اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بصفته حاكما لإمارة دبي، القانون رقم /20/ لسنة 2020 بشأن الموازنة العامة لحكومة دبي للعام المالي 2021، بإجمالي نفقات قدره 57.1 مليار درهم.
وتأتي هذه الموازنة في ظل الظروف الاقتصادية الاستثنائية للعام المالي 2020 وأزمة جائحة كورونا التي ما زال الاقتصاد العالمي يعاني من آثارها.. وتؤكّد موازنة العام 2021 إتاحة جميع السبل للتعامل مع الأزمة واستعادة وتيرة النمو الاقتصادي، وتعزيز منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية والخدمات الأساسية، وتبنّي سياسات أكثر ملاءمة في تحقيق التوازن بين النمو والاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية على المدى المتوسط والطويل، مع الاستمرار في جهود تنمية الإيرادات ورفع كفاءة الإنفاق، علاوة على زيادة مستوى مشاركة القطاع الخاص.
وتواصل دبي في موازنة العام المالي 2021 الاهتمام بالخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية والاستثمار في خدمات البنى التحتية للإمارة، الأمر الذي جعلها واحدة من أفضل المدن للمعيشة في العالم.
وبهذه المناسبة، أكّد معالي عبدالرحمن صالح آل صالح المدير العام لدائرة المالية بحكومة دبي، أن خطة دبي الاستراتيجية 2021 ركيزة أساسية في مواصلة دبي مسيرتها نحو المستقبل، مشيرا إلى تنفيذ الحكومة برامج تحقق الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية والمالية، ومبادرات لتنويع القاعدة الاقتصادية.
وقال آل صالح إن هذه البرامج والمبادرات ساهمت في حفز نمو الناتج المحلي الإجمالي، لافتًا إلى الدور الحيوي الذي لعبه هذا التحوّل في تعزيز قدرة الاقتصاد المحلي على الصمود وقت أزمة الجائحة التي هزّت الاقتصاد العالمي برمّته، لا سيما فيما يتعلق بالاستثمار في البنى التحتية التقنية التي مكّنت الحكومة والقطاع الخاص من الاستجابة السريعة لمتطلبات العمل في إطار التحوّل الرقمي .. وأضاف: “تركت تداعيات الأزمة تأثيرًا في المالية العامة، لا سيما فيما يتعلق بانخفاض الإيرادات الأمر الذي أدّى إلى اتخاذ إجراءات حكومية لترشيد الإنفاق التشغيلي مع الإبقاء على تعزيز الإنفاق الاستثماري.
وجاءت توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، والمتمثلة بإصدار حزمة من المحفزات الاقتصادية لقطاع الأعمال بالإمارة، لتسهم في تحقيق الرشاقة المؤسسية من خلال هيكلة الحكومة لتحقيق الاستدامة المالية.
من جانبه، قال عارف عبدالرحمن أهلي المدير التنفيذي لقطاع التخطيط والموازنة العامة في دائرة المالية، إن التقديرات الأولية للعام 2021 تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بحوالي أربعة بالمائة، مدفوعاً بافتراض استمرار تعافي الأنشطة الاقتصادية خلال العام، مؤكّدًا مواصلة الحكومة جهودها لتعزيز دور القطاع الخاص وجعله أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي ودعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بالتزامن مع مواصلة الحكومة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الرامية لتنويع الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال وفتح آفاق جديدة أمام الاستثمار المحلي والأجنبي.
وأكد أهلي أن موازنة العام المالي 2021 جاءت تلبيةً لمتطلبات التعافي من الجائحة والتعامل مع تأجيل إكسبو 2020، وقال: تعبّر موازنة 2021 بشفافية عن الموقف المالي المستقر للإمارة، من خلال تنفيذ سياسات مالية منضبطة تعتمد على أفضل الممارسات الدولية في هذا الشأن، وتسعى دائرة المالية لتطوير البرامج الخاصة برفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتحفيز الشراكة مع القطاع الخاص، بجانب سعيها الدائم لتطوير الموازنة ومراجعة تنفيذها.
ومن المتوقع أن تحقق حكومة دبي إيرادات عامة قدرها 52 مليارا و314 مليون درهم وذلك على الرغم من القرارات الاقتصادية التحفيزية التي أقدمت عليها الإمارة والتي كان من شأنها خفض بعض الرسوم وتجميد الزيادة في أي رسم وعدم فرض أي رسم جديد من دون خدمة جديدة. وتعتمد هذه الإيرادات على العمليات الجارية في الإمارة، وهو الأمر الذي انتهجته دبي طوال العقد الماضي في عدم الاعتماد على إيرادات النفط، التي تمثل 4 بالمائة من إجمالي الإيرادات المتوقعة للعام المالي 2021، والحرص على تطوير هيكل الإيرادات الحكومية، ما من شأنه تعزيز الاستدامة المالية للإمارة.
وتمثل الإيرادات غير الضريبية، المتأتية من الرسوم، ما نسبته 59 بالمائة من إجمالي الإيرادات المتوقعة، في حين تمثل الإيرادات الضريبية 31 بالمائة، وتمثل إيرادات عوائد الاستثمارات الحكومية ما نسبته 6 بالمائة من إجمالي الإيرادات المتوقعة.
وأكّد جمال حامد المري، المدير التنفيذي لقطاع الحسابات المركزية في دائرة المالية، أن الدائرة لا تدّخر جهدًا في ترسيخ مقومات التنافسية الحكومية للإمارة، مشيرًا إلى حرصها المستمر على تطوير برامج من شأنها النهوض بأداء المالية العامة وتحقيق التميّز المالي.
