كثيرون لم يعرفوا شيئاً عن مدينة المكلا، عاصمة إقليم حضرموت التاريخي في جنوب اليمن.. لكن الجميع عرفوا المكلا بعد أن أصبحت في الأيام الأخيرة بطلاً لحدث فريد من نوعه سيقف أمامه التاريخ طويلاً بالفحص والدرس… وهذا الحدث الجلل والعظيم، هو العملية الخاطفة والبطولية التي قامت بها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، ومعها قوات الشرعية اليمنية والمقاومة الشعبية، حيث تم تحرير المكلا بالكامل من تنظيم القاعدة الإرهابي، وتصفية ما يقارب الألف من عناصره الإجرامية، وضبط كميات هائلة من الأسلحة بكافة أنواعها الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وأطنان من الذخائر والقنابل والصواريخ والمتفجرات.. وكل هذه الترسانة الهائلة من الأسلحة كانت في قبضة التنظيم الإرهابي، وكانت كافية لإشعال اليمن والمنطقة كلها ناراً لا ينطفئ لها أوار.
في صمت وهدوء
عملية المكلا العسكريَّة تمّت في صمت وهدوء مثاليين، وكانت خاطفة وسريعة بكل المقاييس… وكانت وستبقى درساً مثالياً في كتب العسكرية الدولية ونموذجاً لما يجب أن تكون عليه الحرب ضد الإرهاب والشر.
وقد تابعت «الاتحاد» تفاصيل وملابسات وتطورات هذه العملية البطولية لحظة بلحظة، منذ بداياتها وحتى اكتمالها.. وحصلت على صور مذهلة لكميات وأطنان الأسلحة والذخائر التي ضبطها أبطال التحالف والشرعية والمقاومة الشعبية بعد طرد تنظيم القاعدة الإرهابي من المكلا.
وأكدت مصادر مسؤولة في قوات التحالف العربي لـ «الاتحاد» أن جنود الإمارات البواسل كان لهم دور البطولة في عملية تحرير المكلا من التنظيم الإرهابي انطلاقاً من موقف الإمارات الواضح والثابت ضد الإرهاب منذ تأسيس الدولة.. وهو موقف لا يتغيّر بتغير الأحداث والتوجهات السياسية والمتغيرات الدولية.
موقف واضح وثابت
وقالت المصادر إن الإمارات اتخذت منذ البداية موقفاً واضحاً ضد الإرهاب بكل أشكاله وأهدافه ومسمياته.. وتعاملت مع التهديدات الإرهابية كصفقة واحدة بلا تمييز أو انتقاء أو كيل بمكيالين… أو باعتبار جماعة هناك إرهابية.. وأخرى في أي مكان غير إرهابية… ولم تتحكم ألاعيب ومتعرجات ومنحنيات السياسة في تعامل الإمارات الصارم مع الإرهاب مهما كانت مبرراته وأسبابه.. ولم يحكم موقف الإمارات السياسي من دولة ما اختلافاً أو اتفاقاً في الرؤى وقوفها ضد الإرهاب وهجماته الشريرة في أي مكان… وكانت إدانة الإمارات للإرهاب في كل مكان وفي كل وقت معزولة تماماً عن موقفها السياسي مع أو ضد أي دولة يمارس فيها الإرهاب شروره وآثامه.
وكان موقف الإمارات دائماً، كما تؤكد المصادر المطلعة متقدماً وسابقاً لمواقف دول كثيرة في العالم ضد الإرهاب… بل كان سابقاً وأكثر حسماً من موقف المجتمع الدولي ذاته ضد التنظيمات الإرهابية، حيث إن تنامي ظاهرة الإرهاب يعود في أحد أهم أسبابه إلى تراخي المجتمع الدولي في التعامل مع الظاهرة الخطيرة أو التعامل معها بانتقائية وبمعايير مزدوجة أو حتى في لعبة استخدام التنظيمات الإرهابية لخدمة توجهات ومواقف سياسية حتى انقلب السحر على الساحر، واكتوت دول رعت الإرهاب ودعمته أو غضت الطرف عنه بناره وشروره.
تناغم مع الجهود الدولية
وأكدت المصادر المطلعة في تصريحاتها لـ «الاتحاد» أن جهود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في محاربة الإرهاب باليمن تنسجم تماماً مع الجهود الدولية في القضاء على التنظيمات الإرهابية الإجرامية التي تهدد الإنسانية كلها.. وأن قوات التحالف العربي في اليمن تقوم بواجبها من أجل منع تمدد الإرهاب بالمنطقة… فقد وجدت الجماعات الإرهابية في جنوب اليمن في الحرب اليمنية فرصة للتوسع وبسط سيطرتها على مناطق عديدة في حضرموت.
الانقلاب والإرهاب
ولفتت المصادر المطلعة في تصريحاتها لـ «الاتحاد» إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي أن الانقلاب على الشرعية في اليمن أتاح الفرصة أمام التنظيمات الإرهابية للانتشار والتوسع في اليمن والسيطرة على مقدراته وعلى الكثير من الأسلحة التي كان المخطط استخدامها للفتك بالأبرياء.
وأكدت المصادر أنّ الأمر لم يقتصر على إتاحة الانقلابيين الفرصة لتمدد وتوسع الإرهابيين في اليمن، بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى التنسيق وتوزيع الأدوار في اليمن بين الانقلابيين والإرهابيين.. وقد عثرت قوات التحالف على أدلة دامغة في المكلا بعد تحريرها تؤكد التنسيق الواضح والمؤكد بين الانقلابيين والإرهابيين وجهان لعملة واحدة… وأن الانقلابيين استخدموا تنظيمات الإرهاب، وعلى رأسها القاعدة في إثارة القلاقل والاضطرابات بالمناطق التي تم دحر الانقلابيين منها، وعلى رأسها جنوب اليمن… بدليل أن العمليات الإرهابية لا نكاد نَلْمح لها أثراً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين والمخلوع علي عبدالله صالح… وإنها تتم فقط في المناطق التي تم تحريرها من التمرد والانقلاب.
