آراء
الأحد ٠١ يونيو ٢٠١٤
رأيت أن أتناول هذا الأسبوع موضوعا بعيدا عن أجواء السياسة العربية التي ربما صار الحديث فيها تكرارا مملا للكاتب والقارئ في آن، فقد استمتعت مع عشرات إن لم يكُ مئات الملايين بمباراة نهائي كأس أوروبا بين فريقي ريال مدريد وأتليتكو مدريد، وكانت درسا راقيا في فنون اللعبة وتكتيكاتها، ولكن ما أثار في نفسي الرغبة في الحديث عنها هو ما حدث بعدها لا أثناءها، فما دار خلالها ليس ميدانيا وله فرسانه من المتخصصين. عندما أوشك حكم المباراة على إعلان نهاية المباراة تمكن النادي الملكي من انتزاع تعادل صعب ثم تحقيق نصر كبير على منافسه، وقد يكون مستحقا فنيا وإن كان قاسيا على الصعيد الإنساني لكنه يثبت حقيقة الخيط الرفيع بين اليأس والرجاء.. ولن أدخل في التفاصيل الفنية وإن كنت منحازا في تفضيل أحد الفريقين. رأينا المشهد الجميل الذي تندر مشاهدته في ملاعبنا، فعند نهاية المباراة قام اللاعبون بالبحث عن لاعبي الفريق الخصم ليتبادلوا معهم العناق والتحية والتهنئة والمواساة!، ولم نشهد اشتباكات ولا محاولات للانقضاض على الحكم، حتى إن المشهد الشاذ الوحيد الذي رأيناه كان رد الفعل العصبي الذي انتاب المدير الفني لفريق أتليتكو نتيجة تصرف طفولي من أحد لاعبي النادي الملكي، لكنه انتهى في لحظات ولم ينعكس على بقية اللاعبين ولا شارك أحد منهم في المناوشة القصيرة وما تربص أحدهم بالآخر…
آراء
السبت ٣١ مايو ٢٠١٤
غالباً ما يتم اعتبار أن المجتمع السعودي «مجتمعاً محافظا» أمراً مسلَّماً به. ومع غياب الدراسات الاجتماعية التي تبحث في هذه المسألة، يبقيها مجرد فرضية قابلة للأخذ والرد، ويمكن النقاش حولها باستمرار وبطرق مختلفة، من دون جزم في المسألة. يُستشَهد كثيراً بالممانعة لتعليم البنات، ثم ممانعة تأسيس التلفزيون والإذاعة...، وحوادث أخرى كان الصوت المحافظ الرافض للتغيير هو الأعلى صوتاً والأكثر ضجيجاً من أجل إثبات هذه المسلَّمة. اعتبار المجتمع السعودي محافظا، بحاجة إلى الكثير من التمحيص، وأزعم بأنه بالإمكان إبطال هذه الفرضية من خلال مقارنة هذه الأحداث، التي تُستخدَم أحداثاً رمزية تدل على محافظة المجتمع، بأحداث أخرى تدل على أنه مجتمع لا يختلف عن غيره من المجتمعات، من ناحية التنوع والتأرجح بين المحافظة والانفتاح. هناك مفاهيم متداخلة عدة يُتعامَل معها مترادفات أحياناً، وأعني المحافظة والتدين والتقليدية، بينما لا يمكن استخدامها على مستوى واحد. لا بد من التفريق بداية بين المحافظة الاجتماعية وبين التدين، فإن كان التدين والمحافظة الاجتماعية متلازمين في كثير من المجتمعات، فالأمر لا يبدو على هذا الصورة في المجتمع السعودي. يمكن القول – بكيفية ما - أن المجتمع السعودي مجتمع متدين، بمعنى أن القيم الدينية تؤثر في الأفراد بصورة كبيرة، إما عن تعلم ودراية واختيار وبحث، وهنا يكون الشخص المتدين مختاراً ومؤدياً للفروض والواجبات الدينية...، أو في شكل إيماني متوارث،…
