آراء
الإثنين ١٩ مايو ٢٠١٤
يقول أفلاطون إنه لا يعرف معنى العدالة، ولكنه يعرف معنى غياب العدالة. ربما يبدو هذا مدخلاً فلسفياً مناسباً للحديث عن الظلم، لكن الفلسفة قد لا تكون هي المدخل الصحيح للحديث عن هذا الموضوع، ذلك أن المظلوم عادة ما يفكر في أشياء كثيرة عندما يتعرض للظلم، ليس من بينها الفلسفة، مع كل الاحترام والتقدير للفلاسفة العظماء، منذ فجر التاريخ حتى اليوم. وبرغم أن «الظلم من شيم النفوس»، كما يقول شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي، إلا أن قليلاً مِن البشر مَن يعترف بأنه ظلم ذات يوم نفساً بشرية، أو طيراً، أو حيواناً، أو حجراً، ذلك أنه حتى الظالم يشعر بفداحة هذا الفعل، ويحاول إبعاد نفسه عنه. ومع هذا فقلّ أن تجد مَن لم يباشر هذا الفعل بشكل من الأشكال، إلى درجة أن الإنسان قد يظلم نفسه أحياناً على حساب مراعاة مشاعر الآخرين، وتقديم مصلحتهم على مصلحته، إما لإحساسه بالمسؤولية عنهم، أو لتقمصه دور المخَلِّص الذي عليه أن يضحي من أجل الآخرين، مقدماً نفسه قرباناً على مذبح الفضيلة. الإحساس بالظلم شعور ينشأ عند الإنسان منذ الطفولة، فالطفل يشعر بأن والديه يظلمانه عندما يحرمانه من اللعب طوال اليوم، ويحددان له وقتاً للدراسة.. وآخر للعب.. وثالث للنوم.. وهكذا. والشاب يشعر بالظلم عندما يمنعه والداه من البقاء خارج المنزل حتى أوقات متأخرة من الليل، والفتاة…
آراء
الإثنين ١٩ مايو ٢٠١٤
الانتظار لتحقيق الرغبات، والصبر على التأجيل أو رداءة الجودة، هي أمور تمضي إلى الانقراض اليوم، بعد أن صار الناس يعيشون حالة من البحث عن "الإشباع الفوري" للاحتياجات والرغبة في تحقيق كل شيء متى ما أرادوه كيفما أرادوه وأينما أرادوه. هذا الوصف ليس حالة لبعض الشباب ولا لبعض الدول، بل هو اتجاه عالمي يغير كل شيء من حولنا، حتى إن كثيرا من الدراسات تقول إن العالم يتجه نحو "اقتصاد الطلب" (On-Demand Economy)، حيث النجاح التجاري يأتي فقط لأولئك الذين يسايرون هذه التوقعات النفسية لدى الجماهير بالتحقيق السريع لرغباتهم. في الأسبوع الماضي، تكلمت عن "جيل الألفية"، وهو جيل الأفراد الذين تتراوح أعمارهم اليوم بين 10 و30 عاما، وكيف غيرت ثورة المعلومات هذا الجيل بشكل جذري على كافة المستويات (بما فيها الثقافية والدينية والعملية) مقارنة بالجيل السابق، إلا أن أحد أهم الأوصاف لهذا الجيل هو أنه "جيل الطلب" (On-Demand Generation). المثير في الإحصائيات الخاصة بهذا الجيل هو ذلك التغير السريع لدى الإنسانية من عدم وجود خدمة الإنترنت قبل 20 سنة إلى حالة غضب كبير عندما تنخفض سرعة الإنترنت. بكلمات أخرى، ارتفعت توقعات الناس بشكل مذهل وانخفض مستوى الصبر لديهم، وخلق هذا كله واقعا جديدا يتطلب من الجميع (حكومات وشركات وأفرادا) التعامل معه. لا شك أن التقدم السريع في تكنولوجيا ثورة المعلومات ساهم في…
آراء
الإثنين ١٩ مايو ٢٠١٤
