آراء

آراء

الدرس الكبير

الثلاثاء ٢٧ أغسطس ٢٠١٣

لا تزال مصر تواجه تحديات تطل برأسها كل يوم، وخاصة في مجال الأمن الذي لا يمكن القول إن كل شيء هادئ على جبهته الآن، خاصة مع تهديد جماعة الإخوان المسلمين بتحويل الثلاثين من أغسطس إلى يوم للإحراق والقتل والدمار. لكن هذا كله بسبيله إلى الانحسار، إن لم يكن اليوم ففي الغد القريب، ليتيح لمصر أن تقلب صفحة هذه الجماعة الفاشية إلى الأبد، وأن تستأنف مسيرة البناء والتنمية والانطلاق إلى المستقبل، بمزيد من القوة والإصرار. في غضون ذلك، فإن على القوى الوطنية في مصر ألا تدع هذه المهام، رغم طبيعتها العاجلة والضرورية، تحجب عنها الدرس الكبير الذي حملته ثورة 25 يناير وموجتها العارمة الثانية في 30 يونيو. في اعتقادي أن هذا الدرس الذي يتعين على هذه القوى الوطنية الوقوف أمامه واستيعابه، هو أنه إذا كانت هذه الثورة قد أكدت شيئاً فهو أن تجربة التحديث المصرية تعاني في صميمها خللاً لا بد من التصدي لعلاجه على المستوى الاستراتيجي، وإلا فإن مصر ستخرج من أزمة لتقع في وهدة أخرى. هذا الخلل الجوهري في تجربة التحديث المصرية، هو نفسه الذي سمح بالانتقال من النقيض إلى النقيض ما بين عصري عبد الناصر والسادات، وهو الذي جعل مصر تتردى في ركود مروّع دام ثلاثين عاماً من حكم مبارك، ووصل بها إلى أن يكون التوريث شيئاً متصوراً.…

آراء

الخلاف السعودي ـ الأميركي حول مصر

الثلاثاء ٢٧ أغسطس ٢٠١٣

كلمة الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، قبل أسبوع كانت مثل حجر ألقي في مياه العلاقات مع واشنطن، التي تبدو راكدة.. فقد صرح بعيد نجاحه في إقناع الجانب الفرنسي بتأييد الوضع الجديد في مصر، قائلا إن «الدول العربية لن ترضى مهما كان بأن يتلاعب المجتمع الدولي بمصيرها أو أن يعبث بأمنها واستقرارها، وأتمنى من المجتمع الدولي أن يعي مضامين رسالة خادم الحرمين الشريفين بأن المملكة جادة ولن تتهاون في مساندة الشعب المصري لتحقيق أمنه واستقراره». المعني في تصريحه، من دون أن يسميها بالاسم، هي الولايات المتحدة والدول الغربية، التي ساندت الإخوان المسلمين في مصر، ضد التغيير بعد مظاهرات 30 يونيو (حزيران) الماضي. والإشارات تتكرر في تصريحه؛ «فمصر تعتبر أهم وأكبر دولة عربية ولا يمكن أن تقبل المملكة أن يرتهن مصيرها بناء على تقديرات خاطئة». بروس رايدلي، يشارك دينيس روس، كما أوضحت في مقالي أول من أمس، التحليل نفسه، أنه يوجد خلاف سعودي - أميركي حول التعاطي مع ما يحدث في المنطقة، مثل البحرين ومصر، ويتفقان على أنه مع هذا تبقى السعودية دولة مهمة للولايات المتحدة. ويذكرنا رايدلي بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما، رغم كل ما يجري، فإنه لم يأتِ على ذكر المملكة منتقدا، «مدركا المفارقة، وأهمية الشراكة مع مفتاح قلب العالم الإسلامي». رايدلي يرى الحل في مسارين؛ المتفق عليه مثل…

