منى بوسمره
منى بوسمره
رئيس التحرير المسؤول لصحيفة البيان، نائب رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية

انتصار يسبق اللقاح

الأحد ٠٦ سبتمبر ٢٠٢٠

في أحدث التصنيفات العالمية لأكثر الدول أماناً من فيروس كورونا، دخلت الإمارات نطاق الدول العشر الأولى في العالم أماناً، عدا عن كونها الأولى إقليمياً، فما الذي يعنيه هذا التصنيف؟ وهل دلالاته صحية وطبية فقط، أم هي أوسع وأبعد مدى من ذلك؟ في الظاهر، يدل مؤشر مجموعة «ديب نوليدج» للأبحاث التقنية، الذي تقوم بتحديثه شهرياً والذي كشف عن تحقيق الإمارات تقدماً شهرياً في مقاومة الجائحة، على أن استراتيجية المكافحة والسيطرة تسجل نجاحات متتالية بالاستناد إلى خطط مدروسة تنفذ بدقة، ومتابعة دائمة بلا توقف أو تساهل أو تهاون، مسنودة بقدرات هائلة ومنظمة في احتواء المرض وتداعياته. أيضاً فإن هذا التصنيف يدل بوضوح على نجاح حملات التوعية وبناء وعي مجتمعي رفيع للأخذ بالأسباب الاحترازية، والثقة الشعبية بإجراءات الحكومة التي تتمتع بمرونة عملية حسب تقدم أو تراجع الحالة الوبائية أسهمت بشكل كبير في إشاعة التزام جمعي بالإجراءات الاحترازية، رغم بعض المخالفات، لكن الأمر بقي بعيداً عن حالة التشكيك التي تعاني منها بلدان كثيرة بعدم خطورة المرض أو التذمر من الإجراءات الاحترازية، بل العكس في الإمارات، فهنا اندفاع حكومي وشعبي يداً بيد تحت شعار «الجميع مسؤول»، ما يثبت نجاح حملات التوعية والتفاعل المجتمعي الإيجابي معها إدراكاً بالمسؤولية الجماعية في هذا الظرف الصحي الطارئ، حتى تكون الحياة اليومية الأكثر أمناً بين دول العالم من دون أن…

قوة السلام المتكافئ

الثلاثاء ٠١ سبتمبر ٢٠٢٠

حين وقّعت مصر معاهدة سلام في 1979 لم يتغير موقفها من القضية الفلسطينية، وحين وقع الأردن معاهدة مماثلة في 1994 لم يتغير موقفه من الحقوق الفلسطينية، وحين وقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية أوسلو لم تتغير ثوابتها من استعادة الحقوق، والحال نفسه مع الإمارات، فتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل لا يعني بأي حال من الأحوال تخلياً أو تراجعاً عن الموقف المبدئي الثابت للإمارات في دعم الشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه كاملة. وأصحاب الذاكرة القوية يعرفون مواقف الإمارات، وماذا قدمت لفلسطين منذ سبعينيات القرن الماضي إلى اليوم، سواء بالدعم المادي والإغاثي أو الدعم السياسي عبر قرارات القمم العربية أو قرارات مجلس الأمن الدولي، ولا زال هذا الموقف إلى اليوم غير قابل للمساومة؛ لأنه موقف مبدئي من قضية عادلة، لا زالت في مقدمة أجندتها السياسية. وما يميز المعاهدة الإماراتية الإسرائيلية أنها لا تضع الإمارات تحت ضغوط البلد المجاور حدودياً مع إسرائيل، أي أن الإمارات لديها المساحة الأوسع في التحرك نحو تحقيق مصالحها وخدمة الأهداف العربية والحقوق الفلسطينية، بدليل أن الإطار العام للمعاهدة هو وقف الضم الإسرائيلي لنحو ثلث مساحة الضفة الغربية، بمعنى أن كل خطوة إماراتية للتقدم في هذا المسار تقابلها خطوة إسرائيلية تساويها في القيمة والمقدار، والتأسيس لعلاقة ندية لا تنازلات مجانية فيها، بل علاقات متدرّجة ومتوازية ومحسوبة تخدم الحق العربي مثلما…

