آراء
الثلاثاء ١٣ أغسطس ٢٠١٣
لا يمكن أن تمر زيارة لنا إلى الولايات المتحدة، إلا ويسأل صحافيون وأساتذة جامعات وأعضاء في الكونغرس سؤالاً تقليدياً: لماذا لا نشعر بود من الشعب المصري تجاه واشنطن، رغم المساعدات والمعونات الأميركية لكم وهي بمليارات الدولارات؟! نرد ببساطة: إسرائيل عائق صناعي، كما أن المصريين لم يشعروا بتأثير هذه المساعدات على حياتهم، لم يروا سداً عالياً جديداً عاون الأميركان في بنائه، ولا مصنعاً للحديد والصلب، ولا مجمع ألومنيوم كما فعل الروس مع جمال عبد الناصر، أنتم مشغولون بالمعونة التي تعود بالفائدة أولاً عليكم، وعلى شريحة بسيطة للغاية من المصريين تعملون على تجنيدها من أجل الدفاع عنكم، والمصريون حساسون جدا ويفهمونها وهي طائرة كما تقول أمثالهم، فلم تخدعهم كلماتكم، وكلما وقعت أزمة ولو صغيرة، هم الذين يطلبون الاستغناء عن هذه المعونات، قبل أن تهددونا أنتم بها.. وقطعاً أنتم أحرار في إدارة مصالحكم بطريقتكم، والمصريون أيضاً أحرار في التعبير عن أنفسهم. ولم يكن أغلب المستمعين يستوعب هذا التفسير.. فأعلق قائلًا: هذه دائماً أزماتكم مع الدول ذات الحضارات القديمة! يسألون: ماذا تعني؟ أجيب: لو تتبعتم الأزمات السياسية الكبرى التي وقعت فيها الولايات المتحدة منذ خروجها من عزلتها خلف المحيط الأطلسي مع بداية القرن العشرين، سنجدها دوماً مع دول ذات تاريخ حضاري طويل؛ الصين، مصر، إيران، الهند، اليابان.. فرنسا أحياناً، أما إنجلترا، فلا، لأن الإنجليز…
آراء
الثلاثاء ١٣ أغسطس ٢٠١٣
كارت «الجهل»، وكارت «الفقر»، هما الكارتان اللذان وصل بهما الإخوان للحكم، وها هم بعدما سقطوا، وانكشفت سوأتُهم، ما زالوا لا يعرفون اللعبَ، إلا بهما. ببساطة لأن الإخوان عبر تاريخهم، لا يجيدون إلا استغلال «أزمات» الناس وحوائجهم ونواقصهم. ولا شك أن الجهل والفقر يقفان على قمة أزمات البشرية ونواقصها. كارت الفقر، أقبحُ كروت اللعب وأكثرها دناءة. فالذى يصلُ إلى الحكم بشراء صوت الفقير، سوف يعمل قصارى جهده لكى يظلَّ الفقيرُ فقيرًا، مُعدمًا مُعوزًا، حتى يستطيع شراءَ صوته مرةً ومرّات. لن يبنى له مصنعًا ليعملَ ويكسبَ قوتَ يومِه ويستقلّ، فيتعفّف عن السؤال، ويملك زمامَ قراره الحرّ. بل سيكرّس فيه الاتكالية والتبعية والتسوّل، بأن يُلقى إليه فُتات الموائد، فقط ليقيم أودَه، على أن يظلَّ تابعًا جائعًا، يترقّبُ يدَ الإحسان كلَّ نهار ومساء. هذا ما يفعله الإخوان فى مستعمرة رابعة العدوية الآن. يجتذبون بسطاء القرويين وفقراء المدن بالطعام المجانىّ دون عمل أو تعب، وتوزيع الأجهزة الكهربائية والهدايا والملابس، مثلما يجتذب اللصُّ طفلاً بقطعة حلوى. وكانت آخرَ رشاوى الإخوان لمرتزقة رابعة، شاحنةٌ مليئة بأجهزة التليفزيون لاجتذاب الفقراء للمستعمرة. بئس قوم يبنون سلطانَهم ونفوذهم بالرشاوى! الكارت الثانى هو الجهل. وهو أقبح من كارت الفقر. فالذى يشترى صوتَ الجاهل بترويج الأكاذيب واستغلال أُميّته الدينية والأبجدية، سيبذل وسعَه لكى يظلَّ الجاهلُ جاهلاً غافلاً، حتى يشترى صوتَه مرّةً ومرّات.…
