يواجه عشاق القهوة قرارات أكثر جدية؛ أحدها هو شراء القهوة الموسومة بيئياً أم لا، والتي تعلن عن نفسها على أنها أكثر أخلاقية وصديقة للبيئة. ولكن ما إذا كان المتعاملون على استعداد لدفع السعر الإضافي لهذه الامتيازات يظل سؤالاً بلا إجابة.
في دراسة نُشرت في مجلة هيليون، جمع الباحثون بيانات من 22 دراسة لاستنتاج استعداد الناس دفع 1.36 دولار إضافي مقابل رطل من القهوة يتم إنتاجه بطريقة صديقة للبيئة وعضوية دون استخدام الملوثات الكيميائية أو المبيدات الحشرية الملوثة للتربة.
ونظراً لأن العديد من الأشخاص يُحبون شراء القهوة، فإن التأثير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي الهائل للقهوة يجعلها مرشحاً مثالياً للتوسيم البيئي؛ وهو نظام يحدد ويصادق على بعض المنتجات ذات الفوائد الأخلاقية والبيئية.
تشمل العلامات البيئية الشائعة للقهوة العضوية، ملصقات بلد المنشأ (COOL)، والتجارة العادلة (شهادة تمنح العمال أجوراً عادلة وظروف عمل آمنة) وتهدف إلى مساعدة المستهلكين على اتخاذ خيارات مستنيرة بشأن سلامة الأغذية، والصحة، والتأثير البيئي.
ومن الممكن أن يؤدي وجود عدد كبير جداً من خيارات الملصقات البيئية إلى إرباك المشترين، وبدلاً من حثهم على دفع الأموال من أجل ذلك النوع من القهوة، يُمكن أن تؤدي كثرة الخيارات إلى تجنب شراء القهوة ذات العلامات البيئية.
حاولت العديد من الدراسات السابقة تحديد رأي الجمهور حول أنواع مختلفة من الملصقات البيئية للقهوة. لكن الدراسات اختلفت بشكل كبير في تقديراتها للمقدار الذي يرغب المستهلكون في دفعه.
وجدت بعض الدراسات أن الناس على استعداد لدفع المزيد، بينما أشارت بعض الدراسات الأخرى إلى أن الناس في الواقع أقل استعداداً للدفع مقابل التوسيم البيئي. نتيجة لذلك، كان من الصعب تقديم استنتاج موحد حول الفعالية الشاملة للملصقات البيئية.
في تلك الدراسة، قام الباحثون بدمج بيانات من 22 دراسة على مدار الـ15 عاماً الماضية، ما شكل مجموعة بيانات شاملة من 97 ملاحظة عبر أوروبا، وأمريكا الشمالية، وأفريقيا، وآسيا. ومن خلال تحليل نتائج تلك الدراسات، تمكن الباحثون من فهم العوامل التي تؤدي إلى الفجوة الواسعة في إقبال المستهلكين على دفع المزيد، أو عدم إقبالهم وإحجامهم عن دفع أيّ مبلغ إضافي مقابل التوسيم البيئي للقهوة.
ووجد الباحثون أن الاختلاف في الدراسات السابقة يرجع إلى عدة عوامل من ضمنها المنطقة أو الدولة قيد الدراسة، وطرق المسح، وأنواع الملصقات البيئية، وتحيز النشر، والميل إلى نشر الدراسات ذات النتائج المرجوة فقط.
فعلى سبيل المثال، كان هناك تأثير ملحوظ على نتائج الدراسات عندما اتخذ المشاركون في الاستطلاع خيارات بنعم / لا، حول القهوة التي سيشترونها، عندما حصلوا على مقايضات وقيود الميزانية.بعد أخذ هذه العوامل في الاعتبار، وجد الباحثون أن التوسيم البيئي يعمل بشكل عام على النحو المنشود، فقد كان الناس على استعداد لدفع ثمن أكبر للقهوة المنتجة بطريقة صديقة للبيئة.
كانت العلامات البيئية المحددة الخاصة بالتجارة العادلة ذات قيم أكبر بكثير من الصفر، ولكن العلامات البيئية العضوية كانت لها أعلى قيمة من الثلاث – كان الأشخاص على استعداد لدفع 1.14 دولار إضافي لكل رطل من القهوة مقابل العلامة البيئية العضوية فقط.ومع ذلك، لا تزال مواقف المستهلكين متنوعة اعتماداً على عوامل مثل الموقع.
على سبيل المثال، مقارنةً بالمناطق الأخرى، كان الناس أقل استعداداً لدفع المزيد مقابل القهوة الموسومة بيئياً في أمريكا الشمالية، ما قد يشير إلى أن تفضيل نظام وضع العلامات هذا يختلف عبر المناطق. وتفاجأ الباحثون أيضاً عندما اكتشفوا أنه بينما كان الناس يهتمون بمصدر قهوتهم، فإنهم لا يفضلون بالضرورة القهوة التي يتم إنتاجها بالقرب منهم.
وقال المؤلفون إن النتائج التي توصلوا إليها لا تزال تشير إلى تفضيل واضح بين المستهلكين لأنواع معينة من العلامات البيئية وأن سياسة التوسيم البيئي للقهوة تعمل بشكل جيد في سوق البن العالمي.
المصدر: الرؤية