خطط التكامل والتوازن

الأحد ٣٠ أغسطس ٢٠٢٠

مشكلات العالم لا تتوقف ولا تنتهي، والجائحة الفيروسية أكبر دليل على ذلك، وهي تنضم إلى سلسلة طويلة من التحديات العالمية مثل الجوع والفقر والتعليم والرعاية الصحية والبيئة ونضوب الموارد، عدا عن المشكلات الأمنية والسياسية والكوارث الطبيعية التي تزيد المشاكل تعقيداً وتضخماً. أي أن التحديات متواصلة وتتجدد، فهي جزء من حياة الشعوب والأمم، ولأنها كذلك تقع على عاتق الحكومات مهمة رصد مؤشراتها قبل أن تحدث، لمنع حدوثها أو تقليل أضرارها، عبر الاستعداد والتحسّب لأسوأ الاحتمالات، وهو ما أثبتت صحته الجائحة الفيروسية التي تضرب العالم منذ نحو 10 أشهر، ورغم الضرر الذي أحدثته، إلا أنها أضاءت على نقاط الضعف في منظومات عدة لعلّ أبرزها الصحية على مستوى العالم كله ومنها الإمارات. من هنا، كانت توجيهات القيادة، ونحن نعد خطط الخمسين سنة القادمة، لبناء منظومات اقتصادية وصحية وتعليمية ومعرفية، متكاملة ومتوازنة، قادرة على التعامل مع أي مشكلة أو تحدٍّ وتجاوزه، وأنه لابد من إعادة توجيه الاستثمار إلى قطاعات تحقق التوازن والتكامل الذي يلبي الطموحات أولاً، ولديه القدرة على التعامل مع التحديات والمشكلات المستجدة سواء كانت محلية أو عالمية، سواء كانت بفعل الإنسان أو الطبيعة. صحيح أننا حققنا تقدماً في قطاعات عدة وسبقنا غيرنا فيها بفعل الاستثمار الضخم فيها، إلا أن الحاجة تبدو واقعية لإحداث توازن مدروس بتوجيه جزء مهم من الاستثمار نحو القطاعات…

وطن المساواة

الخميس ٢٧ أغسطس ٢٠٢٠

هل تؤسس الثروة، دولة؟ أو يصنع المال، حضارة؟ الجواب قطعي بالنفي، لأن الشرط الأول للبناء هو الإنسان، الذي يعرف كيف يدير الثروات والمال، أو كيف يوفرها إذا انعدمت، ليؤسس مستقبله ويبني وطنه. والمسألة ذات شقين مترابطين الأول قيادي والثاني تأهيلي، فتصورات القيادة ورؤيتها لدور الفرد والجماعة هي التي تصنع الفرق في تصميم التأهيل الشامل واللازم للأجيال من أجل بناء النهضة حتى يتمكن الفرد وبالتالي الجماعة من صناعة تقدم دولهم بأيديهم. كانت هذه الرؤية حاضرة في الإمارات، منذ البداية لدى القادة المؤسسين، فسخّرت المال ووفرت البيئة الملائمة لتأهيل الأجيال، سواء القانونية أو المؤسسية، ومنحتهم الثقة واستنهضت عزائمهم، حتى صهرت الجميع في الحلم الوطني وجعلت الجميع شركاء في بناء الوطن وتقدمه. وأهم ما ميّز تلك الرؤية هو تعاملها مع الرجل والمرأة على قدم المساواة، استناداً لشريعة السماء أولاً، ثم لإيمانها بقدرة الاثنين على العطاء المتساوي، وحاجة الوطن لسواعد كل أبناء الوطن. لذلك تبلورت مبكراً استراتيجية الإمارات التي يحرص خليفة على استدامتها، ويرعاها محمد بن راشد ومحمد بن زايد، حتى تجاوزت المرأة التمكين إلى الشريك في الإنتاج والعمل والنهضة، وأثبتت المرأة أهليتها لكل المهمات، ونجحت في تعزيز حضورها في كافة المواقع بشكل لافت، مجسدة روح الوطن أينما وجدت، بالعطاء والإبداع والابتكار بنفس قدرة الرجل. لن نتفاخر بالمناصب القيادية التي احتلتها المرأة في الإمارات،…

