السبت ١٦ يونيو ٢٠١٢
الانتخابات الرئاسية المصرية مثيرة، لكنها إثارة للفرجة، وليس للفائدة، صراع ديكة، وتبادل اتهامات بين تيارات، جدل لا ينقطع عن هوية الدولة، مدنية هي أم دينية؟ في الوقت الذي يعرف الجميع، بما في ذلك الجمهور، أن الاقتصاد هو ما يجب أن يكون الموضوع الرئيسي في الانتخابات. قليل من يعرف من المرشح الذي وعد بخفض الضرائب أو رفعها. أو كيف سيوفر الدكتور أحمد مرسي المال الكافي لتنفيذ وعده بتخصيص راتب لكل أمّ لا تعمل. وما هو مشروع الفريق أحمد شفيق لزيادة إنتاج فدان القمح في مصر، هذا إذا كان عنده برنامج لأمر كهذا. شخصياً، أستمتع أكثر بمتابعة الاقتصادي المصري جلال أمين وهو يحلل الاقتصاد المصري ويربطه بالتحولات السياسية والاجتماعية. إنه يظهر أحياناً في التلفزيون هو وغيره من الاقتصاديين، ولكن ليس في ساعات الذروة، أي ما بين التاسعة مساء إلى منتصف الليل، فتلك ساعات مخصصة للجدل و «المناحلة» والمناحرة، مخصصة للفريق أحمد شفيق، وهو يهدد ويتوعد ويتهم «الإخوان»، فهذا موضوع أكثر إثارة. بينما يعرف الجميع أن الاقتصاد أو بالأحرى النجاح فيه هو الذي سيُبقي مرسي أو شفيق في الرئاسة في الدولة الديموقراطية، وإن كان شفيق يستطيع الاستعانة بصديق للبقاء في السلطة هو الجيش فيما لو فشل اقتصادياً. لكن هذه الحال لا تختص بها مصر، حتى نحن في السعودية مشغولون بألف قضية غير الاقتصاد،…
الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢
وجدتها، وجدت الحل المناسب لواحدة من أكبر المعضلات «الثقافية - الاجتماعية» السعودية، وهي دور السينما، التي لا تمر أسابيع إلا ونجد تحقيقاً صحافياً أو مقالاً يطرح السؤال، لِم لا نسمح بدور السينما؟ ويعمد عادة محرر الموضوع إلى فرد رأي مؤيد وآخر معارض، وبالطبع لا يحصل شيء. الموضوع مهم لأن معظم السعوديين يعشقون السينما، بعضهم يشد الرحال للبحرين من أجلها، وصالات دبي لا تخلو منا، إنها أمتع وقت للأسرة مجتمعة عندما تسافر خارج السعودية. وجدت الحل على متن طائرة سعودية لواشنطن قبل أسبوعين، الرحلة طويلة ولابد من قطع الوقت، فقررت أن أجرب برنامج السعودية الترفيهي، الحقيقة دخلت محملاً بانطباعات سابقة، أفلام قديمة، ومقطعة، الحق أن الاختيارات كانت جيدة ومتنوعة وتناسب كل أفراد العائلة، وفوق ذلك محافظة وتراعي قيمنا، الخطوط نفسها تقول إنها تعتز بقيمها الإسلامية ونحن كذلك. من الواضح أن لدى الخطوط جهازاً فنياً ذا خبرة، يقوم بمراقبة الأفلام، يستبعد اللقطات المخلة بشكل لا يقطع سياق القصة بقدر الإمكان، وإن لزم الأمر «يغبش» على ما برز أكثر من اللازم من السيقان والصدور، حتى صورة البطل وهو يرفع كأساً من الخمر أو البيرة يتم معالجتها، أحياناً يزودوها بالتغبيش على صليب معلق على صدر كاهن، وليس هذا من الإسلام، فليس من سماحة الإسلام منع رجال دينهم من تعليقه، خصوصاً في فيلم، ولو أمرنا…
السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٢
