آراء
الإثنين ٠٤ نوفمبر ٢٠١٣
في القرن الحادي والعشرين، بات العالم يعي اختلافه، ويعي وجود الاختلاف لدى الشعوب والأفراد، في التكوين الجيني، واللغات، والثقافات والأديان، ويعد الحوار أهم طريقة لقبول هذا الاختلاف، ولا يعني الحوار اسماً بديلاً لـ"إدارة المعركة"، فالرغبة في الحوار لا تتحقق من دون التخلي عن الوثوقية الفكرية والأحكام المسبقة كشرط لازم لشيوع الدرجة الدنيا من التسامح والتأكيد على الحق في الاختلاف، دون أن يكون الفرد أو الشعب نسخة مكررة عن الآخر. هنا يمكن التأكيد على أنه لا أحد يستطيع أن يفرض نفسه على العالم من حوله، إلا أن هناك من يرى أنه الأفضل، وبالتالي يعتقد أن له الحق في أن يكون وصياً على فكرة الاختلاف ذاتها، سواء أكانت هذه الفكرة متعلقة بالوطنية أو المعتقد. وليس معنى أن يكون الإنسان مختلفاً، أن يكون "أفضل" أو "أقل" من غيره؛ فالاختلاف قيمة إنسانية حقيقية ليست سلبية، ولولا الاختلاف لربما انتهت الثقافات البشرية التي يميزها التنوع والتراكم البنائي؛ فبقاء ثقافة ما فاعلة ونشيطة ومتوارثة، هو رهن بقدرة أفرادها على استثمار الاختلاف والتنوع كوسيلة للتطوير والابتكار والتأثر والتأثير الإيجابي. ولذلك لا يمكن حتى لخلايا الجسد أن تنتخب نفسها لتكون الأفضل من بقية الخلايا، وإلا تحول الأمر خللا جينيا، وبالتالي إلى مرض عضال يصعب برؤه، وبالتالي أول من يموت هو تلك الخلايا التي اعتقدت أنها الأفضل، ولذلك لا…
آراء
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣
التحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي في هذه الفترة العصيبة هي الأخطر من نوعها، وسوف يحمل لنا المستقبل القريب المزيد من هذه التحديات الإقليمية والعالمية، المؤشرات واضحة، وتؤكد ذلك، فهي لا تحتاج إلى تكهنات أو تحاليل سياسية عميقة، ولا تنظير من أهل السياسة والإعلام، كل ما نحتاجه لمعرفة هذه التحديات والمصاعب متابعة مجريات الأحداث والتحركات على مستوى إقليمي ودولي، ومقارنتها بالتاريخ السياسي لا أكثر ولا أقل! ومادام الأمر حتمياً، فمن الضروري أيضاً أن تقتنع جميع دول المجلس دون شذوذ أي منها، بألا مجال لمجابهة هذه التحديات ومواجهتها بشكل منفرد، والسبيل الوحيد للعبور إلى بر الأمان هو مزيد من الترابط والتلاحم، وتوحيد المواقف والإجراءات، وإن كان الطريق للوحدة الخليجية مازال بعيداً فلا طريق آخر أمام دول مجلس التعاون لتسلكه سوى توحيد المواقف ووحدة الصف. الإمارات دائماً ما تعبر عن هذا الموقف، وتسير سياستها الخارجية بشكل واضح نحو هذا الهدف، وهي تسعى للتجمع، وتكره التشتيت والتفرق، وهي دائماً وأبداً تسير في نهج واضح لم يتغير، هذا النهج هو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس، خلال استقباله أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حين قال: «دول الخليج كلها يد واحدة.. وشعب واحد.. ومصير واحد، يوحدنا التاريخ…
آراء
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣
الإشارة الأولى عمليا، جاءت عندما لم تلقِ المملكة كلمتها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة هذا العام، تعبيراً عن اعتراضها على عجز المنظمة الدولية عن حل أي من القضايا التي تعرض عليها.. والتأكيد جاء بعد أن اعتذرت الحكومة السعودية عن قبول عضويتها بمجلس الأمن الدولي -أهم أجهزة المنظمة الأممية-، عقب انتخاب المملكة لشغل مقعد غير دائم فيه، والسبب إخفاق المجلس في التعامل مع قضايا المنطقة الراهنة، وحل القضية الفلسطينية والصراع في سورية وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. ويعتبر اعتذار المملكة عن شغل مقعدها في مجلس الأمن خطوة مفاجئة وغير مسبوقة في تاريخ الهيئة الدولية. وكان السؤال الأكثر تداول دوليا ودبلوماسيا -أيضا-: ماذا يريدون (السعوديون) أن يقولوا..؟! ثم أصبح: هل سيؤثر الغضب السياسي السعودي على الأمم المتحدة..؟ هل يدفع مجلس الأمن إلى وضع مزيد من الضغوط لحل الصراع الدائر في سوريا؟، أو انتهاج سياسات أفضل للتعامل مع القضايا العالقة..؟ صحيح أن الرسالة السعودية أصبحت واضحة، إلا أن الرغبة لدول اختارت السعودية لهذه العضوية في هذه المرحلة تحديدا، هي الدعوة بإصرار للسعي في دعم إصلاح الجمعية الأممية من الداخل. الحقيقة أن المملكة ظلت وستبقى دولة مؤثرة في المشهد الدبلوماسي الدولي في نيويورك، ومن المهم أن نذكر هنا، أنها عضو مؤسس في منظمة الأمم المتحدة، وشاركت في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي تم…
آراء
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣
ما كانت واقعة «الإخوان» مع الأزهر قبل بضعة أيامٍ هي أولى وقائعهم معه، قبل الثورة المصرية وبعدها. فمنذ ثلاثينات القرن العشرين يتصارع «الإخوان» مع الأزهر حول المرجعية في الدين والمجتمع الإسلامي العام. بل يمكن القول إنّ خلافهم مع الأزهر سبق خلافَهم مع الدولة المصرية في زمني الملكية والجمهورية. فقد نظر البنّا، مؤسس «الإخوان»، إلى الأزهر باعتباره مؤسسةً تقليديةً عاجزةً عن أداء المهمات التي أوكلها المصريون والمسلمون بعامة إليها. وذلك لأن جمعية «الإخوان» والجمعيات المشابهة والتي قامت في مصر منذ مطالع القرن العشرين، كانت تعتبر نفسَها وارثةً للشرعية أو قائمةً عليها، وبخاصةٍ بعد سقوط الخلافة العثمانية وإلغائها على يد مصطفى كمال. وقد تطور هذا النوع من «الوعي» إلى الحدود القصوى بعد الحرب العالمية الثانية، لأن «الإخوان» صاروا يعتبرون أنفسهم بديلاً عن الدولة الوطنية المصرية. أما الأزهريون فظلُّوا يعتبرون أنفسهم قبل إلغاء الخلافة وبعدها قائمين على التعليم الإسلامي وعلى الفتوى وعلى الإرشاد العام، ولا يرون أن بينهم وبين السلطات القائمة منافسةً من أي نوع. بل إن كثيرين منهم اعترضوا على مطامح الملك فؤاد واستخداماته للأزهر لتسنّم منصب الخليفة الذي تخلَّى عنه الأتراك. والشيخ علي عبد الرازق، شقيق الشيخ مصطفى عبد الرازق (الذي صار عام 1945 شيخاً للأزهر) هو مؤلّف كتاب «الإسلام وأصول الحكم» الذي قال فيه إن الإسلامَ دين لا دولة، والذي…
آراء
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣
عندما كنت فتى يافعاً، كانت لعبة المونوبولي رفيقتي أنا وأصدقاء وأقارب طوال إجازة الصيف، فهي مناسبة للسهر الطويل، إذ يمكن أن يستغرق لعبها ساعتين وأكثر، لجهلي يومها باللغة الإنجليزية، اعتقدت أنها تعني «لعبة المال»، إذ بدت لي أنها تتضمن الكلمتين Money Play ولكن الترجمة الصحيحة هي «الاحتكار»، وهي ممارسة تجارية مذمومة شرعاً، وممنوعة نظاماً، بل إن من الفقهاء من حرم الاحتكار استناداً إلى الحديث النبوي «لا يحتكر إلا خاطئ»، ولكن معظمهم اشترط أن يكون في الطعام لحاجة الناس إليه، ولكن الحكومات الحديثة توسعت في تعريف الاحتكار ليشمل كل السلع والخدمات، ومن يمارس الاحتكار بمعنى جمع سلعة ما كلها أو غالبها في يده، فيستطيع حينها تحديد سعرها، لأنه المتمكن من طرحها في السوق بالسعر الذي يريد أو حجبها حتى تصل إلى السعر الذي يريد. وقد تدخلت الحكومة في السعودية غير مرة ضد شركات ثبت أنها توافقت على رفع سعر منتجاتها، فاعتبرت ذلك «التواطؤ» من باب الاحتكار، كما قامت الحكومة الأمريكية بتفكيك شركات عملاقة بدت وكأنها قد استحوذت وحدها على السوق، فالمنافسة واحدة من أهم أسباب التدافع المؤدية إلى خفض الأسعار وتحسين المنتج والخدمات. بل إن كثيراً من الاقتصاديين في السعودية يحثون الحكومة على التدخل لفك ما يرونه «احتكاراً» للأراضي البيضاء، ما أدى إلى رفع سعرها وتكبد المواطن تكلفة ذلك، ولكن المسؤول…
