عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

التكرار يعلّم الـ «شطّار»!

الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٣

.. نعم يعلّم الشطار! لذا فقد تم وضعها بين قوسين لقطع الطريق على كل من يحاول أن يتصيّد في الماء العكر، وما أكثرهم في هذه الأيام! هل كنتَ حقاً تعتقد أنني يمكن أن أستخدم لفظة تخدش الحياء العام في صحيفة عامة؟! لست مختصاً في البنى التحتية، لكنني أقيس الأمور بالـ«كومون سنس» مثل غيري، فأنا أعلم بأن الشارع الذي تقف على ناصيته مجموعة مشاغبة من الراغبين في استحداث المشكلات، ويحمل كل منهم على خده «قبلة» موس أو «تعليمة» عصا، قد تعرضوا لي ذات مرة قبل عشرين عاماً، وأوسعوني ضرباً، لهذا لم أعد أمر بتلك الناصية، وانتهت المشكلة! «فل ستوب»! عندما تكون في الطريق من أبوظبي إلى فندق قصر السراب، وتتوقف سيارتك عن الاستمرار لنفاد الوقود منها على الطريق، فأنت ستقوم في المرة المقبلة بملء خزان وقودك لكيلا يتكرر الموقف المحرج، وتفضحنا مع جماعة «ساعد» كالعادة، «فل ستوب»! عندما تكسر إحداهن قلبك، وتؤكد لك بوضوح أنك أحمق كبير، وأنه لم يعد هناك متسع لحب الفرسان في هذا الزمان، فأنت تغلق باب قلبك في وجه الجميع، لأن جرحك مازال ينزف، «فل ستوب»! عندما يأتي موسم الأمطار ويمتلئ شارع ما بها، ما يعني أن هناك خطأ تصريفياً أو خطأ هندسياً في التصميم، فأنت ستقوم بتغيير الخطأ في الموسم المقبل، «فل..!». هكذا إذاً، كنت أعتقد…

لا تبندوا في «الويوههم»!

الأحد ١٧ نوفمبر ٢٠١٣

في منتصف ستينات القرن الماضي كان هناك مراهق اعتاد أن يمارس هوايته في تفكيك وإعادة تركيب بعض الأجهزة الإلكترونية.. وذات يوم أثناء ممارسته لهذه الهواية وجد أنه وصل إلى مرحلةٍ ما في أثناء إعادة تركيب أحد الأجهزة، واحتاج إلى مساعدة في الأمر.. ولأنه «على ويهه» فقد فتح دليل الهاتف وبحث عن اسم «بيل هيوليت».. الشريك المالك لمؤسسة «هيوليت – باكارد HP» التي اشتهرت بهذا اللون من الصناعات في ذلك الحين، واتصل به شخصياً لسؤاله.. الصدفة أن الرقم الذي كان مسجلاً في الدليل كان للمنزل الخاص للمليونير الأميركي.. وقد أجاب على الاتصال.. واستمرت المكالمة 20 دقيقة.. حصل خلالها المراهق على استفسار لإجابته، بالإضافة إلى عقد لتدريبه في الصيف في أحد فروع الشركة. والأجمل أن الحادثة قد أعطت دافعاً وثقة بالنفس لذلك المراهق الذي أصبح بعد 20 عاماً أحد أهم المبدعين في القرن الـ21، وأنا أكتب وأنت تقرأ (غالباً) باستخدام أحد أو بعض منتجات شركته العملاقة «أبل»، أصبح ذلك المراهق ستيف جوبز، أيقونة في التحدي والمثابرة والإبداع.. على الرغم من أنه توفي وهو يحمل سره معه.. لماذا هي التفاحة مقضومة؟! القصة جميلة.. لذا أرجو منك أن تقرأها و«تقلب الصفحة».. أما أن تحاول تجربتها.. فـأنت حر! هل تعتقد فعلاً أن الوصول إلى المختصين في المجالات الإبداعية المختلفة ممكن؟! عليك المرور أولاً بمشوار الحياة..…

«عائلة غريبة في الجوار!»