للراحل الكبير غازي القصيبي حكاية عن كيف أدار وزارة الصحة، بعد أن احتارت الحكومة في كيفية معالجة ضعف الخدمات الطبية، ويروي في كتابه كيف هاله سوء حالها الذي وجدها عليه. فهي مؤسسة صعبة ويبدو أن الوضع لم يتغير كثيراً، رغم كثرة الوزراء الذين تعاقبوا عليها. المشكلة في نظره تكمن في داخل الوزارة، أنظمتها وقدراتها وإمكانياتها، وقد ضربتها أزمة مرض الـ«كورونا» لتكشف أن الوزارة لم تتعافَ أصلا. بالنسبة إلى المواطن، الوظيفة والسرير العلاجي في مقدمة احتياجاته، والخدمة العلاجية هي على رأس أولويات الخدمات التي يحكم بها المواطن على قدرات حكومته، وكفاءتها، واهتمامها، ونجاحها وفشلها. المؤسسة الطبية في المملكة، من وزارة، ونظام رعاية عام، إلى قطاع خاص، وتعليم وتدريب، وتقنية، خدمة وصناعة، لا تعمل ضمن استراتيجية متكاملة، بل تعمل كقطاعات متفرقة، وجهات حكومية متعددة، من مدنية وعسكرية وتجارية وشركات تأمين. والميزانية الحكومية المخصصة كبيرة تبلغ نحو 20 مليار دولار سنويا، يروح نصفها للمرتبات وينفق ربعها على التشغيل، وتخدم نحو 60 في المائة من الرعاية الطبية لنحو 150 مدينة وبلدة. وفي ذروة الخوف من «كورونا»، سيدهش المراجع وهو يدخل مراكز صحية خاصة، في العاصمة الرياض، حيث لا ترى كمامات تستخدم من قبل الطاقم الطبي ولا المراجعين رغم أن عشرة في المائة من الإصابات هي بين الطواقم الطبية. وسبق أن أضاء الدكتور عبد الله…
آراء
الإثنين ١٩ مايو ٢٠١٤
هذا السؤال تبادر إلى ذهني للمرة الأولى، وأنا أتابع مراسم تتويج المنتخب الإسباني بطلاً لكأس العالم بعد فوزه على منتخب هولندا في نهائي مونديال 2010 الذي أقيم في العاصمة الجنوب أفريقية جوهانسبيرغ. وازداد إلحاحاً بعد اطلاعي على ملامح النهضة الشاملة التي شهدتها إسبانيا في القرن المنصرم، والتي جعلت منها قبلة للسياح المتعطشين لمشاهدة الفنون، وتذوق الأدب، ومتابعة الرياضة. ولا يخفى على القارئ الكريم بأن ما يعرف اليوم بشبه الجزيرة الإيبيرية، والتي تتكون من مملكتي إسبانيا والبرتغال حالياً، هي نفسها بلاد الأندلس التي حكمها المسلمون قروناً طويلة، ووصلوا فيها إلى ذروة نهضتهم ومجدهم، وخسروها بعد تنازل أبي عبدالله الصغير عن حكم غرناطة، آخر معاقل المسلمين فيها، وتسلميها طوعاً لفرينانديو وإيزابيلا، في مشهد درامتيكي حزين، قالت على إثره والدته الأميرة عائشة الحرة مقولتها الشهيرة «ابكِ كالنساء ملكاً مضاعاً، لم تحافظ عليه مثل الرجال». نعم، لقد سقطت الأندلس بمعاييرنا نحن كمسلمين، فالخروج من ملة الإسلام سقوط عقائدي ما بعده سقوط، ولكن ماذا عن معايير الأمم الأخرى التي تركز على مؤشرات البناء والتنمية، والتي تنظر لخروج بلاد الأندلس من عباءة الحكم الإسلامي على أنه طوق نجاة ساعدها على اللحاق بركب النهضة الشاملة التي عمت أوروبا بعد خروجها من عصور الظلام؟ فالواقع يقول إن وضع إسبانيا اليوم أفضل بمراحل من معظم الدول العربية والإسلامية، حتى،…