وقال: نجاح حكومة دبي في التوسع بتطبيقات التحصيل المالي الذكي أضفى عليها مزيدًا من الرشاقة في التعامل مع الجائحة، كما كان لتطبيق معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام أثر كبير في دعم عملية صناعة القرار الحكومي، وضمان استمرارية الكفاءة المالية الحكومية، والارتقاء بجودة التقارير المالية وشموليتها، وذلك انسجاماً مع خطة دبي الاستراتيجية 2021 .. وقد واصلت حكومة دبي الارتقاء بالتحوّل الرقمي من خلال برامج جديدة أعدتها وأطلقتها ونفذتها دائرة المالية مع الجهات الحكومية المعنية، مثل برنامج الخزنة وألماس وبوابتك وبيان، وغيرها، ما يرسّخ مكانة دبي ويجعلها ركيزة داعمة لنهج الريادة في العمل الحكومي القائم على الكفاءة والمساءلة والإبداع.
ويمثل إعلان حكومة دبي عن موازنة العام المالي 2021 بحجم نفقات يصل إلى 57 مليارا و114 مليون درهم، رسالة واضحة لمجتمع الأعمال بأن دبي تنتهج سياسة مالية توسّعية، الأمر الذي من شأنه أن يُكسبه ثقة كبيرة في اقتصاد الإمارة ويساهم في جذب مزيد من الاستثمارات المباشرة إليها .. وتخدم هذه الموازنة متطلبات النمو السكاني والاستحقاقات المترتبة على استضافة إكسبو 2020 والتطوير المستمر للبنية التحتية، ودعم الوصول إلى جميع الأهداف الواردة في خطة دبي 2021 .. كذلك يشكل توجّه الحكومة للتوسع في تعهيد الخدمات للقطاع الخاص توسعةً لمشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، ما يساهم في رفع مستوى رفاه المواطنين والمقيمين في الإمارة وسعادتهم.
وشكلت الرواتب والأجور ما نسبته 35 بالمائة من إجمالي النفقات الحكومية، وفقاً لمتطلبات قانون الموارد البشرية الجديد، ما يسهم في الاستقرار العائلي والمجتمعي في ظل الأزمة الحالية، كما شكّلت نفقات المِنَح والدعم ما نسبته 26 بالمائة وذلك استيفاءً لمتطلبات التنمية البشرية والمجتمعية وتقديم خدمات عامة لسكان الإمارة، ما يساعد في تخفيف آثار الجائحة.
واعتمدت الحكومة 9 بالمائة من إجمالي الإنفاق للحفاظ على حجم استثمارات في البنية التحتية يتلاءم مع طموحات دبي بأن تكون الوجهة المفضلة عالميًا للإقامة، وذلك بالتزامن مع الانتهاء من بعض المشروعات وتفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطوير آليات تمويل المشاريع في حكومة دبي من خلال وسائل تمويل طويلة الأجل.
وقد خصصت حكومة دبي نسبة واحد بالمائة من إجمالي الإنفاق للاحتياطي الخاص، إعمالًا لمبدأ التحوّط والاستعداد لتأثيرات الأزمة، كما خصصت 6 بالمائة من إجمالي الإنفاق لخدمة الدين العامّ، حرصًا منها على اتباع سياسة مالية منضبطة تضمن وفاء الموازنة بجميع الالتزامات.
وأظهرت موازنة العام المالي 2021 مدى اهتمام الحكومة بالإنسان الذي يراه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الثروة الحقيقية للوطن .. وأظهرت خطة التعامل مع جائحة كورونا حرص الحكومة على تقديم العلاج والإجراءات الاحترازية والسعي لأن تكون الدولة من أوائل الدول المستقبلة للقاحات .. وجاء الإنفاق على قطاع التنمية الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والإسكان ورعاية المرأة والطفل وتبني مبادرات تطوير القراءة وإعداد البرمجيات والاهتمام بالشباب والرياضة ليمثل 31 بالمائة من إجمالي الإنفاق الحكومي في موازنة 2021.
وتجسَّد اهتمام الحكومة بقطاع الأمن والعدل والسلامة في تخصيص 22 بالمائة من إجمالي الإنفاق لدعمه وتطويره وجعله قادرًا على أداء دوره بحرفية واستباقية، حتى أصبح من القطاعات التي تفاخر بها الإمارة عالميًا، وذلك بفضل ما حققته الإمارة من تقدّم وازدهار جعلاها وجهة مختارة للسائحين والراغبين في العمل والاستثمار.
كما دفع اهتمام دبي بالبنية التحتية والمواصلات والتطوير المستمر لهذا القطاع، نحو استحواذه على نسبة قدرها 41 بالمائة من الإنفاق الإجمالي، ما يُظهر جدية الإمارة في التعامل مع الاستحقاقات المستقبلية، ودعم المشاريع الاستثمارية والاهتمام بريادة الأعمال وتعزيز البيئة الحاضنة للمشروعات.
كذلك اهتمت الإمارة بدعم قطاع الخدمات العامة والتميز الحكومي والإبداع والابتكار والبحث العلمي من خلال تخصيص 6 بالمائة من إجمالي الإنفاق الحكومي لتطوير الأداء وترسيخ ثقافة التميز والابتكار والإبداع والتي ظهرت آثارها عند التعامل مع الجائحة حيث جاءت حكومة دبي في المراكز الأولى عالميا في العمل عن بعد وتحويل الخدمات الحكومية إلى خدمات ذكية.
المصدر: وام