آراء

كثافة «ساهر» وقلة الخدمات

الثلاثاء ٢٧ أغسطس ٢٠١٣

نظام «ساهر» لرصد المخالفات الإلكترونية من الأنظمة الجديدة لدينا في المملكة، ويدور حوله الكثير من الجدل حول ماهية عمله ونظام الغرامات فيه التي تتراكم في حال عدم تسديدها في الموعد المحدد. في إجازة العيد الماضية كانت لي تجربة مع نظام «ساهر» ومشاهداتي حوله، إذ سافرت إلى المنطقة الشرقية، وكما هو معروف أن الطريق الذي يربط بينها وبين العاصمة الرياض طريق سريع، لاحظت أن هناك تكثيفاً لكاميرات «ساهر» على هذا الطريق، وتوجد به كاميرات ثابتة في مواقع محددة، وهذا لا يمكن أن تعمل بفعالية لمساعدة قادة المركبات الأخرى الذين ينبهون بعضهم لوجود هذه الكاميرات، وهذا سلوك منتشر بيننا حتى داخل المدن، ولكن يلاحظ أن مركبات «ساهر» المتحركة موجودة بكثرة في الجزء القريب تجاه المنطقة الشرقية، والملاحظ أن وجود مركبات «ساهر» في مسافات متقاربة، وتكون عادة بعد منحنيات مفاجئة في الطريق، حتى لا تعطي المركبات المسرعة فرصة لخفض سرعتها، بل إن مركبات «ساهر» تقف على جانبي الطريق، وكأنها سيارات متعطلة، وهو ما لا يعطي أهمية لها من مرتادي الطريق، مثل هذه الآلية من القائمين على نظام «ساهر» تطرح العديد من الأسئلة ، ففي كل دول العالم تكون هناك مسافات متباعدة بين نقاط مراقبة السرعة، والهدف منها يكون لخلق سلوك لدى قائدي المركبات في أن هذه الأنظمة هي لحمايتهم من أخطار السرعة، وأثبتت…

آراء

يدعون بالجملة.. فأمِّنوا على من تريدون!

الثلاثاء ٢٧ أغسطس ٢٠١٣

ـ فضيلة إمام جامع الفردوس في حي النهضة بالرياض لم يأت بجديد حينما دعا على السيسي؛ إنه يمارس حياته الطبيعية التي يكررها منذ سنوات كل يوم جمعة، ولولا احتجاج بعض المصلين لمرت الحكاية كسابقاتها دون ضجة ولما علم أحد بالموضوع نهائياً. ـ غيره يفعلها أيضاً كل يوم جمعة وربما ما هو أسوأ وبالصوت والصورة، ويدعو على من يشاء دون تحفظ أو مراعاة لتفاوت مدارك المتلقين؛ فلماذا تستغربون هذه فقط؟ ـ ما جرت به العادة أن يدعو الإمام، وأن يؤمن كل منا وفقاً لما يتماشى مع الحق من وجهة نظره، وكأن بعض الأئمة يقولون لنا سندعو على الجميع بالجملة وأمِّنوا أنتم على من تُريدون؛ هكذا هو الواقع الذي أشار إلى بعضه الزميل عبدالسلام الوايل في مقاله أول أمس!! ـ لا أذكر أن إمام قريتنا كان يلعن أحداً قبل ثلاثين سنة، ولا أذكر له تزكية طرف من المسلمين على طرف آخر؛ بينما أحفظ اليوم عن ظهر قلب مئات اللعنات والمواقف المنحازة التي أسمعها مكرهاً كل يوم جمعة، وهذا هو الفرق إن كنتم تعقلون!! ـ منبر الجمعة لم يحمل يوماً قضية سعودية أو وطنية في الغالب الأعم، ولكنه في نفس الوقت يبادر إلى حمل أبسط قضية يتخاصم فيها مسلمان خارج الحدود، ويحاول الإمام إقناع المصلين بانحيازه غير المبرر إلى جهة ما ولمصلحة لا…

آراء

ما يحدث في مصر يقرر مستقبل المنطقة!

