دمتِ في الدنا مقلة، وبوصلة، دمتِ في الثنايا وجداً وسداً ومهداً ووداً، دمتِ في الحياة سيرة، وسيرورة، دمتِ في المحيط موجة، وبهجة، ولجة، في قوتك سند، وفي نهضتك عهد، وفي سلامك سحابات تمطر الدنيا عشباً قشيباً، ودهراً رحيباً، وغداً يرفل بسندس الفرح، وإستبرق الوعي المجلل بالسعادة.
دمتِ مصر، دمتِ في الميثاق حبراً وخبراً، وسبراً، دمتِ في حنايا القلب نافلة وفرضاً، دمتِ في سجايا الناس ضميراً يرتب مشاعر الوقت، ويهذب منابر اللغة، ويشذب عناقيد الأحلام، ويسكبها شعراً ونثراً، دمتِ سيدتي، هبة النيل، وموهبة الإبداع، وأسرار اليراع، دمتِ في خصال الشعب المهيب، دمتِ في وصال العروبة نهراً يتدفق عذوبة، وصفاء، وبهاء، دمتِ مصر في ذاكرة الأهرام تاريخاً يصوغ عباراته من نهل الأوفياء، دمتِ حضارة تحيك معطف النجباء من مخمل الرسوخ، والشموخ، من وعي أمة ترعرعت على ضفاف الأحلام الواسعة، وتربعت على عرش التفوق منذ أمد يمتد مداده حتى آخر المدى، والصدى عطاء يستمد فيضه من عقل عروبي، ومن عصمة الأنبياء والرسل، ومن جزل، ومن فضل، ومن بذل، ومن عدل، ومن نسق جاد، وأجاد، ومن نسل التاريخ جدد الحلم لتبقى مصر كنانة النيل، كينونة العروبة، كائنة في الكون، مكنونة في الوجود.
دمتِ مصر الحصن، والحضن، دمتِ اللجام، والحزام، والسبابة والإبهام، دمتِ مصر نبضة في القلب، ورفرفة في السماء، دمتِ أجنحة تلون مشاعرنا بنخوة التلاحم، وصبوة الملاحم، دمتِ ودامت نواصيك عالية، سامقة، متألقة، متأنقة، دمتِ في نوايا السنين سانحة تصفق لها القلوب مبتهجة، والنجوم راقصة، والأقمار تسهب في الضياء، مصابيح فرح.
دمتِ مصر، والأوفياء يؤمون رباك، ويسكبون التأييد، والتضامن قطرات ونثاً غزيراً، يؤمون، ويؤمنون بأن مصر هي المحور، والجوهر، هي السوار والمفصل، هي النحر وهي الصدر، هي السر، وهي الفجر، وهي النهر، وهي العبر، وهي مصر كل ذلك لأنها في الوجدان موعظة وخبر، وفي الأشجان أغنية ونشيد، يخلد في العمر، ويتطور نسلاً في الحياة، يتطور فصلاً في رواية الزمن، يتطور جذلاً في شجون الكائنات، يتطور جزلاً في ثنيات الحلم، والحب، وعناق القلوب، شغفاً، ولهفاً، ما بين دانة الدنيا، وعروس النيل.
المصدر: الاتحاد