الخير لغة الإمارات

الأربعاء ١٩ أغسطس ٢٠٢٠

رحم الله زايد، الذي أسس للخير نهجاً وسياسةً، وجعل الإمارات دار خير وعطاء يفيض مثل نبع الماء، لتجدد الأمل وتنقذ الحياة في أي اتجاه ذهبت، فما تقدّمه الإمارات من عطاء، ليس مالاً أو مواد إغاثة فقط، بل أمل وفرص جديدة تصنع الفرق في حياة ملايين البشر عبر العالم بدوافع إنسانية نقية. في 2020 كان حضور العمل الإنساني، الذي يحتفل العالم به اليوم، واجباً ومسؤولية فرضته جائحة فيروس «كورونا»، فهبت الإمارات إلى واجهة المشهد، سواء بالمساعدات بمئات الأطنان من المواد الطبية التي وصلت إلى 107 دول أي أكثر من نصف دول العالم، أو بالمشاركة بالأبحاث العلمية للتوصل إلى لقاح يخلّص البشرية من هذا الوباء اللعين. لكن هذا أطراف لمشهد عميق وكبير ومتشعب من تاريخ الإمارات بالعمل الإنساني الذي ترعاه اليوم وتشرف عليه مؤسسات وأذرع وفرق عمل تجوب الأرض عرضاً وطولاً للإغاثة وتقديم المساعدات الطارئة في الأزمات والكوارث، حتى تحولت إلى مركز لوجستي عالمي في عمليات الإمداد والإغاثة. ومع التاريخ الطويل في هذا العمل الإنساني توسّعت أهداف تلك المساعدات، وبتوجيهات من خليفة ورعاية من محمد بن راشد ومحمد بن زايد إلى تأسيس نهج جديد يقوم على تقديم المساعدات بتنفيذ المشروعات التنموية التي تصب في مصلحة الدول المستفيدة، بما يدعم اقتصادها ويدعم استدامته، ويخلق فرص عمل للشباب وبما يحدث التغيير الإيجابي في حياة…

سراب تركي وإيراني

الإثنين ١٧ أغسطس ٢٠٢٠

الإمارات لا تقبل المزايدة على مواقفها، مثلما لا تقبل أن تزايد على أحد، فبعض أصوات النشاز من هنا وهناك، تحاول باستماتة النيل من مواقف وسياسات الإمارات، والمتاجرة بالمواقف، والحرص على التشرذم والتفرقة وادعاء بطولات وهمية، وفي الواقع لم نرَ أي بطولات أو إنجازات، فقط، سمعنا ونسمع جَعْجَعَةً وَلاَ نرَى طِحْناً. فبعد الإعلان عن معاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية، أعلنت تركيا أنها تدرس قطع علاقاتها مع الإمارات. لا بأس فهذا شأنها، لكن هذا الموقف يثير تساؤلاً عميقاً، عن حقيقة علاقاتها مع إسرائيل ومدى ومقدار التعاون بينهما، وعمر تلك العلاقة ومتانتها، ولماذا لا تفكر تركيا بقطع علاقاتها مع إسرائيل إذا كانت مواقفها جادة؟ مع التذكير بأن تركيا أول بلد إسلامي يعترف بإسرائيل منذ العام 1949. صحيح أن هناك توترات حالياً في العلاقة بين الجانبين، لكن ذلك ليس من أجل فلسطين لا من قريب ولا من بعيد، بل مرده إلى أطماع تركيا في المنطقة وسياسة تمدد النفوذ خدمة لمصالحها باسم الدين، مثل إيران تماماً اللتين تستخدمان الدين مرجلاً للتوسع والهيمنة، وهي التهمة التي توجهانها لإسرائيل وفي الوقت نفسه هي جوهر سياستهما الخارجية في المنطقة. وعندما تتقدم الإمارات، لكبح سياسات التوسع الإسرائيلي ووقف ضم نحو ثلث أراضي الفلسطينيين، وبآليات مختلفة حققت نتائج فورية، يزايد البلدان على هذا الجهد، لأنهما يعلمان أن الحضور الإماراتي في الملفات…