الإثنين ٢٦ أغسطس ٢٠١٣

كانت غريبة ومثيرة للاشمئزاز حفلة البكاء والعويل التي دعا إليها الغرب وشارك فيها، على الديمقراطية في مصر، وكأنها كانت شجرة وارفة مليئة بالثمار وجاء 30 مليون مصري يدعمهم الجيش وقطعوها، فسالت دماؤها على أحضان السياسيين والصحافيين الغربيين، فارتدوا كلهم السواد على ديمقراطية لم يكن الإخوان المسلمون، حسب آيديولوجيتهم، يعترفون بوجودها، أو مارسوها. ثم بدأت التهديدات، وذلك دفاعا عن «الإخوان»، واستمر «الإخوان» في ممارسة ما يتفوقون به، أي استفزاز الأغلبية والجيش في مصر، متأكدين من أن الغرب لن يرى سوى جيش بخوذات ورشاشات، وسيتجاهل عن عمد رجال «الإخوان» وهم يطلقون النار من مآذن المساجد التي حولوا قاعاتها إلى سجون وغرف تعذيب وإذلال. كتبت ماري دييفسكي في صحيفة «إندبندنت» البريطانية، يوم الأحد الماضي: «إن سذاجة (الإخوان) وتقبل الشهادة لعبا دورا في زيادة عدد القتلى، وهذا ليس بعذر». كان «الإخوان» يتطلعون لأن يعاقب الغرب الجيش المصري، هذا هدفهم، فالجيش يعتمد على قرار سياسي واحد، وهناك قيادة تقرر الأمر بإطلاق النار أو عدمه، وبالتالي، وكما توقع «الإخوان»، الذين يعرفون جيدا بأي طريقة يتعاطون مع الغرب، انصب غضب العالم الغربي على قيادة الجيش المصري. قبل أن يقرر الجيش إنهاء اعتصام «الإخوان» في ميداني «رابعة العدوية» و«النهضة»، كان الأوروبيون ينتقدون السياسة الأميركية في مصر، وطريقة تعاملها مع المؤسسة العسكرية هناك، وتفاهمها مع «الإخوان». كان الأوروبيون متأكدين…

آراء

دعونا نحتفي بهؤلاء !

الإثنين ٢٦ أغسطس ٢٠١٣

كلما تصفحت شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، أو اطلعت على الرسائل التي تصلني عبر تطبيقات الهاتف المحمول، لا أنكر بأنني أتفاجئ في كثير من الأحيان بنوعية المحتوى الذي تتضمنه تلك الشبكات والتطبيقات ، ما أعنيه هنا هو المحتوى الإيجابي والوجه الجميل للتقنية بدلاً من التركيز دائما على انتقاد المحتوى السلبي وإظهار الوجه القبيح ، لقد أتاحت تلك الشبكات والتطبيقات للكثير من أفراد المجتمع الظهور بوجوه مختلفة عن المعهود ومكنتهم من تقديم أنفسهم لنا بصيغة مختلفة عن تلك التي اعتدناهم عليها ، أعتز بأن لدي في قوائم الأصدقاء مزيجاً من أفراد المجتمع ممن يعملون في مهن ووظائف ومواقع مختلفة، أولئك جميعهم لم يكن يربطني بهم غالباً سوى لقاء عابر أو مناسبة اجتماعية هنا وهناك، كل منهم غارقٌ في أداء عمله وواجباته الحياتية التي لا تنتهي، الحقيقة أن أدوات الاتصال الحديثة أتاحت لنا جميعاً أن نُظهر للآخرين جوانب أخرى من تجاربنا واهتماماتنا وخبراتنا ربما كانت غائبة قبل ظهور هذه الأدوات ،لقد اكتشفت بأن صديقي موظف المطار الذي كنت ألتقيه على عجل عند بوابة الصعود للطائرة، لديه هواية الاحتفاظ بالصور التاريخية لمدينتي وهو يعرضها اليوم عبر صفحته في فيس بوك من وقت لآخر ليختبر أصدقائه في مدى قوة ذاكرتهم فيتسابقون في التعليق على الصور المعروضة وتخمين تلك الأماكن بعد أن تغيرت وتبدلت معالمها مع…

