحو 11.8%، كما تبلغ نسبة السكان المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم 29%، وتبلغ نسبة السكان الذين يعانون ارتفاع الكوليسترول 43.70%، ولاشك في أن هذه الأرقام مرتفعة جداً، وهي تشكل تحدياً حقيقياً للجهات الصحية في الدولة، إضافة إلى تحدٍّ حقيقي أمام جهود الحكومة الاتحادية بشكل عام.
هناك رابط وثيق بين هذه الأمراض، وبين ما يأكله الإنسان، لاشك في ذلك وفق جميع الدراسات، وكثير من الأطباء، وهناك رابط أكثر التصاقاً يثبت وجود علاقة مباشرة أو غير مباشرة بين هذه الأمراض وغيرها، بالوجبات السريعة تلك.
الوجبات التي يتم تحضيرها بوقت وجهد قليلين، وهي تُقدم بشكل سريع في المطاعم، والأماكن العامة، والمحال التجارية، إذ تؤثر هذه الوجبات في الجسم، حيث تُسبب له العديد من المشكلات الصحية، إذ تكون جودتها أقل من الطعام الصحي، لأنّها تشتمل على نسبة عالية من السعرات الحرارية.
وكثيراً ما يرتبط السكري من النوع الثاني بالسمنة، والأعداد لاتزال في ارتفاع بجميع أنحاء العالم بمعدل ينذر بالخطر، ففي داء السكري من النوع الثاني، لا ينتج الجسم ما يكفي من الأنسولين أو لا يستجيب له، وهذا يؤدي إلى تراكم السكر في الدم، الأمر الذي يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على الأعضاء الداخلية على المدى الطويل، بما في ذلك الكلى، وتالياً فإن التغذية السيئة غير الصحية، تعني بالضرورة ازدياداً في أعداد المرضى، وتعني كذلك زيادة جهود الدولة لمكافحة ومعالجة هذه الأمراض!
للأسف هناك فوضى غذائية منتشرة في المجتمع، حيث يوجد 83% من السكان بالإمارات، لا يتناولون حصصاً كافية من الفواكه والخضراوات، وهناك 13% يشربون المشروبات المُحلاة والغازية بكثرة في اليوم الواحد، وهناك 10% مدمنون على تناول الأطعمة غير المُعدة في البيت، و20% يتناولون أطعمة مصنعة بنسب عالية من الملح!
وللأسف أيضاً، ووفقاً لهذه المعطيات، فإنه يتضح ضعف التناغم بين استراتيجيات الدولة الهادفة إلى تقليل نسب هذه الأمراض، وبين ممارسات الجهات المحلية المسؤولة عن إصدار التراخيص، حيث نلاحظ جميعاً انتشاراً مبالغاً فيه لمطاعم الوجبات السريعة، والكافتيريات، في المناطق السكنية، وفي أحياء المواطنين وغيرهم، وبطريقة تجعل فُرص تحكُّم أولياء الأمور في ما يأكله أبناؤهم وأطفالهم صعبةً للغاية!
لا أحد ضد وجود هذه المطاعم، ولا يسعى أحد لمنعها، فهي منتشرة في جميع دول العالم، نُدرك ذلك، لكن ليس في الأحياء السكنية، حيث إن هناك أماكن سياحية ومراكز تجارية، مقبول وجود هذه النوعية من المطاعم فيها، لكن لماذا سعت تلك الجهات لتسهيل وجودها بين المنازل وفي «الفرجان»، وجعلتها بمتناول يد كل طفل، أليس لهذا الفعل ارتباط مباشر بزيادة مرض السكري والسُمنة، وغيرهما من الأمراض؟ لا أعتقد أبداً أن هذه الفرضية خاطئة!
المصدر: الإمارات اليوم