احتواء الجائحة

الخميس ٣٠ يوليو ٢٠٢٠

الحياة في دبي تستعيد إيقاعها المعتاد، ازدحامات في الشوارع، ومتسوقون يرتادون المراكز التجارية استعداداً للعيد، ومفاجآت الصيف تنشر الفرحة والبهجة، والقرية العالمية تعلن موعد موسمها الجديد، وحركة السفر تنشط تدريجياً، وكافة القطاعات تعمل اليوم بكامل طاقتها، بعد أن تكيفت مع الظروف الصحية التي فرضها فيروس «كورونا» فاستأنفت عملها بعد أن اطمأنت إلى سلامة الإجراءات الاحترازية الصحية. الفيروس ما زال موجوداً، وما زال يضرب هنا وهناك حول العالم، حتى أن الكثير من الدول أعادت فرض القيود والإغلاقات مع ملامح ظهور موجة ثانية من الفيروس، لكن الأمر مختلف في دبي، بعد أن حققت الإجراءات الاحترازية فعاليتها ونجحت في تطويق الجائحة الصحية في أضيق الحدود، وهو ما تدل عليه أرقام الإصابات في الإمارات التي أخذت منحى تنازلياً باتجاه تصفير الحالات. في مراجعة سريعة للإجراءات التي اتخذت، نجد خمس مسائل مهمة، الأولى: الإجراءات المبكرة بالاستنفار الصحي وإجراءات التعقيم والفحوصات وتقييد الحركة، والثانية: نشر ثقافة مجتمعية استثنائية للالتزام بالإجراءات الاحترازية والحفاظ على التذكير الدائم بها وجعلها سلوكاً وعادات يومية يجب احترامها والالتزام باعتبارها مسألة أمن صحي وطني لا تهاون فيه. أما المسألة الثالثة: فهي تفعيل منظومة خدمات ميدانية ورقمية، حافظت على مستوى متقدم من حاجات المواطنين والسكان وإبقاء عجلة الاقتصاد في حالة دوران للحفاظ على صموده، وعلى الوظائف، وتوفير الذخيرة اللازمة للمعركة الصحية، لأن التوقف…

فخر بلغة الفضاء

الثلاثاء ٢١ يوليو ٢٠٢٠

صدى الفرحة يملأ المسافة بين الأرض والمريخ، وحجم الفخر يطاول عنان السماء، واسم الإمارات يلوّن الفضاء، وهدير صاروخ مسبار الأمل أبلغ العالم بصوت في غاية الوضوح، أن العرب عادوا إلى تنافسية العلوم، وأنهم يدخلون إلى نطاق ومدار غابوا عنه طويلاً حتى أعادتهم إليه الإمارات، أما استقبال أول إشارة من المسبار في محطة المراقبة والتحكم الأرضية في دبي بعد ساعة من الانطلاق، فهو البلاغ العربي رقم واحد القادم من الفضاء بتوقيع الإمارات، بالعودة إلى العصر الذهبي للاكتشافات العربية والإسلامية. قبل ست سنوات كان هذا الأمر يبدو ضرباً من الخيال، أما اليوم فهو حقيقة أدهشت العالم، وما سيل التقارير الإعلامية العالمية إلا شهادة عالمية وتقدير دولي للرؤية التي حملت هذا المشروع حتى تجسد مسباراً في فضاء الكون وفضاء المعرفة. وكما قال خليفة بن زايد، وهو يهنئ شعب الإمارات بهذا الإنجاز الوطني والعربي والعالمي، فإن الإيمان بالكفاءات الوطنية والاستثمار بالعلم وطاقات الشباب هو ما يصنع مستقبلنا، ويتيح لنا أن نضع بصمتنا في مسيرة الحضارة الإنسانية. ومن نفس الرؤية أكد محمد بن راشد دور شباب الوطن الذين رفعوا الرأس، وهو الذي طالما استنهض طاقاتهم لإيمانه أن لا أحد يمكنه أن يغير حالنا للأفضل إلا نحن، بالاعتماد على النفس، والغوص في بحور العلم، واستخراج درره، معيداً استنهاض همم الشباب نحو مرحلة جديدة خرجنا فيها من…