الثلاثاء ٠٥ نوفمبر ٢٠١٣

لحظة من فضلكم! نقطة نظام، الرجل (نسباً وحسباً وليس سناً) اسمه جورج، واسم أبيه الوسيم ابن ديانا التي ملأت الأرض ضجيجاً «ويليام»، واسم جده لأبيه صديق العرب الهادئ «تشارلز»، واسم أبي جده «فيليب».. أليس كذلك؟ إذن كيف يكون اسمه الكامل «جورج إليكسندر لويس»؟! أحاول دائماً أن أكون راقياً وأظهر نفسي بأنني والعائلة البريطانية المالكة «نتشمس تحت الشمس نفسها»، ولكن هناك فعلاً أمور لا أفهمها! يا أخي اسمك خليل وأبوك اسمه غلوم وجدك اسمه جعفر، فكيف يكون اسمك خليل علي إسماعيل؟! هناك أمور لن تفهمها أبداً! ألا يكفي اللغز الذي يحيرني منذ أن بدأت متابعة أخبار هذه العائلة اللطيفة، زوج الملكة ما الذي يفترض أن يكون عليه؟ المفروض أنه ملك، ولكنه ليس ملكاً، إذن «سنو وايت والأقزام السبعة» لم تكن إلا كذبة كبيرة، وأغلب الظن أن القضية كانت ذات أبعاد أخرى. قبل يومين نشرت صحيفتنا على موقعها الإلكتروني صوراً عدة للعائلة اللطيفة «على أنها صور سرية تم تسريبها بالطبع»، وهي تظهرها بمظهر العائلة المثالية، صور اعتيادية، الجدة أو بالأحرى أم الجدة تقوم بتغيير حفاظات ابن حفيدها، الأب يحمل ابنه بسعادة والأم تنظر بفخر لإنجازها، صور اعتيادية يمكنك رؤيتها في أي ألبوم ملكي أو أي حساب إنستغرامي ذي دماء زرقاء، إلا أن التعليق المصاحب للصور يفاجئك بعد أن تقلبها مرات عدة بأن…

«سوبر بول.. !!»

الخميس ٣١ أكتوبر ٢٠١٣

عندما تكون زعامة الفريج يكون من حقك أن توقف سيارتك بالعرض بدلاً من الطول، وتأخذ مواقف ثلاث أو أربع سيارات، عندما تكون زعامة الفريج يحق لك وضع عزبة في المنطقة السكنية دون أن تلاحقك القوانين الدولية، وذلك ببساطة، لأن العزبة الـ«غوانتانامية» لا تقع ضمن خريطة منزلك الرسمية الصادرة عن دائرة التخطيط والمساحة. عندما تكون زعامة الفريج والشرطي الوحيد في الفريج أحادي القطب، فإن لك الحق بأن تلعب في ملعب الفريج في أي وقت تكون وفريقك جاهزين أو لديك الشعور أو الرغبة في اللعب، حتى وإن لم يكن هناك فريق منافس! لذلك، لا يمكن لأحدنا أن يسأل الأمة الأميركية العظيمة لماذا تلعبون الـ«فوت بول» باليد؟ هم أحرار! هم الزعامة، لذلك فقد غيروا قواعد اللعبة كلها، سموها كرة القدم الأميركية، ويلعبونها باليد، وللمعترض حق اللجوء للقضاء الذي لا يمكن تطبيقه، بناء على قوانين مكافحة الإرهاب، وبناء على وجود العزبة في كوبا القريبة! قام الأميركان بتغيير أبعاد الملعب، وبالطبع هم يفضلون الحساب بالياردة والقدم، والوزن بالرطل والباوند، ما يجبرك على حمل آلة حاسبة باستمرار لمعرفة المقاييس التي يتحدثون عنها، كما قاموا بتغيير عدد اللاعبين بحيث يوجد في كل فريق لكرة القدم الأميركية خمسون لاعباً، يدخل الملعب منهم أحد عشر، يتناقلون الكرة بخبث ودهاء حتى الوصول إلى خط النهاية لدى الفريق الخصم، وتسمى المباراة…

(شريهان على قناة المجد..!!)