آراء
الثلاثاء ١٣ أغسطس ٢٠١٣
توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام مشاركة مع ناشطة ليبيرية، تمثل لنا أن تنظيم الإخوان المسلمين تنظيم عابر للحدود وغير معترف بحدود الدولة الوطنية، فمن يقرأ تغريدات توكل كرمان عما يجري في مصر يؤمن بعالمية هذا التنظيم، إذ منعتها الحكومة المصرية الشرعية قبل أيام من دخول الأراضي المصرية، وأرجعتها إلى الطائرة التي قدمت عليها، لقد صرحت كرمان أنها ستتجه من المطار إلى ميدان رابعة العدوية للانضمام إلى الأحرار هناك، وكأن الملايين التي خرجت في مصر وانحاز لها الجيش المصري غير أحرار أو مرتزقة، كما يروج له الإعلام الإخواني في جميع الدول العربية. مثل هذه الثورية المزيفة عليها أن تحترم إرادة الشعب المصري، على رغم أن ذلك أفزعها وأوجعها، وجعلها تخرج عن طورها، إذ كتبت على حسابها على «تويتر» مثلاً: «إن وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي مراهق سياسي يحكم البلاد»، فمثل هذه التدخلات والانحياز إلى الإخوان المسلمين في مصر مشروع تفرقة وفتنة في المجتمع المصري كما يؤمن اتباع هذا التيار بعد أن صحوا من أثر الصدمة وسقوط حكم الإخوان في مصر، والذين كانوا يراهنون عليه في السيطرة على أنظمة الحكم في عالمنا العربي، لما تمثله مصر من ثقل سياسي وثقافي في المنطقة، ولكن الشعب المصري أذكى من أن تخدعه هذه الشعارات الدينية، التي انطلت على الكثير من شعوب منطقتنا العربية،…
آراء
الإثنين ١٢ أغسطس ٢٠١٣
"سوف تصدمنا الأرقام، فنسبة البطالة في المنطقة تبلغ حوالي 14% بالمائة، ومنطقتنا تحتاج في هذه اللحظة إلى 15 مليون فرصة عمل، وعالمنا العربي يحتاج خلال السنوات العشرين المقبلة مابين 74 و85 مليون فرصة عمل" مقتطف من كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي في المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت عند إطلاقه لمبادرة التنمية الإنسانية القائمة على الاقتصاد المعرفي وليس ذلك القائم على المال والأعمال. أرقام مهولة وإحصائيات تنذر بالخطر! في خضم ذلك، ماذا فعلنا لإعداد رأس المال البشري المواطن، كيف سننتقل بشبابنا العربي إلى المجتمعات القائمة على اقتصاد المعرفة إن لم يتم القضاء على البطالة ؟ فالبطالة في الوطن العربي قنبلة موقوتة في وجه التحضر، وجدارا عازلا يقف عائقا في طريق التقدم. فهل من جهود حقيقية على أرض الواقع للتصدي لهذا الطوفان الهائج الذي يصحى على صوت الفقر والعجز ويمسي على صوت صياح الاطفال الجوعى وعلى أنين أمهات أنهكهن المرض. فالجهل كالقمامة الحالكة التي تعم عقل صاحبها وتجره إلى ليل سرمدي حتى يقع في جب مظلم لا مخرج منه إلا بالمعرفة، فهي بمثابة الشمس التي تمد خيط نورها للباحث عن العلم لتنتشلة من دجى الليل إلى مجتمعات اقتصاد المعرفة. ماذا بعد، هل تعلم بأن نسبة البطالة في الجزائر تبلغ…
آراء
الإثنين ١٢ أغسطس ٢٠١٣