آراء
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣
قبل أيام قليلة احتفل الحوثيون بذكرى يوم الغدير، وألقى زعيمهم عبد الملك الحوثي كلمة عبر فيها عن حالة من الغرور والتعالي وازدراء الآخرين، أدت إلى حالة من الاستقطاب داخل المجتمع استغلها بعض زعماء القبائل الذين تعرضوا إلى الإذلال على يد أنصار الحوثيين في عقر دارهم قبل عدة أشهر، ليعلنوا الجهاد ضد من سموهم الرافضة، ويدعوا للجهاد ضدهم. في الطرف المقابل أثبت «أنصار الله» (الحوثيون) قدرتهم على المناورة واستغلال التناقضات داخل المجتمعات القبلية وتحويل التحالفات فيها، وكذا تمرسهم في فرض الأمور على الأرض بقوة انضباط فصائلهم، وبلغ منتهى قوتهم أن فرضوا في الأشهر الأخيرة من عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح محافظا لمركزهم في صعدة استمر التعامل معه لاحقا بقوة الواقع لا بقوة القانون. ينبئ انفجار الحرب في صعدة بأن المعارك القادمة في اليمن لن تدور بالحوار والكلمات، وإنما برصاص وقذائف، وليس هناك ما يشير إلى قدرة الحكومة الحالية على عمل أي جهد، بل إنها لم تبذل شيئا منه وتنازلت عما تبقى من سلطاتها وتخلت عن مسؤولياتها المعنوية والدستورية، وصارت الأمور تدار على الأرض عبر أمراء الحروب في كل منطقة.. حتى تعز التي كانت درة اليمن في مدنيتها تحولت إلى ساحة اقتتال شبه يومي في ظل عجز السلطة المحلية وتشبثها بمواقعها، ومن المضحك أن المركز المقدس «صنعاء» انتُزع ما تبقى…
آراء
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣
أعود اليوم إلى ما بدأته قبل الأسبوع الماضي («الحياة»، 13 تشرين الأول / أكتوبر، 2013)، بعيداً عن الأحداث السياسية، وأكثر قرباً من موضوع لا يقل أهمية، لأنه يؤسس لطريقة النظر إلى هذه الأحداث، أو علم السياسة في شكل عام. الموضوع الذي أعود إليه هو العلاقة بين الدين والعلم، وهو موضوع يتكامل مع موضوع آخر، هو علاقة الدين بالسياسة، وعلاقة الدين بالدولة أيضاً. كنت قد ختمت المقالة السابقة قائلاً: «الافتراض هنا أن الدين بحد ذاته علم، ويستند إلى منهجية علمية. هل الأمر كذلك؟». وأفضل طريقة للإجابة عن هذا السؤال هي بالعودة إلى كيف يعرّف الفقهاء المسلمون العلم؟ وما إذا كان هذا التعريف يحمل في طياته منهجاً علمياً، أم منهجاً دينياً يختلف عن المنهج العلمي؟ لا بد من التنويه هنا بأنني عندما أستخدم مصطلح العلم فأنا أقصد به المعنى المنهجي الحديث لهذا المصطلح. والشائع في العربية أن الأصل في معنى العلم هو الذي يشير إليه تعبير «علم بالشيء»، أو عرفه وتصوره. لكن هذا ليس تعريفاً إلا للمفردة في أصلها العربي الأول. وحتى هذا المعنى المباشر للمفردة الأصل ليس إلا نتيجة للطريقة التي بواسطتها علمت بالشيء، أو عرفته وتصورته. السؤال في هذه الحال: كيف علمت بالشيء؟ أو بأية طريقة أو منهج عرفته وتصورته؟ ربما عرفته بالمنهج الفلسفي، أم الديني، أم العلمي، أم حتى…
آراء
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣
من أجل تقويم الجولة التي قام بها الموفد الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي على المنطقة والجهود الكبيرة التي بذلها والمشقات المضنية التي عاناها، يمكن التساؤل عن إمكان أن تكون فرص انعقاد مؤتمر «جنيف -2» باتت متوافرة أكثر عما كانت عليه عندما بدأ هذه الجولة. لقد بدأ الإبراهيمي جولته والكلام الصادر عن راعيي «جنيف - 2»، أي روسيا والولايات المتحدة، يحدد 22 - 23 الشهر موعداً للمؤتمر، أي بعد أسبوعين. وأنهى الإبراهيمي جولته ليتحدث عن احتمال انعقاد المؤتمر خلال أسابيع في أفضل الأحوال، إن لم يكن إلغائه إذا رفضت المعارضة الحضور. أي أن الجولة لم تسهم بالملموس في أي تقدم نحو انعقاد المؤتمر، على رغم كل التفاؤل الصادر عن الأمم المتحدة وموفدها والإطراء الذي ناله الموفد من موسكو وواشنطن والمديح الصريح من النظام السوري، بعد تخوينه وتصنيفه في خانة الأعداء. وقد يكون هنا بيت القصيد من كل هذه الجولة، أي العودة إلى دمشق وحظوة لقاء الرئيس بشار الأسد. وبعد اللقاء والتقريظ الذي ناله الإبراهيمي من الإعلام الرسمي السوري، يمكن فهم معنى حماسة الموفد الدولي لانتقاد المعارضة السورية ومطالبتها بأن «تقنعه» بأنها معارضة ولحماسته من أجل مشاركة إيران في مؤتمر «جنيف - 2». فهل كانت هذه المواقف مطلوبة من الموفد الدولي - العربي من أجل أن يحظى بالاستقبال الذي حظي به في…
آراء
السبت ٠٢ نوفمبر ٢٠١٣
في عام 1648، وبعد أن ترسخ مفهوم الدولة القومية في معاهدة «وستفاليا»، ترسخ مفهوم آخر اتكأ عليه النظام العالمي آنذاك، وهو مفهوم «توازن القوى»، أو كما يسميه الدكتور تركي الحمد «الكل على الواحد». يتكئ هذا النظام على ضرورة وجود توازن بين القوى الرئيسة في أوروبا، فإذا اختل ميزان هذا التوازن، تحالف الجميع ضد الدولة التي قامت بخرق التوازن، من أجل إرجاع الأمر إلى مساره الصحيح، أي إلى مسار «توازن القوى». ويؤكد المؤرخون أن إرهاصات الاختلال الواضح في ميزان «توازن القوى» بين دول أوروبا في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كان بمثابة الباعث الذي أشعل الحرب العالمية الأولى، التي كان من أهم نتائجها بعد أن وضعت هذه الحرب أوزارها ظهور منظمة دولية جديدة، سميت آنذاك «عصبة الأمم»، وذلك بغرض تنظيم المجتمع الدولي، والحفاظ على الاستقرار العالمي، ونقل العالم من مرحلة الصراع إلى مرحلة التعاون المشترك، وبالتالي فإن دعامة استقرار العالم كما كانت تطرحه تلك المنظمة نظريا عند إنشائها هو نظام «الأمن الجماعي» ممثلا بعصبة الأمم، ليكون هذا النظام بديلا لفكرة توازن القوى، الذي كان متمثلا بشكل رئيس في التحالفات والتكتلات الدولية. إلا أن الواقع العملي أثبت أن عصبة الأمم كانت تحمل في داخلها بذور تفككها وانهيارها، فقد كان من الجلي عجز هذه المنظمة الجديدة آنذاك عن أن تفرض واقع…
آراء
السبت ٠٢ نوفمبر ٢٠١٣
أيام وينطلق معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثانية والثلاثين، وتنطلق معه احتفالية ثقافية كبيرة لمدة عشرة أيام، تعبر عن الوهج الثقافي المميز الذي تعيشه دولة الإمارات في هذا المجال. هناك أكثر من ألف ناشر محلي وعربي وعالمي يجتمعون لتقديم إنتاجاتهم الفكرية والأدبية للقراء، ويبقى المتلقي “الجمهور” ترمومتر النجاح للكثير من الفعاليات الثقافية. تغير المشهد الثقافي المحلي في السنين القليلة الماضية، وأصبح أكثر قدرة على فهم المستقبل، وأدركت بعض المدن أن الثقافة جزء لا يتجزأ من التنمية وعامل مهم في التطور الذي تشهده الدولة في كل المجالات، ولا يقل أهمية عن العوامل الاقتصادية والاجتماعية الأخرى التي تؤثر في عملية تقدم المجتمعات. بناء الإنسان لا بد أن يسير بطريقة متوازية ومتوازنة مع