الأحد ١٩ نوفمبر ٢٠٢٣
من الطبيعي عندما يشتد الخَطب أن يفقد البعض البوصلة، وحرب غزة وردّات الفعل المصاحبة لكثير من العرب أصبحت صاخبة، دون الإطلال على المشكلة من جانب التفكير العقلاني. آلة القتل الإسرائيلية ضخمة، وسلوك الحكومة الإسرائيلية المصغرة جنونيّ وإباديّ نتيجة صدمة الثقة المفرطة بالنفس. في هذه الأجواء عُقدت قمة الرياض العربية والإسلامية، السبت الماضي، وقد صاحبها صخب وصراخ من البعض، وهم في الغالب «مُنظّرو الكنبة»، وأُلقيت عليها أعباء يعرف من قال بها أنها شبه مستحيلة التنفيذ في «حفلة مزايدة» نعرفها في كل الأزمات، ولم نحصد منها غير الخسران، القمة حضرها عدد من الرؤساء ورؤساء الحكومات العربية والإسلامية، كان لافتاً فيها تأكيد التعايش بين الأطراف العربية والإسلامية، والتي كانت إلى وقت تختلف وجهات نظرها في كثير من الملفات، المسألة الفلسطينية قرّبت بين تلك الأطراف، وهي رسالة إلى الآخرين بأن هناك تعاضداً في هذا الملف من أكثر من مليار من البشر يرفض الصلف الإسرائيلي، وعدَّلت القمة مفردات أرادت إسرائيل أن تثبتها، فالحرب ليست دفاعاً عن النفس، إنما حرب إبادة، كما أشار البيان الختامي. في الجانب العملي، فإن قرار القمة بتكليف أجهزة الأمانتين «العربية والإسلامية» برصد وتوثيق كل جرائم الاحتلال، هو عمل إيجابي، فالصورة والصوت لجرائم القوات الإسرائيلية ضد النساء والأطفال والمُسنين في غزة، هما ما حرّك بعض الساحات في العالم للخروج في مظاهرات، ورفْض…
الأحد ١٢ نوفمبر ٢٠٢٣
في السياسة لا صوابية مطلقة، بل هناك مواقف تتخذ قد تؤدي إلى نتيجة إيجابية، وأخرى إلى نتيجة سلبية، ومعركة «الوطنية الفلسطينية» مقابل «الوطنية الإسرائيلية» كما نشاهد اليوم هي معركة طويلة وقاسية بل مدمرة، وما نراه على الساحة اليوم في غزة ما هو إلا جزء منها، صحيح أنه جزء دامٍ وفي مجمله «إبادة» إلا أنه محطة من محطات الصراع، والمؤلم أن تحليل هذا الصراع، من الجانب العربي، في معظمه اقتراب عاطفي. لعل بعض القضايا الكلية تحتاج إلى إعادة تقييم موضوعي: أولاً: «ازدواجية المعايير الغربية» كثيراً ما نرى في التحليلات العربية شكوى أن هناك «ازدواجية في المعايير الغربية» بمعنى، كرامة البشر، وحق تقرير المصير، والمساواة بين البشر بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو الثقافة، في الظاهر ذلك صحيح، أما في السردية «الصهيونية، التي تحولت إلى إسرائيلية» فإن ذلك يحتاج إلى وقفة، قال بها المؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي في كتابه «مائة عام من الحرب في فلسطين»، إن موقف الدول الكبرى كان مناصراً دائماً للموقف الصهيوني، الذي أصبح دولة إسرائيل، بريطانيا أولاً ثم الاتحاد السوفياتي، ثم بريطانيا وفرنسا، ثم أخيراً أميركا، وما زالت هذه الدول بما فيها ألمانيا، بعد الحرب العالمية الثانية، تقوم بمد إسرائيل بأشكال من العون، سواء الإيجابي «سلاح ومال» أم السلبي «بالامتناع عن الإدانة»، وحتى القوى العالمية الجديدة مثل الصين،…
الإثنين ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٣
