الوهابية لم تتعاون مع الانجليز والفرنسيين

الخميس ٠٣ أغسطس ٢٠١٧

على سؤال فحواه: ما هو حكم الصلاة في المسجد الذي فيه ضريح؟ أجاب الشيخ (علي جمعة) مفتي مصر بأن الصلاة في هذا المسجد جائزة. إلى هنا والقصة تبدو طبيعية، فالشيخ عالم أزهري مجتهد، ومن حقه أن يخالف غيره في اجتهاده. غير أن الذي أثار استغرابي فعلاً هو أنه أرجع سبب تحريم الصلاة في هذه المساجد إلى الحركة الوهابية، وقال: إن مبرر الوهابيين في ذلك هو الخروج على الخلافة العثمانية!. أي أن الوهابيين جعلوا من بناء الخليفة العثماني للمساجد على القبور حجة لتكفيره، ومن ثم الخروج عليه. فالمبرر في نظر فضيلة المفتي لا يرجع إلى أسباب دينية، ولكنه يعود - كما يدعي - لمبرر سياسي محض!. ثم أضاف إلى هذه الطامة، طامة (تخوينية) كبرى، وهي قوله بالنص: (وخرجوا على الدولة العثمانية، وتعاونوا مع الإنجليز والفرنساوية)!. وأنا هنا لن أناقش الشيخ في وجهة نظره حول الصلاة في المساجد التي فيها أضرحة، فهناك من هم أعلم مني في هذا الشأن، وأقدر مني على تفنيد حججه؛ كما لن أتحدث عن تلك اللغة المتدنية، والعامية الساخرة، التي كان يجب أن ينأى بمقامه ونفسه عنها، طالما أن الحديث يتعلق بأمر من أمور الدين، غير أن الكتاب لا يُقرأ من عنوانه فحسب، وإنما من لغته أيضاً، ولله في خلقه شؤون!. أما الذي يهمني في كلام المفتي المصري…

الدولة الوطنية والشرعية الأيدلوجية

الأحد ٣٠ يوليو ٢٠١٧

يقول فارس آل شويل الزهراني في أحد آخر بياناته -قبل القبض عليه- إن جنسيته السعودية موضوعة تحت قدميه، وإنه لا يعترف بمفهوم الجنسية، وحقيقة، فقد كان فارس آل شويل في عبارته هذه، ليس إلا مستجلباً ومسترجعاً لعبارة أخرى أطلقها أحد مشايخ الإسلام الحركي السعودي المعروفين، الذي هو نتيجة لتماهيه مع الفكر الإسلاموي لا يؤمن بالجنسية وما يترتب عليها على الإطلاق، مما دفعه للقول وعن إيمان: أن الوطنية ليست إلا عنصرية جاهلية وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت قدميه ! الخطاب الإسلاموي بطبيعته لا يؤمن بالدولة القطرية، ولا يعترف بالحدود الدولية، وقد قام بالأساس على وهم إعادة الخلافة الإسلامية إلى وضعها السابق، وهو في أساسه هذا، لا يعير اهتماماً للمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مثله في ذلك مثل غيره من الخطابات الأممية، كالخطاب الماركسي على سبيل المثال. إن الدولة القطرية تشكل في واقعها تطوراً في العلاقات الدولية التي تمخضت عن معاهدة صلح وستفاليا عام 1648، كان نتيجة هذا التطور أن أصبحت الدولة الوطنية هي الأساس المعترف به مقابل الوضع السابق المتمثل بالإمبراطور الذي يحكم بمباركة البابا، وكثير من المؤرخين يعدون هذا التاريخ نقطة النهاية لمرحلة العصور الوسطى. كان دخول العرب والمسلمين في مرحلة الدولة الوطنية دخولاً متأخراً كما يعلم الجميع، والدكتور تركي الحمد يشير في ورقة قيمة له بعنوان (تكوين…

تغييرات كبيرة تنتظر الأمم المتحدة

السبت ٠٢ نوفمبر ٢٠١٣

في عام 1648، وبعد أن ترسخ مفهوم الدولة القومية في معاهدة «وستفاليا»، ترسخ مفهوم آخر اتكأ عليه النظام العالمي آنذاك، وهو مفهوم «توازن القوى»، أو كما يسميه الدكتور تركي الحمد «الكل على الواحد». يتكئ هذا النظام على ضرورة وجود توازن بين القوى الرئيسة في أوروبا، فإذا اختل ميزان هذا التوازن، تحالف الجميع ضد الدولة التي قامت بخرق التوازن، من أجل إرجاع الأمر إلى مساره الصحيح، أي إلى مسار «توازن القوى». ويؤكد المؤرخون أن إرهاصات الاختلال الواضح في ميزان «توازن القوى» بين دول أوروبا في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كان بمثابة الباعث الذي أشعل الحرب العالمية الأولى، التي كان من أهم نتائجها بعد أن وضعت هذه الحرب أوزارها ظهور منظمة دولية جديدة، سميت آنذاك «عصبة الأمم»، وذلك بغرض تنظيم المجتمع الدولي، والحفاظ على الاستقرار العالمي، ونقل العالم من مرحلة الصراع إلى مرحلة التعاون المشترك، وبالتالي فإن دعامة استقرار العالم كما كانت تطرحه تلك المنظمة نظريا عند إنشائها هو نظام «الأمن الجماعي» ممثلا بعصبة الأمم، ليكون هذا النظام بديلا لفكرة توازن القوى، الذي كان متمثلا بشكل رئيس في التحالفات والتكتلات الدولية. إلا أن الواقع العملي أثبت أن عصبة الأمم كانت تحمل في داخلها بذور تفككها وانهيارها، فقد كان من الجلي عجز هذه المنظمة الجديدة آنذاك عن أن تفرض واقع…