اجتاح الغضب الأحمر الإسباني نظيره الأزوري الإيطالي وسحقه برباعية نظيفة بالعاصمة الأوكرانية كييف، في نهائي كأس الأمم الأوروبية التي أسدل الستار على منافساتها التي احتضنتها ملاعب أوكرانيا وبولندا وتوج المنتخب الإسباني للمرة الثانية على التوالي وبلقب ثالث كبير خلال أربع سنوات، أحرز ديفيد سيلفا 14 ، خوردي ألبا 41، والبديلان توريس 84 وخوان ماتا في الدقيقة 88 أهداف المنتخب الإسباني.
قدم المنتخب الإسباني لوحة فنية رائعة بكل معنى الكلمة لم تقل عن اللوحات التي شهدها الحفل الختامي قبل بداية اللقاء، وكأنه أراد أن يحتفظ محبو كرة القدم باللقطة النهائية في ذاكرتهم، بينما منافسه بدا عاجزاً عن مجاراته وظهر بعيداً عن المستوى المذهل الذي قدمه أمام الماكينات الألمانية في الدور نصف النهائي.
المباراة اختصرها مدرب المنتخب الإيطالي السابق أريجو ساكي بكلمات بسيطة معبرة تغني عن تحليلات المحللين (التي غالباً ما تخيب) عندما قال : (رأينا فريقاً واحداً على أرضية الملعب، لم يكن هناك وجود للمنتخب الإيطالي لا هجوماً ولا دفاعاً)، وفقط.
المنتخب الإسباني سطر اسمه بحروف من ذهب في تاريخ الكرة العالمية بعد ثلاثة ألقاب كروية في أربعة أعوام أمم أوروبا 2008 وكأس العالم 2010، ثم أمم أروربا 2012.
كذلك حقق فوزه الرسمي الأول على منافسه الإيطالي إذا ما استثنينا الفوز الوحيد العائد إلى العام 1920 وكان أولمبياً، وأحرز رباعية في المباراة النهائية.
الشوط الأول
بدأ الإسباني ديل بوسكي المباراة بتشكيلة اللقاء الأول الذي جمع المنتخبين في في افتتاح لقاءات المجموعة الثالثة وانتهى بالتعادل بهدف لمثله، فكانت التشكيلة (كاسياس، بيكيه، راموس، ألبا، أربيلوا، أنييستا، تشافي هيرنانديز، بوسكيتس، ألونسو، فابريجاس، ديفيد سيلفا) باعتماد طريقة 4/3/3.
بينما المدير الفني الإيطالي شيزاري برانديلي بدأ بتشكيل مكون من (بوفون، اباتي، كليني، بارازالي، بونوتشي، ماركيزيو، دي روسي، مونتوليفو، كاسانو، بيرلو، بالوتيلي) واعتمد طريقة 4/1/3/2.
بدأ اللقاء بسيطرة إيطالية على منتصف الملعب في الخمس دقائق الأولى دون خطورة على مرمى كاسياس، لكن سرعان ما تغيرت مجريات السيطرة على الكرة بفضل تقارب الخطوط الإسبانية والتمرير القصير ثم التحرك ككتلة واحدة دفاعاً وهجوماً.
نية الإسبان الهجومية ظهرت مؤشراتها عند الدقيقة السادسة عندما سدد راموس كرة قوية بعد مخالفة خارج المنطقة لكن كرته افتقدت للدقة فعلت العارضة، أتبعها راموس نفسه بضربة رأس من عرضية تشافي سارت مثل سابقتها فوق عارضة بوفون.
وكان تشافي هيرنانديز هو كلمة السر في هذا النهائي مع جميع افراد المنتخب الإسباني حتى البدلاء، وقدم المهندس تشافي أفضل مستوى له بالبطولة وكاد أن يلقي بكلمة الافتتاح بعد تبادل للكرة مع فابريجاس وسط غابة من الدفاع الإيطالي ثم سدد قذيفة مدوية أخطات مرمى بوفون آخذة طريقها فوق العارضة بقليل.
كل هذه المؤشرات لم تجعل الطليان يأخذون حذرهم الدفاعي، فكان لابد من العقاب الذي جاء عن طريق لاعب مان سيتي الانجليزي المتألق ديفيد سيلفا الذي تلقى عرضية مثالية من فابريجاس حولها برأسه في المرمى الخالي، وكانت الهجمة بدأت من تمريرة عميقة من أنييستا (يستحق لقب أفضل لاعب بالبطولة) لفبريجاس الذي انطلق خلف رقيبه كليني وقرب المرمى أرسل عرضية على رأس سيلفا المنطلق من الخلف لحظة خروج بوفون لسد الزاوية فحولها في المرمى الخالي د 14.
بعد الهدف الإسباني حاصر الطليان مرمى كاسياس لمدة ثلاث دقائق في المنطقة فسدد بيرلو من مخالفة ارتطمت بالحائط الدفاعي، اتبعتها عدة ركنيات لم تثمر.