الأميركان يكتبون بلغتهم كثيرا من الكلام الفارغ، الذي لو ترجم إلى اللغة العربية في الحديث عن مصر بدا مثل كلام الأطفال؛ من حيث السذاجة وقلة المعرفة، ولا أعيب عليهم كثيرا في هذا. أما العرب، فهم قصة أخرى تحتاج إلى حديث جاد. لفت نظري عدد من الكتاب العرب الذين يكتبون عن مصر بطريقة «سداح مداح». تخصصت، من حيث التدريب، بمنطقة الخليج العربي، والمملكة العربية السعودية بشكل خاص, ومع ذلك أتردد كثيرا، في وجود سعوديين أكاديميين، في أن أسجل رأيا، وأفضل السماع والاستمتاع؛ فأهل مكة أدرى بشعابها - كما يقولون، أو بتعبير أكثر دقة هم أكثر دراية مني في كثير من الأحوال. لكن بعض الإخوة في منطقة الخليج لا يترددون للحظة في الخوض في الشأن المصري من دون وجل من نقص في المعرفة. أفكار غير ناضجة تتزاحم حول تاريخ مصر الطويل لتفسير ما حدث يوم عزل الرئيس المصري محمد مرسي، وتبنى بعض الإخوة في الخليج، وخصوصا «الإخوان» منهم، أو من سميتهم في مقام آخر «الإخواليجي»؛ أي: الإخواني الخليجي، من الذين يعلقون على الشأن المصري، وآخرهم الصحافية اليمنية توكل كرمان أو «إخوان الدولاب» (closet ikhwan)، تبنى هؤلاء وجهة النظر الأميركية القائلة بأن ما حدث في مصر انقلاب على «شرعية الرئيس المنتخب ديمقراطيا»، ولنتوقف قليلا قبل الإسهاب عند الكلمات الأربع «شرعية رئيس منتخب ديمقراطيا».…
آراء
الإثنين ١٢ أغسطس ٢٠١٣
الافتتان بكرسي الحكم والاستبداد بالسلطة مجبولان في جينات البشر. تكاد تتحول هذه الظاهرة، التي لا تني تثبت نفسها أياً كان الزمن والظرف، إلى قانون رياضي يخرجها من نطاق الظواهر الاجتماعية إلى نطاق العلم الامبريقي والفيزيائي. جوهر سيرورة تحول حاكم راشد إلى مُستبد تستنسخ نفسها: ظروف ما، غالباً ما تكون فشل حكم سابق أو فساده تقود هذا الحاكم إلى كرسي الحكم، معبراً عن رغبات غالبية شعبية. في بداية حكمه يقدم الحاكم الجديد نموذجاً مختلفاً عن سابقيه، وينجح في تقديم بديل ما. خلال نجاحه النسبي أو الكبير يكون «كرسي الحكم» قد بدأ يشتغل بطريقته الخاصة في التأثير على الحاكم، وتتحول علاقة الكرسي بالحاكم إلى ظاهرة مدهشة بحد ذاتها. فإن لم تكن هناك آليات دستورية ورقابية تقيد هذا الحاكم يصير الكرسي «الملعون» هو الحاكم الحقيقي وليس من يجلس عليه. يتحكم أول ما يتحكم هذا الكرسي بالحاكم نفسه ويفقده رشده وحصافته. رجب طيب أردوغان حاكم تركيا اليوم هو أحد أهم المُنتسبين الجدد إلى تلك السيرورة التاريخية – يدخلها بقوة وطيش واندفاع. من روبرت موغابي في موزامبيق إلى علي عبدالله صالح في اليمن تفيض الشواهد يساراً ويميناً كل منها يقدم تجربة خاصة و «إضاءة» ما تزيد مما هو مكشوف أصلاً من ظاهرة استبداد كرسي الحكم بمن يجلس عليه. يقول لنا التاريخ الماضي والقريب إن هناك…
آراء
الإثنين ١٢ أغسطس ٢٠١٣
