مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
نحن نعتقد بوجود الحسد والإصابة بالعين لأن ذلك مما جاء ذكره في القرآن ولا جدال في نفيه أو إنكاره، كما جاء في سيرة الرسول الكريم أنه تعرض للسحر فعلًا، وتم تدريسنا ذلك أيام المدرسة مع بعض المبالغات أحياناً، خاصة ونحن نعلم أن سيرة الرسول الكريم وأحاديثه قد زج فيها، ما يعرف بالأحاديث الموضوعة، وأحاديث السحر منها!
المشكلة حين تصل هذه القضايا الفائقة الحساسية إلى بسطاء الناس وضعاف الدين وعديمي العلم، فيتداولون أحاديث ضعيفة على أنها صحيحة وأحاديث موضوعة على أنها من أصل الحديث ومن أقوى متونه، وخاصة بعد ازدهار تقنيات التواصل والاتصال، وانتشار مقولة (انشر تؤجر)، أو (إن لم تنشر فاعلم أن الشيطان قد منعك) وغيرهما!!
فيما يخص العين والحسد، فإنك تجد عدداً من الناس ذهبوا إلى الاعتقاد بأنهم إما مسحورين أو محسودين، حتى أنه يخيل لك أن الناس قد انقسموا إلى قسم مسحور وقسم يتداول عمل السحر ويتردد على السحرة والمشعوذين، وهذه طامة كبرى، ولو أننا دققنا لوجدنا كثيراً من الناس يتعاملون بحذر شديد مع أهلهم وجيرانهم خوفاً من أن يتعرضوا للحسد أو للعمل »السحر« وبعضهم يتحفظ كثيراً في إظهار ما عنده أو يدعي عكس الحقيقة، فيدعي الفقر أو الحاجة أو المرض، درءاً للحسد، فإذا ضربهم طارئ أو مرض دقوا على الخشب وهرعوا للمشعوذين، وهو سلوك يتنافى مع الدين والتدين ويحتاج إلى فهم وتقنين وتعقل ووعي كبير!
نتساءل إذا كان الجهل والفقر سبب انتشار هذه الثقافة في كثير من المجتمعات فلماذا تنتشر عندنا؟ هل هي ظاهرة حقيقية فعلاً؟ هل يتسلى الناس بالذهاب لهؤلاء المدعين بأنهم يفكون السحر ويجلبون الحبيب ويبطلون العين؟ هل وفرة المال هي السبب، أم الجهل بحقيقة الدين، أم الجهل بفداحة وخطورة هذا السلوك؟ ولماذا هذا الإيمان المطلق بأن أي إصابة سببها العين والحسد؟ هل يعود ذلك لخلل العلاقات الاجتماعية أم بسبب الاحتكاك بجنسيات تتعاطى السحر والحسد وما يتعلق بهما من طقوس؟
المصدر: البيان