كاتبة إماراتية
تحضِّر إحدى الأمهات ابنها الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات، إلى مرشد نفسي، حتى تتمكن من معرفة سبب الحزن الدفين والأسى الذي يشعر به، ولكن الطفل لم يتفاعل معه، حتى طلب المرشد من الأم الخروج من المكان لإفساح المجال أمامه لتشخيص حالته، فحُزن الطفل وإنهاكه النفسي قد تكون والدته هي إحدى مسبباتها. كان حزن الطفل دافعاً ليسأله المرشد النفسي، إن كانت أمه وأسرته في البيت يحبونه أم لا؟، فيأتي الجواب الذي يشرح القضية برمتها، وهو “ما الداعي أن يكون للطفل أكثر من أم؟ فأنا لدي أم رسمية وأم حقيقية”. فيتبين أن الأم تقوم بدور الإشراف بدلاً من دور المربي.
أكثر ما يحتاجه الطفل من الأم، هو أن تكون صادقة في إظهار عواطفها وحبها، والذي يتبرهن من خلال ما تفعله من أجله، فطفل الثالثة يحتاج من الأم، أن تتفهم صعوباته ومحاولاته خلال لبسه أو لعبه. وفي هذه المرحلة العمرية، يتم تدريب الطفل على تحمل المسؤولية في اختيار اللبس والطعام، وتقبل نتائج قراره مهما كان. ومن الضروري ألا يتم الإفراط والمبالغة في التشجيع لما يقوم به حتى لا يصاب بالخيبة إذا فشل، فيشعر بأنها خدعته.
“شو هالسؤال الغبي؟”، جملة قد تدمر شخصية الطفل، لذا، يجب على المربي تحمل المنطق لديه والسخاء في الإجابة عن أسئلته الكثيرة والمتكررة، لأنه لا منطق حقيقياً لدى طفل الثالثة، فتفكير الطفل يتصف بالضبابية، لذا، تسمى هذه المرحلة العمرية بالمرحلة الحدسية.
وبالنسبة لطفل الثامنة، فلا بديل للحب والتقدير أيضاً، فيجب أن تكون العلاقة مبنية على الحب والقبول بجعل العينين دائماً تبرقان بحسن الأمل وجميل التوقع. فأطفال هذه المرحلة، لا يفهمون إلا المحسوس من المنطق في الصور والإيضاحات الحسية، ملموسة كانت أم مسموعة. فمن غير المنطق، أن يتم مقارنة الأطفال بالكبار على أي عمل يقومون به، فنحن لا نتوقع المثالية، بقدر ما نتوقع الأفضل لهم، وذلك بتلمس مواطن قدراتهم وإبرازها بالتشجيع والصبر.
أما بالنسبة لمرحلة المراهقة، والتي تبدأ من سن الخامسة عشرة، تكون لها علاقة خاصة جداً، فبمقدار اهتمام الوالدين بأصغر التفاصيل بإظهار الاهتمام بكل ما يطرحه المراهق من أفكار ووجهات نظر، بمقدار ما تكون العلاقة مع والديه قوية، وذلك لشعوره بالأمان تجاه النظام الأسري الذي ينتمي إليه. فالمراهق في هذه المرحلة، يحتاج من الوالدين تقبله والاهتمام به بإظهار التعاطف معه في أزماته لأبسط التفاصيل الحياتية، لأن هذه المرحلة تتميز بالانفعالية.
الأسرة هي البيئة الأساسية الأولى التي ينشأ فيها الطفل للدخول في الحياة الاجتماعية، فمن خلال الأسرة، تُّغرس القيم والأخلاق الحميدة، ليتمكن من أن يكون فرداً فعالاً في الأسرة والمجتمع. ولكن بالتخلي عن دور المربي للخادمات بترك الحبل على الغارب، ليحتار قلب الطفل الصغير، بين حب الأم الرسمية، والحقيقية (الخادمة)، إلى أين؟
المصدر: صحيفة البيان