آراء

آراء

العراق العربي: الخطر والفرصة

الجمعة ٢٠ يونيو ٢٠١٤

في أواخر عام 2011 ساءت العلاقة بين محمود أحمدي نجاد ومرشد الثورة السيد علي خامنئي. ولا ندري سببًا بالضبط لماذا كان ذلك. وإنما ظهرت لذلك علامتان: تزايد ظهور المهدي المنتظر لنجاد في المنام واليقظة، والتجاذب العلني بين نجاد ونواب في مجلس الشورى وضباط في الحرس الثوري. في كثرة ظهور المهدي لنجاد أراد القول إنه يتلقى التعليمات مباشرةً وما عاد بحاجةٍ إلى بصيرة القائد الملهم ووساطته. وفي التجاذب بين الضباط والنواب من جهة، ونجاد ومساعديه من جهةٍ ثانية، تكاثرت الاتهامات بالفساد من الطرفين. وهنا تأتي القصة التي أردتُ الوصول إليها من وراء هذا الاستطراد: في إحدى المرات، استدعت إحدى لجان مجلس الشورى الموالية لنجاد، الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس لسؤاله عن بعض المصروفات التي ما كانت ملحوظةً في موازنة الفيلق. وما تنازل سليماني بالظهور أمام اللجنة، لكنه جاء إلى طهران (من دمشق) متحديًا وقائلاً: إذا أصبتُ بشيءٍ بسبب مكائد الأعداء، فلن يزعج ذلك الإيرانيين فقط؛ بل ستطالب بدمي شعوب المنطقة، فقد صنعتُ لإيران عشر إيرانات في الخارج، ومن العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر، وإلى أقاصي القارتين! ما ظهر النفوذ الإيراني أول ما ظهر في العراق، بل في لبنان عبر التنظيم المسلَّح والمقاتل لـ«حزب الله»، وهو تنظيمٌ اكتسب شعبيةً في العالم العربي نتيجة مقاومته لإسرائيل في الجنوب، وصولاً لشنّ حربٍ على…

آراء

من بغداد إلى دمشق وبيروت

الجمعة ٢٠ يونيو ٢٠١٤

سيمر وقت طويل قبل أن يتبين المتابعون الخيط الأبيض من الخيط الأسود في العملية المعقدة التي أدت إلى الحدث العراقي بطبعته الجديدة التي أطلقت سيلاً من التكهنات حول الجهة، أو الدولة، أو الأجهزة التي تقف وراء هذا الانتشار الواسع لتنظيم «داعش» في مناطق عراقية واسعة. فالدينامية التي سارت فيها التطورات في بلاد الرافدين تبدو في الكثير من الأحيان عصية على الفهم والتفسير: ما هو الخيط الفاصل عراقياً بين «داعش» وبين العشائر السنية المتمردة على تفرد رجل طهران نوري المالكي وجنوحه الفاقع نحو المذهبية طوال 8 سنوات من الحكم الذي أثار أيضاً قيادات شيعية رئيسة وجيش النقشبندية الذي يقوده نائب الرئيس العراقي السابق عزت الدوري وضباط الجيش العراقي السابق المسرّحين منذ عام 2003 والذين توزعوا على تنظيمات عدة بما فيها «داعش»؟ وأين هو دور إيران وسورية اللتين عقدتا صيغة وثيقة من التعاون مع «داعش» للإفادة منها في الحرب السورية من أجل شيطنة المعارضة المعتدلة ووصم المعارضين بالإرهاب وإفقادهم الحجة أمام دول الغرب؟ وما هو الدور التركي في العلاقة مع هذا الخليط المتمرد على المالكي وحكمه المذهبي؟ وإذا كان استسهال المالكي اتهام المملكة العربية السعودية بدعم «داعش» يأتي في سياق عدم الحرج عنده من أن يواجه التمرد السني بالاستنفار الشيعي من حوله، فإن الرياض لم تكن تخفي رفضها سياساته الفئوية والمذهبية وتعاطفها…

