آراء

آراء

نادية.. قصة مبتعثة

الخميس ٢٩ مايو ٢٠١٤

ترددت نادية طويلا قبل استكمال إجراءات ابتعاثها إلى أمريكا. فالعديد من أقاربها عارضوا فكرة دراستها في الخارج كونها في عمر خطر على حد زعمهم. لقد كانت في الخامسة والعشرين، وقتئذ. أي أن قطار الزواج سيفوتها لو ذهبت إلى الولايات المتحدة. لم تخش نادية ضياع الزوج فحسب، إنما الوظيفة كذلك. فرغم أنها غير موظفة آنذاك إلا أن عمتها حذرتها من أن الوظائف ستهطل عليها إذا سافرت وحينها ستصرف بقية حياتها في الندم والانتحاب إثر قرارها بالالتحاق ببرنامج الابتعاث. كان شقيقها الأصغر هو الداعم الرئيس لها قال لها تعالي عندي وارمي كل الكلام الذي سمعته خلف ظهرك. راق لها كلام شقيقها كثيرا لأنه يتوافق مع رغبتها في متابعة دراستها في التخصص، الذي طالما كانت تحلم بدراسته لكن عدم وجوده في السعودية حال دون تخصصها فيهِ. سافرت إلى أمريكا وبدأت الدراسة. عانت الغربة رغم وجودها مع شقيقها لكن معاناتها الأكبر كانت مع حالة القلق التي انتابتها بسبب خشيتها أن يصح كلام الأقارب في أنها ستخسر أكثر من أن تكسب إثر قرارها بمتابعة دراستها العليا في الخارج. سيطرت على نادية الوساوس خلال شهورها الأول لكنها بدأت تخفت تدريجيا مع انغماسها في دراسة الماجستير ومتطلبات الدراسة المكثفة. لم تعد تملك وقتا كبيرا لتفكر وتتأمل وتسترجع ما قيل وما يقال. بعد نحو تسعة أشهر فقط تلقت…

آراء

نماذج الأنظمة الحديثة

الخميس ٢٩ مايو ٢٠١٤

مع انهيار المعسكر الشرقي قبل أكثر من عقدين من الزمن ساد النظام الرأسمالي كافة بلدان العالم، ما عدا القليل من الدول، ككوبا وكوريا الشمالية التي لا زالت تكابر رغم معاناة شعوبها بسبب الحصار وسوء الإدارة الاقتصادية. بدوره وضمن تطوره الطبيعي قدم النظام الرأسمالي نماذج متعددة تفاوتت فيما بينها في كيفية إدارة الثروات وتوزيعها، مما انعكس على التركيبة الاجتماعية لهذه الأنظمة والتي أبدى البعض منها مرونة فائقة في التعامل مع القضايا المتعددة التي واجهها، في حين سادت التوترات نماذج أخرى نتيجة تغير الهيكلية الاقتصادية، والتي أضحت أكثر اعتماداً على رأس المال غير المنتج. وعمق انهيار المعسكر الشرقي من الفرز في النظام الرأسمالي، مما زاد من التفاوت بين دوله لتسير الأمور باتجاه إنهاء عالم القطب الواحد الذي ساد العقدين الماضيين ليتشكل عالم رأسمالي جديد متعدد الأقطاب لأول مرة في الطور الحالي من تطور هذا النظام. وتشكل الرأسمالية الأنجلو - ساكسونية النموذج الأول والذي يعتمد بصورة أساسية على دوران رأس المال المالي والتلاعب بالمشتقات المالية وتعظيم الثروات عن طريق المضاربات، والتي كانت سبباً رئيسياً في الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم في السنوات الخمس الماضية. وتقف الولايات المتحدة وبريطانيا على رأس هذا النموذج، حيث شهد اقتصاديهما تحولات كبيرة تراجعت فيها حصة الصناعات لصالح القطاعات الخدمية، وبالأخص الخدمات المالية والمصرفية، والتي يمر من خلالها…