السبت ٢٦ أكتوبر ٢٠١٣

كانت جريدة الخليج في بناية على شارع الوحدة، ويقع خلفها مسجد (كارفان) صغير في المكان الذي بُني فيه مسجد الأنصار اليوم، ومع حسن النوايا والقلوب الكبيرة في أواسط الثمانينات كان النظام هو أن يجتمع من لديه قضية بعد صلاة الظهر في المسجد ليحدثوا بها أحد الصحافيين العرب العاملين في الجريدة ويصلي هناك، ليقوم هو بعد يومين بنشرها في الصحيفة، نظام (خط ساخن) شعبي، كانت مشكلات تلك الأيام جميلة مثلها، وسهلة الحل. يوجد في السوق مسدس يحمل نجمة، مدرس الرياضة يصر على إجبار الأطفال على ارتداء اللون الأزرق لأنه يعمل مساءً في (الليجر لاند)، وضع أحدهم العملة التذكارية من فئة (خمسة دراهم) المصكوكة بمناسبة القرن الهجري الجديد في كابينة اتصالات ولم تُعد الباقي إليه (لا أعلم ما الذي كان سيقوله لو شاهد فواتير هذه الأيام)، وما إلى ذلك من أقصى همومهم في تلك الأيام. في ذلك اليوم كان التجمع واضحاً.. المجموعة التي كانت تنتظر الصحافي كانت تقترب من العشرة، ما يعني أن الأمر خطير فعلاً، والشكوى ليست على غرار (فأر في علبة حليب أطفال)، اقترب الطفل الفضولي منهم ليستمع، مازلت أذكر كلمات المشتكين عن قدسية الشهر الفضيل، وكيف أن شاريهان في فوازيرها قد تجاوزت كل حدود الأدب، وطلبوا من الصحافي، بشكل جماعي، نقل شكواهم لتنشر في الجريدة. تذكرت الحادثة قبل أيام…

«أن تعيش في البعد الآخر!»

الخميس ١٠ أكتوبر ٢٠١٣

لطالما كنت مغرماً بروايات العوالم الأخرى، ولطالما جذبتني عناوين قصص البعد الآخر، تلك العوالم التي تعيش معنا ولكن ذبذباتها مختلفة فلا نحس بها ولا تحس بنا، عوالم خلدها الكثير من كتاب ما يعرف بأدب الخيال العلمي، من أمثال جون فيرن وهيربرت ويلز ومصطفى محمود ونبيل فاروق وغيرهم، تلك العوالم التي تحولت بنجاح كبير إلى أعمال سينمائية شهيرة، مثل «ماتريكس» و«أفاتار» وغيرهما، ترى في بعضها شكل العالم إذا كان النازيون قد انتصروا، وتحول بعضها العوالم الموازية إلى مجتمعات مثالية. كنت دائماً أحلم بأن أعثر على ثغرة بين عالمنا وعالم موازٍ آخر، وأرى «أنا» هناك كما أحب أن أراه ، أرى «أنا» الآخر الذي لا يدمن شطة تاباسكو ولا يجري عملية بواسير كل شهرين، أرى «أنا» المثالي الذي لا يرتبك أمام المرمى، ولا يضيع الأهداف من فرص محققة ولا يطرده المدرب كل يوم، أرى «أنا» الذي يعرف ما يريده «أنا»، ويعرف كيف يصل إليه، أرى «أنا» الذي لا يكون في عواطفه مجرد خروف كبير، وبلا قرون بالطبع! لم يطل انتظاري كثيراً لكي أصل إلى ثغرة تصلنا بالعوالم الموازية، فهناك على بعد شارعين من منزلي يوجد ذلك الصديق الذي كنا نعتقد أنه قد توفي منذ زمن، رأيته مصادفة أمام المخبز بدا كأنه قد خرج للتو من «الرقيم»، سألته إن كان يمارس أي نوع…

«ولعة يا معلم!»

