«مؤسسة الفكر العربي» تفتتح مؤتمرها السنوي بحضور 500 شخص

منوعات

لم تتعب «مؤسسة الفكر العربي» بعد، لم تيأس، ويبدو أنها لا تتردد. أكثر من 14 عاما من المؤتمرات الباحثة في سبل تعزيز التعاون العربي لم ترهقها، رغم الظروف القاهرة، والعوائق الدموية، التي تجاوزت كل الكلام والتنظيرات، وفاجأت النخب قبل غيرهم.

في هذه الظروف التي لم تشهد المنطقة العربية أسوأ منها، وبدعوة من «مؤسسة الفكر العربي»، اجتمع مئات المثقفين والمفكرين العرب أمس، في مدينة الصخيرات المغربية الجميلة، على شاطئ الأطلسي، تحت عنوان «التكامل العربي: حلم الوحدة وواقع التقسيم» حيث افتتحت المؤسسة أعمال مؤتمرها السنوي «فكر 13» برعاية العاهل المغربي محمد السادس.

3 أيام ستناقش خلالها أكثر من 10 محاور، بينها ما يطرح سبل التكامل السياسي، وهناك ما يبحث في الجانب الثقافي، وغيرها الاقتصادي، وهناك جلسة مخصصة للإعلام، وأخرى لتقرير الإسكوا الأخير حول التكامل العربي. ما يقارب 500 شخص بين محاور ومتدخل ومناقش وحاضر للمؤتمر.

في جلسة الافتتاح، ظهر أمس، كانت كلمة لملك المغرب قرأها مستشاره عبد اللطيف المنوني. ثم ألقى نائب الأمين التنفيذي للإسكوا عبد الله الدردري الرسالة التي وجّهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مؤتمر «فكر 13»، وأكّد فيها أن موضوع «التكامل العربي: حلم الوحدة وواقع التقسيم»، الذي اختارته مؤسّسة الفكر العربي، يواجه صعوبات المنطقة وإمكاناتها؛ حيث نشهد معاناة إنسانية واسعة النطاق في جميع أرجاء العالم العربيّ، وفي بعض البلدان التي ازدهر فيها التنوّع لأجيال متعدّدة، وحلّ العنف العرقي والطائفي محلّ التسامح. وأشار إلى أنه رغم ذلك، فإننا نرى تطورات مبشّرة، إذ تمكّن شعب تونس من التصويت سلميا في أول انتخابات رئاسية ديمقراطية منذ ثورته سنة 2011، كما يُرسي دستور البلد، الذي تجدر الإشادة بطابعه التقدّمي، والذي اعتمد في يناير (كانون الثاني) الأساس لديمقراطية متينة.

وشدّد الدردري على ضرورة أن لا يحجب النزاع وعدم الاستقرار التطلّعات الجوهرية لشعوب العالم العربي، وذلك من أجل تحقيق العدالة والكرامة والحرية، وأن يستجيب القادة لشعوبهم، التي لن يُسكت أصواتها أو يطغى عليها المتطرّفون أو المستبدون أو غيرهم من دعاة التقسيم.

الأمير خالد الفيصل، رئيس «مؤسسة الفكر العربي» كانت له كلمة ختامية ومؤثرة في حفل الافتتاح. وجاء في الكلمة: «في كل زمن يقال: لم يمر على الأمة أسوأ من هذه الحال. وتتهم المؤامرة، وتلعن الأسباب، وتستصرخ الصحراء، ويتعالى النداء. فتردد صداها الجبال، وتعلو صيحة الأجيال». وأضاف الفيصل: «وعوضا عن البناء والنماء، بنهج الحكمة والحكماء، ينشب الاقتتال بين الأخ وأخيه، ويتحسر الأب على مصير بنيه». ومما قاله الأمير الفيصل: «باسم الجهاد يقتل المسلم أخاه المسلم، وباسم الوطن يتشرد المواطن، وباسم الحرية تنتشر المهاجر، وتتكدس السجون، ويزهو العربي المغوار ببندقية، على جثة طفل عربي ضحية، وتحار الأفهام وتختلف الأقلام، فهل عادت الجاهلية؟ أم أنهم الخوارج؟ أم هي المؤامرة التي يدعون؟ وكيف تكون؟». وتساءل الأمير الفيصل: «ألم يئن للعرب أن يحكموا العقل، ويعتمدوا بعد الله على أنفسهم؟ أما آن للحكماء والعلماء أن يقولوا كلمتهم حتى نكون مشاركين لا تابعين، منتجين لا مستهلكين، مبادرين مبدعين لا ناقلين مقلدين؟». وأضاف الأمير خالد الفيصل: «لا تهينوا رمز العقال بجهل القتال.. فجروا الطاقات والقدرات».

وكانت جلسات 4 متوازية قد انعقدت أمس، منذ الصباح، سبقت الافتتاح الرسمي، ساد الجلسة التي ناقشت التكامل السياسي، أجواء عاصفة، بسبب انقسام وجهات النظر بين الحاضرين، بحيث كانت الجلسة شبيهة بما يسود المنطقة العربية من توتر، لكنه نظري هذه المرة وفكري لحسن الحظ، فيما بقيت جلسة التكامل الثقافي هادئة، لكنها افتقرت إلى الأفكار الجديدة، التي يمكن أن يبنى عليها، كما أن الفنون التي كان يفترض أنها جزء من المواضيع المطروحة للنقاش بقيت خارج البحث. أما جلسة التعاون الاقتصادي والتحديات في ظل التنوع، فاهتمت بمحاولة الإجابة على أسئلة من مثل «العلاقة بين الديمقراطية والتكامل الاقتصادي»، و«هل يسمح أعداء العرب بقيام نوع من تحرر اقتصادي يترجم في سوق عربية موحدة؟».

وبعد الظهر تتابعت الجلسات، فعقدت جلسة تليت فيها كلمة شركة أرامكو، الشريك الراعي للمؤتمر، كما انعقدت جلسة عامة ناقشت موضوع «سياسة المواطنة، التجربة المغربية»، شارك فيها محاورا سفير المملكة المغربية لدى لبنان علي أومليل. كذلك عقدت جلسة أخرى بمناسبة بلوغ الجامعة العربية سنتها الـ70 العام المقبل، وكانت تحت عنوان «جامعة الدول العربية، بين الواقع وآمال العرب».

واليوم تستمر جلسات المؤتمر منذ الصباح وبالوتيرة المتتابعة نفسها على مدار النهار، ولن يختتم المؤتمر أعماله قبل مساء الجمعة، بتوزيع جوائز الإبداع وجائزة أهم كتاب عربي.

الصخيرات (المغرب): «الشرق الأوسط»