آراء

حقيقة المؤامرة

الجمعة ٢٠ يونيو ٢٠١٤

لعل أخطر ما يواجه العالم العربي اليوم هو عودة مشاريع «التآمر» الخارجي المعززة بالفوضى والاضطرابات الداخلية والاحتراب الأهلي الذي أصاب نسيج المجتمع العربي منذ بداية ما يسمى «الربيع العربي»، والذي هو جزء من مشاريع التآمر ومدخل لدفع الأمور في داخل الدول العربية إلى مرحلة «التفكك والتفتت». ولم يعد الأمر مقتصراً على دولة عربية بعينها، بل بات من الواضح أنه يستهدف الجميع دون استثناء تقريباً. وللذين يتشككون في فكرة المؤامرة ويفسرونها وفق تصوراتهم السياسية على أنها نوع من الوهم، نقول لهم إن ذلك غير صحيح؛ فالمؤامرة حقيقة تاريخية أثبتها التاريخ في كل مراحله ومنذ بداية الخلق، وهي حقيقة من حقائق السياسة حيث تكثر الدسائس والمكائد، وقد تحدث عنها القرآن الكريم، وتعرض المسلمون في تاريخهم القديم والحديث لمؤامرات كثيرة؛ من سقوط الأندلس إلى اتفاقية سايكس بيكو التي مكنت المشروع الصهيوني من احتلال فلسطين. ومن يريد المزيد بإمكانه الرجوع إلى ما قاله كبار رجال السياسة والمخابرات في الغرب في مذكراتهم حول هذه الحقيقة ونماذجها الكثيرة على أرض الواقع. إن اللعبة الكبرى التي تجري اليوم في المنطقة العربية، تحت مسميات وشعارات مختلفة، ما هي إلا نوع من الحفاظ على التوازن الاستراتيجي الذي تريده القوى الكبرى فيما بينها بواسطة وكلائها المحليين والإقليميين في المنطقة العربية، للحفاظ على مصالحها ومجالات نفوذها وارتكازها في المنطقة الاستراتيجية. وكما…

آراء

القضاء على القاعدة في اليمن

الجمعة ٢٠ يونيو ٢٠١٤

من القصر الجمهوري في المكلا إلى القصر الجمهوري في صنعاء، خطوط ممتدة لعمليات إرهابية محتملة من تخطيط تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وبين القصرين تجمعات عسكرية للجيش اليمني وهجوم واسع للقوات الأمنية اليمنية والطائرات الأمريكية بدون طيار على مواقع ومعسكرات تدريب القاعدة  في محافظتي أبين وشبوة الجنوبيتين حيث انطلق الهجوم بشكل مركز منذ نهاية إبريل 2014 ووصل عدد القتلى إلى المئات. لكن القتلى ليسوا جميعاً من القاعدة! وفق تصريحات وبيانات وزارة الداخلية اليمنية فلم يتم التعرف حتى الآن إلا على قلائل وبقية الضحايا لا يزالون مجهولي الهوية ولا تزال الحكومة اليمنية تبحث عن هويات الضحايا وباعتراف صريح من قبلها أن هناك مدنيين ضمن القتلى. أبو بصير أو ناصر الوحيشي الذي استطاع بعد حفر نفق طويل في سجن الأمن السياسي في صنعاء أن يهرب في 2006 ويتقلد إمارة تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية بمباركة الرجل الثاني في التنظيم أيمن الظواهري في 2009 ويحمل لقب "أمير المجاهدين"، كان قد أُعلن أنه ضمن القتلى خلال غارة شنتها طائرات أمريكية بدون طيار خلال هجوم إبريل إلا أن تقارير لاحقة أثبتت أن فحص "الحمض النووي – DNA" أكد أنه لا يزال حياً مما يعنى أن ملاحقة قيادات القاعدة في اليمن ستستمر سواء من قبل السلطة أو الحكومة الأمريكية عبر الطائرات بدون طيار ودعم…