آراء
السبت ٣١ مايو ٢٠١٤
ما هي الخلاصة التي سيخرج بها أي مسؤول سعودي بعدما استمع إلى خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في كلية «وست بوينت» الأربعاء الماضي؟ إنه مستمر في سياسة النأي بالنفس -ستعجب هذه اللبنانيين- ولن يتدخل عسكرياً لحسم أي صراع إلا في «الشديد القوي». قد يختلف هذا المسؤول مع آخر تابع معه الخطاب في ما إذا كان ذلك سياسة أوباما فقط أم أنها سياسة أميركية دائمة، ولكن سيتفق الاثنان على أن هذه الحالة «النأي بالنفس والشديد القوي» ستستمر عامين مقبلين حتى تنتهي ولاية أوباما، ولكن عامين في ظل عالم عربي مضطرب يعيش تقلبات وتداعيات الربيع العربي هما زمن طويل، وطويل جداً، وقد يفضي إلى نتائج إقليمية ليست في مصلحة الرياض وتمتد أعواماً عدة مقبلة. فما الحل؟ يسأل المسؤول السعودي رفيقه، فيجيبه ببيت شعر شهير للإمام الشافعي «ما حك جلدك مثل ظفرك... فتولّ أنت جميع أمرك»، فهل تستطيع السعودية أن تتولى جميع أمرها، بل جميع أمر العرب؟ ليس لها اختيار في ذلك، بل إنها البلد العربي الوحيد المؤهل لهذه المهمة، أن تكون «الأخ الأكبر» بحكم أنها تتمتع باحترام واسع والأفضل تأهيلاً عسكرياً والأكثر استقراراً، ولديها رؤية استراتيجية لا تخصها فقط وإنما تشمل كل المنطقة. السعودية وحدها تستطيع أن ترسل فريقاً عالي المستوى إلى ليبيا مثلاً لتطلب من الفرقاء هناك أن يجتمعوا تحت رعايتها…
آراء
السبت ٣١ مايو ٢٠١٤
سمعت الكثير عن الدكتور عبد العزيز الخويطر قبل أن أتعامل معه، ثم عندما استلم زمام الأمور ـ بالإنابة ـ في الوزارة التي كنت أعمل فيها، عرفته من خلال التعامل الشخصي شبه اليومي. لقد كان، رحمه الله، راقياً في تعامله وفي أخلاقه. من الصور القريبة التي ترد إلى الذهن عن الدكتور عبد العزيز الخويطر، ما سجّله صديقه الدكتور غازي القصيبي في كتابه «حياة في الإدارة»، وهي صورة الإداري المحافظ الذي لا تمنعه محافظته من الموافقة أحياناً على أكثر الاقتراحات جرأة عندما يقتنع بصوابية تلك الاقتراحات، وهذا ما حدث مع القصيبي حينما كان عميداً لكلية التجارة في جامعة الملك سعود، وكان الخويطر هو الرجل الأول في الجامعة. عندما سافر الدكتور غازي القصيبي إلى الولايات المتحدة في رحلته المرضية الأخيرة التي طالت شهوراً، لم يَعُد بعدها للوزارة حيث توفّاه الله متأثراً بمرضه، رشّح الدكتور الخويطر كي ينوب عنه في تسيير أمور الوزارة أثناء غيابه الطويل. وقد كان طيلة تسلُّمه لمهام الوزارة أميناً على ما أراده الدكتور القصيبي، فلم يتدخل ولم تخذ قراراً لصالح أشخاص أو جهات، رغم الضغوط الشديدة التي كانت الوزارة تتعرض لها بشكل يومي. لقد كان طيلة إدارته للوزارة قمة في النزاهة والأمانة والوفاء لوطنه ولصديقه غازي القصيبي رحمهما الله. وقد يرى البعض أنّ النزاهة هي تحصيل حاصل، وأنَّ مَنْ هو…
آراء
السبت ٣١ مايو ٢٠١٤
