عبدالمحسن هلال
عبدالمحسن هلال
أكاديمي وكاتب سعودي

مواجهة الأمريكي القبيح ممكنة

الإثنين ٠٣ أكتوبر ٢٠١٦

يدور حديث عن مراجعة الكونجرس الأمريكي لقانون جاستا، وهذا حديث خادع مراوغ، ما حدث أن بعض الأعضاء، اثنين أو ثلاثة، طالبوا بمراجعة بعض مواده حماية لأفراد أمريكيين قد يطالهم القانون بغير قصد، أي إعادة تفصيل هذه المواد على المقاس غير الأمريكي، الكلمة التي استخدمها زعيم أغلبية مجلس النواب ميتش مكونيل «Tweak» أي قرص أنف أو أذن تلك المواد، لتفادي احتمال تعرض موظفي الخارجية الأمريكية أو جنود الجيش الأمريكي لأي مساءلة قانونية خارج أمريكا. المتفائلون يقولون بإمكانية نجاح مساعي عرقلة تنفيذ القانون بإعطاء وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين حق الاعتراض على حالات معينة، والاستنتاج الوحيد لتفاؤل كهذا هو إبقاء القانون سيفا مسلطا ضد المملكة وأداة ابتزاز جاهزة للتطبيق. الأجدى مواجهة جاستا بخطوات عملية، كثيرون يعتبرونه بمثابة إعلان حرب بدأ تنفيذه بالفعل، فقد رفعت سيدة أمريكية أول دعوى قضائية بمحكمة في واشنطن ضد المملكة بعد يومين فقط من إقرار القانون. وهو قانون استغرق جهابذة القانون الأمريكان 12 عاما لإعداده برغم التحقيقات الكثيرة التي برأت المملكة من أية صلة بمنظمة القاعدة، وهو أمر سهل برهانه. إذ بقليل من الجهد والتنسيق مع دول أخرى، سيجبر الكونجرس على بلع تقريره، ها هي اليابان تعلن إمكانية السماح لمواطنيها ضحايا هيروشيما ونجازاكي برفع قضايا ضد أمريكا، وستتبعها دول كثيرة لن يدوم سلطان أمريكا عليها كالعراق وليبيا وأفغانستان وربما…

وقفة مع حليف

الأحد ١٨ سبتمبر ٢٠١٦

إقرار الكونجرس الأمريكي، بمجلسيه، مشروع قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، جاستا، سيفتح عدة جبهات ضد أمريكا، 180 دولة يمكنها ملاحقة أمريكا جنائيا مستخدمة ذات القانون، حسب مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية محذرا من جاستا، وعليه آلاف القضايا يمكن أن يثيرها مواطنو هذه الدول ضد أمريكا في حربها ضد الإرهاب ونيرانها «الصديقة» والمباشرة التي قتلت وجرحت وشردت مئات الآلاف من الأبرياء حول العالم. وإذا كان دليل أمريكا الوحيد على تورط المملكة أن 15 من 19 منفذا لهجمات سبتمبر سعوديون، حسب الرواية الأمريكية الرسمية، وهناك عدة روايات أمريكية مناقضة، فهؤلاء أفراد تلقوا أوامرهم من تنظيم معلن ومعروف عداؤه للمملكة، وأما هجمات أمريكا فهي من جيش نظامي يتبع دولة تتحمل مسؤولية أفراده، وبالتالي فإن مسؤولية أمريكا مباشرة. على مدار 15 عاما صدرت مئات التقارير وأجريت عشرات التحقيقات الأمريكية الرسمية وغير الرسمية وجميعها لم تجد دليلا ضد المملكة، وظهرت عشرات الأفلام الوثائقية التي شككت في الرواية الأمريكية، وبعضها ذهب إلى اتهام الإدارة الأمريكية ذاتها، ولعل أهم التقارير التي برأت المملكة ما أصدرته لجنة تابعة للكونجرس نفسه العام 2002. عدم ظهور أدلة جديدة تغير نتائج تلك التحقيقات، أو تبرر إعادة فتح أوراق القضية، يثبت أن الابتزاز أمر مبيت من عصبة داخل الكونجرس، وبرغم تحفظ كثير من الإستراتيجيين الأمريكان وتحذير كبريات الصحف الأمريكية من مغبة تبني «جاستا»،…

الاتجاه شرقا

الجمعة ٠٢ سبتمبر ٢٠١٦

أصبحت التحالفات سمة العصر، ووسيلته لفض المنازعات، ليس عسكريا فقط، بل اقتصاديا بالدرجة الأولى، بمعنى الاستثمار والأسواق المشتركة والتسهيلات الممنوحة لأهداف مشتركة. اكتشف القوم إمكانية حل المنازعات عن طريق التحالف، إيران، مثلا، كانت على شفا حرب مع أمريكا بعد حصار اقتصادي دام أكثر من عقد، صارا متحالفين تجمعهما صفقات كبيرة، سواء من الأموال التي كانت مجمدة لإيران أو العائد من العقود الجديدة، وقيل لا عداوات ولا صداقات دائمة في العلاقات الدولية إنما مصالح دائمة. وليس شرطا أن يكون التحالف بين أنداد، يكفيه تجمع قوى متنوعة تكمل بعضها في تكتلات اقتصادية كبرى تمنح أصحابها قوة التأثير في القرارات الاقتصادية على مستوى العالم، وبالتالي قرارته السياسية. لم تعد معادلة النزاعات العالمية صفرية تنتهي بانتصار طرف وخسران آخر، اكتشف القوم طريقا ثالثا لاقتسام المكاسب والخسائر، وإن بنسب متفاوتة تحددها قوة اقتصاد كل دولة داخل التكتلات المنشأة. انتهت الفردانية في السياسة الدولية، انتهى ما كنا نسميه عالم القطب الواحد والقطبين، حتى مفهوم الدول العظمى تغير ولم يعد يرتكز على القوة العسكرية وحسب. تركت بريطانيا بيتها الأوروبي للتحالف مع أمريكا حماية لمصالحها حول العالم، وهما المتفقتان على تجيير مصالح الغير لصالحهما، واختارت الصين - رغم العداء التاريخي - التحالف مع روسيا ضد الغرب تلبية لمصلحتها الاقتصادية. التحالف يبنى على نظرة بعيدة المدى، ليس مغامرة وقتية…