آراء

المستوطنون الثلاثة.. والمعركة الحقيقية

الجمعة ٢٠ يونيو ٢٠١٤

سأفكر بصوت عالٍ وأستعرض عدداً من الاحتمالات حول «اختفاء» المستوطنين الثلاثة في الضفة الغربية: الأول؛ أن يكون وراء هذا العمل فلسطينيون ينتمون لأحد التنظيمات الفلسطينية. الثاني؛ أن يكون وراءه فلسطينيون لا ينتمون لأي تنظيم، أي محض تصرف فردي. والثالث؛ أن تكون إسرائيل وراءه ونفذته بأيدي عملاء فلسطينيين أو عن طريق جنودها. السؤال الأهم: من المستفيد من عملية الخطف؟ متابعة تداعيات العملية، تشير بوضوح إلى أن محور اهتمام غالب الفلسطينيين والعرب (وأعني الصحافيين والنشطين على وسائل التواصل، أي الصوت العالي) يتركز في الدائرة الصغيرة، التي ترى الحادث من بوابة المتابعة اليومية بقليل من اللهاث والتشويق السينمائي، أما ردود الفعل الإسرائيلية فقد ذهبت لتتعامل مع أهداف أكبر بكثير من هذه الدائرة الصغيرة. لقد ذهبت ردة الفعل الإسرائيلية لترسم أهدافاً تتجاوز بكثير العثور على هؤلاء الثلاثة، عبر التالي: إطلاق استعراض كبير اسمه «البحث عن المخطوفين»، إلى الحد الذي يعيد فيه الجنود الإسرائيليون تفتيش البيت الواحد في الخليل وقراها مرتين وثلاث مرات. الهدف هنا عرض جانبي للتلهية والتعمية على الأهداف الكبرى، التي تتجاوز هذا الهدف الذي يبدو عرضياً. مَن رأى أن الثمن الذي تطلبه إسرائيل هو حرب على غزة فهو محق، لكن ليس انتقاماً من حماس لأنها «مشتبه جاهز»، بل لتحقيق مجموعة من الأهداف المترابطة التي تخدم هدفاً أساسياً أكبر. من قال إن هدف…

آراء

«فتح خرائط التقسيم» خدمة أخيرة من «داعش» لإيران

الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤

فشل نوري المالكي، كما فشل بشار الأسد، في إدارة التعدّد الطائفي في بلديهما، ولم يتمكّنا في المنعطف التاريخي الصعب من تغليب المشروع الوطني على الأجندة المذهبية. يُنسب اليهما هذا الإخفاق الفادح لأنهما في موقع القرار والمسؤولية، عسكرياً وأمنياً وسياسياً، وسنحت لهما كل الفرص لمدّ اليدّ الى جميع مكوّنات شعبيهما، لكنهما فضّلا المشروع الإيراني: إمّا الحكم بالإخضاع، أو الذهاب الى تقطيع أوصال البلدين العربيين حتى لو اقتضى الأمر إشعال فتنة سُنّية - شيعية، وحتى لو تطلّب التوسّل بالإرهاب والإرهابيين. طوال عامين ونيّف لم يرتكب تنظيم «داعش» أي خطأ يمكن أن يربك نظامَي دمشق وطهران، بل كانت تجربتهما معه شاملة المكاسب، فهو «الفزاعة» التي تبعد أي تدخل اميركي، وهو الاشتباه الذي يلوّث سمعة المعارضة ويرشّح فصائلها الجهادية أو «التكفيرية» (وفقاً للمصطلح المفضل لدى الإيرانيين) للوائح الإرهاب الغربية. ورغم أن «داعش» كان مزعجاً لنظام بغداد إلا أنها تعايشت مع تفجيراته، لأنه مفيد أيضاً في وصم محافظات السُنّة بالتطرف والإرهاب لتبرير عدم النظر في مطالبها وللتشهير بأقطابها وإقصائهم فلا يبقى سوى المدعو «أبو بكر البغدادي» زعيماً أوحد لها. لكن في الهجوم على الموصل بدا كما لو أن «داعش» انقلب على الدور المُعطى له. هل هذه هي «الخدعة» التي تحدث عنها المالكي ولم تكن في حساب قاسم سليماني؟ الجواب: قصف طيران النظام السوري، للمرّة الأولى،…