قبل نحو عقدين، نُشرت في هذه الصحيفة قصة أول مؤتمر علني لقيادات الحركة الإسلامية دعا له ونظمه حزب الرفاه، الذي كان في الحكم شريكاً «غير سعيد» مع حزب الوسط «الطريق القويم». يومها اخترت لتقريري عنواناً مستفزاً «مجلس المبعوثان ينبعث من جديد في إستانبول!»، مشيراً هنا إلى برلمان الدولة العلية العثمانية الذي كانت تتمثل فيه الشعوب التي تحكمها السلطنة المتسعة الأرجاء. لم يعجب عنوان المقال بعضاً من المشاركين في المؤتمر، من باب «داروا أموركم بالكتمان». وفي تلك الأيام كان مجرد مشاركة وفد من حركة حماس قصة مثيرة مستفزة للجيش والإعلام التركي، الذي اهتم بها بشكل واسع. تغير الكثير منذ ذلك الوقت. الأسبوع الماضي حضرت في إستانبول مؤتمراً عالمياً هو الآخر نظمته الحكومة التركية مع المنتدى الاقتصادي العالمي وموضوعه اقتصاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الأوروبية. سألت مستشاراً لرئيس الوزراء، لماذا هذه المناطق الثلاث؟ قال بكل وضوح: «لأنها المناطق التي نراها شريكة اقتصادية لنا». بالتأكيد أيضاً يرونها أسواقاً لهم، فالناتج القومي التركي من المنتجات المصنعة وصادراتها في ارتفاع مستمر منذ عدة سنوات، هذه المنتجات بحاجة إلى أسواق جديدة، وبالطبع لن تجد تركيا أفضل من هذه المناطق الثلاث، فالشرق الأوسط وشمال أفريقيا هما في مجملهما العالمُ العربي، الذي كان يوماً ضمن «تابعية» الدولة العثمانية القديمة، والذي يعاني أزمة هوية، ويتلمس طريقه من جديد…
الجمعة ٠١ يونيو ٢٠١٢
بدأ هذا السؤال العام الماضي في بدايات الربيع العربي بصيغة «هل ستلحق الملكيات العربية بالجمهوريات التي انهارت كحجارة الدومينو؟»، وقتها كانت الجمهورية التونسية بكل حداثتها تثور وتسقط رئيسها، وتطلق موجة امتدت إلى جملة من الجمهوريات العربية، أعرقها وأكبرها مصر، فليبيا ثم اليمن. تغيّر السؤال بعدما خبت جذوة الربيع وتحول إلى شتاء وأزمات بعدما ترك آثاره حيثما حلّ، فأصبح: «لماذا نجت الملكيات العربية... وإلى متى؟». أكتب مقالي هذا من البحرين، تلك المملكة العربية الصغيرة التي نالتها أشد أعاصير الربيع بين غيرها من الممالك العربية، ولكنها نجت هي ونظامها الملكي العريق، وإنْ لا تزال البلاد في حالة «توقف». البعض يقول إن المعارضة هي من وصلت إلى طريق مسدود. أعتقد أن كل الأطراف البحرينية أمام هذا الطريق المسدود، فهذه الجزيرة الجميلة تستنزف رصيد نجاحها السابق. هذا النجاح هو الذي حمى النظام ومنع البلاد من الانجرار إلى مصير الجمهوريات العربية، وسوف يمكِّنها من انطلاقة جديدة بكل مكوناتها، بعد مصالحة لا بد أن تتم. هناك جمهوريات عربية نجت هي الأخرى -حتى الآن- من الربيع العربي، ولعل من حق زعمائها أن يحتفلوا بعدما مرّت بجوارهم العاصفة، مثل الجزائر والسودان وموريتانيا والعراق، غير أن «نجاة» هؤلاء لها أسباب غير أسباب الملكيات، ولا تجوز مقارنتها بها، هذه الجمهوريات ليست موضوع المقال ولكن أحسب أن أسباب نجاتها كالتالي: -…
الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٢
غريب أن يتحمس قادة الخليج كلهم أو بعضهم للاتحاد، بينما يثير قادة الرأي والمثقفون والمعارضة وبرلمانيون خليجيون شتى المخاوف والمحاذير، لنغتنم الفرصة كشعوب تتطلع إلى الوحدة، ولنمضي في مشروع الاتحاد ثم نطور ونتفق بعدها على التفاصيل التي تعرقل المشروع الآن، لنغتنم الفرصة السانحة فمزاج القادة نحو الوحدة قد يتغير، كما يمكن إيران أن تتعقل فتكف عن التدخل والضغط فتنتفي الأسباب الخارجية المشجعة على الاتحاد وقد قيل: «ربَّ ضارة نافعة». إننا نضيع فرصة قد لا تتكرر، حتى لشيعة البحرين، أعلى الأصوات المنتقدة والمتخوفة من المشروع، لم لا ينظرون إلى نصف الكأس الممتلئ، امتدادهم التاريخ والثقافي نحو إخوانهم في المذهب في شرق السعودية، لم يخدم جسر الملك فهد الواصل بين البلدين أحداً مثلما خدمهم في تعزيز صلة الرحم والتجارة بل حتى الثقافة والفكر مع إخوانهم في القطيف وما حولها، وكلنا إخوانهم، دعاني الصديق فؤاد نصرالله وهو ناشط ومثقف شيعي ومن وجهاء المنطقة إلى ديوانيته قبل أكثر من عام فالتقيت هناك بشيعة بحرانيين قدموا يومها من البحرين وعادوا إليها في الليلة نفسها، لم نحتج إلى وحدة اندماجية بين البلدين كي نعيش ليلتها وحدة حقيقية لا تحتاج لقرار من أحد. قلق شيعة البحرين ناتج من التوهم بأن ثمة نية سعودية في الهيمنة على بلادهم، إنه زعم باطل، فالسعودية لا تريد ولا تملك الهيمنة على…
السبت ١٢ مايو ٢٠١٢
من تابع قناتي «الجزيرة» أو «العربية» في مصر مساء الخميس الماضي؟ بالتأكيد لا أحد، ذلك أن قناتين محليتين اتحدتا لنقل مباشر لأول مناظرة بين أبرز مرشحين للرئاسة التي ستجري بعد أسبوعين، ولم تستطع أي من الفضائيات العربية الإخبارية إقناع المرشحين بالتناظر من على منصتها. نتيجة طبيعية للتحولات التي طرأت ولا تزال على الإعلام العربي، في واحدة من أهم ارتدادات الربيع العربي، أهمها عودة المشاهدين إلى قنواتهم الوطنية والمحلية، فالحرية التي طالما دعت لها «الجزيرة»، قد تقضي على الفكرة التي قامت عليها واحتلت بمقتضاها موقعاً في تاريخ الإعلام العربي بأن تكون «القناة الإخبارية العربية المتعدية للحدود». بت مدركاً أكثر لهذه التحديات الجديدة بينما أخطط لإطلاق قناة «العرب» الإخبارية في عالم مزدحم بالقنوات الإخبارية الموجهة الى العالم العربي. فهناك تحولات ثلاثة مهمة، اثنتان نختص بهما نحن العرب وهما من نتائج الربيع «ارتفاع سقف الحرية في المحتوى والترخيص» و «تحول الجمهور نحو المحلية». الثالث يعم الإعلام عموماً حول العالم، وهو التغيرات التقنية والتداخل بين «أدوات» الإعلام المتعددة والإعلام الجديد. في ما يخص الحرية، فإن الربيع العربي حرم قناة كـ «الجزيرة» من ميزة حدية تمتعت بها 15 عاماً منذ انطلاقها نهاية التسعينات، وهي «الجرأة»، فقبل عام ونيف، كان التونسي أو المصري يرى أمامه تظاهرة أو اعتصاماً فلا يسمع تفاصيله ويرى صوره إلا من «الجزيرة»…