حرب غزة ليست الوحيدة التي تحيطنا، هناك حرب أخرى، هي الحرب الإعلامية، وهي ربما أشد ضراوة من الأولى، حيث تتدنى فيها (جودة المعلومات إلى الحضيض)، وتختلط الصحيحة بكم ضخم من المعلومات المزورة، التي تشيطن الآخر، وتظهره بمظهر المعتدي، بل والتزوير، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي. من أدوات تلك الحرب (المفاهيم)، فعند استخدام مفهوم (إرهابي) و/ أو (داعشي)، تتجه الأنظار إلى السلبي للجماعة الموصوفة، وعندما تستخدم مفاهيم مثل (الدفاع عن الوطن) أو (الحقوق الإنسانية)، تتجه الأنظار إلى تفكير إيجابي ومتعاطف. لفتني أن الجانب الإسرائيلي أكثر استعداداً لاستخدام (الحرب الإعلامية) على الجمهور العربي، خلال أولاً أشخاص يتكلمون العربية بطلاقة نسبية، كما أنهم يستخدمون التقنية في الصور وغيرها من أجل نقل وجهة نظرهم. على الجانب الآخر، تابعت المتحدث باسم الناطق لحماس باللغة الإنجليزية، فوجدته شحيحاً في التعبير، غير قادر على أن يوصل وجهة نظره إلى المشاهد، ربما هناك خطأ في الاختيار، ينم عن غفلة لأهمية الإعلام ومخاطبة الآخرين، ليس لدي معلومات ما إذا كان هناك من حماس أو حتى في السلطة الوطنية من يتكلم العبرية، ولكن ذلك مهم لإيصال الرسائل إلى الجانب الآخر، فليس المهم أن يكون الناطق (عضواً في التنظيم)، بل المهم أن يكون قادراً بكفاءة على توصيل الرسالة إلى الجمهور الآخر. على صعيد آخر، يضج معظم الإعلام العربي بعاطفة شديدة في…
السبت ٢٥ ديسمبر ٢٠٢١
الأزمة السياسية العربية سوف تطول وقراءة الواقع حولنا يقول إن الانزلاق إلى حروب قد يكون وشيكا، ليس بين الرؤوس الكبيرة مثلا في أوكرانيا وفي مكان آخر تتناقض فيه مصالح القوى الكبرى، بل حروب محلية بالنيابة، وفي الغالب أهلية ومعظمها في منطقتنا العربية. ليس الخلاف على الإجابة عن سؤال هل تقع تلك الحروب؟ ولكن السؤال متى تقع وأين؟ لنبدأ بما أصبح حقيقة في ليبيا فالانتخابات الليبية لن تتم كما خطط لها. لم يكن ذلك خفيا منذ زمن لمن يقرأ المقدمات، ففي 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي نشر كاتب هذه السطور في هذا المكان مقالا بعنوان (الانتخابات في المجتمع المنقسم) وجاء النص حول انتخابات ليبيا كالتالي: (لا يحتاج الأمر إلى منجم للقول إن الانتخابات الليبية الموعودة لن تحدث)! و ها هي لن تحدث، الأزمات القائمة تنزلق سريعا إلى حروب. الأسباب قديمة وحديثة، لقد سحق النظام الليبي السابق كل إمكانية أن يتكون مجتمع سياسي شبه سوي في ليبيا لمدة أربعة عقود، فمن تحزب خان، و قول (القائد) منزه عن أي نقد، وسار معه خوفا أو تزلفا عقول المفروض أن تكون نيرة، وزينت له دربه الزلق حتى أصبح ملك ملوك أفريقيا!، وتسابق إلى خيمته طالبو السلطة، وانتهى الأمر بفوضى مجتمعية في ليبيا تحتاج إلى معجزة لضبطها وتوجيهها في المسار الصحيح وهي القبول بالتعددية واحترام…
السبت ١٨ ديسمبر ٢٠٢١
كان هذا عنوان كتابي الذي صدر قبل نصف قرن تقريباً. كان مناجاة للمستقبل وتمنيات لجيل كامل أن يستفاد من المرحلة النفطية من خلال الاستثمار في البشر. بعد خمسة عقود تحقق كثير من الحلم، ليس كاملاً ولكن في طريقه إلى الاكتمال. نتائج القمة الثانية والأربعين التي عقدت في الرياض الثلاثاء الماضي شاهد حي على أن الطريق أصبح ممهداً، ولكنه أيضاً ليس من دون عقبات. أبدأ بمصابيح الإضاءة على الطريق والتي أضيئت مؤخراً، وهي عدد من الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع عدد من دول الخليج في جولته الأخيرة، جلها استثمار في مشروعات تنموية، وأيضاً جلها بين نشطاء القطاع الخاص أو المشترك في تلك الدول، هذا يعني إشراك الناس وتوسيع السوق في آنٍ واحد. في ميزانيات دول مجلس التعاون بشكل عام المكون غير النفطي فيها لافت، وخاصة من نسبة المكون النفطي قبل سنوات، مما يعني أن هناك نشاطات اقتصادية داعمة خارج النفط، وهي نشاطات حديثة من بينها الصناعة التحويلية والخدمات، وأيضاً السياحة الثقافية، والأخيرة لها معنى يفوق الاقتصادي ليصل إلى الحضاري والإنساني معاً. ما ينفق من ميزانيات على المكون الاجتماعي في ميزانيات دول الخليج لافت، هنا يجب أن نتوقف، فما زالت بعض دول الخليج تحتاج إلى زيارة ملحة لقطاع التعليم والتدريب من أجل تجويده وترقيته، وهو…
