عمل محرراً في قسم الشؤون المحلية بصحيفة "أخبار الخليج" البحرينية، ثم محرراً في قسم الديسك ومحرراً للشؤون الخارجية مسؤولاً عن التغطيات الخارجية. وأصبح رئيساً لقسم الشؤون المحلية، ثم رئيساً لقسم الشؤون العربية والدولية ثم نائباً لمدير التحرير في صحيفة "الايام" البحرينية، ثم إنتقل للعمل مراسلاً لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) كما عمل محرراً في لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية.
في إبريل 1989 تجمع طلاب صينيون في ميدان «تيان آن مين» مطالبين بالديمقراطية، في أكبر احتجاج جماهيري شهدته الصين منذ العام 1949، وفي نوفمبر من نفس العام انهار سور برلين في ثورة جماهيرية، ولم تلبث أن سقطت أنظمة ما يعرف باسم الكتلة الشرقية.
حتى ذلك العام، لم تكن شبكة الانترنت قد ظهرت بعد على مستوى العالم، وكانت أيقونة الاتصالات حتى ذلك العام هي جهاز عجيب اسمه الكامل «الفاكسميلي»، الذي عرفناه اختصارا باسم «الفاكس»، لكننا لم نسمع أحدا يربط تلك الثورات بجهاز الفاكس ويحمله مسؤولية اندلاعها.
كما أن الثورات في العصور القديمة لم يطلق على أي منها ثورة «الحمام الزاجل» مثلاً، لأن الثوار كانوا يتبادلون رسائلهم السرية بالحمام الزاجل. فالثورات تحدث لأسباب موضوعية عديدة، ليس من بينها نوع وسيلة الاتصالات السائدة في وقتها.
ولا أدري لماذا الإصرار على ربط ثورات الربيع العربي وحدها دون سائر الثورات في العالم، بوسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت، وكأن هذه الثورات ما كانت لتحدث لولا وجود وسائل التواصل الاجتماعي هذه، وما كان ممكنا للشبان في كلا البلدين أن يثوروا لولا وجود وسائل التواصل الاجتماعي (الملعونة) وشبكة الانترنت.. أي استخفاف بالعقل هذا؟
الفاكس والهاتف، ومن قبلهما البرقيات والحمام الزاجل، ليست سوى وسائل اتصال أيا كان شكل ونوع الثورة التقنية التي أحدثتها وقت ظهورها، وليس هناك أي مبرر عقلي أو منطقي لهذا الإصرار (ينطوي على غباء كبير) على ربط ثورات الربيع العربي فقط دون غيره من الثورات في العالم، بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. وعدا عن أن كلاماً مثل هذا ينطوي على إهانة للذكاء والعقل.
فقد أبدل المصريون منذ 2011، رئيسين في أقل من عامين، وصوت التونسيون لانتخابات مجلسي برلمان منذ 2011 وحتى 2014، وانتخبوا رئيساً للمرة الثانية منذ 2011، فماذا سيهم بعد هذا كله أن نكرر في 2014 وعلى مشارف العام 2015 تساؤلاً عما إذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي التي أدت إلى قيام ثورات الربيع العربي أم لا؟
وفي مستهل جلسة نقاش أعادت طرح هذا الموضوع في اليوم الأول لمنتدى أبوظبي للإعلام، تم عرض فيلم قصير أعدته شبكة «سي. إن. إن» الأمريكية، ركز على خطر التطرف والإرهاب. وعلى وقع مشاهد الوحشية والرعب لمتطرفي «داعش»، اختار معدو الفيلم مؤثرات صوتية هي نداء إقامة الصلاة، النداء الذي يكرره المسلمون خمس مرات في اليوم لدعوة المصلين إلى الصلاة.
لوهلة، يبدو الأمر طبيعياً، لكنه ينطوي على خلط خطير بين وحشية المتطرفين وبين الإسلام نفسه، أي بالضبط مشكلتنا مع «التنميط الغربي – Stereotyping » للإسلام، منذ سبتمبر 2011 على الأقل.
لقد اكتشفت أن آخرين غيري كانوا مستائين من الأمر نفسه، وتفسير الغفلة أو السذاجة أو عدم الفهم من أجانب لا يمكن تقبله، لأكثر من سبب. فمن الممكن قبوله في المرة الأولى، أعني عام 2001 مثلاً، لكننا الآن بعد 13 عاما من 11 سبتمبر 2001، ما زالت شبكة تلفزيونية أميركية كبرى ونافذة، تخلط بين وحشية المتطرفين وبين طقس من طقوس إقامة الصلاة في الإسلام. شبكة لديها باحثون مهمتهم التدقيق والتمحيص في المواد الفلمية والوثائق.
وأخطر ما في هذا الربط والاستخدام، هو ترسيخ «ارتباط متصور بين وحشية داعش وبين الإسلام نفسه»، لدى أجيال من الناس في الغرب عبر التكرار فحسب. فها نحن بعد ثلاثة عشر عاما نعود إلى المربع الأول في تعاطي الغرب ونخبه الإعلامية والثقافية مع الإرهاب: يخرجون الأمر من سياقه الموضوعي ليحصروه فقط في الإسلام.
فعلى مدى السنوات الماضية، راح هذا الربط يتجلى بأكثر من صورة، بدءاً من المطالبة الساذجة من قبل مسؤولي إدارة جورج دبليو بوش بتعديل المناهج في الدول العربية، وتحديداً حذف الآيات التي تتحدث عن الجهاد من القرآن الكريم..
وصولاً إلى ربط الإرهاب بالإسلام نفسه. وبدءاً من ربط الإرهاب بالقرآن الكريم نفسه، توالى الخلط (غير الساذج) من قبل كثيرين في الغرب، بمن فيهم خبراء أكاديميون ربطوا دوما وبشكل مخل للغاية بين الإرهاب والإسلام.
فأحد الباحثين الأكاديميين كتب في ملف نشرته مجلة «ذي إيكونوميست» في يوليو 2008، أن رجل الدين المصري، ابن النحاس الدمياطي، الذي عاصر الحروب الصليبية، أفتى بجواز الهجوم على قلاع الصليبيين حتى لو كان فيها نساء وأطفال بل وأسرى مسلمون أيضاً« (راجع »محللو الإرهاب الغربيون.. أي عمى أخلاقي هذا؟
«، البيان 6 أغسطس 2008). لكن هذا الباحث يتغافل، مثل آلاف غيره بالتأكيد، عن حقيقة أساسية: ماذا كان الصليبيون يفعلون في مصر؟ بمعنى آخر؛ ما هو سياق الفتوى أو النص الذي اجتزأه؟ السياق هو »الاحتلال الصليبي« لأراضي العرب، الذي لا يريد هذا الباحث ولا غيره أن يراه.
وعلى المنوال نفسه، فإن محطات التلفزة الأمريكية والغربية عموماً، عند تناولها لمختلف شؤون الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل، تتغافل (متعمدة وبإصرار) عن سياق هذا الصراع تماماً..
وتركز على جزئيات تمثل ثيمات تنميط ظلت تمارسه بدأب طيلة هذه السنوات: النضال الفلسطيني »إرهاب«، الاعتداءات وأعمال القتل الاسرائيلية »دفاع عن النفس أو مكافحة إرهاب”، وكل هذا دون أن تضع الموضوع في سياقه الأصلي: الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
المصدر: البيان
http://www.albayan.ae/opinions/articles/2014-11-27-1.2253623