الأحد ٠٦ أكتوبر ٢٠١٣

قبل 22 عاماً، وفي تلك «الصنادق» المؤقتة، التي وضعت لكي تستوعب العدد الكبير من الطلبة مع أشقائهم الذين قدموا من الكويت للالتحاق بمدرستنا، كانت قمة المتعة هي قدوم ضيف من الخارج أثناء الحصة لكي يقوم بإيقاف فاصل الملل، وعندما يشح الضيوف يقوم «كبار القوم» في الصف بالاتفاق مع أحد الطلاب «العاطلين» في الخارج، لكي يأتي في منتصف الحصة بأي حجة كانت، لكي نحصل على دقائق مستقطعة كنا نراها أثمن من أن تضيع في حصة تاريخ أو جغرافيا، ومازلت أذكر ذلك اليوم الذي اتفقنا فيه مع أحد الأغبياء من «الشفيطة»، الذي لم يجد حجة يبرر بها دقاته على باب صفنا حين فتح له المعلم، سوى أن يقول له: اشتقت إليك! لقد درستني منذ خمس سنوات وفكرت في أن أجيء للسلام عليك! مازلت أعرف أن الشاب كان نصاباً، وقد جاء بالاتفاق معنا، وأخذ عمولته من «قواطي الغره» مقدماً، إلا أنني لا أستطيع نسيان ذلك التعبير الذي ارتسم على وجه المعلم في ذلك اليوم، ولن أستطيع نسيان ذلك الالتماع في عينيه، ومحاولته التماسك ألا ينفجر باكياً أمام حفنة الطلبة الأوغاد، كل ما فعله هو تنهيدة من أعماق سنين التعب أتبعها بقوله: مازال في الرجال وفاء! مر علينا يوم أمس، الخامس من أكتوبر، الذي يحتفل فيه العالم كله باليوم العالمي للمعلم، وكأن الأيام تواطأت…

«لالا لاند..!»

الجمعة ٠٤ أكتوبر ٢٠١٣

تطلق المستشارة الإماراتية هالة كاظم اسم «لالا لاند» على ذلك العالم المثالي، الذي يجعله بعض الآباء أمام أنظار أبنائهم في حديثهم لهم وشرحهم للحياة، بكلمات أخرى فـ«لالا لاند» هي المدينة الفاضلة (يوتوبيا)، لكن على حجم الصغار، كما هي الحال لـ«كدزانيا» بالنسبة للعالم الحقيـــــــــــقي. جميعنا يحب إبقاء أبنائه في «لالا لاند» أكبر مدة ممكنة، لأن هذا الخيار هو ما سيصل بهم إلى حالة من التوازن العاطفي والعقلي، فلا يمكن أبداً مقارنة الطفل الذي ينشأ في بيئة الحروب أو في بيئة الخلافات العائلية بذلك الذي نشـــــــــــأ في بيئة مثالية يحيطها الحب وحسن الظن، نعم قد لا نختلف في أن المولودين في بيئات صعبة أو في بيئات غير مستقرة قد يكونون أكثر تجلداً أو أكثر احتمالاً للألم، لكنهم حتماً لن يكونوا الأكثر استقراراً من الناحية النفسية. والآن ضع نفسك في مكان أي أب آخر لديه أطفال يعيشون في «لالا لاند»، يعرفون بأن الجميع من حولهم مؤدبون ويسمعون كلام بابا وماما، فلا غش ولا خداع ولا مراوغة ولا قلة أدب، وضمن برنامجك التربوي الأسبوعي، ومع القرار الخالد في تاريخ الكرة الإماراتية بتشفير الدوري، لأنه جنباً إلى جنب مع الكالتشيو يجب تشفيرها لأسباب لا تخفى عليك كمشجع قديم! قمتَ مضطراً بالذهاب إلى النادي للتشجيع على أرض الواقع، وأخذت معك صغارك السعداء بالزي الذي يحمل شعار…

«ركّز.. !!»

