لعل قارئاً كريماً يعلق على العنوان أعلاه: يا أخي: أشغلتنا بالصين ومشاهداتك فيها. ومعه حق. لكن مهمة الكاتب أن يرصد مشاهداته. يكتبها. يشارك بها قراءه الكرام أملاً في “فائدة”. وأعترف هنا أنني مأخوذ بحجم المفاجأة الجميلة: الصين. هنا مشاريع تنموية عملاقة. ومستمرة. لكنها لم تأت فجأة. إنها من نتاج خطط خمسية متواصلة منذ العام 1979. وإن كنتَ مثلي مهموماً بالسؤال: لماذا تقدم الآخرون وتأخرنا، فلعلك تجد إجابات في تجربة الصين.
فرق بين الإجابة المثالية التي نقرأها في التقارير والكتب وبين الإجابة الماثلة في المنجز على الأرض. أعرف جيداً أن التجربة الصينية ليست مكتملة. وثمة أسئلة كثيرة مهمة حول غياب بعض أوجه الحرية الضرورية وحول المخاوف من تبعات النمو الاقتصادي السريع. لكنني أكاد أجزم أن تلك الأسئلة هي في وعي صانعي السياسات الاقتصادية الصينية.
هناك دروس تنموية في التجربة الصينية الراهنة ما أحوجنا في العالم العربي إلى قراءتها وفهمها. ولنترك أي خلاف “سياسي” مع الصين جانباً ونركز على “المشترك” في الهموم والمنافع التنموية. فما أنجز في الصين في وقت قصير وما يتوقع إنجازه قريباً في الصين أمر مذهل بكل ما تعنيه الكلمة. ولو بيدي لنظمت جولات عملية للمعنيين بالتنمية في منطقتي، من صناع قرار ومثقفين وأكاديميين وطلاب جامعات، للاطلاع على المنجز الصيني في أكثر من إقليم وقطاع. فالتجربة الصينية ربما تثير بداخلك مشاعر الغضب والأمل في ذات الوقت. أغضب أننا لانتعلم من دروس النجاح حولنا. وأشعر بالأمل أن بإمكاننا أن نؤسس لرؤية تنموية حقيقية وواقعية مثلما فعل الصينيون. فمتى ما وجدت الإرادة تحققت الآمال.
اليوم هو يومي الأخير في بكين. وقد قررت أن أواصل عبره أسئلتي حول تجربة الصين المدهشة في البناء والإبهار!