غاب العرب عن اجتماع موسكو حول سوريا، روسيا وإيران وتركيا هي التي تحدد مستقبل هذا البلد العربي، حتى النظام الحاكم استبعد عن الاجتماع، يبدو أن رأيه لا يهم، أما الجامعة العربية مجتمعة وممثلة في أمينها العام أو بعض الدول الأعضاء بها فلم يكن لها وجود.
الدول الثلاث تريد أن تقتسم الغنيمة، فهذه أرض الشام بأهميتها ومكانتها ودورها التاريخي، روسيا تريد قواعد ثابتة تطل على البحر الأبيض، وتركيا تريد اجتزاء مناطق جديدة من الشمال، وكأن ما أخذته من قبل لا يكفي، وإيران تريد هيمنة على الأرض تخدم أغراضها التوسعية، كل واحدة من هذه الدول تتكلم بلسان، ومع ذلك اتفقت على خارطة طريق تؤكد وضع القرار السوري في يدهم، في يد الدول الأجنبية الثلاث، وكأنها أصبحت وصية عليها، هم يتحدثون باسم سوريا، وهم يقررون نيابة عن بشار الأسد، الرئيس الذي اتفقوا على استمراره، وجعلوا كما يدعون محاربة الإرهاب هي الأولوية.
هذا المشهد يذكرنا بآخر الخلفاء العباسيين، أولئك الذين كانوا يبايعون ويعزلون بقرار من الفرس المنتشرين في الدوائر القريبة، وانتهى حكم بني العباس، وجاء بنو عثمان، أي الأتراك، وحكموا بالنار والحديد معظم بلاد المسلمين، وفي مقدمتها بلاد الشام والعراق، مئات السنين استمرت خلافتهم، وعندما زالوا اختفت كل مظاهرهم، وبقيت الأرض العربية عربية، دمها ولسانها وانتماؤها.
غداً يزول الإرهاب، إنهم مجموعات متشرذمة لا تقوى على المواجهة المباشرة، نجاحها محصور في العمل تحت جنح الظلام، وتمددها منذ 2014 كان بقرار من الذين أرادوا ذريعة للتدخل في العراق وسوريا، فإذا زالوا على يد الذين صنعوهم، من يضمن أن تخرج الجيوش الأجنبية من الشام؟
الروس وجدوا مستقراً، والإيرانيون يفرزون الناس حسب هويتهم المذهبية، والأتراك لهم رؤية للشمال السوري الملاصق لجنوبهم، ولن تخرج الدول الثلاث من سوريا، ستحتلها بعد أن تتقاسمها، فالوثيقة التي وقعت يوم أول من أمس هي وثيقة تقسيم لا وثيقة إنهاء نزاع!
المصدر: البيان