هناك كثير من التجارب الحوارية التي جرت بين رموز وشخصيات دينية ومثقفة سلفية وشيعية في المملكة طوال العقد المنصرم، ومنها انطلق الباحث عبد الباري الدخيل لتوثيق أجزاء كتابه (السلفيون والشيعة: تجربة حوار). الكتاب الذي يقع في أكثر من 300 صفحة يحتوي على مادة ثرية يمكن أن تكون مرجعا لرصد أبعاد هذا الحوار وآفاقه وانعكاساته على الصعيد الاجتماعي. وفي ظل التوتر الطائفي الذي يسود المنطقة، فإن أطروحة الكتاب تأخذ بعدا إيجابيا في التعاطي مع هذا الملف الساخن في هذه المرحلة. يفتتح الدخيل كتابه بالتأكيد على التمثل بقيم الإسلام وتعاليمه، وضرورة تقديم أنموذج للوحدة والتعايش والتسامح لاستيعاب تنوع مجتمعنا المذهبي والقبلي والمناطقي. ويتصدر الكتاب مقالة سابقة للشيخ حسن الصفار تحت عنوان (السلفيون والشيعة: نحو علاقة أفضل) نالت وقت نشرها رواجا وتفاعلا لما ورد فيها من أطروحات جريئة وناقدة. وكان الصفار قد تناول فيها دعوة الشيعة إلى ضبط الانفعالات ومنع أي إساءة للرموز الإسلامية، كما دعا السلفيين الكف عن فتاوى التكفير وخطابات التحريض. الكتاب استعرض لقاءات وحوارات متعددة بين علماء الطرفين في مناطق متعددة من أرجاء الوطن، كان من بينها ما أكده الشيخ عبد الرقيب القحطاني في لقاء تضمنته إحدى ندوات منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف، وفيه أكد القحطاني على ضرورة تنظيم لقاءات دورية تجمع علماء ودعاة المذاهب الإسلامية لتنمية القواسم المشتركة وضبط…
آراء
الإثنين ١٢ أغسطس ٢٠١٣
"أنت ما تعرفني!.. أنا ابن فلان الفلاني.. وأقدر أرجعك الشارع" هذه العبارة النابية تلفظ بها شاب مراهق يبدو في الـ16 أو الـ17 من عمره؛ مهددا حارس أمن شاب يعمل على بوابة أحد المولات الكبرى في جدة، كنتُ واقفة أنتظر سيارتي وأنا أستمع لحوارهما، فكل ذنب حارس الأمن أنه ينفذ الأوامر، بمنعه من الدخول بسبب ملابسه التي صدر فيها قرار على الأسواق والمقاهي بمنع دخول المرتدين لـ"الشورت"! وبغض النظر عن سبب المنع، أتحدث هنا عن اللهجة التهديدية المتعالية من المراهق وأصدقائه لحارس الأمن الذي أجبرته ظروفه على العمل براتب يقارب 3000 ريال، ولا أخفي عليكم أزعجني الموقف جدا، فهؤلاء يحرجون حارس الأمن ويأمرونه بأن يسمح لهم بالدخول ضاربين بالقانون عرض الحائط، لكنه كان مصرا على أداء عمله، رغم الإحراج الذي شعر به أمام الناس. وبغاية الأدب اختصر الكلام بأن عليهم الذهاب إلى إدارة السوق، فهو ينفذ الأوامر لكن ذلك المراهق يُصر على الوقاحة بقوله: "أنا لا أذهب لإدارة السوق الإدارة هي من تأتي إليّ.. اطلب مديرك"، وبعد طول جدال اتصل أحد المرافقين لذلك المراهق على أحدهم، ويبدو أنه في إدارة السوق، ليعطي حارس الأمن الهاتف، ما جعل ملامحه تتغير وبدا عليه القلق وهو يتلقى أمرا بإدخالهم، هكذا وبنفس منكسرة سمح لهم بالدخول، في ظلّ استمرار المراهق بازدراء الحارس: "شفت دخلت غصب…
آراء
الإثنين ١٢ أغسطس ٢٠١٣
