ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

من يسبق.. الحظ أم التوفيق؟

آراء

لا تعتبروه سؤالاً فلسفياً، ولا تحسبوه على الغيبيات أو تربطوا الحظ أو التوفيق بمشيئة القدر، بقدر ما هو سؤال بسيط وعميق في الوقت نفسه، ونريد أن نعرف معنييهما، ونعرّفهما، ونتتبع انثيالاتهما، لكن حقيقة.. السؤال كان مبعثه شخص جميل في «السوشيال ميديا»، ومن القليلين الذين يكونون خفافاً ظرافاً، يقدمون المتعة والضحكة والفائدة، وإن كان تحدث عن شيء شخصي، فهو للعبرة، والدفع نحو محبة الحياة، والإيجابية التي يتمتع بها، ونفسه الطيبة نحو الجميع، ومن أجل الجميع، الكثير منكم يعرفه، فمتابعوه يزيدون على 750 ألف متابع، لا تملك حين يطل إلا أن يسرق منك ضحكة وأقلها ابتسامة، إنه القبول الذي يحظى به أناس عن ناس، ذاك الشخص الجميل هو «محمد البلوشي» والذي يُعرف بـ «ونّسني»، وهو شخصية روائية بحق، حكايته تحتاج لكتابة حكايات، تعب على نفسه، ومن أجل نفسه، ومتصالح مع نفسه، فهو أنيق جداً على طريقته، ولديه حمى الشراء والتملك المنفرد للأشياء، وهو رجل أعمال، ويقدم محتوى بسيطاً، لكنه نافع للمتابع، ودافع نحو الطاقة الإيجابية التي يجب أن يتمتع بها الإنسان في هذه الحياة، إن أراد أن يعيشها كيفما يشتهيها، بعيداً عن تعقيداتها، وعقدها الاجتماعية، وما يفرضه عليك الآخرون كضغوط لا تحتاجها لكي تكون أنت كما أنت!

في إحدى لقاءاته طُرح عليه سؤال، وتباطأ في الإجابة، وغيّر الإجابة بعد تردد، أيهما كان له الأثر فيما هو عليه من نعمة وسعة العيش، هل هو الحظ أم التوفيق؟ فاختار التوفيق ثم عدله إلى الحظ، وهذا شأن الكثيرين الذين لا يعرفون من يأتي قبل الآخر أو أيهما يسبق الآخر، هل هو الحظ أم التوفيق؟ هل هناك فرق كبير وواضح بينهما؟ أم هما كلمتان مختلفتان لمعنى عام واحد؟

السؤال كوني، متجرد، وفكري، ولاعلاقة له بالمشيئة الربانية أو ما نعتقد، البعض يقول: إن التوفيق نتيجة فعل مدروس ومعقول وله حساباته، ويأتي لأناس تعبوا من أجله، وليس محظ مصادفة، في حين الحظ يأتي للمستحق وغير المستحق، ويأتي بطريقة مفاجئة دون تخطيط ودراسة، هؤلاء يفضلون التوفيق على الحظ، أنا أعتقد التوفيق جمع أشياء، وفيه استمرارية، في حين الحظ مفرد، ويأتي مباغتاً ولمرة واحدة، لكنك أحياناً لا تتوفق في تسيير ما جاء به لك الحظ، وأعتقد أن التوفيق يحتاج لتعب ومثابرة، أما الحظ فيأتيك وأنت نائم، متكاسل، وقد يقرع بابك، ولا يصادفك التوفيق وتكون متواجداً في المنزل، فيهرب ذاك الحظ.

البعض يعد المصادفات والنتائج الإيجابية لبعض الكوارث الطبيعية والحروب، وما يستفاد منها هي ضربة حظ، وليس توفيقاً، لأنه جاءت بفعل خارج نطاق الحسابات وأعمال التوفيق، والأمثلة كثيرة وعديدة، وتعرفون الكثير منها على المستوى العام، الاقتصادي- السياسي، ونتائج الحصار والأزمات أو حتى على مستوى الفائدة الفردية كتجار، ومحتكرين، وأغنياء الحروب، ومستغلي الفرص، هنا يتداخل الحظ مع التوفيق.

لكن ماذا إذا كان الإنسان موفقاً ومحظوظاً في الوقت ذاته، ماذا يمكن أن نسميه؟ اعتقد شخصياً أنه يمكن أن نسمّيه «وَنّسني»!

المصدر: الاتحاد