آراء

تويتر أو الفرس الجموح

الخميس ٢٩ مايو ٢٠١٤

1ـ لا شك أن تويتر (بالتأنيث كما ذكرت من قبل) هي فرس جموح، قوية وسريعة، وكذلك هي عنيفة ومتقلبة الأحوال، وكثيرا ما تتحول النقاشات في تويتر إلى حالة تبادل لفظي حاد وانفعالي وحينها ستمتحن ذاتك عبر رد فعلك على غيرك أو رد فعل غيرك عليك، وستكون فيهما معا في مواجهة مع الفرس الجموح ولك أن تطرد وراءها وتتركها تجرك معها فتكسوك غبارا وتغلفك بالتراب على وجهك ورأسك، وأشد من هذا أنها ستجرك خلفها حتى لا ترى دربك وتقع في الحفر وتهشمك الحصى ويغطيك الوحل، وحصل لكثير منا شيء أو أشياء من هذا وإن بدرجات، وبعضنا أو في بعض أوقاتنا نتنبه مبكرا فنقرر أن نمتطي صهوة الفرس بدلا من أن نركض من خلفها، وقد نتمكن من ترويض حركتها ونسيرها عوضا عن أن تجرنا، وإن نجحنا في هذه فلا شك أننا سنسلم من وعثاء الجموح المتوحش. ولقد مررت بشيء من هذا ومن ذاك وكما قال الشريف الرضي (وللجهل أوقات وللحلم مثلها/ ولكن أوقاتي إلى الحلم أقرب) وكأنه قالها كقانون ثقافي لتويتر وفرسها الجموح، ولقد حظيت في بعض أمري بفرص للحلم والتحالم مع جموحات تويتر، وكانت مقالاتي عن الرهطوية بمثابة السيرة التويترية، وسأصف لحظاتها الجامحة وصهوة الفرس حين لمحتها عيني. 2ـ نشرت يوم الخميس الأول من مايو 2014 (1 رجب 1435) مقالتي (المكشوفة…

آراء

المحور السعودي المصري الإماراتي

الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠١٤

في صباح اليوم (الأربعاء) يضع المصريون إكليلاً من الورد على قبر «مشروع الشرق الأوسط الجديد»، أو مشروع «الفوضى الخلاقة» الذي تبنته السيدة كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ونفذتها إدارة الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما، بشراكة مع جماعة الإخوان المسلمون -المصنفة إرهابياً-، وجماعات اليسار، والليبراليين الجدد في العالم العربي. المصريون استطاعوا بثورتهم المجيدة في 30-6-2013، ضد «الإخوان»، المقاول الرئيس للمشروع، ليس إيقاف ذلك المشروع وإجهاضه في «قاهرة المعز» فحسب، بل وإنهاء أي أمل في إعادة إحيائه من جديد، على رغم كل محاولات أميركا وعملائها «الصغار» في المنطقة لتعويمه وتنشيطه، أو حتى وضعه تحت أجهزة الموت السريري إلى أن تحين الفرصة من جديد. ذلك التدمير الذي فعله المصري البسيط، لم ولن يكون حدثاً عادياً يمر على تاريخ المنطقة مرور الكرام، بل هو في حقيقته تغيير جذري لمجرى التاريخ برمته، وللتعاطي السياسي والعسكري مع المنطقة، فهذه الأمة المكونة من حوالى نصف بليون نسمة، التقطت أنفاسها، بعدما كادت تنفرط خلال ثلاثة أعوام فقط، وتدخل في سراديب لا نهاية لها من الفوضى والعدم. هذا المشروع استثمر فيه بلايين الدولارات، وجند له آلاف العملاء والخونة، من خلال التدريب والتأهيل والتآمر، لدفع الشعوب نحو الثورات واستغلال حاجاتهم وأمنياتهم لغد أفضل، لم ينتج منه سوى خسائر فادحة لما يقارب 400…

آراء

السائقون في شوارعنا سكارى وما هم بسكارى!

الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠١٤

دار بيني وبين صديقي هذا الحوار: الصديق: لاحظت في كثير من مقالاتك أنك تجلد ذاتك وذواتنا، خاصة في حال مقارنتنا مع غيرنا، فهل هي عقدة "الآخر" المتمدن والحداثي الذي رغم كل شيء فإنه لا يخلو مثلنا من العيوب والمآخذ؟! أنا: معك حق، لكنني في مقالاتي أتعمد رصد بعض أخطائنا وبعض مزايا الآخر وأسلط عليها الضوء من باب "انظر حولك". الصديق: لكنك لا ترى فيهم إلا المزايا! أنا: بل قل إنني لا أنقل إلا المزايا عندهم، التي نفتقدها وأترك لغيري ترصد أخطائهم وتضخيمها! على أنني في المجمل أضع المجهر على أصول التمدن وطرائق الأخذ بأسباب الحضارة التي كانوا ولا زالوا أربابها ومبدعيها وصانعيها، إذ علينا أن نطبق مشروع الحضارة دون انتقاء إلا ما يتعارض طبعا مع ثوابتنا الدينية. الصديق: وهل نحن لا نفعل ما تقول؟ أنا: على الإطلاق، فنحن فقط نأخذ الهيكل والمظهر، إذ نبني الناطحات ونؤسس شبكات الطرق، ونستورد أحدث وأغلى السيارات لكننا لا نحسن ـ مع ذلك ـ التعامل مع هذه المستجدات. الصديق: كيف؟ أنا: سأقصر كلامي على الطرق واستخداماتها وسأطرح عليك مجموعة من الأسئلة الاستنكارية ولا أنتظر منك إجابتها لأنها معروفة لدي. الصديق: طيب، تفضل. أنا: هل نحن نرعى أنظمة المرور واستخدامات الطرق وهل نحترمها؟ وهل نقود السيارة وفق الحارات المقسمة في الطريق، أم أننا نقودها كما نفعل…

آراء

“موسم” فصل المعلمات السعوديات!

الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠١٤

يبدو أن وزارة العمل السعودية اكتفت بقرارها التاريخي المتأخر جدا حين حددت راتب المعلمة المواطنة في المدارس الأهلية ثم غابت عن ذلك المشهد برمته، هذا الغياب الذي لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة، زرع بيئة خصبة لتجاوزات خطيرة تقوم بها تلك المدارس التي تتكئ على ممارساتها تلك لهشاشة اللوائح المحددة لطبيعة العمل، ولبطء إجراءات التداعي، ولجهل بعض المعلمات بحقوقهن الوظيفية، ولسبب آخر يكمن في أن المعلمات اللاتي طالبن بإنصافهن وإعادة حقوقهن المسلوبة هن الآن يراوحن ذهابا وإيابا بين مكتب العمل وصندوق الموارد البشرية، أما النتيجة فهي كـ"المستجير من الرمضاء بالنار"! غابت وزارة العمل بمشاركة وزارة التربية والتعليم كل السنين الماضية عن كل مسلسلات الظلم والتطفيش والمعاناة والحرمان التي تتعرض لها المعلمات في تلك المدارس، لتتعالى الصيحات وتتزايد المشكلات وليتضاعف الحمل على معلمة كانت تعول عائلة كاملة بـ"5600 ريال" حين عادت نتيجة لكل ما سبق لمربع العطالة الأول! أن يكون قدرك الاستماع لإحداهن وهي تشتكي بحرقة لكامل معاناتها اليومية فذاك يعني أن ساعتين على الأقل ستنقضي من نهارك، ذلك يعني أن تفهم كيف يتم التحايل على الأنظمة باحترافية عالية! أن تدرك أن الأمان الوظيفي لإحداهن يخضع لمزاج المسؤولة الأجنبية ليس غيره، أن تعي كيف تصبح التفرقة حاضرة بكامل ملامحها حين يتم التأمين الطبي للمعلمات الأجنبيات، بينما يغيب كل ذلك عن المعلمة…