السبت ١١ ديسمبر ٢٠٢١
من السذاجة تصور أن العمل السياسي بشكل عام منزه عن المصالح الشخصية أو الوطنية، وجولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا تخرج عن ذلك. قوبل الرئيس بترحاب شخصي وبالكثير من الدعم من خلال توقيع اتفاقيات مجزية تصب في صالح دول الخليج، وأيضاً في صالح فرنسا وربما أيضاً ترجح حظوظ الرئيس في الانتخابات المفصلية المقبلة. إلا أنه من السذاجة مرة أخرى أن نتصور أن باريس أو لندن أو حتى واشنطن لا تفطن إلى التهديد الهائل الذي تشكله الطموحات الإيرانية في الجوار، ومدى تهديدها للأمن والسلم في منطقة الشرق العربية. مع فشل الجولة الأخيرة للمفاوضات في فيينا تظهر الاستراتيجية التي تعتمد عليها طهران، فهي ترى أن الأطراف الأخرى لا تملك خيارات كثيرة أو فاعلة، كما أنها تعتمد خيار كوريا الشمالية، أي من أجل الحفاظ وديمومة النظام يتوجب امتلاك القوة النووية ومع مكملاتها من صواريخ عابرة، وكل المسافة الزمنية تستخدم من أجل تقطيع الوقت، بهذا الامتلاك تعتقد طهران بقناعة كاملة أنها تحصل على بوليصة التأمين الكاملة والشاملة لنظامها. في هذا السيناريو ترى طهران أن أي عمل ضدها، وخاصة حملة عسكرية مباشر يمكن أن يطلق كل الشرور في الشرق الأوسط، يمكن أن يقوم «حزب الله» بشن غارات على إسرائيل وتتجاوب معه «حماس»، ويغرق الجمهور الإسرائيلي في وسط عملية خوف صاعقة، بل في تصور آخر للمتحمسين…
السبت ٣٠ أكتوبر ٢٠٢١
أذكر كيف كانت أسماء مثل سياف وحكمتيار وآخرين من زعماء «الجهاد» الأفغاني يحتفى بهم من بعض الجماعات في الكويت في الثمانينات من القرن الماضي، وكيف كان ذلك البعض يطوف بهم الديوانيات من أجل تزكيتهم والحث للتبرع المادي لمشروعهم الجهادي، وكيف ذهبت جماعات من أبناء الكويت تحت ذلك الشعار للجهاد في أفغانستان، وبعد أن قرأت كتاب الأمير تركي الفيصل «الملف الأفغاني» علمت في الفصل الذي خصصه لأحداث غزو الكويت في ذلك الكتاب، أن بعض تلك الأسماء انحازت من دون تردد إلى مناصرة الغزو العراقي للكويت عام 1990. في وقت سابق وفي مؤتمر قمة للدول الإسلامية في جدة، كما يذكر الأمير تركي، كان هناك توجه لإصدار إدانة لاحتلال الاتحاد السوفياتي أفغانستان، فعارضه ثلاثة، صدام حسين وحافظ الأسد وياسر عرفات، والمقارنة هنا واضحة، فإن الدول التي ناصرت كلياً جماعات «الجهاد» وبذلت الكثير من مالها وجهدها ورغم معرفة زعماء «الجهاد» بالموقف المناصر من النظام العراقي لاحتلال بلادهم في وقت ما قلبوا «موقفهم»، فانقلبوا من عداوة إلى تأييد. كتاب الأمير تركي الفيصل، الذي عرضت في مقالة الأسبوع الماضي، فيه من العبر الكثير؛ لذلك فإني أتابع وأقارن سرد الأحداث التي تناولها في محاولة لفهم الحاضر وربما توقع المستقبل. يخبرنا ملف الكتاب الأفغاني أن عدداً من الملتحقين العرب «للجهاد» في أفغانستان في ذلك الزمن أدمنوا المخدرات، وهي…
السبت ٢٥ سبتمبر ٢٠٢١
