خالد القشطيني
خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ

مقهى المعقدين

الثلاثاء ٢١ يوليو ٢٠١٥

اعتاد آباؤنا في بغداد وسائر المدن العراقية على إزجاء الوقت في المساجد. يجلسون في حلقات ويتسامرون ويتحاورون ويتساقطون آخر الأنباء وبالطبع يشتمون الحكومة. غير أن هذا التقليد تغير في الأربعينات والخمسينات. خلت المساجد وتحول القوم إلى المقاهي، ولا سيما بعد ظهور المقاهي الحديثة مثل البرازيلية والسويسرية. يقول صاحب المثل إن المصريين يكتبون واللبنانيين ينشرون والعراقيين يقرأون. تلمس ذلك في المقاهي حيث تغطي الصحف والكتب طاولات المقهى. ارتبط بعضها ارتباطًا وثيقًا بالمثقفين والثقافة العراقية، كمقهى الزهاوي ومقهى الرصافي ومقهى الشابندر ومقهى حسن عجمي وسواها. لفتت الظاهرة انتباه الممثلة والمخرجة السينمائية العراقية إيمان خضر فطلعت علينا بهذا الفيلم الوثائقي الفريد عن المقاهي الثقافية في بغداد، ولا سيما بعد أن قام بعض الإسلاميين بتفجير المقهى الذي اعتاد المثقفون على الالتقاء فيه في رأس شارع المتنبي، شارع الكتب الشهير. قتل عدد من زبائن المقهى وأصيب المكان بأضرار جسيمة. المتطرفون لا يحبون الثقافة ويمقتون كل من يفكر. عرضت علينا إيمان خضر لقطات مما حصل في هذا الفيلم الذي شهدناه في المركز الثقافي العراقي بلندن. وضم الفيلم مقابلات مع عدد من كبار المثقفين العراقيين وزبائن هذه المقاهي وأصحابها. بيد أنه افتقر مع الأسف للجوانب التاريخية لهذه المقاهي الشهيرة، وإن كان قد ضم مقاطع من الوقائع التاريخية كزيارة أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب لبغداد. وأسمعتنا المخرجة شيئًا…

الرجال في ذكراهم والملوك في أعمالهم

الثلاثاء ٢٧ يناير ٢٠١٥

قد تبدو هذه المقالة متأخرة في صددها وأقرب للذكرى منها للنعي. ولكن الرجال يعيشون ويخلدون في ذكراهم وذكرى أعمالهم ومنجزاتهم. ولرب ذكرى نفعت من ذكر. وفيما أنجزه وخلفه الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، الكثير مما يقتضي علينا تذكره والانتفاع بتذكره وحفظه ووعي أبعاده. قد يفسر الكثير من الغرباء هذا الاهتمام العالمي الكبير بفقده والمشاركة في تشييعه وتعزياته بأنه يعبر عن مدى الثقل الذي يولونه لمملكته. هذا شأنهم بيد أن لنا شأننا الخاص في الموضوع الذي يقتضي منا حفظه في الذاكرة وتعبئته للحاضر والمستقبل. وطالما دخلت في موضوع الذكرى وما لها من جدارة، فجدير بنا أن نتذكر أنه عندما استلم الملك عبد العزيز آل سعود، أسكنه الله فسيح جنانه، الولاية على السعودية، ورث بلدا كان يعتبر من أكثر بلدان العالم تأخرا وأفقرها اقتصادا. ولكن شاء الله، عز وجل، أن يلقي بمسؤولية إدارته على رجل من أقدر وأفذ من أنجبتهم الجزيرة العربية. رسم للمملكة هذا المسار الحكيم والناجع والأمين وأعد أبناءه لتنكب هذا المسار من بعده. وتميز الفقيد بالسير والالتزام بسنن تلك الحكمة. جعل النهوض بهذا البلد وشعبه بوصلة له. ولاحظ كيف أن ميل البوصلة يشير إلى التعليم والثقافة والتزود بالعلوم الحديثة المسار الذي قدر على السفينة أن تجري وراءه، ابتعادا عن مطبات التخلف ومخاطر الاضطرابات. هناك الآن…