رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
فوجئ مواطن بوجود تعميم يمنعه من السفر من أحد مطارات الدولة، وبما أنه ليس من أهل السوابق، ولم يدخل في أي قضية أو مشكلة طوال حياته، بل على العكس من ذلك هو إنسان مرموق، وذو منصب رفيع سابق، قبل أن يتقاعد ويتفرغ لأهله وأعماله، لذا فقد أصيب بصدمة قبل أن يعرف السبب، وبصدمة أخرى بعد أن عرف السبب!
قال له الموظف لا يمكنك السفر لأنك مطالب بدفع 1000 درهم عبارة عن مخالفة بلدية، ولن تستطيع المغادرة إلا بعد دفع هذه المخالفة في الجهة المعنية، وعليك تعميم يقضي بذلك، وبما أن الوضع في المطار لا يحتمل التأخير، كما أن الوقت كان يصادف يوم عطلة نهاية الأسبوع، اضطر هذا الرجل إلى الرجوع لبيته، ولم يسافر إلى وجهته التي كان يريد الذهاب إليها!
هذا الموقف ليس شخصياً أبداً، فهو غير مرتبط بهذا الرجل، بل هو حالة عامة يتعرض لها كثيرون غيره، منهم من يُمنعون من السفر من أجل مخالفات بلدية وغيرها، ومنهم من أجل فواتير شهرية، وجميعهم مواطنون، وذكر الجنسية هنا ليس من باب العنصرية، لكن من باب التأكيد على أن المواطن حتماً سيرجع إلى بلده بعد قضاء عطلته أو إجازته، وتذكرة سفره تثبت ذلك من دون شك، وهذا يعني أنه لا مناص من دفع المخالفات طال الزمن أو قصر!
وحتى نكون منصفين، فنحن لسنا مع إهمال البعض في دفع المخالفات، أو الفواتير، أو أي مستحقات عليهم لأي جهة حكومية أو خاصة، ونحن مع كل الإجراءات القانونية التي تتخذها هذه الجهات لاسترجاع حقوقها، لكن الناس في هذه الحالة ليسوا سواسية، وهناك فئتان واضحتان: الفئة الأولى ملتزمة ولا تخالف القانون، لكنها لا تعلم أبداً عن موضوع المخالفة، فقد تكون غيابية، أو لم تصلها معلومات عنها لأي سبب من الأسباب، وفئة أخرى تعلم بالمخالفة ولم تدفعها عمداً، ولأي سبب من الأسباب أيضاً!
ولعله من الصعب جداً على الجهات الرسمية التمييز بين هاتين الفئتين، وهذا أمر صحيح، إلا أنه ليس من الصعب أبداً وضع حلول شاملة لهذه المشكلة، بحيث تضمن حقوق الجهات، وتضمن أيضاً عدم إلحاق الضرر بمصالح المواطنين، أو إحراجهم في المطارات.
وأول الحلول وأبسطها توفير وسائل للدفع المباشر في المطارات، تعمل طوال الأسبوع وفي أي وقت، سواء عن طريق أجهزة دفع، أو عن طريق الدفع الإلكتروني، أو بأي طريقة تراها مناسبة، ولعل الطرق كثيرة ومتعددة، ولا حاجة أبداً إلى أن نمنع مواطناً أو غيره من السفر، ولا حاجة إلى إرساله للجهة المعنية لدفع الغرامة أو المخالفة!
كما أنه يمكن تحديد حد أدنى من المبالغ لوضع أسماء أصحابها في قائمة المنع من السفر، 100 ألف درهم مثلاً أو أكثر، أما المنع بسبب 1000 أو 2000 أو حتى 5000 أو 10 آلاف، فذلك أمرٌ يصعُب تبريره، ويمكن كذلك استبدال المنع بتعهد خطي يوقعه المسافر، ويقرّ من خلاله بأنه سيدفع المبلغ في فترة سفره، وإلا يتم اتخاذ إجراء بحقه عند عودته، وهُنا لا نشك أبداً في أن الشخص سيتصرف خلال هذه الفترة وسيرسل من يدفع هذه المخالفة نيابة عنه!
لاشك أن الحلول كثيرة، ولاشك أن الجهات الرسمية تمتلك حلولاً غيرها، وتستطيع إنجاز هذه المهمة بشكل أفضل بكثير مما قد نفكر نحن فيه، وأعتقد أن الوقت قد حان لوضع هذه الحلول موضع التطبيق، لأن الوضع الحالي صعب وغير مريح ومحرج لعدد كبير من المواطنين!
المصدر: الامارات اليوم