خمس مهام يمارسها حارس الحجر الأسود، بحسب تقرير نشرته صحيفة مكة الأربعاء الماضي ونسبته إلى مصدر في قوة أمن الحرم المكي بين هذه المهام: مراقبة المتطفلين من العبث بالحجر الأسود، وتنظيم المتجمعين حول الحجر لتقبيله، ومتابعة الطواف من مكان مرتفع ...إلخ. ولكن صورة حارس الحجر الأسود وهو يتكئ ليرتاح برهة، فتحت الأبواب لتفسيرات وتأويلات، وفتحت المجال للتطاول والأذى الذي يمتزج بين الغيرة الدينية المعتبرة، وبين الكلام لمجرد الكلام. الحقيقة أن رجال الأمن في الحرمين الشريفين وفي الأماكن المقدسة يؤدون أعمالا جليلة، وهم يتحملون في سبيل ذلك التعب والعناء. ووجودهم إلى جوار الكعبة المشرفة وفي مختلف أرجاء المسجد الحرام ضروري جدا، والأمر نفسه عند الحجر الأسود إذ لا غنى عن وجود رجال الأمن هناك. وتدافع الناس هناك كلنا يعرفه ويدرك مخاطره. ناهيك عن بعض التصرفات الفظة التي يمارسها بعض الطائفين. هذا الأمر وسواه من الأمور تجعل التربص بهؤلاء الرجال وتصيد بعض أخطائهم العفوية، مسألة تحتاج إلى أناة وتمحيص. إن تصنيع الرأي العام وتهييجه أمر يمارسه البعض باحتراف. ليس هنا مجال تشكيك بالدوافع الطيبة والحسنة لمن قام بالتعليق غاضبا، لكن في المقابل لننظر إلى الصورة بعين الرأفة والشفقة والعدل: تخيل نفسك واقفا وسط هذا البحر البشري المزدحم. إن الله غفور رحيم. وبعض البشر قلوبهم هي إلى الصخر أقرب، سامحهم الله. هذا ليس…
آراء
السبت ٣١ مايو ٢٠١٤
ترددت كثيراً في كتابة هذه المقالة، خوفاً من أُوصف بالأفاك لو ادعيت أن أمسية جمعتني برهط من كفار قريش، لكنني وبشجاعة قررت الكتابة لأمرين: أولهما أنكم - كقراء - تستحقون عيش التجربة المذهلة التي عشتها، وثانيهما أن بعضاً ممن شهد الأمسية شخصيات حقيقية، يمكنكم الرجوع إليها لو أردتم معرفة تفاصيل ما حدث تلك الليلة. بداية عرّف الضيف بنفسه قائلاً: إنه الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، أحد أشراف قريش وكبير ساداتها، وصف نفسه بـ«الوحيد»، لأن قريشاً كانت تكسو الكعبة عاماً، وهو وحده من يكسوها في العام التالي، ثم تفاخر بكرمه في مواسم الحج، التي كان يذبح فيها للحجيج كل يوم 10 من الإبل طوال 40 ليلة. أثنى أحدهم على ذكاء الوليد وفطنته، مستشهداً بالآية القرآنية: «إِنّهُ فَكّرَ وَقَدّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدّر»، ثم سأله آخر متعجباً: كيف لإنسان بهذا العقل الكبير أن يلحد معطلاً عقله عن الحق؟! هنا أجاب الوليد: أتذكر ذلك اليوم جيداً؛ فبعد أن سمعت الحق يتلى، لقيني أبوجهل في طرقات مكة، ذكّرني بمكانتي بين قومي وعظم شأني فحرك كبريائي، فأعملت عقلي لأتهم دين محمد وأصدَّ عنه. هنا عقّب زميلي بأن الجاهلية التي تعيشها العقول منبعها إعجاب الناس بسعة معرفتهم، فتضخمت في داخلهم «الأنا»، ليطأوا كل الثوابت والمبادئ، بهدف الانتصار لذواتهم، اكتفى الوليد بعبارة: الدروس لا تجدي نفعاً الآن؛…
آراء
الجمعة ٣٠ مايو ٢٠١٤
