كاتب و ناشر من دولة الإمارات
*الذكرى العاشرة لرحيلك
مساء الخير.. إنني في المكان نفسه، أقف الأن أمام غرفتك أمام باب كان يفصلنا عن رؤيتك و ليس عن حبك و بقايا لمسات لا تزال أثارها على مقبض بابك تحتضنها يدي ، عشر سنين و افتح الباب و لا يزال مكانك يحمل دفئ مكانك ، مثلي بشوق ينتظرك،كأنه يقول معي : اطلت الغيبة يا أمي.
للمكان ذاكرة و هذه الغرفة كانت تحتضن ذكرياتنا و تفاصيل تفاصيلنا و أحلامنا المؤجلة، فقط لو تعرفين وجع الذاكرة عندما تنزفك . بعض اللحظات تبقى و تسافر عبر الزمن معنا ، البعض يصنفها كبقايا و نحن نحسبها جزء منا، ليته يعود ذلك الزمن لأجلس للأبد بقربك ، أمسح بقايا الغبار عن نظارتك ، ألملم أشواقي في أحضانك وأشكو كطفل وأحكي قصصي الساذجة و كل مغامراتي الفاشلة ! من يسمعك في هذا الكون الصاخب سوى أمك .
*هرمت..فردي نجوم الطفولة.. حتى أشارك صغار العصافير..درب الرجوع لعش انتظارك..محمود درويش
سألني صديقي مرة ماذا أفعل؟ و كيف أعبر عن حبي لأمي؟
قلت له :
قبل أن تنحني لتقبل يد أمك تذكر أن هذه اليد ستدخلك الجنة !
و بعد أن تنحني تأمل لأنك تقبل الأن من قبلتك بحب مئات القبل !
عروق و خطوط يدها، علامات حب تدل إليك و شهادة سهر و تعب عليك
أنت محظوظ، لأنك تملك من ضحى ويضحي بحياته لأجلك.
من كل بساتين الوفاء أجمع وردة وأقدمها بإخلاص لها، أنثر عبير الوصال، قبّل جبينها بدموعك، وأعلم جيداً أن ماء الدموع لا يطفئ الشمس، لن توفيها حقها، لكن عليك المحاولة، وهكذا هي الحياة يا صديقي نقضي جلها لنرضي أناساً، ونفرح أناساً ونعشق أناساً.
ماذا تفعل الآن؟ لماذا تستمع لي وأنا لا أملك غير الكلمات يا صديقي، الوقت يضيع من بين يديك فلا تضيعه معي، اسرق الوقت من وقتك واجرِ قبل الزمن لتلحق بأمك.
*فكيف.. فكيف يا أمي..غدوت أبا و لم أكبر..نزار قباني
مساء الخير ثانية يا أمي، تخيلي طفلك قد أصبح أباً وأبنائي يشبهونك، يملكون جذوة الأمل مثلك في عيونهم، وابتسامات ساحرة كابتسامة فرحك بنجاحي، يقول نزار: فكيف يا أمي غدوت أباً و لم أكبر ! أصبحت مثلك يا أمي أفكر في مستقبلهم، وعندما كنت معك لم يكن للمستقبل وجود كنت تكفيني من التفكير بالمكان، وتغنيني عن مراقبة الزمان ، مثلك أنا أخاف عليهم و قد كان حضنك يوفر لي كل الأمان.
نامي كما ينام العظماء، أعلم جيداً يا أجمل قصة في حياتي أنه لن يكون هناك لقاء، لكني و في ذكرى رحيلك أعزي نفسي بنفسي و أتساءل برجاء متى سيكون ثانية.. اللقاء ؟
في كل صيف..
تتضرع الصحراء للسماء..ترتجي المطر..
و في كل صيف لا يأتي المطر..
تتساءل مثلى الصحراء
متى سيسقط المطر ؟
المصدر: جريدة الاتحاد