مقهى المعقدين
اعتاد آباؤنا في بغداد وسائر المدن العراقية على إزجاء الوقت في المساجد. يجلسون في حلقات ويتسامرون ويتحاورون ويتساقطون آخر الأنباء وبالطبع يشتمون الحكومة. غير أن هذا التقليد تغير في الأربعينات والخمسينات. خلت المساجد وتحول القوم إلى المقاهي، ولا سيما بعد ظهور المقاهي الحديثة مثل البرازيلية والسويسرية. يقول صاحب المثل إن المصريين يكتبون واللبنانيين ينشرون والعراقيين يقرأون. تلمس ذلك في المقاهي حيث تغطي الصحف والكتب طاولات المقهى. ارتبط بعضها ارتباطًا وثيقًا بالمثقفين والثقافة العراقية، كمقهى الزهاوي ومقهى الرصافي ومقهى الشابندر ومقهى حسن عجمي وسواها. لفتت الظاهرة انتباه الممثلة والمخرجة السينمائية العراقية إيمان خضر فطلعت علينا بهذا الفيلم الوثائقي الفريد عن المقاهي الثقافية في بغداد، ولا سيما بعد أن قام بعض الإسلاميين بتفجير المقهى الذي اعتاد المثقفون على الالتقاء فيه في رأس شارع المتنبي، شارع الكتب الشهير. قتل عدد من زبائن المقهى وأصيب المكان بأضرار جسيمة. المتطرفون لا يحبون الثقافة ويمقتون كل من يفكر. عرضت علينا إيمان خضر لقطات مما حصل في هذا الفيلم الذي شهدناه في المركز الثقافي العراقي بلندن. وضم الفيلم مقابلات مع عدد من كبار المثقفين العراقيين وزبائن هذه المقاهي وأصحابها. بيد أنه افتقر مع الأسف للجوانب التاريخية لهذه المقاهي الشهيرة، وإن كان قد ضم مقاطع من الوقائع التاريخية كزيارة أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب لبغداد. وأسمعتنا المخرجة شيئًا…