ذهبت ميرة ـ ذات يوم ـ مع أخيها عبدالله إلى منتزه خليفة، وهناك شاهَدَتْ فتىً يافعاً لا يتجاوز العشرين، يشارك في لعبة التسلق وبجانبه أم وابنتها، جرى حوار قصير قال فيه الفتى للأم: مثل هذه الألعاب تساعدني على تقوية عضلاتي، فترد الأم بلا مبالاة، وأنهت الحوار سريعاً! تأثرت ميرة بالموقف، فناجَتْ نفسها: ما حدث اليوم لهذا الفتى سيحدث غداً مع عبدالله، لأنهما يحملان المتلازمة نفسها، وكانت هذه نقطة البداية والتغيير. في 25-4-2010 ولد عبدالله، لكنّ قدومه أحدثَ صدمة غير متوقعة، إذ وُلِد مصحوباً بمتلازمة داون، ولأن عبدالله وُلِد في أسرة راقية، تحولتْ هذه الصدمة إلى نعمة، فصار البيت أشبه بخلية نحل، الوالدان يبحثان عن مراكز مختصة داخل الدولة، ومريم وميرة تبحثان في الإنترنت، تقول مريم: كان المحتوى العربي للأسف ضعيفاً جداً، أمّا المصادر الغربية فكانت ثرية، لهذا جاء قرار الأسرة بالسفر إلى ألمانيا. أُجرِيَتْ له جلسات المساج الخاصة، وحصص النطق المبرمجة، مع رعاية طبيب مختص كان يفاجأ بالتطور الإيجابي مع كل زيارة. وهناك اطّلعتْ الأسرة على تجارب أُسَر ألمانية مع أطفال لها مولودين بمتلازمة داون. ثمّ قصدتْ ميرة مركزَ المستقبل المختص بأطفال متلازمة داون، فعرضتْ عليه مشروع تخرجها، وقامت بعمل ورشة رسم لأطفال المركز، وأطلقتْ حملتها «لا تخذلني»، وحوّلت الرسوم إلى تصاميم وطبعتها على منتجات بِيْعَتْ في معرض صغير بأحد…
آراء
الجمعة ٣٠ مايو ٢٠١٤
الحضر المستنيرون أساتذة في التغيير، وصناعة الدهشة والفارق. قدرهم أن يحفروا الأيام والليالي لتعميق أثر البصمات والنقوش الملونة كي تبقى أطول وقت ممكن؛ بينما يتفرغ غيرهم للدعاء أن يفشلوا وينتكسوا، ويصابوا بعاهات مستعصية، وكم من دعاء عاثر جاء بوزارتين!! هذا التصور الخاطئ والنمطي والمؤلم عن الأشخاص والأفكار وكذلك المؤسسات الراشدة قد يجعلك تدعو بالويل على من يستحق أن تدعو له بالمغفرة والفلاح، وانتصار الأمل.. حينما أراد وزير الصحة المكلف أن يُجري لقاء طارئاً مع قيادات الوزارة عبر الدوائر التليفزيونية المغلقة عقب تكليفه مباشرة لبحث موضوع كورونا؛ لم يستطع التواصل مع أولئك الأشاوس الكبار بسهولة، والسبب هو ضعف البنية الأساسية الإلكترونية في الوزارة كما يقولون هم، وربما بسبب عدم اهتمامهم الكافي بموضوع كورونا من الأساس كما يقول المراقبون.. مبدئياً كل وزارة تفشل في عقد لقاء عبر دائرة تليفزيونية مغلقة تعيش خارج العصر حتى ولو تبجحت بنجاحاتها، وكل وزير يريد عقد اجتماع طارئ مع قيادات وزارته فلا يجدهم عند الضرورة عليه أن ينصحهم بالبحث عن أماكن عمل أخرى تلائم ظروفهم، ولا أقول تسيبهم ولا مبالاتهم كي لا تأخذهم العزة بأيام التسمين الخوالي!! كانت هذه صدمة المهندس عادل فقيه الأولى في وزارة الصحة التي كُلف مؤخراً بإنقاذها، ولابد أنه وجد فيما بعد فساداً مالياً وإدارياً، وكياناً هائلاً من الفوضى وسوء التخطيط، وربما صدمات…
آراء
الجمعة ٣٠ مايو ٢٠١٤