وبينما يسعى الأزوري للعودة في المباراة تلقى ضربة موجعة بخروج المدافع القوي كليني مصاباً فخسر الطليان تبديلاً اضرارياً مبكراً.
بعد منتصف الشوط الأول عاد الفريق الإسباني للخلف بغية الحفاظ على الهدف فظهر الأزوري بشكل أفضل نسبياً وكاد أن يعدل النتيجة في أكثر من مناسبة لكن محاولاتهم الهجومية اصطدمت بحارس عملاق اسمه إيكر كاسياس.
فعند الدقيقة 27 أرسل بارازالي عرضية رائعة أبعدها كاسياس بأطراف أصابعة قبل رأس بالوتيلي المتحفز، بعدها بدقيقتين تلاعب كاسانو بالمدافع أربيلوا داخل المنطقة ثم سدد كرة قوية سيطر عليها كاسياس بثقة.
وعاد كاسانو مجدداً ليطلق كرة مدوية من خارج المنطقة نجح القديس في ردها إلى داخل الميدان مرة ثانية، د33.
وكان هدوء الإسبان هدوءاً مصطنعاً أو هدوء ما قبل العاصفة التي جاءت هذه المرة عن طريق ظهير فالنسيا الذي عاد حديثاً إلى ناديه القديم برشلونة خوردي ألبا في الدقيقة 41، بعدما تلقى بينية مثالية فانفرد وجهاً لوجه مع الحارس الخبير بوفون ثم ركنها ألبا بمهارة على يمين الحارس معززاً هدف التقدم الإسباني.
الغريب في الهدف الثاني أنه أظهر عيوب الطليان في المباراة، فالدفاع الإيطالي الشهير بصلابته والذي أصاب الألمان بالصدمة وقف خمسة لاعبين منه عاجزين أمام لاعبين اثنين من الإسبان.
وحاول مونتوليفو بتسديدة صاروخية أن يعيد الطليان للمباراة لكن كاسياس كان في يوم تألقه فأبعدها بصعوبة لينتهي الشوط الأول بتقدم إسباني.
الشوط الثاني
رمى المدرب الإيطالي بورقة هجومية ودفع بدي نتالي على حساب كاسانو أملاً في استغلال سرعته كما حدث في لقاء الدور الأول، وكاد البديل أن يزور شباك كاسياس سريعاً لكن رأسيته علت العارضة بقليل د 46.
بعدها مباشرة تلاعب فابريجاس بالدفاع الإيطالي وواقترب من إحرازالهدف الثالث بيد أن الدفاع الإيطالي شتتها ركنية، وتغاضى الحكم البرتغالي عن احتساب ركلة جزاء واضحة للإسبان بعدما لمست كرة راموس الرأسية يد أحد المدافعين.
مرة أخرى أهدر دي نتالي هدف العودة في اللقاء بعدما تلقى تمريرة في عمق الدفاع الإسباني ثم استدار وسدد لكن العملاق كاسياس تمكن من الحفاظ على شباكه عذراء ببراعة، د 51.
وتلقى المنتخب الإيطالي صدمة بخروج البديل الثالث لاعب باريس سان جرمان موتا الذل دخل بدلاً من مونتوليفو بعد دخوله بأربع دقائق فقط ليكمل الطليان الوقت المتبقي من المباراة بعشرة لاعبين د61.
وكانت الفترة من الدقيقة 61 وحتى الدقيقة 84 هي مرحلة استعراض القوة، فتلاعب الإسبان بمنافسهم وكأنهم اكتفوا بالهدفين، فشاهدنا مثلثات ومربعات كروية، لكنها مالت لقتل اللعب والاستعراض.
غير أن فيرناندو توريس بديل فابريجاس أراد المشاركة في اللوحة الإسبانية فأحرز الهدف الثالث بعد تمريرة من المتألق تشافي وضعته في مواجهة بوفون الذي فشل في التصدي لكرة توريس ومرت على يساره، د 81.
حتى البديل خوان ماتا كان له شرف المشاركة في التتويج الإسباني وألقى برصاصة الرحمة في الدقيقة 88 بعدما انفرد توريس غير أنه بقمة الإيثار مرر لزميله في تشلسي ليكون صاحب هدف الختام رغم أنه لم يشارك سوى في هذه الدقائق الأربع الاخيرة طوال البطولة.
ختاماً فاز المنتخب الأقوى بالبطولة عن جدارة واستحقاق، لكن ذلك لا يخفي المجهود المبذول من منافسه الإيطالي لكنه كان في يوم نحسه فخسر تبديلاً اضرارياً وأكمل النصف ساعة الأخير بعشرة لاعبين، لم يكن وجود الـ 11 لاعباً سيغير من الأمر شيء من حيث الهزيمة، لكن ربما كان أوقفها عند هدفين فقط.
المصدر: البيان