آراء

روسيا اليوم

الإثنين ٢٦ أغسطس ٢٠١٣

في وقت سابق من هذا الشهر، شاهد ملايين الأميركيين مرافعة أوباما ضد روسيا ضمن برنامج «جاي لينو»، ولكن في الشرق الأوسط، حيث حدة التوتر الروسي الأميركي المتنامي قد تجعله مسألة حياة أو موت، كان ملايين آخرون يستمعون إلى وجهة نظر موسكو عبر قناة تحظى بشعبية متعاظمة. إنها قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالعربية التي تدعمها الحكومة الروسية. وهذا التأثير الذي تحظى به القناة على العرب، يعكس القوة الروسية الناعمة الآخذة في التزايد والاتساع في الشرق الأوسط، وقد استعدّت للتأثير بعمق في سياسات المنطقة. ليس ذلك خبراً سيئاً بقدر ما هو رهن بكيفية تعامل الولايات المتحدة وحلفائها معه. في العالم الإسلامي، لطالما كانت سياسة موسكو المعادية لأميركا متشابكة مع معارضتها الشرسة للجماعات الإسلامية. كلنا يتذكّر الثمانينيات، حين كان المحتلّون السوفييت و«الأفغان الحمر» يخوضون معارك ضد الجهاديين المدعومين من الولايات المتحدة. بل إنّ هذه الصراعات تعود إلى ستة عقود مضت: منذ الخمسينيات، فقد دعمت موسكو الاشتراكية العربية التي رفعها عبدالناصر ومناصروه على رقعة الشرق الأوسط. وبكلمات أخرى، دعمت موسكو عدو «الإخوان المسلمين» اللدود. وهذه الممارسات الخارجية وغيرها إنما تعكس الموقف الرافض الذي مارسته روسيا ضد الإسلام السياسي طوال أجيال ضمن حدودها الجغرافية، خصوصاً في الحرب الدموية في الشيشان. وما تعيشه الآن من تفجيرات وإرهاب يجتاح منطقة شمال القوقاز، في مقاطعات روسية ذات كثافة…

آراء

أين كانوا يكتبون؟

الإثنين ٢٦ أغسطس ٢٠١٣

حصلت مؤخراً على كتاب جميل صادر في نسخته العربية عن "أبو ظبي للثقافة والتراث"، وكأنه يؤصل للفكرة التي ناقشتُها في مقالي خلال الأسبوع ما قبل الماضي المعنون بـ"شقتان في باريس". هذا الكتاب الجميل الذي يحمل عنوان جميلاً: (أين كانوا يكتبون- بيوت الكتّاب والأدباء في العالم)، صدر باللغة بالفرنسية للمؤلفة فرانسيسكا بريمولي- دروليرز، والمصوّرة إريكا لينارد، ويحكي الكتاب-بالكلمة والصورة- الأمكنة عاش فيها أشهر الأدباء والكتّاب العالميين في أواخر القرن الماضي، الذين عاشوا حالة الكتابة الخالدة، وفي هذا الصدد تؤكد المؤلفة أن البيت يلعب دوراً مهماً في حياة الكاتب "لأنه يتيح لصاحبه ترتيب ذكرياته وتسكين قلقه وتحريك أفكاره... فالبيت هو مرتع الإلهام، ويغدو بالنسبة إلى الكتّاب الذين يلامسون الخيال، مادة إبداع ورمزاً يلخّص مسيرتهم الأدبية والفنية"، وتقول إنهما تجولا في أرجاء أوروبا وأميركا للبحث عن "روحية المكان" التي انعكست على الكتّاب فألهمتهم، بالإضافة إلى أغراض الأديب، وتفاصيل حياته، وذكرياته التي تمت المحافظة عليها سواء أكان البيت قصراً فاخراً أو بيتاً متواضعاً. يبدأ الكتاب ببيت الكاتبة الدنماركية (كارين بليكسون) الواقع بمحاذاة شاطئ كوبنهاجن، الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن السادس عشر، والذي ارتبطت به عاطفياً حتى بعد أن ارتحلت عنه إلى جنوب أفريقيا عقب انتحار والدها مستقرة في نيروبي، إلا أن الظروف الإنسانية والعاطفية الصعبة أجبرتها على العودة إلى بيت طفولتها-الذي تقطنه أمها…

آراء

الاحتساب على الهيئة !