حمل الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، جملة من المبررات الإضافية، للداخل اللبناني، والطائفة الشيعية، والخارج العربي الإسلامي، حول التدخل العسكري لحزبه في سوريا، وقدم ما عده نتائج إيجابية لهذا التدخل، يمكن استثمارها سياسيا في سوريا ولبنان، وركز نصر الله في خطابه على أن اللبنانيين والعرب سوف يشكرون الأسد وحزب الله في المستقبل، على حربهم ضد ما يسميه الإرهاب، مكررا اختزاله ثورة الشعب السوري بـ«داعش» و«جبهة النصرة». وقد أضاف نصر الله التحول الميداني لصالح قوات الأسد على الأراضي السورية، المدعوم بمقاتلين من حزب الله وميليشيات عراقية بإشراف إيراني، إلى مجموع الانتصارات التي حققها هذا المحور، على ما سماه مواجهة المشروع الأميركي في المنطقة (الذي يتحاورون ويتفاهمون معه الآن). لكنه في الوقت نفسه غاب عن باله أن هذه الانتصارات فرضت حرب استنزاف في سوريا، لن يقوى أي مشارك فيها، ولو تحقق له النصر في مرحلة معينة، على أن يحسم جولاتها لصالحه، أو أنه سيتمكن من الخروج منها سالما، وذلك بالمقارنة مع تكاثف الانعكاسات الخطرة التي ولدها هذا التدخل على النسيج الاجتماعي السوري، وارتداداته المباشرة وغير المباشرة في المقبل من الأيام على الطائفة الشيعية في لبنان. لا يتجاوز عدد الشيعة اللبنانيين 32 في المائة من إجمالي عدد السكان، ومن ثم لن يكون بإمكانهم مهما راكموا من قوة وقدرات…
آراء
الجمعة ٣٠ مايو ٢٠١٤
لقد صارت مهمةً من العبث العابث، إذا صحَّ التعبير، وأعني بها مجادلة الإيرانيين بشأن تنظيماتهم المسلَّحة في أربع دولٍ عربية. ولو اقتصر الأمر على الإيرانيين وأنصارهم الطائفيين والمذهبيين لقلنا إنَّ هؤلاء إنما هم مثلنا عندما كنا نندفع في دعم المقاومة الفلسطينية في الستينات والسبعينات، باعتبار أنَّ للقضية الفلسطينية أولويةً على كل ما عداها. وقد كنا نعترف بأخطائها أحيانا دون أن نُرتّب نتائج على هذا الاعتراف، أو لا نعترف على الإطلاق، ونعتبر كلَّ نقدٍ جزءًا من المؤامرة الأميركية والصهيونية على «المقاومة» والتحرير! ولا أزال أرى حتى اليوم، أنَّ ما أصابنا وأصاب الفلسطينيين ليس ناجمًا عن أخطاء المقاومة بالدرجة الأولى، بل عن أمورٍ ثلاثةٍ أخرى، وأخطاءُ المقاومة رابعُها. الأمر الأول: التفوق الصهيوني العسكري والاستراتيجي. ولا ينبغي أن ننسى أنَّ الولايات المتحدة حليفة إسرائيل كانت تتجه للانتصار في صراعها مع الاتحاد السوفياتي في الحرب الباردة. والأمر الثاني: إنه ما كانت هناك استراتيجية عربية لمواجهة الصهاينة بعد عام 1973، بل عهدوا بالأمر عمليًا بعد حرب عام 1967 إلى الفلسطينيين وحدهم، وراحوا هم يهادنون أو يتصالحون مع إسرائيل من أجل استعادة الأرض التي فقدوها في زمن الدول العسكرية التقدمية. والأمر الثالث: اتجاه دول الممانعة والمقاومة وجبهة الصمود إلى أخذ وظائف من الولايات المتحدة بشأن استيعاب المقاومة الفلسطينية وقوى التحرر أو التمرد العربي الأخرى. وما كان…