آراء

ارم معكرونتك على الحائط

الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤

يلف الغموض معظم المشاريع التقنية في الوقت المعاصر إثر التغييرات المتسارعة، التي يشهدها العالم السايبري. هذه الطفرة الهائلة أجهزت على كل التنبؤات التي تعتري نجاح وديمومة أي مشروع. أصبح الخيار الوحيد لمواجهة هذا المصير المجهول هو الشروع في تنفيذه بعد قراءة السوق وعمل الجدوى الاقتصادية اللازمة. إذا كان الجزم بنجاح أي مشروع في أي مجال صعب للغاية، فإن الأمر يعد مستحيلا في مجال التقنية الحديثة. المنصات الإعلامية الجديدة والتطبيقات والمواقع التفاعلية باتت تغير جلدها على نحو جنوني ومتكرر كي تبقى على قيد الحياة وسط هذا التنافس المحموم، فكيف بالتي لم تبصر النور بعد؟ التردد وسط هذه الأجواء التنافسية لن يصنع عملا جيدا. قد يجنبك الخسارة. لكن لن يخدم فكرتك ومشروعك. فلا حل أمام رياديي الأعمال الجدد والمتحمسين لأفكارهم سوى الانطلاق وخوض التجربة. المحاولة وحدها هي التي ستحدد مدى ملاءمة الفكرة وجدواها. وربما ستطورها وتجعلها أكثر نضجا وفاعلية. ولا شيء يعبر عما أقوله سوى المصطلح الشهير: "رمي"السباغيتي" على الحائط". فعند رمي السباغيتي (المعكرونة) على الحائط ستعرف إذا كانت السباغيتي قد طهيت بما فيه الكفاية أم لا. فإذا التصقت بالجدار فمعناها أنها طهيت جيداً. أما إذا ارتطمت وسقطت مباشرة فإنها تعطي مؤشرا أنها لم تطبخ جيدا وتحتاج إلى مزيد من الطهي؛ لتصبح ناضجة وجاهزة للأكل. لذلك يتحتم علينا أن نخرج أفكارنا من…

آراء

“فوق النا خل”

الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤

أحياناً يحمل التراث الفني للشعوب كثيراً من المتعة بتداخلاته مع القصص المجتمعية في فترات البساطة قبل تطور العصر إلى مرحلة لم يعد فيها الناس قادرين على صناعة تراث يتركونه للأجيال المقبلة. ولا تكاد توجد أغنية تراثية إلا ونلقى معها رواية حول نشوئها الأول، ويحار الباحث في واقعية تلك الروايات أو كونها محض خيال أنتجه العقل الجمعي وقتها. كمثال على ذلك، أغنية عراقية ما زالت تستعاد في كثير من السهرات والسمرات على المستوى العربي وليس العراقي وحده، ويعدها كثير من المدن من تراثها مثل حلب.. وما بين "فوق إلنا خل" أو "فوق النخل" ثمة حكايات تروى.. وهذا المطلع للأغنية الشهيرة التي انتشرت بصوت الفنان العراقي الراحل ناظم الغزالي، وأداها برقيّ الفنان السوري صباح فخري، فيه أكثر من قول. فهناك من استهجن جلوس الحبيبة فوق النخل ليغني حبيبها لها وهو واقف تحت، ورأى أن المطلع هو "فوق إلنا خل.. فوق فوق، يابا فوق إلنا خل فوق".. واستدل بقصة تفيد أن عاشقا يمر كل يوم ليحظى برؤية حبيبته وهو من ذوات العز والجاه، وتسكن قصرا منيعا يحيط به الحرس. وحين أثار الفتى ريبتهم سأله أحد الحراس عن سبب مروره اليومي من هذا الطريق، فأجابه "فوق إلنا خِل فوق....". ويرى بعضهم أن البلاغة هي عنصر رئيس في الفكرة، ففي البلاد التي تفخر بالنخل، يصفون…

