كاتب إماراتي
نحن نتخيل الحقيقة.. لا نعرفها، لو أن امرأة جميلة وضعت شاشاً قطنياً على إحدى عينيها وأنفها، ووقفت خمس دقائق فقط على مدخل أي مركز تجاري، ترى كيف سيقرأ الناس وجهها المضمد؟
– أول رجل سيمر بسرعة، وحين يتخطاها سيكزّ قليلاً، وبشكل مفاجئ، وكأنه نسي شيئاً ما، ثم سيواصل سيره بمهل أكثر، وقلبه يحدثه بحكايات مشوشة، لكنه خجل من إعادة النظر إليها، سيمضي حاملاً تعاطفاً من نوع ما!
– الفتاتان الذاهبتان للسينما، ستهمسان لبعضهما كعصفورتين، وحين تتجاوزانها، ستبدأ الأولى الضعيفة منهما ضاحكة: «خيبه شكلها داعمة جدار»، وسترد عليها الثانية مكملة الضحك: «لا.. شكله ريلّها دابغنها»!
– سيمر بجانبها رجل خجول وطيب، وسيتأسف في داخله عليها حد الكدر، ويتمنى لو كان يقدر أن يساعدها لتتجاوز محنتها، سيمر كالريح الباردة جنبها، مع ارتباكة غير مفتعلة، والتفاتة سريعة دون أن يطيل، متمنياً لو أنه يقدر أن يفعل شيئاً!
– المرأة المتينة ستحدثها نفسها بأمور بغيضة، وأن تلك الضمادة نتيجة خلاف زوجي مستمر، وهي بالتأكيد في طور الطلاق، وطامح من بيتها، وساكنة عند أهلها!
– ثلاثة شبان من المتسكعين، مزودين بستة هواتف ذكية، سيمرون مع واجب الدعم والتشجيع لها: «خطاك الشر.. ليته في عدوك، واللي يبغضك.. والله ما تستاهلين»!
– امرأة عيونها مدولبة، وذات حركة سريعة، ستمر جنبها مثل البرق، ثم ستعود راجعة على مهل، وكأنها تنتظر صديقتها المتأخرة، وهي في حقيقة الأمر، تريد أن تتأكد أنها لم تجر عملية تجميل مؤخراً في لبنان!
– هندي وزوجته وابنته الصغيرة، سيتأملونها، وسيطيلون النظر دون حرج، ودون كلام، مكتفياً الزوج بهز رأسه لزوجته، وسيمضيان لفضول جديد!
– «أم العبد» ستلمحها من بعيد، وستترك أولادها لوحدهم حينها، وستبدأ في داخلها الإعداد لمدخل حديث معها، لأن فضولها سيقتلها، وتعرف سبب تلك الضمادة!
– رجل قصير سيظل يرصّ عينيه، ويراقبها من بعيد، وإن لمحته، سيجعل نفسه مشغولاً بشيء ما، ثم سيتحرك ليدور حولها من بعيد، محاولاً إيجاد السبب بنفسه، وحين يعجز، سيتصل بأي أحد، فاتحاً حديثاً مغايراً، ليلغي الموضوع من رأسه!
– زوجان أجنبيان سيمران بهدوء بمحاذاتها، ولن يلتفتا إليها، لأنهما مشغولان بحديث مشترياتهما، خاصة تلك التي عليها «بروموشن»!
– طفلة شقية، ستقف عندها مندهشة، رافعة رأسها نحوها، وربما جذبتها من ثوبها لتنتبه لها، وستظل بدهشتها الصغيرة تلك، بعدها ستجري فجأة، دونما نظرة إلى الوراء!
المصدر: جريدة الاتحاد