العمران، الإنسان هو من يبني ويشيد المكان، وخلق مجتمع المعرفة ضرورة ملحة للتميز وفهم المستقبل بطريقة صحيحة. أهمية وجود المسارح، المتاحف والمعارض الثقافية تأتي مع وجود استراتيجية ثقافية، تخدم الأجيال، وتساهم في تعزيز الهوية الوطنية، وتعكس التطور الملحوظ الذي تميزت به دولتنا خلال هذه الفترة القصيرة. البناء الثقافي للشخصية المحلية لابد له من عملية تراكمية ومنهج صحيح ووجود قيادات ثقافية من الصف الأول والثاني تخدم هذا الهدف، فالمنشآت الثقافية الضخمة الموجودة تحتاج إلى الإدارة والثقافة معاً والجمع بينهما يحتاج إلى مجهود وتدريب ودراسة، لا تكفي الدورات الخجولة القصيرة في…
آراء
السبت ٠٢ نوفمبر ٢٠١٣
في حديث على طاولة العشاء، انتقد الروائي باولو كويلو الكُتّاب والمثقفين الذين لم يقتحموا عالم الإعلام الاجتماعي، وقال إنهم لا يُدركون بأن الفجوة بينهم وبين الناس تزداد اتساعاً كل يوم. فمن لا يعرف ماذا يدور في ساحات الإعلام الجديد، أو «البديل» كما يحب البعض تسميته، يصعب عليه اليوم أن يفهم مجتمعه، والمجتمعات الإنسانية بشكل عام . ناهيك عن أن هذه الوسائل مكّنت الأفكار من التكاثر والانتشار بطريقة لم تشهد الإنسانية مثلها من قبل. ولذلك، تجد كثيراً من المُفكرين التقليديين مُربَكين، وكثيراً من الأفكار والأطروحات والإيديولوجيات التي ظن أصحابها بأنها باقية، قد أُحبِطَت وصارت محط نقد وتهكّم وإهمال من الناس. وفي مقابل هذه الفئة، برزت رموز جديدة ترفض صفة النخبة، وفضلت أن تبقى في القاع الشعبي الذي نشأت منه. ادخل إلى برنامج "كييك" عل سبيل المثال، وانظر إلى نجومه وأعداد متابعيهم، وستكتشف بأن هناك عالماً آخر يتشكل ويتسّع كل يوم. مئاتٌ مِن مقاطع الفيديو تُنشر كل ساعة، ومئات الآلاف من التعليقات والتفاعلات تُسجّل كل دقيقة. أسماء جديدة، بسيطة، شابة، لم تنل حظاً من علمٍ أو خبرة في الحياة، ولكنها أصابت من النجومية ما لم تُصبه أسماء لامعة في سماء الأدب. ولقد بدأت شركات الإعلانات والقنوات الفضائية تتهافت على توظيف هؤلاء المشاهير الشباب، الذين ينحدر غالبيتهم من السعودية، بعد أن طارت شهرتهم…
آراء
السبت ٠٢ نوفمبر ٢٠١٣
بلاكيوت مدينة باكستانية عجيبة، تقع على سفوح الجبال، ثرية بطبيعة خلابة، فقصدها السياح ولا يزالون، ولكن ليس مثل أيام خلت، فهي أيضاً ضمن بلاد طالبان باكستان الذين لم يتصالحوا بعد مع جيش بلادهم. وعندما لا يهاجمون قافلة للجيش يكتفون بإحراق متجر يبيع أقراص أفلام مزورة. ثمة علاقة بينها وبين السعودية، فهي الدولة التي هبّت لمساعدتها عندما دمر زلزال عنيف عام 2005 المدينة بالكامل، فتبرعت المملكة بإعادة بنائها. ولكن هناك علاقة أخرى مع السعودية أكثر حميمية، فهي تضم قبر سيد أحمد الشهيد الذي حرر المنطقة من حكم السيخ، وأسّس دولة إسلامية هناك في القرن الـ18 وصفها رجال الاستخبارات الإنكليز وقتها، والذين كانوا يراقبونه باهتمام، بأنها «وهابية». نعم كان ذلك في القرن الـ18، بل إن شيخه شاه ولي الله الذي يعد مجدِداً في الهند وله الفضل في نشر مدرسة أهل الحديث والتوحيد، كان صديق دراسة في المدينة المنورة للشيخ محمد بن عبدالوهاب، فكلاهما ثنى الركب في رحاب الحرم النبوي عند شيخهما محمد حياة السندي، الذي غرس فيهما مبادئ التوحيد وكراهية البدع، واتباع السلف، وإقامة شرع الله في الأرض بالدعوة والجهاد، فعاد كل منهما إلى بلده ليغيّر مجرى التاريخ. تلاميذ ولي الله لم ينشروا دعوة التوحيد فقط في الهند، وإنما كانوا الشوكة التي وخزت الإنكليز لعقود، فأقاموا علم الجهاد هناك، ويبدو أن ضباط…