إذا كان العيد هو حالة اجتماعية مكثفة من إظهار الفرح، فإننا دائما نتساءل إلى أي حد يعبر هذا الفرح عن الحقيقة، أي "السعادة" الحقيقية في قلوبنا، السعادة العميقة، الرضا الكامل عن أنفسنا وحياتنا وعلاقتنا بالمجتمع. هذا التساؤل هو جزء من تساؤل أكبر تتم مناقشته في كافة أنحاء العالم حول السعادة، وهو نقاش موجود بنسبة أكبر في الدول الغربية، التي استطاعت أن تحقق الكثير على مستوى التقدم الاقتصادي ومستوى تحقيق احتياجات الإنسان الأساسية والكمالية، وما زالت تتساءل عن تحقيق السعادة. هناك الكثير جدا من المشاريع الأكاديمية والحكومية في الغرب التي تركز على السعادة وجودة الحياة عموما، وهناك مقياس لمنظمة التعاون والتطوير الاقتصادي للسعادة في الدول الغربية، وطورت بريطانيا مقياسا آخر روج له رئيس الوزراء ديفيد كاميرون كمحاولة لتوجيه المجتمع للنظر لتطوير المجتمع على عدة مستويات بدلا من التركيز على المقاييس الاقتصادية. هذا التركيز جاء لأن العالم اكتشف بشكل واضح أن المعايير الاقتصادية لا تكفي لقياس السعادة. هناك مثلا دراسات واضحة أنه بقدر ما تحسن الاقتصاد في دول مثل أميركا، زادت نسب الاكتئاب والانتحار والمشكلات النفسية والاجتماعية. التطور التكنولوجي جاء بنفس السؤال: هل تحسن التكنولوجيا من مستوى السعادة لدى الإنسانية؟ نحن نتفاعل اجتماعيا مع عدد أكبر بكثير من الناس عبر الشبكات الاجتماعية، ونتفاعل بشكل أكبر كثافة على انستاجرام وفيسبوك وتويتر، وهناك تطبيقات…
آراء
الأحد ١١ أغسطس ٢٠١٣
أخرجت الثورات العربية (2010- 2013) المنطقة العربية من الجمود والإخضاع بمفاعيل التوافق والتقاسم بين إيران وتركيا وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة. لكن الاضطراب الشديد الذي يصل إلى حدود الفوضى المدمرة انتشر في الأجواء مجدداً، بفعل عاملَين اثنين: محاولات الانشقاقيين العرب والمسلمين الاستيلاء على نتائج الثورات أو تخريبها، واختراق إيران وتركيا والولايات المتحدة وروسيا لفصائل الإسلام السياسي والجهاديين والإفادة من ذلك في الاحتفاظ بالنفوذ، أو تخريب البلدان وقتل الناس، إن لم يكن الاحتفاظ بالنفوذ ممكناً! أصر أقطاب الدراسات الإسلامية على اعتبار وجوه القلق والاضطراب التي انتشرت في المجتمعات الإسلامية في النصف الأول من القرن العشرين صحوةً أو يقظة، تميزت بأمرين: أولهما الإقبال على تديُّن شديد ذي طابع شعائري ورمزي، وتَوق لأسلمة الحياة الفردية والاجتماعية والسياسية. والأمر الثاني رفض الأجنبي، بالمعنى العسكري والأمني والاستعماري بالطبع، وبالمعنى الثقافي والحضاري. وما سيطرت هذه النزعة بشقّيها في عقودها الأُولى، بل تكونت إلى جانبها ثم في مواجهتها ميول ومشروعات للتجديد والإصلاح، كانت وراء الحركات التي كافحت الاستعمار، وسعت لإقامة الدولة أو الكيانات الوطنية الطامحة للاستقلال والتقدم. وقد حققت الدولة الوطنية في عقودها الأولى نجاحات معتبرة، وامتلكت طموحات قصّرت دونها، ولذلك حسمت نُخَبُها العسكرية والثقافية الأمر لصالحها في مطلع الخمسينيات، فأقصت فريقين: البورجوازيات الكبرى التي تعاملت مع المستعمرين من موقع الدونية، والإسلاميين الصاعدين تخوفاً من تشددهم واستخدامهم للدين…