آراء

“داعش وأخواتها”: أين ولدت ونشأت؟

الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤

سأستعير اليوم من الصديق المفكر، محمد زايد الألمعي تغريدته الساخرة ما قبل الأمس وهو يقول: "إن "داعش و بوكوحرام" وغيرها تبقى مجرد (تطبيقات) يمكن أن تنتهي صلاحية استخدامها ويظهر سواها، المشكلة في نظام التشغيل". وحتى على مستوى الذائقة اللغوية وجرس الكلمة تبدو هذه البرامج الرديئة جدا من تشويه صورة هذا الدين العظيم نشازا ركيك البناء الحرفي. كأنها أسماء "هاكرز" أو كلمات طفولية أولية على لسان رضيع يبدأ صف الحروف. العلة إذاً هي في "نظام التشغيل" وأنا أزيد أيضا في هذا التخزين الممنهج للمصنع. نحن مع هذه المحركات السياسية بطيفها الواسع الطويل نتعامل مع المنتج ولكن أحدا لم يقترب من أسرار وأسوار المصنع. في اليمن ابتدأت فكرة "الشباب المؤمن" عبر ناد مدرسي صيفي في محافظة مهملة قبل أن يستيقظ الشعب بأكمله على خمسة ملايين طالب تابع للفكرة. في أفغانستان انتشرت كوادر "القاعدة" تحت إلهام كتاب صغير عن كرامات الأفغان، وما زال كل العالم اليوم يحارب ملايين النسخ المضروبة من هذه البرامج ولكنه لم يقترب أبدا من "أنظمة التشغيل"، ولم يحرك ساكنا ضد المصنع. في نيجيريا، ابتدأت "بوكوحرام" على يد طالبين كانا يدرسان في جامعة واحدة وآخر ضحايا هذا البرنامج الرديء 20 قتيلا مساء البارحة، وهم يتابعون مباراة ربما لأنهم قرأوا الفتوى التي تحرم متابعة "المونديال" بسبب النظر إلى أجسام "النصارى" وهم…

آراء

النفط وأوضاع العراق

الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤

منذ قيامها في بداية الستينيات من القرن الماضي، ومنظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» تتعرض لتقييمات متعارضة، تارة من البلدان المستهلكة، التي حملتها مسؤولية تضاعف الأسعار في منتصف السبعينيات وتارة من المنظمات المتطرفة، التي هاجمت الاجتماع الوزاري في الفترة نفسها واحتجزت بعض الوزراء بقيادة «كارلوس». كل ذلك يعني الأهمية الكبيرة التي تحتلها «أوبك» في صناعة الطاقة العالمية، وذلك على الرغم من المحاولات الرامية إلى التقليل من دورها، إذ لا يمكن ضمان استقرار إمدادات وأسعار النفط بدونها، فهي وحدها القادرة على الحفاظ على توازن الأسواق. انطلاقاً من هذه الحقيقة، طلبت نهاية الأسبوع الماضي وكالة الطاقة الدولية - وهي الذراع القوية للبلدان الصناعية المستهلكة - من منظمة أوبك زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً خلال النصف الثاني من العام الحالي لإحداث التوازن بالسوق العالمية، التي تشهد ارتفاعاً موسمياً كبيراً في الطلب على النفط. تزامنت دعوة الوكالة مع تدني إنتاج النفط الليبي إلى أدنى مستوى وتدهور الأوضاع الأمنية في العراق، التي اقتربت من حقول ومصافي النفط، وتهدد بتوقف تصدير 2٫6 مليون برميل يومياً، مما يعني أن وكالة الطاقة الدولية تحاول استباق الأحداث لحث بقية الأعضاء في «أوبك» على الاستعداد لأسوأ الاحتمالات، علماً بأن فائض الإنتاج يتمركز في السعودية التي أعلنت أنها ستتعاون لكبح جماح الأسعار في حالة ارتفاعها من خلال ضخ المزيد من النفط…

