برؤية الشادي في فضاء الكلمة، يستدرج مركز اللغة العربية – أبوظبي المعنى في رموش الكلمات، ويستدعي وعينا بوشائج الندف في ضمير الجملة الزاهية، موردة المبتدأ والخبر مجدولة الفعل، مسدلة الفاعل، ناهضاً بأحلام أمة لها في المحسنات فصول وأصول، ولها في جداول الشدو أناقة الخطاب، ولباقة الجواب، عندما يكون اللسان لابن منظور يستقطب كل شاردة في الأتون، وكل واردة في فتنة المعاني، وسحنة المغزى.
مركز اللغة العربية – أبوظبي، جاء لكي يضع النقطة على حرف الجيم، لتصبح الجيم أول حرف لكلمة جواب، والجواب على أسئلة الواقع، والذي كان يزحف تحت ركام من تراكيب لغوية أشبه بخردة المكائن المستعملة، واليوم ونحن بحضور هذا الكائن المستنبت من شجيرات في حقول بلد اعتادت أن تخرج للعالم بمطالع غيث يهطل، فيبطل يباباً، ويفتح باباً لسنابل عشب قشيب، ينسجم مع متطلبات الوطن، ورؤى القيادة، وطموحات شعب، أصبح في العالمين بارق الغيمات المشبعات بعذب اللقاء ما بين الأرض والسماء.
القائمون على هذا المركز لهم الباع، واليراع، ولهم الصوت والصيت في بناء صرح كهذا له جذره وسبره في عقد التواصل ما بين الكلمة والنجمة، وما بين نعيم الفصاحة، وفضيلة الحصافة، هو كذلك يجعلنا نفتح أعيننا على زهرة اللوتس، وهي تبرز من بين الطين الثقافي، لتزهر، وتسفر عن جمال في الطلعة، وكمال في البديع الكوني، هو هكذا يخرج مركز اللغة العربية بحلة لغوية بهارة، وبمهارة من يضع لبنات النشوء والارتقاء، وجدارة من يصيغ السلسال الذهبي على عنق وجيد، ويسبك الحلم كما هي البلورات على صفحات سماء صافية، كما هي الصدفات في قاع سرمدي، كما هي الأشواق على شفاه العشاق، كما هي العناقيد في غضون النخلات الوارفات، المدنفات شوقاً للهديل.
هذا المركز يدخل اليوم لجة الأمنيات محملاً بحزم من إرادات سمقت، فاستقامت، متبتلة في رحاب اللغة ككهان لا لغة لهم غير التأمل في دير الاصطفاء، خروجاً من وشوشة الذات المأزومة بركام الهزالة، وضعف المعطى.
المركز، هو اليوم الدائرة المحيطة بضمير اللغة، هو نقطة التحوّل إلى منطقة واسعة الظلال، خضراء، يانعة، يافعة، ناصعة، ساطعة، صوتها هو صوت الريح عندما يرتفع أزيزها بين الغصون الصفراء، الذابلة.
المركز نقلة نوعية في صناعة الوعي باللغة، وهو الصوت الباشق، صوت الصدمة في ذهنية الساكنين لغة، وبلاغة.
المصدر: الاتحاد