طموحنا أبعد من المريخ

الإثنين ٢٠ يوليو ٢٠٢٠

لن نتعجل لنقول إننا وصلنا إلى المريخ، فتحديات الرحلة كبيرة وهائلة، لكننا الآن في الفضاء في الطريق نحو الكوكب الأحمر في واحدة من أعظم إنجازات الإنسان عبر التاريخ، يصنعها ابن الإمارات في رحلة استكشاف فضائية، لا ينفذها إلا من امتلك العلم والإرادة اللذين تكمن فيهما آليات تحقيق المعجزات. الرحلة انطلقت ونجحت في كل مساراتها منذ الإعلان عنها قبل ست سنوات، لكنها ما زالت مليئة بالتحديات من التحكم بالمسبار وعند الهبوط على سطح الكوكب الأحمر في فبراير 2021 ثم جمع البيانات وغيرها وحتى انتهاء المهمة، لكن الأمل الذي يسكننا ويحمل اسم مسبارنا إلى فضاءات العلوم، يزيد تفاؤلنا بالوصول إلى المحطة الأخيرة. لكن مجرد الانطلاق يملأ قلوبنا وعقولنا بالفخر والعزة والفرح، ونقول لفريق العمل أبدعتم ورفعتم رؤوسنا، ولم تدخلوا التاريخ فقط بل عبرتم إلى المستقبل أيضاً، ورفعتم أكاليل المجد، وأمسكت عقولكم بالعلم، حتى غدت الإمارات اسماً مرادفاً للعظمة والتفوق رغم حداثة نشأتها، وهو ما يحسب في سجل قياداتها التي أبدعت في الاستثمار وبناء الإنسان وتسخير كل الإمكانات لهذا الهدف، لأنه بدون الإنسان وبدون أن يكون هو الهدف فلا معنى ولا قيمة لأي إنجاز. تاريخ اليوم بداية مرحلة مختلفة، تتضمن تعظيماً للأهداف وتغييراً في آليات العمل، وتطويراً لأساليب التفكير وتحفيزاً للطاقات، خاصة أن الجائحة الفيروسية العالمية كشفت عن كثير من الأمور التي تحتاج…

مع مصر لحصانة الجميع

الإثنين ٢٢ يونيو ٢٠٢٠

مواقف الإمارات التاريخية الداعمة لمصر، ظلّت على الدوام تنبع من نهج أصيل وبوصلة صائبة بأن مصر بثقلها العربي الكبير هي ركيزة للأمن القومي الجماعي، واستقرارها هو استقرار للمنطقة، وقوتها قوة للعرب جميعاً. وتضامن الإمارات ووقوفها اليوم إلى جانب مصر، في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها من تداعيات التطورات المقلقة في ليبيا الشقيقة، لا يخرج عن هذا النهج في الوقوف مع قضايا الأمة، ونصرة استقرار شعوبها، ووضع حدّ للصراعات التي أنهكتها، وتواصل قوى إقليمية تغذيتها لتحقيق أطماعها. تأييد الدولة لما جاء في كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأول، بشأن ليبيا، جاء منسجماً مع التأييد الكبير التي حظيت به الكلمة عربياً، وهو ثبات أصيل مع ما يضمن الأمن القومي العربي، ويحافظ على استقرار مصر في وجه أي تهديدات إرهابية تأتيها من ميليشيات المرتزقة المدعومة من الخارج، وهو كذلك وقوف مع المستقبل الآمن للشعب الليبي الشقيق بوقف التدخل الأجنبي في بلاده، ووقف أي دعم خارجي لقوى التطرف فيها، وحصوله على دولته الجامعة ليستعيد البناء والتنمية. السياسات العقلانية التي تنتهجها الدول العربية الوازنة في منظومة الأمن القومي العربي، تواصل اليوم الوقوف سداً منيعاً في وجه السياسات غير الحكيمة التي تقودها أوهام الهيمنة وأطماع السيطرة لقوى إقليمية لا تزال مستمرة في تدخلاتها غير الشرعية، معتدية على سيادة أكثر من دولة عربية،…

