رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
في عام 2002، تقريباً، أُعلنت إحدى الجهات في دبي عن مشروع ضخم، يتضمن عدداً كبيراً من الأنشطة الاقتصادية الفائقة التقنية، والمتعلقة بصناعة رقائق الكمبيوتر وأشباه الموصلات وجميع الصناعات، إضافة إلى إنشاء مركز للبحث والتطوير، بالتعاون مع مراكز عالمية، بالإضافة إلى معاهد تمنح درجة الماجستير لجميع الدارسين من مختلف الجنسيات، ومن ضمن مراحل المشروع كانت مرحلة بناء فلل ومجمعات سكنية، لخدمة الأعداد المتوقعة من الموظفين في هذا المشروع.
شخصياً.. لا أعرف لماذا تحولت فكرة هذا المشروع من مشروع تقني إلى مشروع عقاري بحت، ولكن مثل هذه الفكرة النوعية لو تم تنفيذها فعلياً كما أُعلن عنها، كانت ستحقق قفزات اقتصادية وتقنية ومعرفية كبيرة، لأنها قائمة على خلق اقتصاد نوعي ومعرفي جديد على المنطقة، ونمو هذا الاقتصاد النوعي لاشك في أنه سيسهم في تنمية وتنشيط جميع الأنشطة الاقتصادية والتجارية الأخرى، خصوصاً العقارية، وسيحقق الديمومة في تنشيط الحركة الاقتصادية، لأنها قائمة على صناعة حيوية مهمة ومتطورة، ستكون مطلوبة لسنوات طويلة مقبلة.
دبي تميزت بقدرتها على خلق قطاعات اقتصادية جديدة، فلم تعتمد على مصدر واحد للدخل، ومن خلال هذه القطاعات الاقتصادية نشطت الحركة التجارية والاقتصادية والعقارية معاً، وعلى سبيل المثال تم إنشاء مركز دبي المالي العالمي، ليكون مقراً للشركات العالمية، وبالفعل نجح في ذلك، واستطاع استقطاب الشركات، ومعها عشرات الآلاف من كبار المديرين التنفيذيين والموظفين النوعيين، ووجود هذا العدد من المديرين مع عائلاتهم لاشك في أنه محرك جيد لمختلف الأنشطة الجانبية الأخرى، فكان مشروع واحد مميز سبباً في تنمية قطاعات وأنشطة تجارية عدة.
ومثله كان مشروع مدينة دبي للإعلام، ومدينة دبي للإنترنت، اللذان شيدتهما دبي في منطقة صحراوية بعيدة آنذاك، لتصبح اليوم واحدة من أهم مناطق دبي، واكتظت بالسكان والموظفين المميزين في مجالات مهمة، وذلك بعد أن نجحت المدينة في استقطاب عشرات الآلاف أيضاً من الخبراء والأكاديميين والعاملين في قطاع المعرفة والإعلام، يعملون في كبريات الشركات العالمية، وتحولت دبي في سنوات وجيزة إلى مركز عالمي للتكنولوجيا والإعلام والمعرفة.
وغير ذلك الكثير والكثير من الأمثلة الواقعية، التي نُفذت خلال السنوات الماضية، وأعتقد أن هناك الكثير من الأفكار المستقبلية، والقطاعات الاقتصادية الجديدة التي يجب أن نبدأ في التفكير لتنفيذها، بهدف تنويع الأنشطة، وتنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على نشاط واحد وقطاع واحد، فالإمارات عموماً، ودبي على وجه الخصوص، تمتلك إمكانات ومزايا ورؤية طموحة تصعُب مجاراتها، وهي تمتلك كل مؤهلات خلق قطاعات اقتصادية جديدة، وتستطيع استقطاب شركات عالمية ومشروعات اقتصادية ضخمة، فهي ثاني أكبر اقتصاد عربي، ومن الدول المتقدمة والمتطورة عالمياً، وتمتلك كل ما يساعد ويسهل عمل كبريات شركات العالم، ويضاعف من أعمالها.
المصدر: الإمارات اليوم