الدبلوماسية على مسرى الغياب..
سعود الفيصل هندسَ الاحتمال، كيلا يكون مأزقاً تاريخياً، وكرّس ما يمكن كي يفضّ وجه الأزمات على مصراعي الحلحلة، واشتغل على فرصِ التسويات بمراس الجدير الثابت، وهكذا في كل القضايا من جدية الوطنيين، وحتى آمال الراديكاليين. يقفز بالقطيعة إلى مراتب التعايش، والعالق إلى منزلة الناجز. كان يسافر كأنه لا يعود، ولهذا الوطن العربي - من الدمِ إلى الدم - عاش مجدولَ الهاجسِ من دون توقف، وأنّى كتبوا عن توافقٍ عربي كان سعود الفيصل فرداً في الوفاق، على جانب للصواب ومع جانب للإحقاق. كانت الطائرة تحط في مطار كنيدي لأن العراق يجوع، فيما رحلتها القادمة باتجاه الخرطوم لحمل فكرة عن صون دارفور. كانت تصل موسكو ليقرأ مع غورباتشوف أوجه السلام، ولن يلتفت إلى ثناء آخر العُتاة الروس حين يبكي «السوفيات المفتت» ويتمنى لو أن في فريق الكرملين رسول السعودية، بينما - بطل الجودو - بوتين سيُمدد الوعود في الصور مع الرجل الطويل، وسيقول له في السر كلمات تخص النوايا الطيبة في الهلال الخصيب، ثم سيكون الإقلاع التالي إلى حافظ الأسد قبل «أنصاف الرجال» وقبل اغتيال بيروت، وقبل التمهيد لقادسية كبرى، وقبل تيتم نينوى وخوف مئذنة المسجد الأموي من تزوير الشام. ومن فاس المغرب، يوماً يسافر لسنوات بـ«سلام الملك فهد» للشرق العربي - العربي، وحين تكون الطائرة ذات مرة في لندن المشغولة بـ«جزر…