آراء

طالب البعثة الذي يصفر عند الإنجليز

الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠١٤

أجرب اليوم الخروج عن النمط الجدي الذي أتهم به في اختيار المواضيع. سوف أحاول تخفيف الجدية التي يتهمني بها بعض القراء. أحدهم كان خفيف الظل (وما زال)، طلب مني صراحة ً أن أنزل قليلا ً من أعلى البرج، سألته كيف؟، قال باللهجة الدارجة لا تثقل حيل جزاك الله خير، ما عندك إلا جد في جد وأنت كنت تكتب في اليمامة قبل ثلاثين سنة مقالات ساخرة مقبولة. سألته إن كان يقصد أن مقالاتي ثقيلة دم، قال تقدر تقول، يعني تقريبا ً، ثم هرش خلف رأسه وصر حاجبيه. عندما سألته لماذا إذا ً يقرأ هذه المواضيع أجاب بأن ذلك أحيانا ً من باب الوفاء لصداقتنا القديمة. ودعته مشوشا ً لأنني لم أكن أعتبر نفسي جديا ً إلى هذه الدرجة، ولا أن صاحبي القديم يتمتع بكل هذا المستوى من موهبة السخرية اللاذعة. لاحقا ً تذكرت هذا الحوار الحقيقي وأنا أشاهد برنامج روتانا خليجية «يا هلا» في واحدة من حلقات المسلسل الحواري المكسيكي بين الصديقين علي العليان وأحمد العرفج. عفوا ً فأنا لا أقصد بوصف مكسيكي أي معنى آخر سوى ما يتعلق بعدد الحلقات، ولكن مع الإشادة بالقدرة المتجددة على انتزاع الإعجاب والابتسامات من صدور الكادحين المرابطين أمام التلفزيون. بكل جد، علي العلياني وأحمد العرفج يشكلان إضافة متميزة من المرح التربوي والتعليمي والترفيهي على…

آراء

الدبلوماسية الشعبية .. إشكالية المصطلح ومقارنتها بالدعاية

الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠١٤

كما ذكر فيتز باترك Fitzpatrick فإنه لا يوجد تعريف محدد معتمد عالمياً لمصطلح الدبلوماسية الشعبية Public Diplomacy، إلا أنها أقرب ما تكون إلى ما هو موضح في نموذج القوة الناعمة Soft Power لجوزيف ناي Joseph Nye، التي تقوم فكرتها في الشؤون الخارجية على أنها: "القدرة على الحصول على ما تريد من خلال الجاذبية، وليس الإكراه أو الصرف والإنفاق والمكافأة المالية. وذلك عندما تجعل الآخرين يريدون ما تريد، دون الحاجة إلى أن تدفع باتجاه سياسة العصا والجزرة لتحريك الآخرين في الاتجاه الذي تريد ويحقق مصالح دولتك". وهي بذلك اتصال ذو اتجاهين لبناء العلاقة مع الشعوب في الدولة الأخرى للدفع باتجاه تبنيها - عن قناعة - لما يحقق أهدافك وأهداف دولتك السياسية الخارجية. ونظراً لوجود ترجمات عربية عدة للمصطلح الإنجليزي Public Diplomacy أبرزها (الدبلوماسية الشعبية) و(الدبلوماسية العامة) و(الدبلوماسية العلنية)، فقد كانت إشكالية التعريب هذه محل جدل، وقد تجنبت في مقالاتي ودراساتي استخدام (الدبلوماسية العلنية) كونه كما قال حيدر القطبي: "الأقل انتشاراً والأكثر عمومية". إلا أن الإشكالية الحقيقية التي واجهتني في تعريب المصطلح هي: هل أستخدم (الدبلوماسية الشعبية)؟ أم (الدبلوماسية العامة)؟ وقد كانت هذه الإشكالية محل نقاش محتدم بيني وبين بعض الأساتذة الأكاديميين المختصين في حقل العلوم السياسية، إذ ارتأوا أن الترجمة العربية الصحيحة للمصطلح - من وجهة نظرهم - هي (الدبلوماسية العامة)،…