في مكان ما من السلوك السياسي الأميركي ما تعجب به، وفي مكان آخر ما تتعجب منه. الأسبوع الماضي شغلت عناوين الإعلام العربي والعالمي قرار الإدارة الأميركية تقليص المعونة الأميركية لمصر بسبب ملف «حقوق الإنسان»، وترى الإدارة أن ملف حقوق الإنسان في مصر ينتابه عوار يحتاج إلى إصلاح، أو الخيار عقوبة ما على البلد! ملف حقوق الإنسان ملف شائك ومعبأ بحمولة «سياسية» كبيرة، وحتى التعريف مختلَف عليه عالمياً، وليس من المناسب نقاش يذهب إليه البعض، أن هناك دولاً تخسف بحقوق الإنسان بمعناها الواسع وتتجاهلها الإدارة الأميركية، لأن أي متابع يعرف أن الموضوع برمّته فيه من السياسة أكثر مما فيه من الإنسانية، لذلك لن أذهب ذلك المذهب، حيث القول انظروا هنا أو هناك فأنتم لا تفتحوا تلك الملفات. إلا أنه يبقى التساؤل: ما المقياس المعياري لحقوق الإنسان؟ في الغالب لا يوجد! في الحالة المصرية وما حدث فيها من تحولات منذ بداية العشرية الأولى لهذا القرن ما لا يفرض الملامة على سياساتها، فقد دخلت في منخفض سياسي عميق. هناك افتراضان لا ثالث لهما؛ يسأل المراقب: أيهما أفضل نسبياً؛ أن تكون مصر التي يعيش فيها أكثر من مائة مليون نسمة، مستقرة وآمنة في طريق النمو وبعيدة عن أي نشاطات عدائية تجاه الغير أو الجوار، أم تكون مفككة مثل سوريا أو ليبيا أو اليمن، تعبث…
السبت ٠٣ يوليو ٢٠٢١
صور الاشتباك باليد في مجلس الأمة الكويتي في الأسبوع الماضي طافت بمعظم وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة والإلكترونية. هذا الاشتباك هو عرض لمرض ينبئ عن تصدع في المشهد السياسي ناتج من أزمة مؤسساتية عميقة. لا ينكر أحد أن أي مجتمع لا بد أن يكون بين مكوناته صراع ما، صراع ظاهر أو خفي، اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي، تلك الطبيعة الثانية للمجتمعات، فهناك «سياسة» ما في المدرسة والجامعة والحي والشركة وبطبعها مختلف عليها. في بعض الأوقات يأخذ الصراع شكل حروب، إما ساخنة أو كلامية قاسية، وقد يقود إلى انشقاقات مجتمعية أو ثقافية. ولأن وجود الصراع حقيقة، فقد توافقت المجتمعات على وجود مرجعيات، إما مكتوبة أو مدونة في شكل سوابق قانونية يعود إليها الجميع في حال الاختلاف وتقبل الأطراف الرأي الصادر عنها. في حال الأزمة ينظر الفرقاء إلى تطوير أو حتى تغيير تلك المرجعية «المؤسسات» من أجل إعادة الملاءمة بين مصالح ورغبات المجاميع المختلفة. صيرورة العمل السياسي في الكويت خارجة عن ذلك السياق. فرغم وجود الدستور لأكثر من نصف قرن، وقد تكون على بعض نصوصه ملاحظات، ورغم وجود المحكمة الدستورية المنوط بها تفسير ما اختلف عليه، ووجود لوائح ناظمة للعمل البرلماني، فإن كل تلك المرجعيات لم تُمكن من العمل في مجلس 2020 الحالي، والذي فضّ انعقاد دورته الأولى الأسبوع الماضي، وبقي العمل التشريعي…
السبت ٢٦ يونيو ٢٠٢١
جذبت نتائج الانتخابات الأخيرة في إيران الكثير من التعليقات.. ولأن النظام الإيراني هو نظام شمولي فإن الحقائق عادة ما تغيب، بسبب ميله الطبيعي للإنكار ووضع كل السلبيات على غيره والغوص في وهم الانتصار والتفوق؛ لذلك فإن من المتابعين من ينزلق إلى الهوى في التفسير، له أو عليه، وقد تضيع الكثير من الحقائق. مع الوعي بهذه الإشكالية كيف يمكن أن نتعرف على ما يجري من تفاعلات في إيران اليوم، وكيف يمكن التنبؤ - إن أمكن - بمساراتها القريبة والمتوسطة؟ أعرض ما أمكن جمعه من الأقرب إلى الحقائق تمهيداً لجلاء الصورة في سبعة مؤشرات عامة: أولاً: السيد إبراهيم رئيسي هو رئيس الجمهورية الثامن في سلسلة الرؤساء، وقد خاض أولئك الرؤساء اثنتي عشرة دورة انتخابية (معظمهم حصل على دورتين)، وتراوحت أرقام رئيسي في الدورة الأخيرة بين تقليل وتعظيم، وانشغل البعض بالنسبة المحققة كمؤشر لرضا أو عدم رضا الجمهور الإيراني، إلا أن العودة إلى كل الأرقام الرسمية لما حصل عليه الرؤساء الثمانية نلحظ إشارة مهمة، وهي أن ما يعرف بالرئيس الإصلاحي يحصل على أرقام عالية (فوق السبعين في المائة) وهما فقط اثنان، خاتمي وروحاني، أما الباقي فإن الأرقام الرسمية هي أمام النصف أو ما دون النصف، أما رئيسي فهو الأدنى من الجميع، ذلك يعطي مؤشراً للمزاج العام للناخب الإيراني، والذي يتفاءل بظهور مرشح يقال…
السبت ١٩ يونيو ٢٠٢١
في أغلب الديمقراطيات الغربية هناك ثنائية حزبية وبعضها تصل إلى رباعية، وتتعدد الأحزاب السياسية في بعض تلك الدول، ولكن في الغالب هي من اثنين إلى أربعة مع عدد من الأحزاب الصغيرة، والأخيرة ليست ذات أهمية ولا تشارك في الحكومات على الأغلب. على العكس من ذلك في إسرائيل، فالأمر مختلف، فهناك أكثر من ثلاثين حزباً سياسياً يتقاسمون المائة والعشرين كرسياً في الكنيست، وينقسم بعضها على نفسه بسرعة ويظهر له أكثر من رأس، ومع تكرار الانتخابات في السنوات الأخيرة، فإن الأمر ظل تقريباً كما هو، أي يتوزع الناخبون الإسرائيليون البالغ عددهم تقريباً ستة ملايين ونصف مليون (من عدد سكان يبلغ نحو تسعة ملايين)، مقسمة على تلك الأحزاب بأعداد صغيرة نسبياً، إلى درجة عدم وجود أغلبية متماثلة تستطيع أن تشكل الحكومة كل الحكومات في العقد الماضي في إسرائيل هي حكومات ائتلافية من نوع ما، بما فيها التي شكلت الأسبوع الماضي من مجموعة من الأحزاب ذات الخلفية المتناقضة. هذا الفضاء السياسي المبعثر يعبّر بكل وضوح عن أن المجتمع الإسرائيلي مكون من جماعات عرقية وإثنية وثقافات مختلفة، بينها الكثير من الشقاق، وينظر بعضها إلى البعض الآخر أنها دونية؛ فالإسرائيلي من أصول ألمانية يختلف في الكثير عن الإسرائيلي من أصول روسية، واليهودي الشرقي بينه شق ثقافي واسع مع اليهودي الغربي، واليهودي الأبيض لا يطيق الملون، والمتدين…
السبت ١٢ يونيو ٢٠٢١
العيب هو في خيانة الأوطان تحت شعارات ملفقة، في أغلبها آيديولوجية، وليس أن يحب الناس أوطانهم، فذلك إنساني وطبيعي. حولنا في هذا العالم العربي الذي نعيش كثير من ذلك التلفيق، وجب كشفه، وهو خيانة الوطن من أجل إعلاء مصالح وطن آخر، وعلى حساب أغلبية المواطنين. في الذهن أولاً، وليس كلياً، ما يحدث في العراق، فقد خرج العراقيون في مظاهرات تحت شعار غير مسبوق «من قتلني؟» جراء الاغتيالات المنظمة لناشطين عراقيين، كل مطالبهم أن يعيشوا في بلد «حُر ومستقل»، فالأرجح أن تتم إحالة المتسائلين إلى إخوانهم في لبنان الذين يعرفون الإجابة منذ مقتل رفيق الحريري إلى مقتل لقمان سليم، مروراً بعدد كبير من المغدورين اللبنانيين، الذين أصبحت معلومات من قتلهم متاحة، فمن قتل هؤلاء في لبنان هم من قتل الناشطين في العراق، ليس بأفرادهم، ولكن بكُنه المحرضين لإسكات الأصوات التي تطالب بالتحرر من نفوذه، وسوف يستمر الاغتيال في العراق. الفاعل جماعات عربية استحوذت على إرادتها القوى القابضة على القرار في طهران، وسخرتها للخروج بالسلاح، ليس عن مواطنيها، ولكن أيضاً عن وطنها. من الواضح أن تلك القوى في طهران تقرأ ما تريد أن تقرأ، في صيرورة الوعي الشعبي للبلدان العربية، وهي قراءة مختلة، سواء في اليمن أو لبنان أو سوريا أو العراق، يمكن أن تغري البعض أو تأخذهم إلى أماكن التعارض مع…