آراء

المالكي.. هل اقتربت ليلة العيد؟

الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤

بعد أن لوث المجتمع العراقي، خرج نوري المالكي يستغيث بالأميركان، لم يفلح، فوجه انتقاداته اللاذعة إليهم؛ لأنهم لم يبادروا بإرسال عدتهم وعتادهم وجنودهم لحمايته، صعّد من لهجته، فاتَّهم في البداية «داعش» باستحواذها على الموصل، فطار من طار بـ«العجة»، إلى أن خرج شيوخ العشائر ليؤكدوا أنها ثورة، وهنا أيضاً دجَّ من دجَّ، وبعدما تخلى عنه جيشه في الموصل، وبدأت الخطوات تقترب من بغداد لم يجد بُداً من النفَس الطائفي لينفخ به من جديد، فلجأ هذه المرة إلى أسياده الإيرانيين يتزلف لهم، وهم في الواقع ليسوا بحاجة إلى تزلفه، فيدهم موضوعة على المالكي وعراقه، منذ توليه السلطة، فجادت قريحته بدفع العراق إلى أتون حرب أهلية، على أمل أن يبقى في منصبه، وانطلاقاً من قاعدة: «أنا ومن بعدي الطوفان»، فلم يفلح، لجأ إلى السيستاني كمنفذ للطائفية التي يبحث عنها، فلم يخذله السيستاني، وأصدر فتوى جهاد تدعو أبناء الطائفة الشيعية إلى حمل السلاح والنزول إلى الشارع، فتهافتَ الطائفيون، وشاهدنا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، وهو يرتدي بزة عسكرية ويحمل سلاحاً و«براءة الأطفال في عينيه»، فيما ظهرت صور لمعممين في أرذل العمر وهم يلوِّحون بأسلحتهم، لكن حتى هذه لم يفلح فيها المالكي، إذ وقف ذليلاً بين جمع من القادة والرموز السياسية استدركوا فحش خطأ التعبئة المذهبية ليصدروا بياناً أكدوا فيه أهمية «مراجعة المسيرة…

آراء

اليابان بعيون مترجم عربي

الخميس ١٩ يونيو ٢٠١٤

استمتعت وأنا أصغي إلى مترجم اللغة اليابانية، الشاب الكويتي بدر الفيلكاوي الذي كان يتحدث عبر التلفاز عن تجاربه في اليابان التي أقام فيها وحصل على الماجستير في لغتها وهو يحضر حاليا للدكتوراه. اتصلت به لأجري معه حوارا عفويا أنقله إلى القراء كشاهد عاش التجربة بعيدا عن الكتب ومصادر المعلومات التقليدية. يقول المترجم بدر إن من أكثر ما أثار إعجابه، فضيلة الاعتذار المقدسة عند هذا الشعب، فضلا عن روح الانضباط والعزيمة والإصرار على تحقيق الأهداف مهما كانت مشقتها. إذ تحدث عن غابة يابانية شهيرة «تعتبر قبلة المنتحرين وتقوم الشرطة اليابانية عادة بإرسال دوريات للبحث عن المنتحرين فيها». ذلك أن كثيرا من اليابانيين قد يقتلون أنفسهم ليعلنوا على الملأ اعتذارهم عما بدر منهم. وبالفعل أذكر أنني قرأت أكثر من خبر يشير إلى انتحار القياديين بطرق شنيعة اعترافا منهم بتحمل المسؤولية. ولو طبقنا مبدأ الانتحار الياباني كاعتذار في بلداننا العربية لربما زهقت أرواح ملايين الناس! ويصل الأمر في المواطنة اليابانية وحتى الياباني إلى حلق شعرها كاملا كنوع من تسجيل الاعتذار والندم. وتحدث الفيلكاوي عن روح الانضباط لدي اليابانيين، الذين جرى العرف عند كثير منهم إلى أن «يأتوا إلى مقر العمل قبل 30 دقيقة من ساعة بدء الدوام» الرسمي. ويعتبر الموظف الذي يأتي مع وقت بداية العمل بمثابة «موظف غير منتظم» على حد وصفه.…