آراء

وزارة العمل.. ونقاب العاملات السعوديات

الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠١٤

وزارة العمل في قرارها الأخير بإلزام العاملات السعوديات بمحال المستلزمات النسائية بارتداء النقاب وعدم التحدث مع زملائهن في تلك المحال. الوزارة باعتقادي تدخلت في قناعات العاملات وماذا يلبسن ومع من يتحدثن، وهذا منافٍ لأبسط حقوق الإنسان في أي بقعة في العالم. وزارة العمل عليها أن تهتم بظروف وبيئة العمل وتحسنها، التي تخدم المرأة في الاستمرار بأداء وظيفتها بشكل مريح، فأما ماذا ترتدي هذه العاملة أو تلك من «طرحة» أو «نقاب» فهذا سيفتح الباب التدخلات من جهات أخرى في ممارسة ضغوط على المرأة السعودية في تلك المحال، ونحن نعرف أن معظمها، ولاسيما في المراكز التجارية الكبيرة مغطاة بكاميرات تستطيع أن تعرف وتكشف أي مضايقات تتعرض لها المرأة، سواء عميلة أو عاملة. نقطة أخرى ألا وهي من سيتولّى تنفيذ هذا القرار؟ وهل يكون من ضمن شروط الحصول على الوظيفة أن تكون على استعداد في لبس النقاب من عدمه؟ علينا أن نترك مثل هذه التفصيلات للمرأة نفسها فمن أرادت النقاب فهذا حقها، ولكن أن نفرضه على من لا يردن ذلك فهذا هو من سياسة التطفيش والإقصاء ضد مفهوم خروج المرأة للعمل من بعض الجهات، والتي قدمت وزارة العمل تنازلات لها، للأسف أن هناك قلة لدينا صوتها مرتفع وتصادر رأي الغالبية بأن هذا هو موقف المجتمع من عمل المرأة، وكلنا يتذكر وفود المحتسبين إلى…

آراء

جدار الماء (حفتر.. بين «العار والنار»!)

الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠١٤

غابت أخبار ليبيا عن صدارة الأخبار العربية والعالمية منذ سقوط نظام معمر القذافي، واحتفال بنغازي وطرابلس بقتله وإنهاء حكمه «الطائش»، لكن اللواء خليفة حفتر أعادها إلى الواجهة مرة أخرى! يخطئ من يعتقد أن الليبيين بعد مقتل القذافي وشتات «جرذانه» ذهبوا إلى منازلهم المهدمة لإعادة بنائها آمنين، أو أنهم كانوا يضعون رؤوسهم للنوم كل ليلة بجفون آمنة مطمئنة على مستقبل بلادهم وأمنها واستقرارها وسيادتها. يقول صديق ليبي يقيم في لندن (يرفض ذكر اسمه)، ليبيا تعيش على أرتال من الأحزان والآلام، يتفشى الإرهاب والفساد والمحسوبيات والاغتيالات، وتتكاثر الميليشيات، ويكثر القتل والسطو والخطف والتعذيب حتى الموت، وعناصر من نظام القذافي لا تزال تُمسك بمراكز حساسة في أجهزة الدولة. ويشير ذلك الصديق الذي غادر بلاده قبل 35 عاماً، وعاد إليها بعد زوال حكم القذافي، إلى أن الليبيين يؤيدون حفتر، ويناصرون صولته ضد «الإخوان» والجماعات التكفيرية، لتطهير البلاد من تنطع تلك الميليشيات. في ليبيا، عصابات وجماعات مسلحة ومتطرفة، ومنافقون وأصحاب مصالح سعوا منذ اللحظات الأولى إلى تقاسم ثروات ليبيا، ورسم دويلاتهم على خرائط ضيقة لا تكترث بمستقبل البلاد والعباد. انتصرت الثورة على القذافي، لكن أخبار الاغتيالات والعصابات والعنف والخطف والأعمال الوحشية لم تغب عن المدن والمحافظات الليبية. في كل يوم تهب رياح الفتنة على ليبيا، ما كان يستوجبُ تدخل حكمائها ورجالاتها المخلصين لإنقاذها وحقن الدماء،…