أصابع إيران
وقالت المصادر: إن الأصابع الإيرانية واضحة تماماً فيما يجري باليمن، وأن إيران تستخدم الميليشيات الانقلابية والتنظيمات الإرهابية لتنفيذ أجندتها بالمنطقة… كما أن علاقة المخلوع صالح بالتنظيمات الإرهابية واضحة وجلية منذ بداية حكمه الأسوَدْ لليمن وبعد خلعه.
وقالت المصادر: إن تنظيم القاعدة الإرهابي حاول أن يُعيد إنتاج نموذج «داعش الإرهابي» الذي يتمدد وبسط نفوذه في سوريا، بينما كان العالم منشغلاً بالحرب السورية… وهذا ما أدركته قوات التحالف العربي في اليمن، إذ وضعت نصب عينيها أن مواجهة الانقلابيين يجب أن تكون متزامنة مع مواجهة محاولات التنظيمات الإرهابية استغلال الحرب اليمنية للتمدد في المنطقة… وقد نجحت استراتيجية قوات التحالف في هذه الحرب المزدوجة ضد الانقلاب والإرهاب نجاحاً باهراً، بالإضافة إلى أن هذا النجاح السريع في تحرير المكلا والقضاء المبرم على القاعدة الإرهابي يؤكد حقيقة لا يجب إغفالها، وهي أن جنوب اليمن لم يكن يوماً حاضنة شعبية للإرهاب… بل إن أبناء الجنوب شاركوا بقوّة في عملية تحرير المكلا وعبروا عن فرحتهم العارمة بطرد ودحر القاعدة الإرهابي منها.
قطع شريان الإرهاب
وقالت المصادر: إن الحملة العسكرية لقوات التحالف العربي في المكلا قطعت الشريان المالي لتنظيم القاعدة الإرهابي والمتمثل في تهريب النفط والسلاح عبر الموانئ اليمنية الجنوبية… كما أنَّ هذه الحملة العسكرية الخاطفة أثبتت الحرفية والجاهزية التي تتمتع بها قوات التحالف العربي، وخصوصاً القوات المسلحة في كل من السعودية والإمارات، وأن هذه العملية العسكرية الخاطفة والناجحة تمّت من خلال تخطيط استراتيجي عسكري عالي المستوى لقوات التحالف العربي… كما أدّت الكفاءة والاحترافية العالية لقوات التحالف إلى تنفيذ عملية التحرير دون أن خسائر بشرية بين المدنيين.
إغاثة
وقالت المصادر المطلعة لـ «الاتحاد»: إن الأمر المهم في هذه العملية الناجحة أن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وضع خُطط الإغاثة بالتوازي مع الخطط العسكرية لتحرير المكلا… وضمن جهود التحالف العربي لدعم الشرعية بدأت الإمارات تسيير جسر جوي إغاثي يتضمّن المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية لنجدة أهالي حضرموت.. كما قام التحالف العربي بجهد إغاثي استثنائي بمجرد تحرير المكلا من إرهاب تنظيم القاعدة.
ضربة قاضية
وأكدت المصادر أن تنظيم القاعدة الإرهابي لم يسبق له أن فقد هذا العدد الكبير من عناصره الإجرامية في أي مكان بالعالم، وفي عملية واحدة منذ بدأت المواجهات بينه وبين المجتمع الدولي عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة… كما حرمت الحملة العسكرية للتحالف العربي تنظيم القاعدة الإرهابي من السيطرة على إحدى أهم المدن اليمنية التي تتمتع بمقومات تجعلها مدينة اقتصادية مثلى.
حجم الأسلحة
وأكدت المصادر أن حجم الأسلحة المضبوطة بعد دحر التنظيم يكشف مدى خطورة إرهاب تنظيم القاعدة ومخططاته العدوانية، ومدى التهديد الذي يمثله هذا التنظيم الإرهابي للأمن القومي والوطني وللسلم والأمن الدوليين.. كما أن الوثائق التي تم ضبطها عقب دحر «القاعدة» من المكلا تكشف المخطات الإجرامية التي كان التنظيم الإرهابي يعتزم تنفيذها بالتعاون مع قوى الإرهاب الأخرى، مثل جماعة الإخوان وقوى التمرد والانقلاب في اليمن.
وقالت المصادر: إن تعاظم خطر الإرهاب في العالم يؤكد الموقف الصائب للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في محاربة الإرهاب باليمن قبل اتساع نفوذه وتهديد استقرار الأمن والسلم الإقليمي. وإن تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد الجماعات الإرهابية جاء للحد من انتشار كافة أشكال التطرف.
وقالت: إن دول التحالف العربي بقيادة المملكة أدركت جيداً الخطر الذي يشكله تنظيم القاعدة في جنوب اليمن على الأمن الإقليمي لذا تحركت بشكل قوي للقضاء على هذا الخطر قبل أن يتجذر في حضرموت.
وأكدت أن التنظيمات الإرهابية خطر يهدد المنطقة والعالم، وعلى المجتمع الدولي أن يدرك أهمية الدور الذي قامت به دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لتطهير اليمن من هذه الآفة.
المصدر: الإتحاد