آراء
الخميس ٢٩ مايو ٢٠١٤
تمخضت الانتخابات الهندية، مطلع الأسبوع الماضي، عن فوز حزب بهارتيا جاناتا (ينتمي إليه المتطرف الذي قتل المهاتما غاندي) بغالبية الأصوات، ما يعني تخويل رئيس الحزب ناريندرا مودي رئاسة الحكومة الهندية خلال المرحلة المقبلة. وقد اشتهر مودي بأنه هندوسي شديد التعصب، وكان قد اتهم بالمشاركة في أعمال عنف ضد المسلمين في الهند، ما حدا بالولايات المتحدة أن ترفض السماح له بدخولها في عام ٢٠٠٥ على خلفية مشاركته في تلك المذابح. الآن طبعاً سيدخلها ويدخل غيرها بفضل إرادة الشعب الهندي الذي صوّت له! وفي نهاية الأسبوع الماضي، كانت المفاجأة لكل المراقبين للانتخابات الأوروبية فوز المحافظين والأحزاب اليمينية في كثير من دول أوروبا، والمفاجأة الكبرى بالطبع في تلك النتائج هي فوز زعيمة الحزب الفرنسي اليميني المتطرف مارين لوبين باكتساح لم يتوقعه أكثر العنصريين تفاؤلاً. وكانت لوبين، وأبوها من قبلها رئيساً للحزب، يخوضون الانتخابات الرئاسية الفرنسية طوال الأعوام الماضية فلا يحصلون إلا على النسبة الأقل أمام حزبي اليمين الوسط والاشتراكي. لكن أرقام الأصوات كانت ترتفع في غلّة اليمين المتطرف مع كل فترة انتخابية لاحقة من دون أن يأخذ المراقبون الموضوع بجدية، وها هي الآن باتت تقترب أكثر فأكثر من الفوز برئاسة فرنسا في الجولة الانتخابية المقبلة عبر بوابة الاتحاد الأوروبي الواسعة. ما الذي يمكن استنباطه من سَوق هذين المثالين الطازجين من نتائج انتخابات أعرق…
آراء
الخميس ٢٩ مايو ٢٠١٤
كثيرا ما أتساءل: لماذا نكافئ المتأخرين عن المواعيد بانتظارهم، ألا نعاقب بذلك من حضر باكرا؟! هذه التدوينة التي كتبتها في «تويتر» ولاقت تفاعلا ملحوظا، ذكرتني بمؤتمر نفطي واستثماري شهير حضرته في لندن، حينما وقف أمامنا عريف الحفل الإنجليزي وقال بصوت جهور وواثق: «سوف يدخل عليكم من هذا الباب في تمام الساعة الحادية عشرة صباحا الأمير تشارلز» راعي الحفل. وشدد بصوته على كلمة «في تمام» (Sharply)، ثم قال: «وإذا دخل أرجو من حضراتكم الوقوف مشكورين». التفتُّ إلى صاحبي مستغربا من ثقة العريف الكبيرة بالدقيقة التي سيدخل فيها عريف القاعة. وبالفعل بعد عشرين دقيقة دخل الأمير حسب الموعد المعلن. وبينما نحن نقف حسب البرتوكول شعرت أنني لا أستجيب للبرتوكول فحسب، بل أقف احتراما لشخص احترم أوقاتنا، وهو ما يعكس الاعتقاد الشائع عن انضباط الإنجليز بمواعيدهم. ومن صور هذا الانضباط الجرس الإنجليزي الشهير الذي يدقه بيده عريف الحفل وهو يقف خارج القاعة إيذانا ببدء جلسة من جلسات منتدى أو مؤتمر. ومن المفارقة أن ذلك ذكرني أيضا براعي مؤتمر عالمي أقيم في بلد عربي، إذ تأخر لمدة ساعتين عن افتتاح المؤتمر الذي كان يحضره كبار رؤساء الشركات في العالم والوزراء وكبار الضيوف ووسائل الإعلام. ولما سألت المنظمين: أخشى أن راعي الحفل قد حدث له مكروه! فضحك وقال: لا هو سيصل بعد ساعة ونصف الساعة…