السبت ٠٥ مايو ٢٠١٢
ثَمة حقيقة مؤلمة في قصة المحامي المصري الشاب الذي اتُّهم بمحاولة تهريب عقاقير طبية للسعودية، هو أنه كاد أن يفرق بين السعودية ومصر، على رغم كل ما نقوله عن العلاقة الإستراتيجية الحتمية بين البلدين والتي يدركها أي طالب مبتدئ في الجيوسياسة. السبب أننا لم نكمل عملية التحول من النظام العربي القديم الذي انهار العام الماضي إلى النظام الجديد الذي لا يزال يتبلور من حولنا، ولا نزال نستخدم أدوات النظام القديم التي لم تعد صالحة لعلاج مشكلات النظام العربي الجديد، فالإعلام المصري مثلاً، وهو يحتفل بالحصول على حريته، لم يعرف كيف يستخدمها وفق ضوابط المسؤولية، فكان المؤجِّج للأزمة في حفلة مزايدة على الوطنية، وكاد أن ينافسه في ذلك بعض من الإعلام السعودي لولا أن الحكومة السعودية لفتت انتباه «إعلامها» إلى ضرورة ضبط النفس واتباع سياسة الدولة في الحكمة والصبر، حرصاً على علاقة استراتيجية لا يملك قادة البلدين اختيار غير العض عليها بالنواجذ. أما في مصر، فلقد فقدت الدولة الجديدة -التي لم تكتمل بنيتها بعدُ- السيطرةَ على الإعلام، وليس هذا عيباً وإنما ميزة وتطور طبيعي للمجتمعات وهي تمضي نحو الديموقراطية. في الماضي، كان يكفي اتصال من وزير الإعلام السعودي لنظيره المصري، أو العكس، لعتاب على مقال أو خبر، وخلال 5 دقائق يتم الاتصال بالكاتب أو المذيع ويوضع حد «للتجاوز» الذي سبب عتب…
السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٢
في الثمانينات اشتهرت فلسفة حياة باسم «قانون مورفي» أهمها قاعدة «إذا كان ثمة أمر يحتمل أن ينتهي إلى خطأ، فاعلم أن ذلك الخطأ سيقع»، وهي تشبه المثل الشعبي «اللي يخاف من العفريت يطلعله». نحن في السعودية ومعنا بعض الجيران محاطون بعفريتين، ووفق قانون مورفي سيقع ما نخشاه منهما، الأول انهيار اليمن جنوباً والثاني جهاد في سورية ثم دولة علوية هناك تباركها إسرائيل. لا بد أن نتوقع الأسوأ حتى نحمي أنفسنا منه، بل الأفضل أن نسعى لتغيير «أقدار السياسة فهي ليست كالزواج الذي يقدره الله وحده بخيره وشره، إنما هي تراكمات أخطائنا، وأحياناً إهمالنا. ما يحصل في اليمن وسورية لا يحتمل أي إهمال وتسويف، ثم إن هناك قاعدة أخرى «المشكلات لا تحل نفسها بنفسها إذا ما تركت، وإنما تتعقد أكثر». الاحتمالات الأسوأ في اليمن هي «القاعدة» والحوثيون وانهيار الدولة وتشظيها. لم يعد انفصال الجنوب مثيراً للقلق، تشظي اليمن هو ما يخيف أكثر. الأسوأ بدأ في الوقوع، «القاعدة» استقلت بمنطقة تزيد على مساحة البحرين، وأعلنت إمارتها الإسلامية هناك في أبين، وشرعت في تطبيق الشريعة (كما لو أن اليمن كان كافراً قبل ذلك) فباتت الحوانيت المتواضعة تغلق وقت الصلاة قسراً، وتسيّر فرقاً للأمر بالمعروف، بل حتى تقيم الحدود. ليس في ما سبق ما يدعو للاستغراب، ولكن أن تختطف ديبلوماسياً سعودياً في عدن وترسل…