آراء
الأحد ١١ أغسطس ٢٠١٣
تقول مجلة «درشبيجل» الألمانية عن مترو مدينة الرياض بأنه ليس مجرد وسيلة للنقل، بل هو رمز للتغيير والتخفيف من الجمود وإنعاش للحياة العامة. هذه العبارة التي اختارتها المجلة بذكاء تعبر بدقة عن الدور الاجتماعي والبعد الإنساني الذي تلعبه وسيلة النقل العام، التي تدخل ضمن منظومة الأمكنة العامة التي يشكل غيابها خللا في التواصل البشري والنمط الطبيعي للحياة. قبل فترة، كتب الشاعر الجميل والكاتب الأجمل محمد زايد الألمعي مقالا مهما في صحيفة الحياة عن مأزق المجتمع السعودي مع المكان العام الذي يفتقده، وكيف يتعب هذا الكائن المسكين في البحث عنه خارج الحدود محاولا تلبية حاجة ضرورية ونزعة إنسانية لا يستطيع ممارستها بشكلها الطبيعي في وطنه. يذهب الفرد السعودي «الطبيعي» إلى الخارج ليختلط مع البشر في الأمكنة العامة، يسمع الحوار والضجيج والاختلاف والاتفاق والموسيقى والكلام الرصين والمبتذل، يسمع ويشاهد كل شيء يجسد طبيعة الحياة الحقيقية للبشر، إنه يستمتع بثقافة المكان العام ويتعلم منها أشياء كثيرة، لكنه يعود إلى العزلة في وطنه أو إلى مكان عام مصطنع داخل أسوار وحيطان وأبواب. المترو عالم قائم بذاته، مجتمع يمور بكل شيء على مدار الساعة، ثقافة خاصة مشبعة بالغرائب والعجائب من الممارسات والأحداث والمشاهد. أصناف بشرية من أقاصي التناقضات والتباينات في كل شيء، وكذلك أصناف تضيف للإنسان ما لا يتوقعه من المفيد والمدهش. حين تقضي للمرة…
آراء
الأحد ١١ أغسطس ٢٠١٣
يبدو أن هناك مؤامرة هولندية ضد الإبل العربية. هذه الإبل التي سرقت الأضواء من سوق الأسهم وأخذت أسهمها في التصاعد الجنوني كاسرة حاجز البورصة لمزايين الإبل، إذ سجلت صفقات الوضح البيضاء المليون والنصف للناقة الواحدة، وهو أعلى سعر يصل إليه حيوان عبر التاريخ، ولأن النوق العربية أخذت وجاهتها من الصحراء ولقبت بسفينتها، فيبدو أن الزمن أنصفها فاشتعلت أسعارها في الأسواق العربية على أنها سفن وليست حيوانا يمكن أن ينفق بحمى عابرة تذهب بالملايين المدفوعة ثمنا له. ويبدو أن الهولنديين قرروا إفساد هذا السوق، وظهرت نية الإفساد من خلال (شلة) من العلماء (وعبر دراسة طبية) قالوا إنهم عثروا على أدلة قوية تؤكد أن فيروس (كورونا) واسع الانتشار بين الإبل العربية ذات السنام الواحد. هذه المؤامرة (الجبانة) والمستهدفة سوق الإبل الناشئ تصدى لها شخص واحد هو وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي (لكنه تحدث باسم وزارة الصحة) ووصف الدراسة بالعادية، وأنها لا تقدم ولا تؤخر كون العلماء الهولنديين لم يثبتوا بشكل قاطع أن الإبل هي «مصدر العدوى» هذا الصوت النافي والوحيد قابل نفيه تأكيد الفريق العلمي الهولندي الذي أجرى الدراسة في المعهد الوطني للصحة العامة والبيئة في بيلتوفن بهولندا، حيث جمع الفريق العلمي 349 عينة دم من مجموعة متنوعة من الماشية، بما في ذلك الإبل والأبقار والأغنام والماعز وبعض الحيوانات المرتبطة بالإبل وحيدة…