الثلاثاء ٠١ أكتوبر ٢٠١٣

في أيام سابقة كانت أكثر «فزعة» تقوم بها هي تلك الفزعة التقليدية حين ترى أحدهم مغرزاً في البر في الأجواء التي طال انتظارنا لها، تحس بذاك الشعور الذي كدت تنساه، ما أجمل أن تخرج أحدهم من «مطب» أو «حفرة» سقط فيها، سواء كان المطب / الحفرة معنوياً أو حقيقياً، تلك النظرة الفرحة في أعين أطفال سيارة الضحية وأنت تحفر تحت سيارتهم «لقد جاء سوبرمان لينقذنا»، وتلك النظرة الفخورة في أعين الأطفال في سيارتك وهم يرونك تضع طابوقة تحت تاير السيارة الأخرى «أبونا بطل»، وتلك النظرة الممتنة في عين صاحب السيارة التي تقلصها «مازالت الدنيا بخير»، وتلك النظرة التي يتخيلها عقلك المريض في عيني الشابة المختبئة خلف المخفي «يعجبني بروز عضلاته»، وبالطبع تلك النظرة في عينيك التي لن يفهمها أحد «أكيد ريحتي الحين مثل الكلتش المحترق»! تغيرت قواعد اللعبة في هذه الأيام وقل كثيراً مشهد العائلة التي تلوح في الصحراء طلباً للفزعة، ولم نعد نسمع ذلك السؤال الجميل: عندك قلص أخوي؟ وتحولت أغلب الفزعات للإجابة عن سؤال آخر في مواقف المولات هذه المرة: أخوي مضيع مكان سيارتي! ممكن تاخدني لفة في الباركنات؟! أصبحت هذه هي «الفزعة» الأكثر حدوثاً، في أيام عدة تخرج إلى المواقف لترى شاباً لطيفاً أو مجموعة مكونة من شباب يضغطون بلا جدوى على زر التنبيه في مفتاح سيارتهم…

«زمان الوهن!»

الإثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠١٣

في زيارة قمت بها أخيراً لأحد المعارض المخصصة لألعاب الفيديو للناشئين، والتي - كما تعرف - تختلف بشكل كبير في عدد حضورها من «النشء» عن معارض الكتاب، لاحظت أن هناك جملاً تتكرر في الإعلانات الموجهة للناشئة والشباب، ولا تخرج عن مجموعة الجمل التالية: «الحياة جميلة». «الحياة قصيرة.. استمتع بها». «محب للحياة». ليس لدينا مشكلة في أن يحب النشء الحياة - حبهم برص - مستقبلهم، ولا مانع من أن يكون مظلماً مثل أجيال عدة سبقتهم، لكن النمط الاستهلاكي لعبارات ترسخ المفهوم الغربي في وحدة الحياة والهدف منها هو ما يخيف في أنه قد يستقر في وجدان جيل كامل، ويؤسس لطريقة تعاملهم مع معطيات المستقبل بناءً على هذه الجمل. الكل أصبح يريد حياة سعيدة ومثالية بالكامل.. وهذا حقه، لكن عدم الإيمان بوجود ابتلاء.. ووجود عامل قدري في الرزق، وبأنه «ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات»، تجعل لدى البعض الاستعداد للتضحية بأي شيء.. أي شيء من مبدأ وخلق وإيثار وأسرة ودين، بالطبع للوصول إلى حالة السعادة المنشودة.. ولنا في الصراعات والحروب التي أصبحت تحدث بين الموظفين في الدوائر الحكومية مثال، خصوصاً حين نعرف عن طريق «مجالس الحش»، أن حرب داحس والغبراء بين الموظف الفلاني والموظف الفلنتاني لم تكن إلا بسبب «درجة وظيفية». اذهب إلى المعتقد الثاني «الحياة قصيرة».. افهمها! لن تعيش طويلاً.. ودع عنك…

«الفَنّش..!»

السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠١٣

لابد أن جميعكم قد مرّ بتلك التجربة الجميلة التي يتذكرها بابتسامة عريضة وتنهيدة «راحوا الطيبين» الشهيرة.. تبدأ أعراض الحالة عندما تطلب من شمس الدين، وهو ذلك الشاب الكيرالي الذي يفعل كل شيء في المؤسسة ويتقاضى «شروي نقير»، أن يعد لك كوب «الكرك» اليومي، فتفاجأ بأنه استبدل عبارة «حاضر أرباب» بعبارة «شوي بعد»! هنا تعلم أن الأمور لم تعد كما كانت. تأخذ جولة في الإدارة فتفاجأ بأن النظرات تجاهك لم تعد كما كانت، هي نظرات من نوع آخر، تدرك مرة أخرى كم كنت أحمق حينما قضيت لياليك في البحلقة في الكتب بدلاً من العيون الكحيلة.. من لي بفهم ما يختبئ خلف هذه العيون.. مزيج من الحزن والشفقة والتحفز والسعادة، تصل إلى مكتبك لترى الظرف الذي يحمل شعار المؤسسة وتوقيع مدير الشؤون الإدارية الذي يكون عادة الرجل الأكثر شعبية، فتعلم بأنك قد وصلت إلى نهاية اللعبة! كلما ارتفعت في السلم الوظيفي أصبح عدد الكراتين الفارغة التي تحملها معك في اليوم الأخير أكثر، ففي حالة «الفنش» الأولى ستحمل معك عدداً من الأوراق ودباسة «بابا سنفور» الشهيرة، لكنك بعد الترقي الوظيفي ستحتاج إلى حمل عدد كبير من البحوث والدراسات، والملفات والعروض ورحلة العمر، وستلجأ مرة أخرى إلى شمس الدين ليؤدي لك خدمة أخيرة بمساعدتك على حمل كل تلك الذكريات! في «فنشي» الذي يتكرر كل…

«شيءٌ من الكوارنه!!»

الأحد ٢٢ سبتمبر ٢٠١٣

تماماً مثل أمتنا المثخنة بالجراح، كان قَدَر الشعب الكوري بعد الحرب العالمية الثانية، أن يتم تقسيمه لمناطق نفوذ بين القوى العظمى.. الفرق الوحيد أن «سايكس ــ بيكو» الخاصة بنا أنتجت 22 بلداً عربياً.. بينما «سايكس ــ بيكو» الخاصة بهم أنتجت بلدين فقط.. ربما لضيق المساحة! شمال شبه الجزيرة الكورية يذكرنا بحقبة الظواهر الصوتية لدى شعوب أخرى.. جيش قوي وبلد منهك و«بوكيمون» ورث كروموسومات العظمة، لا يعرف متى يقرر أن يدمر العالم بصواريخه النووية. في الجنوب بلد «واقعي»، وحكومة تعاملت مع متغيرات ومتناقضات السياسة الدولية بحكمة، وفهمت مبكراً أن الاقتصاد والتطوير والبحوث والصناعة، هي التي تصنع القوة وليس العكس.. ففاجأت العالم بأن أصبحت أحد أقوى الاقتصادات فيه، وصدّرت للعالم أفضل السفن والسيارات والإلكترونيات، رغم قلة الموارد. تتمتع كوريا الجنوبية بعلاقات جيدة مع جميع دول العالم، عدا الجار الشمالي متغير المزاج.. ولها علاقات متميزة جداً مع دول الخليج.. واستثنائية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهناك تعاون في مجالات عدة، خصوصاً في المشروعات الاستراتيجية بعيدة المدى. يحدثني أحد الزملاء، الذي زارها في زيارة رسمية يقول: كنا في اجتماع، وكان هناك نوع من الجليد بيننا وبين الجانب الكوري النشط، فأحببت أن أتحدث مع المسؤول الكوري في مجال آخر قبل الحديث في العمل، سألته عن كمّ النشاط والاستثمار والحركة لدى كوريا الجنوبية، رغم تهديدات كوريا…