الإثنين ٢٦ أغسطس ٢٠١٣

أعرف أن عددا لا بأس به من القراء الأعزاء لا يقبلون أي كلمة ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو أعضائها مهما كان حجم الخطأ، لذلك ومراعاة لمشاعرهم الرقيقة لن أتحدث عن الحوادث الفردية التي تنشرها الصحف بين وقت وآخر، والتي قد يصاحبها (دعسة) من بطن مواطن عن طريق الخطأ غير المقصود أو مطاردة هوليودية تنتهي بنتيجة كارثية رغم منع المطاردات، فمثل هذه الحوادث المتكررة (النادرة!) لا تغير شيئا في حركة التاريخ، ولا تلغي حقيقة أن بعض حراس الفضيلة ــ حماهم الله ــ يخطئون من أجل تصحيح مسار حياتنا وتقويم سلوكنا، لذلك لن أكون مثل بعض الزملاء ــ هداهم الله ــ الذين يصطادون في الماء العكر ويتوقفون عند (رفسة) هنا أو (كف) هناك. حديثنا اليوم سيكون حديثا إداريا خالصا حول جهاز حكومي أثيرت حوله بعض الشبهات التي تستلزم تدخل الجهات المعنية بمكافحة الفساد، فقد نشرت جريدة الحياة أكثر من موضوع حول بلاغات تتعلق بمخالفات إدارية في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل يعتبر مثل هذا الحديث أيضا تشويشا على عمل رجال الحسبة؟!، وهل سيتم تصنيف أي مطالبة بنبش هذه الملفات والتحقيق مع المخالفين على أنها خطوة علمانية ليبرالية صهيونية أطلسية والعياذ بالله؟!، وهل من واجب المسلم التقي النقي أن يتغاضى عن هذه الأمور الهامشية في سبيل مناصرة الفضيلة…

آراء

مِصرِيِّي مسجد الفردوس في الرياض: شكراً لكم!

الأحد ٢٥ أغسطس ٢٠١٣

القصة باختصار: خطيب جامع الفردوس في الرياض دعا في خطبة الجمعة الماضية على وزير الدفاع المصري السيسي، بوصفه خلف عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي، قائلاً: «اللهم اجتثَّ بشار والسيسي». بعض المصلين المصريين ممن يبدو أنهم من أنصار التغيير السياسي الأخير في مصر اعترضوا على هذا الدعاء، وحدث جدل انتهى -بحسب المقطع الذي شاهدته في اليوتيوب- بطرد مصلين سعوديين المصريين المعترضين من المسجد. كان منظراً مثيراً أن ترى مصلين يغادرون المسجد فيما الإمام يكبر إيذاناً ببدء الصلاة. زيادةً على الإثارة، كان منظراً حزيناً أيضاً. سآخذ هذه الحادثة الصغيرة لأُقارب مسألة أكبر، تلك هي المتعلقة باستخدام الأئمة والخطباء الصلوات والخطب من أجل حشد المصلين وراء منظوراتهم السياسية والفكرية والفقهية. ثمة فئات تعاني في السعودية من هذه المسألة ولم تتصرف مثل ما فعل مصريو مسجد الفردوس، بل ظلت صامتة تطوي المهانة والتجني. ما حدث في جامع الفردوس ذكرني بحادثة جرت لصديق قبل عشرين عاماً. ففي بداية عقد التسعينيات من القرن الميلادي الماضي، قرر عوض القرني أن الحداثة الأدبية -المكتسحة للمشهد الأدبي وقتها- محض مؤامرة عقائدية على الإسلام. أصدر عوض كتاباً شهيراً معنوناً بـ «الحداثة في ميزان الإسلام»، وكان «ميزان الإسلام» هذا هو ميزان عوض القرني حقيقة، صدر الكتاب في عز سيطرة الخطاب الصحوي على العقول والأفئدة وكان إيذاناً بحملة شعبوية مضادة للفكر…

آراء

“معذورين”!!