آراء

اجتثاث التشدد من التعليم

الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠١٤

الحمد لله أنني عشت حتى رأيت وزير التربية والتعليم، الأمير خالد الفيصل، ينتقد سيطرة الفكر المتشدد على ميدان التعليم وغيره من ميادين العمل في الماضي. وهذا يؤكد ما كتبته وكتبه غيري، تكرارا ومرارا، من أن حياتنا، من مركز الحي إلى الجامعة، مختطفة من بعض المتشددين الذين، كما قال الأمير الوزير، اختطفوا أبناءنا بعد أن استهتر المجتمع، والمشهد الوطني برمته، وترك هؤلاء الأبناء لقمة سائغة لهؤلاء المتشددين ومحاضن أفكارهم. لقد دقت مسامير تشدد كبرى في كل زاوية من زوايا مجتمعنا إلى أن وصلنا إلى هذه الحالة المؤسفة والمزرية من الفرز و(تفكيك) الناس على هوى هذه الجماعة أو تلك. بل لقد بلغ دق المسامير والأسافين التي تهدد سلامتنا الاجتماعية مبلغا لم نتصور حدوثه من قبل، إذ قبل أيام فقط كان هناك على تويتر من يستبيح الرؤوس ويطالب أو ينادي بحزها نظير ما قاله أصحابها هنا وهناك. وهذه نتيجة طبيعية يصل إليها كل من لا يرون رأيا غير رأيهم ولا يعترفون بفكر غير فكرهم ولا يقبلون الألوان التي خلق الله الدنيا عليها. وما يفعله (الداعشيون) الآن في سوريا أو ما يفعله متطرفو ليبيا أو مصر هو من إفرازات التشدد الأكبر الذي ظل يرعى في صفوف المجتمعات حتى بلغ ما بلغه من استباحة الدماء والكرامات، بل واستباحة حياة الناس بكل وأدق تفاصيلها. لقد تأخرنا…

آراء

مواجهات خالد الفيصل

الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠١٤

هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها خالد الفيصل مسؤولياته بقلب من حديد، وسواء اتفقنا أو اختلفنا حول منهجه الإداري الصارم إلا أنه مسؤول يتجه إلى أهدافه المعلنة بشكل مباشر دون مراوغات أو تسويات يمكن أن تعيق أي إنجاز يطمح إليه، وبالأمس دخل سمو وزير التربية والتعليم في مواجهة صريحة مع قوى الظلام والتشدد التي اختطفت قطار التعليم وجعلت أي مشروع باتجاه المستقبل ضربا من ضروب الخيال، ورفع راية الاعتدال في مواجهة كل التيارات المتشددة التي تحاصر عقول أبناء اليوم وآباء الغد. وفي الوقت ذاته أجاب خالد الفيصل عن التساؤل الأساسي حول ما ستفعله وزارته بالثمانين مليارا التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم، مؤكدا أنها ستوجه لابتعاث 25 ألف معلم وتطوير البنية التحتية للمدارس وإنشاء آلاف المدارس الجديدة، وهو هنا يدخل مواجهة جانبية مع فئات من المعلمين تراكمت مشاكلها الوظيفية وعلقت وجمدت حلولها وافترضت أن قسما من الثمانين مليارا سوف يخصص لحل مشاكلها المعلقة، واليوم لا يخفى على أي متابع أن المعلمين والمعلمات يكادون أن يكونوا المجموعة المهنية الأعلى صوتا وليس بعيدا أن تستغل القوى المتضررة من إجراءات الأمير خالد الحازمة مشاكل المعلمين في حملات التشهير والتحريض المتوقعة والمنتظرة. قد يكون خالد الفيصل محقا في عدم إرباك مشروع التطوير والتجديد بمشاكل إدارية تراكمت وتعقدت قبل مجيئه إلى الوزارة…