كاتب وصحفي سعودي
ربما لا يعلم البعض أسباب «الهستيريا» التي أصابت الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بعد «عاصفة الحزم» وذعر عملاء إيران في لبنان وإصابتهم بتلك الهستيريا أيضاً.
تؤكد المعلومات أن نصر الله هو من رسم للحوثيين خطة مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني اليمني، بل وأشرف شخصياً على الملف اليمني بتكليف من قائد الحرس الثوري الإيراني، كما تبين المعلومات أن مخطط إسقاط صنعاء والسيطرة عليها وعلى القصر والمراكز الحكومية الحيوية والسيادية في العاصمة تم الترتيب له في بيروت وليس في صعدة، وتحت نظر نصر الله وخبراء إيرانيين، غالبيتهم من الحرس الثوري.
هناك معلومات لدى بعض الجهات الرسمية اللبنانية والخليجية منذ وقت مبكر عن علاقة «أنصار الله» و«حزب الله»، بل وعن بعض الترتيبات التي خطط لها في الضاحية الجنوبية بإشراف نصر الله، وأرسلت رسائل خليجية مباشرة وغير مباشرة بالتوقف عن زعزعة أمن اليمن.
الرياض كانت تعلم أن «حزب الله» يقوم بتدريب حوثيين بحضور خبراء إيرانيين في الضاحية الجنوبية، ويحتضن شخصيات مؤيدة للرئيس المخلوع ومن القيادات الحوثية ممن يجمعهم العداء للسعودية، وذلك للتخطيط وتنفيذ عمليات تستهدف الداخل السعودي عبر عملاء ومهاجمة حدود المملكة، وهو ما يتبيّن في خطاب نصر الله الأخير الذي توعد وهدد فيه بالرد.
خلال مشاركتي في قنوات فضائية للتعليق على الأوضاع في اليمن، لاحظت أن ضيوفاً حوثيين يُستضافون للحديث من بيروت لا من صنعاء ولا صعدة، وعلمت لاحقاً أن غالبية هؤلاء القابعين في بيروت في ضيافة حزب الله ويأتمرون بأمر الإيرانيين، لقاء المنافحة عن المشروع الفارسي في اليمن، الذي ينفذ مخططه «أنصار الله»، ويسوّق له «حزب الله».
وعندما هبت «عاصفة الحزم» جن جنون تلك الميليشيات والعصابات الممولة والمدعومة بالمال والسلاح الإيراني، إذ كانت تسهر على مخطط تخريب اليمن من «أقبية» حزب الله في الضاحية الجنوبية، فيما كانت دول مجلس التعاون تسعى إلى لملمة جراح اليمن وحفظ أمنه وصيانة سيادته، وتقديم المبادرات السلمية لانتشاله من الاقتتال والمصير المجهول.
كل الخطط التي أشرف عليها نصر الله بشأن اليمن كانت تستهدف السيطرة عليه عبر فرض سياسة الأمر الواقع، من خلال دعم إيران للحوثيين بالخطط والمعلومات والتغطية الإعلامية، وإنشاء قنوات فضائية، وتوفير السلاح والأموال، وتمهيد الطرق لتسهيل تنقلهم داخلياً، وزيادة حركة الملاحة الجوية بين صنعاء وطهران من جهة وبيروت وصنعاء من جهة أخرى، وذلك لتهيئة إيران للحضور عبر مضيق «باب المندب» وتطويق السعودية من خاصرتها الجنوبية.
في موازاة ذلك، تبنت الإدارة الأميركية حيال اليمن سياسة «غض الطرف»، بإدارة السفير الأميركي لدى صنعاء، طالما أن الحوثيين يملكون القوة لمواجهة «القاعدة» بعد التأكد من صلابة التحالف بين صالح والحوثيين، في حضور رئيس مهزوز القرار، وهو عبدربه هادي الذي لم يقدم أكثر من التنازلات والانكفاء والبطء في اتخاذ القرارات وعدم توسيع دائرة تحالفاته.
ربما يعود ذلك التمدد الحوثي – الإيراني أيضاً إلى انكماش الدور السعودي والبعد عن اليمن خلال السنوات الماضية، لإحساسها بأن الرئيس المخلوع يقوم بابتزازها وإغراقها في مشكلاته الداخلية التي لا علاقة لها بها، ولذلك ظلت الرياض تتعامل مع الرئاسة بحذر، ومع مشايخ القبائل عبر كسب الولاءات.
ولكن بعد وفاة ولي العهد السعودي الأسبق الأمير سلطان بن عبدالعزيز وفي ظل وجود سفير سعودي «تقليدي»، انكفأ دور المملكة وضعف حضورها، ما مهّد الطريق لإيران للحضور بكثافة وفاعلية عبر الدعم العسكري والإعلامي والمالي للحوثيين وكسب حلفاء آخرين من الأطراف اليمنية، مستفيدة من اختلاف المواقف بين السعودية وبعض التيارات اليمنية بعد ثورات «الربيع العربي».
لذلك لا يستغرب أن يصاب حسن نصرالله بهستيريا والتهاب قولون تحول إلى جنون بعد أن تلقى «صفعة مفاجئة» بانطلاق «عاصفة الحزم» التي لم تمهله لإكمال خطة أسياده في إيران للسيطرة على اليمن.
ولا غرابة أيضاً أن يخرج حسن نصرالله عن طوره وهو يتوعد مرتعداً، ويذرف دموع التماسيح على اليمن كذباً بعد إحباط السعودية لمشروع الولي الفقيه، فالصراخ على قدر الألم، و«التشبيح» الذي يصدره لم يعد يكترث به العرب بعد انفضاح حقيقة كراهيته للشعوب العربية.
المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Jameel-Al-Doiabi/8635686