رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
لا أهم، ولا أفضل، ولا توجد نعمة تضاهي وتوازي نعمة الأمن والأمان، هي القاطرة الأساس التي تجرّ خلفها بقية أساسيات الحياة، وهي القاعدة التي تُبنى عليها بقية هياكل تنمية المدن، فلا تجارة من غير أمن، ولا اقتصاد من غير أمان، ولا سياحة ورفاهية وحياة اجتماعية إذا شعر أفراد المجتمع بفقدان الشعور بالأمن.
الأمن مسؤولية جسيمة، هناك جهات حكومية مسؤولة بشكل مباشر عن مهمة توفير الأمن ومنع الجرائم، وتعقب المجرمين، كأجهزة الشرطة والأمن، وهي تقوم بواجباتها على أكمل وجه، إلا أن استتباب الأمن والمحافظة عليه مسؤولية شخصية تقع على كاهل كل مواطن ومقيم على أرض الإمارات، بل على كل زائر وسائح إليها أيضاً، فهو مصير مشترك، وفرضه واستمرارية وجوده، فيهما مصلحة عليا لدى كل فرد وعائلة، فهو يعني بالضرورة حياة هانئة وهادئة، وراحة وسعادة ورفاهاً.
لدينا في دبي كثير من مقومات الحياة السعيدة، وتتفوّق مدينتنا على كثير من مدن العالم في الخدمات، والمرافق، والبنية التحتية، وتنوّع الأنشطة والأعمال، الاقتصادية والسياحية والترفيهية، ومع ذلك كله، فإن الأمن والأمان هما العلامة الفارقة التي نعيش بفضلها براحة وطمأنينة، ونستمتع من خلالها ببقية الخدمات، ومن أجل الأمن والأمان قبل أي شيء آخر، يأتينا الناس من كل بقاع العالم، وازدهرت الحركة السياحية لتضع مدينة دبي جنباً إلى جنب في مصاف الوجهات السياحية العالمية التي يرتفع عليها الطلب، صيفاً وشتاءً.
يتصرف الناس هنا بسلوكيات غريبة، لا يجرؤ أي إنسان في مدن ودول كثيرة جداً أن يفعل مثلها، حيث تجد بعضهم يترك سيارته مفتوحة لفترات قصيرة وطويلة، بل إن كثيرين لا يغلقون أبواب بيوتهم، فتظل مفتوحة ليل نهار، هم لا يشعرون أبداً بقلق، لأنهم يعيشون واقعاً من الأمن والأمان لم يجدوه في بلدان أخرى، وهذا لا يعني أن هذه السلوكات صحيحة، بل نؤكد على خطئها، لكن المثال هنا فقط للتدليل على درجة الشعور بالأمن الذي يراود كل من يعيش على أرض الإمارات.
المفارقة أن الأمن والأمان يجلبان التجارة والسياحة، والتجارة والسياحة تجلبان المال، وتنعشان القطاعات الاقتصادية الأخرى، والانتعاش الاقتصادي يرفع مستوى الدخل للمدينة والأفراد، وارتفاع مستوى الدخل يعني زيادة المال، وزيادة المال تجلب وتستقطب المجرمين واللصوص، ومن هنا يتضاعف الجهد على أجهزة الشرطة والأمن العام، فهي السد المنيع، وهي الحاجز القوي أمام تسلل هؤلاء إلى المدينة، لذلك فلا غرابة أبداً أن نلاحظ التطور التكنولوجي الكبير الذي تتميز به أجهزة الشرطة في الإمارات وفي دبي، فهي تدرك حجم المسؤولية، وهي على دراية كاملة بكل تطورات ووضع الجرائم العالمية، فالعالم اليوم عبارة عن قرية صغيرة، ولا يمكن أن ننفصل عنها.
ومع ذلك، ورغم نجاح أجهزة الشرطة والأمن وتفوقها في القيام بواجباتها، إلا أن المسؤولية تشاركية، وجميعنا مسؤولون، وكواجب وطني، في الإسهام في استتباب الأمن والأمان في بلادنا، فالمجتمع هو عين الشرطة والأجهزة الأمنية، وهو المساعد لها، وكل إنسان يعيش على أرض الإمارات يتحمّل جزءاً من هذه المسؤولية، فلنكن جميعاً حريصين على أمن الإمارات، ولنسهم بفاعلية في التصدي لكل ظاهرة قد تكون مقلقة لنا، ولمستقبل بلادنا.
المصدر: الامارات اليوم