الأحد ٢٥ أغسطس ٢٠١٣

يقول مسؤول هيئة الطاقة المتجددة في تصريحه بالأمس (إن الأجواء المناخية الحارة على خريطة هذا الوطن قد لا تسمح بإنشاء مفاعلات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية....) ولست هنا بصدد الحديث عن أهمية فكرة هذه المشاريع بقدر ما أنا مهتم شغوف بدراسة وإعادة تدريس معالم الخريطة الوطنية. يبدو لي أن سواد أصحاب المعالي وأصحاب السعادة من كبار التنفيذيين لا يعرفون أن في البلد بدائل للطقس والمناخ ولا يعرفون أن في مساحة وطنهم الهائلة شريطاً جغرافياً معتدلاً وطويلاً بطول المسافة من ظهران الجنوب إلى شمال الطائف. شمولية توزيع مشاريع التنمية الكبرى على المستوى الوطني، في مثل هذه المقاربة من تصريح المسؤول، لا تبدأ من تنوير عقل جبار يحمل أرفع الشهادات في الفيزياء النووية: هي تبدأ من درس صغير في مادة الجغرافيا في الصف الرابع الابتدائي ليعرف المواطن خريطة وطنه وتنوعه ومدنه وسهوله وجباله. سيغرق (العاقل) في نوبة ضحك أو حتى (بكاء) حين يقرأ تصريحاً لمسؤول رياضي يقول باستحالة قدرة المملكة على استضافة بطولة رياضية في عز الصيف لأن المسؤول نفسه لا يعلم استحالة إقامة نشاط رياضي في مدينة مثل الباحة بعد صلاة العشاء من شدة البرودة في "آب" اللاهب ولأن الخريطة الوطنية مبتورة في عقل مثل هؤلاء المسؤولين فستشعر بنوبة مفاجئة من الضحك وهم يقيمون دورة الألعاب الإسلامية قبل أعوام فوق (الأربعين) درجة…

آراء

«ترى عيب والله عيب!!»

الأحد ٢٥ أغسطس ٢٠١٣

هل يمكنك وأنت أنت، أن تمر على مجموعة واقفة من الناس وتقوم بمواجهتهم والسلام عليهم جميعاً ثم تلبسُ واحداً منهم وتتركه دون سلام؟! تخيل حجم التقطيع الذي سيحدثه فيك البقية لو أنك قمت بذلك! أو تخيل أنك دخلت إلى مقهى وطلبت «خمسة شاي» وكان الجلوس على الطاولة ستة، ووزعت الشاي وتجاهلت أحدهم.. ألن يقوم حينها ذلك «السادس» بتغيير اسمك في هاتفه الجوال إلى «فلان المب ريال».. هل يمكنك الدخول إلى مكتب أو شركة فيها 20 موظفاً لتقوم بدعوة 19 منهم على عرسك القريب وتتجاهل واحداً؟! هناك أمور محرمة لدينا.. وهي كما يقال «منقودة عند العرب».. وغير العرب بالطبع! لذلك، فإن من أكبر الكبائر ما ارتكبه الكثير من الموظفين، أخيراً، بسفرهم بعد إجازة العيد، وقبل دوام الطلبة شهر سبتمبر المقبل، حين قاموا بتركنا خلفهم هنا في هذه الأجواء في تصرف لا يمت إلى العروبة والإنسانية وحسن الجوار بأي رابط، ما ذنبنا نحن الوطنيين المرابطين هنا في أعمالنا لكي يقوم أحد السخفاء بإرسال صورته بمنطقة ثلجية ما، ونحن نخرج من صلاة الظهر، ونتقافز قفز الزيت في المقلاة في «مثلث الموت»، وهو المثلث ما بين باب المسجد والميضأة ومنطقة نزع النعول، وأنتم بكرامة، حيث يجب على جميع المصلين أن يتقافزوا بشكل مدروس بحيث لا تلمس أرجلهم الأرض إلا مرة أو مرتين في تلك…