كاتب عمود يومي في صحيفة الوطن السعودية
في حادثة السير التي تعرض لها أطفال الصديق الأثير، لؤي مطبقاني، ما هو أكبر من قصة (حادث) انتهى، ولله الحمد، بالعافية والسلامة. بفضل التجمهر، احتاج الأب إلى ساعة كاملة كي يصل للموقع، وبفضله أيضا احتاج هؤلاء الأطفال إلى ساعتين وربع الساعة كي يصلوا للمستشفى الجامعي على بعد عشر دقائق من موقع الحادثة. بفضل هذه الهمجية في التجمهر هرب المتسبب في الحادثة رغم الإصابة البالغة لسيارته، وتحت هذا التجمهر كان الأطفال بلا حول ولا قوة وهم يشاهدون عشرات الفلاشات التي تلتقط صورهم من شباب الجوال وكأن الضحايا الأربعة أبطال سباق للتتابع. كل هذه القصص المفزعة من التجمهر حول الحوادث التي تنتهي بالتصوير والسرقة والنشل يمكن أن تنتهي في مجرد ورقة واحدة: رجل أمن يسجل أرقام السيارات ومن ثم أقصى غرامة للمخالفة كي يدفع هؤلاء ثمن هذه البلطجة. لن أنسى أبدا، بكاء أب ذات يوم جاء لمكتبي وهو يسرد لي قصة (نشل) ولده الميت في حادث سير وكيف أعادوا له بطاقة الهوية بعد ستة أشهر ليجدها في ظرف تحت باب المنزل. سأضيف اليوم لكل مقترحاتي فيما سبق فكرة جديدة: أن يرغم الشاب السعودي بعد الثانوية على الابتعاث فصلا دراسيا إلى محاضن المجتمعات الإنسانية الحضارية من أجل الترويض واحترام القانون. وبالطبع قد ندفع من أجل هذه الفكرة “ثلاث عشرات” من آلاف الريالات ولكن: ما هو حساب المردود؟ سنوفر بضع مليارات تذهب هدرا سنويا في حوادث السير طالما أن السبب هو عدم احترام القانون. سيتعلم هؤلاء ولو مجرد احترام نظافة الشارع الذي ندفع من أجله بضع مليارات في العام الواحد لشركات النظافة، إذ نحن النشاز الذي نضطر إلى تنظيف الشارع العام. سنوفر مليارات الريالات من خراج الإعدام الممنهج للمنشآت العامة ولو أن أقلها كان طمس لوحتي شاعري الصغير في اليوم الأول بلا هدف أو سبب. نحن من أضاع من الزمن عقودا من الوعظ والتوعية التي سلبت من مجتمعنا صرامة القانون. يتحدث موقع الشؤون الإسلامية عن ستين مليون (فكرة) دعوية في العام الواحد ولكل منكم أن يحدثنا عن خراج هذه التجربة. وفي قصة الحادث المؤلم بعاليه، نستطيع أن نختزل كل هذه المناشط بورقة قانون واحدة: رجل أمن يسجل أرقام سيارات التجمهر ومن ثم إيقاع عقوبة قاسية من أجل القانون والعبرة. “الهياط والبلطجة” لا يردعهما سوى الجيب.
المصدر: الوطن أون لاين