أخبار
الأحد ١٨ مايو ٢٠١٤
في مملكة الروضة.. كل شيء يشبه كل شيء في دول مجلس التعاون، الناس ومفرداتهم، والنفوس وانشغالاتها، والهموم ودموعها، وحتى الضحكات وقهقهاتها. في مملكة الروضة- الدولة الوهميةَ- يحكي لنا الروائي الإماراتي محمد خميس في روايته «لا يحظى الجميع بنهاية سعيدة»، عبر الراوي (أحمد مطر) سيرة أسرته المكونة من أحد عشر أخا وأختاً، وعدد مقارب لذلك من الشخصيات المرتبطة بهذه الأسرة بشكل أو بآخر، يقدم لنا قصة أسرة تنتظر منحة الأرض لتبني بيتا يجمعها، فتأتي المنحة في يوم تتعرض فيه الروضة لمحنة الاحتلال من دولة جارة. وخلال ذلك وقبله تطرح شخوص العمل مقدمات كثيرة وكثيفة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو عاطفية، يعاد تشكيلها من جديد فترة سقوط الروضة في يد المحتل، لتأتي إرهاصات هذا التحول بدلالات سياسية. يخبرنا أحمد مطر عن أسرار عائلته، يفتح نوافذهم السرية واحداً تلو الآخر، الأب بنزواته والإخوة بأنانيتهم والأخوات بخوالجهن، وحتى نفسه بخستها، يحكي ذلك وأكثر ببساطة ودون تكلف كأنك تجلس بجانب أحد قرر أن يخبرك عما حدث معه ليلة أمس، ولكنه ليس بالحدث العادي. بتلك الصيغة كتب لنا محمد خميس، السهل الممتنع. وهي صيغة اشتغل عليها منذ السطور الأولى للعمل؛ فوجه تحذيراً لقرائه عبر لسان الراوي يقول: «لا تتوقعوا أن تجدوا فذلكة لغوية، فهذا الموضوع كتب للناس (العادية)، الذين بدونهم لن تقوم حضارة…
آراء
الأحد ١٨ مايو ٢٠١٤
دعوة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لوزير الخارجية الإيراني إلى زيارة السعودية، وبدء التفاوض حول قضايا المنطقة فاجأت الجميع. توقيت التصريح أكثر من لافت. فهو يأتي في خضم إعادة ترتيب بيت الحكم السعودي، ما يوحي وكأنه محاولة في اتجاه تهيئة الأجواء الإقليمية للفريق الذي سيتولى صناعة القرار السعودي قريباً، وربما يعكس خيارات هذا الفريق، ويأتي بعد زيارة باراك أوباما أواخر آذار (مارس) الماضي، ما يترك الانطباع وكأن الطرف الأميركي أقنع الرياض أخيراً بجدوى التفاهم مع إيران. ويأتي ثالثاً بعد فشل مسار جنيف، واستقالة الأخضر الإبراهيمي، وتحقيق قوات النظام السوري مكاسب عسكرية، وإن لم تكن حاسمة ضد المعارضة، ما ربما يعني اقتناع السعودية بأن الظروف الإقليمية والدولية لم تعد تسمح بحل عسكري للصراع في سورية. السؤال: هل حدث تغير بالفعل في السياسة السعودية تجاه القضايا موضوع الخلاف مع إيران، أم أن هناك مؤشرات التقطتها الخارجية السعودية على بوادر تغير في المقاربة الإيرانية لتلك القضايا؟ قبل تصريح الفيصل ليست هناك مؤشرات واضحة على تغير في موقف أي من هذين الخصمين، لكن التصريح أوحى لكثيرين بأن السعودية تقترب من مراجعة وربما تغيير موقفها، بخاصة في سورية. وهذا استنتاج متسرع. جوهر الموقف السعودي لم يتغير في سورية، بل يمكن القول إن الرياض قطعت خط الرجعة مع بشار الأسد، لأن بقاءه يعني القبول بنفوذ…