نعود بروح جديدة

الثلاثاء ٠٢ يونيو ٢٠٢٠

دخلت الإمارات بالأمس مرحلة جديدة في التعامل مع جائحة فيروس «كورونا» وهي ما اصطلح على تسميته عالمياً «الوضع الطبيعي الجديد»، الذي يضمن استمرار الأعمال والخدمات بآليات صحية تضمن السلامة العامة ولا تتهاون فيها، وفق بروتوكولات تم تعميمها على جميع الموظفين الذين عادوا لمقار أعمالهم وتكليف كادر بالإشراف على الالتزام لضمان النجاح. القناعة التي وصل إليها العالم اليوم، وبعد ستة أشهر من ظهور الفيروس أول مرة، أن سياسة العزل استنفدت آلياتها على المستوى العام، وأن البشر أينما كانوا عليهم التكيف مع مرافقة الفيروس لفترة لا أحد يعلم مداها، لذلك تبدو المقاربة الجديدة بالعودة للعمل واستئناف النشاط الاقتصادي، وفي الوقت نفسه اتباع أعلى المعايير الصحية، هي الأجدى في هذه المرحلة، بعد الدروس التي تعلمناها خلال الفترة الماضية. في كلام محمد بن راشد لمجلس الوزراء أمس رسالة واضحة بالنهوض للعمل، لأن الحياة مستمرة، والإنجاز متواصل، والتجربة كما أكد جعلتنا أقوى وأفضل وأسرع، والقادم يحتاج منا لروح جديدة وتفكير مختلف وأسلوب عمل أكثر مرونة وذكاء، نعم فهذه المقاربة التي نحتاجها، كل شخص فيها مسؤول، وكل المؤسسات مشاركة في حماية أفرادها. الصحة ستبقى أولوية ومسؤولية، وإرجاع عجلة الاقتصاد استراتيجية ضرورية، هذا قول وفعل في الإمارات، فالعودة للأعمال واستئناف النشاط الاقتصادي، أصبحا ضرورة لا تقل أهمية عن الإجراءات الصحية، لأن استمرار سياسة العزل يعني ذوبان الاقتصاد،…

الإمارات ما بعد «كورونا»

الأربعاء ٢٢ أبريل ٢٠٢٠

جملة من القرارات الاستراتيجية أصدرها مجلس الوزراء بالأمس، تتصل بجوهر المجهود الوطني الحالي في مواجهة الحالة الصحية العالمية، ويبرز من تلك القرارات تشكيل فريق عمل لتنمية قطاع الزراعة الحديثة في الدولة، لتكون ضمانة اقتصادية وأمنية واجتماعية للوطن في كل الأوقات. القرار على أهميته إلا أنه يؤشر لبداية تغييرات مهمة لمرحلة ما بعد «كورونا»، وهو ما أكده محمد بن راشد في اجتماع مجلس الوزراء، حيث بدأت الإمارات منذ اليوم الإعداد لهذه المرحلة، مستخلصة أول العبر من الأزمة التي فاجأت العالم. ملامح المرحلة المقبلة حددها محمد بن راشد بتوجيه الاستثمارات نحو الزراعة التي تعاني ضعف التمويل وظروف الطقس القاسية، بما يعني أن على الجهات ذات العلاقة، سواء كانت حكومية أو خاصة، الانسجام مع هذا التوجه، خاصة أن التجارب الزراعية النباتية والحيوانية في الإمارات سجلت نجاحات لافتة، ساهمت في وفرة المخزون الغذائي خلال الأزمة، ما يشجع على المخاطرة في هذا القطاع، وهو تحدٍ جديد تسكنه ملامح النجاح، لسببين، الأول أننا في بلد لا مستحيل فيه بقوة إرادة شعبه وقيادته، والثاني أن رؤية الراحل زايد تسكن فينا، وهو الذي حوّل مناطق شاسعة من الصحراء إلى جنات خضراء. التوجه الثاني، كما حدده محمد بن راشد، منظومة العمل، بحيث تكون تقنية جديدة للعمل الحكومي لما بعد الأزمة، حيث أفرزت الأزمة قيمة التكنولوجيا التي مكّنت كافة القطاعات…