لأنك تحب وطنك، وتريد له كل الخير، فأنت تمارس الصدق وأنت تنتقد مواقع الخطأ. وأنت تعتبرها وطنية أن تؤمن بالنقد وبطرح رأي مختلف. وإن كنت ترى أن من الوطنية أن تمتدح المشروعات وتثني على كل شيء في الوطن فليس من حقك أن تختزل الوطنية في فهمك أنت وفي قناعاتك وحدك.
في الوطن -ولمصلحة الوطن- تنوع كبير في الآراء والتجارب والرؤى. فأخوك أو أختك في الوطن يرى/ ترى أن من الوطنية أن تحذر من ما يمكن أن يسيء للوطن وأن تنبه للمخاطر وتُذكر بالمسؤوليات. تذكر أن في مجتمعك غالبية “شابة”، تتواصل مع العالم كله في لحظة، وتحلم بما يحلم به أقرانها في العالم كله من أمان في الوظيفة ونمط حياة مريح وفرص حقيقية للإبداع والتميز. وتذكر أن هذه “الغالبية” قد لاتنتمي لخطابك القديم الذي يصنع من الحبة قبة عند إنجاز أصغر مشروع. وتلك الغالبية تعتقد -ومعها كل الحق- أن من حقها (بل ومن واجبها) أن تطمح في الأفضل وأن تكشف عن أقنعة من يسلبها حقها في المستقبل! وإن كنت صدقاً تريد الخير لوطنك فلاتقفز إلى الخلاصات العاجلة والجاهزة في تقييمك لأصوات النقد في محيطك.
فليس “حاقداً” على الوطن من يسأل عن أسباب تأخر مشروعاته ويستفسر أين وكيف أُنفقت ميزانياته ويطرح أسئلة حول آلية الإنفاق على برامج التعليم والصحة والنقل. ولو لم توجد في البلاد أصوات تؤمن بالنقد وتمارسه وتطالب بإقرار القوانين وتطبيق الأنظمة بحق العابثين والفاسدين لما قامت للوطن قائمة ولكنّا بذلك خذلنا الآباء والأجداد ممن ضحوا في سبيل بناء وطن لاتهزه أعتى الرياح ولاتنخره سوس الفساد من داخله!
لأنك تريد الخير لوطنك فأنت تصدقه (الوطن) في الرأي والنقد والعتب!.