آراء
الأحد ١٨ مايو ٢٠١٤
بصدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتسليم وزارة الصحة للمهندس عادل فقيه خلفاً للوزير عبدالله الربيعة قبل أسبوعين، أصبح فقيه أكثر الوزراء السعوديين حملاً، فهو مسؤول عن علاج الناس كما هو مسؤول عن توظيفهم. فقيه، الذي يسميه الإعلام السعودي «ذا الوزارتين»، مازال رسمياً هو وزير العمل، بجانب توليه الصحة. وإن كان ظهوره الإعلامي خلال الأسبوعين الأخيرين طغى عليه لبس «الكمام»، و«المعطف» الأبيض متنقلاً من مركز صحي إلى آخر، يطارد آخر مفاجآت فايروس «كورونا»، الذي يبطش هنا وهناك بلا توقف. القريبون من صناعة القرار يرون أن فقيه سيستمر وزيراً في الصحة، وأنه لا خوف على «العمل» لأن فقيه خلال أعوامه الأربعة الماضية (عُيّن وزيراً للعمل في 18 آب (أغسطس) 2010) خلق جيلاً ثانياً تعتمد عليه الوزارة. المتابع المنصف لمسيرة فقيه في وزارة العمل سيرى - مع اختلاف البعض مع هذا الرأي - تغييراً كبيراً في أداء الوزارة وسياستها وإنجازاتها. وحتى مع عدم حل قضية «السعودة» تماماً، إلا أنه يحسب للرجل أنه أوقف ومنع فوضى تجارة التأشيرات. كما يحسب له أنه كان عراب حملة التصحيح – بالتعاون مع وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف - التي رحّلت خارج البلد إلى اليوم ما يزيد على مليون وافد مخالف. بالتأكيد، لا يمكن الجزم بأن فقيه نجح بدرجة كبيرة في العمل، إلا…
آراء
الأحد ١٨ مايو ٢٠١٤
مرات ليست بالقليلة، أتمنى أني لو كتبت المقال الذي كتبه أحد الزملاء، وأحيانا أتمنى لو أني ألفت أو جمعت المؤلف الذي صاغه أحد الفضلاء؛ ومن هذا وذاك كتاب (العمامة) الذي صدر مؤخرا للقدير النبيل سعادة الأستاذ سعود الرومي مدير عام المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية". كتاب جميل أصدره المهرجان برعاية وزارة الحرس الوطني، تمنيت أني لو كتبته لمسائل متعددة، من أهمها أن غالبنا ـ وللأسف ـ غارق في (التفكير النمطي)، الذي جعله يصدر أحكامه اعتمادا على الأفكار الجاهزة التي استوردها من عاداته وتقاليده وموروثاته؛ فصار الحكم على لابس (الشماغ) مختلفا فيما لو لبسه اللابس بعقال، أو بدون عقال، وصار الحكم عنده على من تلبس (العباية) مختلفا فيما لو لبستها السيدة العفيفة على كتفها أو فوق رأسها. أما العمامة ـ فهذه المسكينة ـ قد يعاني من يلبسها من كلام الناس، خصوصا أولئك الذين يستغلونها لتصنيف الآخرين، ويجعلونها دليلا على أوهامهم، ومن ذلك زعمهم أنها معينة على الطائفية، وموقدة لنارها، والمؤلم أنهم يظنون أنهم الأكثر ديانة ووطنية ممن لم يلبسها. كتاب (العمامة) أوضح فيه الأستاذ الرومي أنها وسام شرف، وتاج يجمل صاحبه، وفيه تفاصيل جميلة عن أهمية العمامة، وفوائدها، وأشكالها، والمسائل الفقهية المتعلقة بها، والأحاديث الواردة فيها، وما قيل فيها، وغير ذلك من موضوعات.. المؤلف تحدث ـ فيما تحدث ـ عن العمامة…