السبت ٢١ أبريل ٢٠١٢
أهلاً وسهلاً بكم في «عملية» السلام السورية. لكي تفهموها جيداً، يجب أن تقرأوا تاريخ وتفاصيل عملية السلام البوسنية وهي معقدة واستغرقت نحو 5 أعوام، أو النسخة الكوسوفية المختصرة التي استمرت لعام ونصف عام فقط. ولكن إياكم والمقارنة أو حتى الاطلاع على تفاصيل عملية السلام العربية الإسرائيلية، فهذه حالة استثنائية تماماً مثل الطرف الإسرائيلي فيها، وهو فوق المحاسبة والتدقيق ويتمتع بحماية أميركية تشمل الحماية من الفيتو وقبول كل أعذاره ومبرراته. للأسف أن فنون التسويف وتمييع عملية السلام التي طورتها واستخدمتها إسرائيل متاحة للنظام السوري محاكاتها والاستفادة منها، بخاصة أنه يتحول كل يوم إلى «قوة احتلال» فاقداً موقعه السابق كنظام شرعي حاكم وإن كان قمعياً وطائفياً. بالطبع هناك فوارق تصب لمصلحة إسرائيل مثل أنها ديموقراطية على الأقل في إطار الشعب اليهودي وتستخدم الرصاص المطاطي في مواجهة المتظاهرين، وكل الأمرين يفتقدهما النظام السوري فليس هو بالديموقراطي مع قاعدته «العلوية» ولم يتورع عن استخدام الرصاص الحي من أول يوم للتظاهرات. وليس في ذلك تبرير أو تقليل لجرائم إسرائيل وإنما مقاربة مستحقة بين نظامي احتلال. لعملية السلام السورية مبادرة محددة، هي خطة المبعوث الأممي والعربي كوفي أنان، وما لم يحافظ الثوار السوريون على زخم قضيتهم داخلياً وخارجياً، فسوف يستبدل الإعلام أخبارهم بأخبار «عملية السلام». سنسمع تصريحات من نوع: على النظام السوري أن يكون إيجابياً أكثر…
السبت ١٤ أبريل ٢٠١٢
أخيراً بدأت في السعودية حركة حقيقية لإصلاح المؤسسة المثيرة للجدل والتي لا يوجد شبيه لها في أي بلد إسلامي: «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». ولا يعني إصلاحها أن تمتنع عن توقيف سعودي يقود سيارته تحت تأثير المسكر، ولكن تمتنع عن الدخول إلى بيته لتضبطه وهو يحتسي المسكر، هنا الفرق الذي يريده كثير من السعوديين -بل يعتقدون أنه منضبط أكثر- من الشريعة التي تنهى عن المجاهرة بالخطأ وتنهى أيضاً عن التجسس وانتهاك حرمات البيوت. احتاجت الهيئة سنوات عدة لتعبر هذه المسافة، ويبدو أنه حان الوقت لذلك، ولكن كان من الضروري أن يتولى المهمة رجل يؤمن بهذا الفرق، هو رئيسها الجديد الشيخ عبداللطيف آل الشيخ، الذي يتمتع بسمعة علمية جيدة وعائلية أيضاً، ذلك أنه حفيد لمؤسس حركة الإصلاح الديني التي أسست لفكرة المملكة العربية السعودية، وإن لم يشفع له ذلك عند «المتشددين» الذين يرونه متسامحاً أكثر من اللزوم. ولكن التسامح هو ما تحتاجه فكرة الهيئة في هذا الزمن المتغير. رئيسها الجديد اشتهر بمقال نشره في صحيفة واسعة الانتشار، عرض به واحدة من أكثر المسائل سبباً للإشكال بين الهيئة والمواطنين، أن الاختلاط بين الجنسين جائز وأن المحرم هو الخلوة. الفرق هنا يخفف بالتأكيد الاحتقان في علاقة الهيئة والمواطنين، فالسعودي محافظ، ولكنه سيعترف بخطئه عندما تداهمه الهيئة في شقة مفروشة هو وامرأة وحدهما،…
السبت ٠٧ أبريل ٢٠١٢
نحن «الإخوان المسلمين»، لدينا مشروع اقتصادي وسياسي واجتماعي متكامل للنهوض بمصر، بل أوسع من مصر، ولكننا لن نتحدث كثيراً في ذلك الآن للمصلحة العامة، وإيماناً منا بمرحلية العمل، مشروع كهذا يحتاج فريقاً متجانساً، يكمل بعضه البعض، وبالتالي نفضل أن يقود هذا المشروع قيادات من الجماعة إن أمكن، فبعدما استقرت رئاسة البرلمان لنا، وضمنا أن يكون رئيس الوزراء «إخوانياً»، قررنا ترشيح أحدنا، بل أقوى رجالنا لرئاسة مصر، ليدير هذا الثلاثي مشروع النهضة الذي دعونا له منذ نحو قرن من الزمان، والذي نؤمن بأن الخير، كل الخير فيه لمصر والعرب والإسلام. ندرك أن الانتخابات حقيقية، لا يمكن طبخها مثلما كان يفعل الرؤساء السابقون منذ زمن عبدالناصر، وبالتالي إن لم نحسن التخطيط والتدبير، فقد تحمل ريحها لنا رئيساً لا نستطيع العمل معه، خصوصاً إن كان متديناً يجيد مخاطبة قاعدتنا الانتخابية، مثل حازم صلاح أبو إسماعيل، الذي لن يدين لنا نظاماً بالسمع والطاعة، ذلك أنه ليس عضواً في الجماعة، وإن ترشح باسمها في السابق. بالطبع لن يتحدث «الإخوان» بصراحة كهذه، وإنما هو حديث متخيل، ولكن هذا في الغالب ما دفعهم لنكث تعهدهم بأنْ لن يسعوا للرئاسة، يومها قبل نحو عام من الآن، لم يخطر في حسابهم أن محامياً وداعية وخطيباً مفوهاً محسوباً عليهم يصبح المرشح الأقوى لرئاسة الجمهورية بعد عمرو موسى، الذي لا يزال…
السبت ٣١ مارس ٢٠١٢
اِجمَعْ عدداً من الخبراء الاستراتيجيين ورجال السياسة واسألهم، كم من الوقت حتى يسقط بشار الأسد؟ سيختلفون، إلا على شيء واحد، وهو أن فخامته يريد أن ينتصر والأدهى أنه يعتقد أنه سينتصر. أمر آخر متفق عليه، أنه لا يحارب ويدافع بشراسة عن «رئاسته» وإنما عن مصلحة الطائفة، فهو يعلم أن كبار الطائفة هم الذين نصبوه رئيساً من أجلهم، ليس لأنه الأذكى والأحق، وإنما لأنهم لم يستطيعوا أن يقدموا أحدهم للمنصب ويتفقوا عليه من غير «انقلاب»، لذلك قدموا طبيب العيون على الجنرالات ورجال الأمن، لمجرد أنه ابن الرئيس الذي فعل المستحيل وغير مسار التاريخ لمصلحة الطائفة المهمشة. إنه يقاتل ويناور ويكذب من أجل الطائفة، ما يحد من قدرته على التفاوض وقبول أنصاف الحلول (لذلك لا ينبغي توقع الكثير من إعلان مبعوث الأمم المتحدة كوفي أنان أن النظام قبل بخطته للسلام)، ففي حالة الأسد، حين تحكم أقلية الغالبية بالقوة، تختصر اختياراتها بين النصر أو... الموت، «موتنا جميعاً، نحن أبناء الطائفة، بالطبع لن نموت جميعاً، ولكن خسارتنا تعني الهزيمة والهوان والانتقام. القادرون منا سيهاجرون، ربما ننحاز إلى جبالنا، هل ستحمينا الغالبية عندما تستعيد الدولة؟ لا أحد يعرف، كل ما نعرفه الآن أنه يجب أن نقاتل وبشراسة»، هكذا يمكن أن يتحدث ويفكر علي دوبا مثلاً، رئيس الاستخبارات السابق أو غيره من كبار الطائفة، حتى غير…