آراء
الأحد ١٨ مايو ٢٠١٤
مضى قرابة العام على حكم الإصلاحيين في إيران، ما الذي تغير في سياسة إيران؟ لنتلمس الجواب في سوريا، وهي المعترك الأكثر خطورة وأشد التهابا، وهي التي تهدد كامل منطقتنا بالانفجار الشامل، لا شيء تغير، ما زالت إيران تدعم بلا هوادة النظام السوري، وما زالت براميل الموت تتساقط في عهد روحاني «الإصلاحي الناعم»، بنفس معدلات سقوطها أيام أحمدي نجاد، الرئيس «الراديكالي»، بل على العكس، فقد ارتفعت وتيرة انتصارات فيلق القدس الإيراني في ساحة سوريا مدعوما من الحرس الثوري الطائفي المتطرف، الفرق بين المتشددين والإصلاحيين في إيران، هو الفرق بين من يدفعك بالقوة ويزج بك في السجن وهو يسب ويشتم، ومن يدخلك في السجن وهو مبتسم ويلاطفك، النتيجة في النهاية واحدة، وهذا أحد أسرار قوة إيران ودهاء قادتها. فارق القوة بين إيران والعالم السني بشقيه العربي والعجمي، ليس بسبب امتلاك إيران للقنبلة النووية فحسب، ولو كان الأمر كذلك لكان لباكستان، ذات النفوذ والقوة، القوة النووية الرادعة لا أقل ولا أكثر، سر القوة الإيرانية يكمن في تماسك سياستها المتناغمة مع آيديولوجيتها وثبات تحالفاتها المنطلقة من ذات الآيديولوجيا، تحالف قاوم كل التيارات والأعاصير، لم يختلف حول جوهره محافظوهم عن ليبرالييهم، ولا إصلاحيوهم عن متشدديهم، يقابله في العالم السني معسكر مهلهل مترهل متصارع في أغلب تكويناته وجبهاته، وهذا ما جعل إيران تنفذ من خلال هذا…
آراء
الأحد ١٨ مايو ٢٠١٤
بعيدا عن قياس النوايا التي دعت أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة السابقة وشريكة الحكم منذ 2011) إلى إصدار بيان تطالب فيه بانعقاد مؤتمر وطني جديد للبحث في قضايا رأت حاجة ماسة لمناقشتها والبحث في تفاصيلها، فإن المثير للاستغراب والحيرة أن أغلب ما طالبت به يقع في صلب عمل ومسؤولية الحكومة التي يشاركون فيها مناصفة مع المؤتمر الشعبي العام منذ تم الاتفاق على نقل صلاحيات رئيس الجمهورية حينها إلى نائبه - الرئيس الحالي - وشكل ذلك بداية انفراج في الأزمة السياسية التي تلت ثورة الشباب وتقاسمت حصيلتها الأحزاب مجتمعة، وكان الأجدر بها البدء بتقديم جردة حساب عما أنجزته خلال تلك الفترة. حين انتهت لقاءات الموفينبيك خرج المجتمعون بوثيقة قال الذين صوتوا على بنودها إنها حبل نجاة اليمن من كل مآسيه، لكن الواقع أثبت أن جشع بعض الأحزاب عرقل محاولات التحرك بها إلى الأمام، وزادت ضغوطها على الرئيس هادي لكبح جماح مساعيه في معالجة مواقع الخطأ ومكامن الفشل، وتعمدت وضع العراقيل أمامه لتخلق مناخا قلقا لا يسهم في التحرر من إصرارها على الاستيلاء على مزيد من المواقع في كل مؤسسات الدولة ومفاصل الحكومة، ولم تكن الحكومة بتوليفتها الحالية قادرة على أن تكون عونا له لتحقيق ما خرج الناس من أجله إلى ساحات التغيير. كان مفهوما ومتوقعا أن تدعو الأحزاب ممثليها في مجلس الوزراء…
آراء
الأحد ١٨ مايو ٢٠١٤
في أربعينات القرن الماضي، وقعت حادثة طريفة لتاجر ملابس بحريني تعاقد مع شركة يابانية على تصنيع «عقال» خاص به كي يغدو علامة مسجلة. وعند استلامه للشحنة اكتشف أن الشحنة المرسلة من اليابان تضم عُقلاً سُوداً وحمراء وخضراء وصفراء وزرقاء وهكذا. قصة طريفة، لكن أتمنى أن لا تنسيكم طرافتها العبرة الكامنة فيها وقد يثيرها سؤال: «ما هو الخطأ الذي أدى إلى هذه المفارقة؟». تفصيل صغير جداً هو أن التاجر نسي أن يبلغ اليابانيين بأن العقال المطلوب لونه «أسود» فقط. تحضرني هذه القصة في أكثر من مناسبة عندما يتعلق الأمر بالتفاصيل، لكن مع فارق بسيط هو أن القصص التي تستحضر هذه القصة تخلو من أي طرافة، تفاصيل صغيرة في المعاملات من كل نوع، بعضها يتم التشديد عليه ويتم تناسي بعضها الآخر والنتيجة شعور ملازم لنا بأن ثمة خللاً ما في تعاملات شركات ومصارف وغيرهم مع المستهلكين. يتصل بك أحدهم على هاتفك النقال ويحدثك وبشكل لاهث عن قروض، برامج تأمين، خدمات، اشتراك في خدمة ما، تخفيضات، بطاقات ائتمان. السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن: من أين حصل هذا المتصل على رقم هاتفي؟ الرقم الذي لا تضعه شركات الاتصالات في أي دليل؟ ذات مرة اتصل بي شخص من مصرف يعرض علي قرضاً فسألته من أين حصل على رقم هاتفي، تلعثم وأحاب: من المصرف المركزي.…
آراء
السبت ١٧ مايو ٢٠١٤
لكل توجه فكري سرديته حول ما يحدث في الوطن العربي، ولاسيما سورية. هذه السردية تكشف انحيازاته وقناعاته، وتوضح منطق الخطاب الذي ينطلق منه لتقويم الأوضاع السياسية في عالم عربي يعيش مخاضاً لم ينتهِ بعد. ضبابية الوضع في العالم العربي وكون رياح التغيير التي هبت في 2011 لم تُؤْتِ أكلها بعد، يعطيان الجميع إمكان بناء سردياتهم وتأويلاتهم على ما يحدث، من دون الحاجة إلى مزيد جهد. قراءة ما تخفي هذه السرديات وتضمر أهم من قراءة ظواهرها وما تنطق به. وهنا أتحدث في هذا السياق عن أشخاص يحملون شعارات القومية العربية ومصالح الأمة والممانعة للمشاريع الصهيونية، لكن مضامين خطابهم تحمل تمجيداً للاستبداد والطغيان والشمولية السياسية التي انتهجها طغاة من حافظ الأسد إلى ابنه بشار، مروراً بصدام حسين. هؤلاء لم يستفيدوا من أي درس من العقود التي قضتها دول عربية تحت حراب الاستبداد وعبادة الزعيم المخلص، ولا من دروس «الربيع العربي» حيث كانت الجماهير أكثر وعياً بحقوقها وصناعة مستقبلها من الأنظمة المستبدة والمثقفين الداعمين لهذه الأنظمة. يرى قوميُّو بشار الأسد، أن «الربيع العربي» أمل حقيقي بالتغيير، وأن هذه الجماهير خرجت بمحض إرادتها؛ بحثاً عن عدالة وحرية تأخرت عقوداً، وهبتها تمثل احتجاجاً على الهيمنة الأجنبية على المنطقة من أجل الاستقلال السياسي وحرية تقرير الشعوب لمصيرها. إلى هنا تبدو السردية فاتنة. لكن الإشكال الأساسي ليس…