آراء
الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣
هناك مقالات كثيرة كتبها مفكرون وكتاب ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين أو يتعاطفون معهم، وهى تناقش نقطة واحدة: هل هذه ثورة ثانية أم انقلاب عسكرى، وما هى أعداد من خرجوا فى مظاهرات ٣٠ يونيو، هل هى ٣٠ مليونا أم ١٥ مليونا أم بضعة آلاف؟ لم يتحدث كتاب الإخوان ومؤيدوهم عن مستقبل جماعة الإخوان وتفسيرهم للموقف الجمعى من الشعب المصرى تجاه الإخوان، والذى يحدث لأول مرة فى تاريخ الجماعة، وما هو السبب الحقيقى لفشل الإخوان الذريع فى حكم مصر بعيداً عن التفسيرات الوهمية عن الدولة العميقة ورجال مبارك. أولاً: لماذا فشل مرسى فى إدارة الدولة؟ السبب الأساسى الحقيقى أن مرسى لم يكن أبداً، ولو للحظة واحدة، رئيساً للجمهورية، وإنما كان سكرتيراً لمكتب الإرشاد، ولم يكن له حق التصرف، وأقصى سلطاته كان تقديم اقتراحات لمكتب الإرشاد. هذا الأمر فريد من نوعه، وما أقوله ليس غريباً بل يعرفه العالم كله، وغياب قائد واحد له سلطة اتخاذ القرار أمر يضعف أى نظام. ثانياً: أدى غياب السلطة والنفوذ واتخاذ القرار عند الرئيس إلى تفسخ مؤسسة الرئاسة وتوالى استقالات مستشارى الرئيس، حين اكتشفوا أنهم مستشارو الهواء الطلق وليس الرئيس، وحين عرفوا بوضوح أن رئيسهم منزوع السلطات قدموا استقالاتهم تباعاً وأصبحت مؤسسة الرئاسة خالية الوفاض لا تستطيع أن تقدم فكراً ولا رؤية استراتيجية ولا تصوراً لمجابهة الأزمات…
آراء
الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣
تخيلوا معي ماذا يمكن أن يحدث في مصر، لو أن الرئيس محمد مرسي خرج على الناس قائلاً: «يا شعب مصر.. اسمحوا لي أن أعتذر إليكم، عما حدث دون قصد مني في العام الماضي، لقد حاولت ولكن النتائج لم تأت كما خططنا، ولقد قررت الاستجابة لمطالبكم، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فإرادة الشعوب لا تُرد وهي مصدر قوة أي حاكم، وقد كان هذا عامنا الأول وصادفتنا صعوبة كثيرة عرقلت مسيرتنا، فلم ننجز ما وعدتكم به، ولأني أشعر بكم ومنكم، ونحن نبني ديمقراطيتنا الوليدة، فمن حقكم أن تعترضوا وتخرجوا إلى الشوارع غاضبين، ومنكم كانت شرعيتي، وهذا قراركم، ولقد كلفت هيئة المستشارين بإيجاد صيغة دستورية لهذه الانتخابات المبكرة، وفقنا جميعاً لخدمة مصر وطننا الغالي». تخيلوا معي لو أن محمد مرسي فعل ذلك، مع أن «لو» من عمل الشيطان، بدلاً من خطاب التهديد والوعيد الذي أطلقه في وجه المصريين مساء الثاني من يوليو الجاري، قبل نهاية المهلة التي منحتها له القوات المسلحة، للاستجابة لمطالب ملايين المتظاهرين في كل أنحاء مصر؟! قطعاً كان المشهد قد تغير كلياً.. وربما انقلب رأساً على عقب.. أولاً: جَنب جماعته خوض غمار مواجهة خاسرة مع المجتمع المصري، فهذه أول مرة تجد الجماعة نفسها وجهاً لوجه مع الشعب وليس السلطة، سواء كانت مدنية أو عسكرية، وكانت المواجهات السابقة مع السلطة تكسبها شعبية…
آراء
الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣
في السياسة فتش دائما عن المصالح الإقليمية وليس الداخلية، وبحسب عبارة جون كيندي الشهيرة فإن «السياسة الداخلية قد تخذلنا ليس إلا، أما السياسة الخارجية فبإمكانها قتلنا»، طبقا لهذه المعادلة السياسية فإن من المهم على محور الاعتدال الخليجي الآن بعد سقوط «الإخوان» وخروجهم الذي يبدو طويلا من المشهد، التفكير في مسارات الحسابات الإقليمية للمرحلة المقبلة. وإذا اعتبرنا بعد زوال غبار الربيع العربي الذي امتد طيلة الأعوام الماضية أن ثمة ثلاثة محاور رئيسة، وهي دول الاعتدال والمحوران التركي والإيراني، فإن من المهم قراءة السقوط المدوي لـ«الإخوان» ومصكوكة «الإسلام السياسي»، وفق حسابات الربح والخسارة على مستوى السياسة الخارجية. خسرت تركيا حليفها الاستراتيجي قبل أن تخسر نظيرها الآيديولوجي مع الفارق، فمكونات ما بعد مرحلة «الإخوان» لا يمكن لهم أبدا أن يشكلوا أي تحالف سياسي مع «النموذج التركي» الذي طالما تغنى به «الإخوان» وجماعات الإسلام السياسي. الثوار والقوى السياسية المدنية تنظر إلى التجربة التركية بعين الريبة، لا سيما بعد أحداث «تقسيم»، والجيش المصري ذو النزعة القومية يتحسس من هيمنة حزب العدالة والتنمية التركي على الجيش وتحييده له، والسلفيون يرون في علمانية تركيا نموذجا غير صالح للحكم، كما أن الاقتصاد التركي رغم ضخامته لا يشكل عامل إغراء للانفتاح المصري على المنتجات الرخيصة القادمة من آسيا. في المقابل خسرت تركيا النموذج الديمقراطي الذي أنتجه الربيع العربي وسلمه…
آراء
الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣
حفل افطار رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يوم الخميس الماضي في مقر حزب العدالة والتنمية للسفراء المسلمين والأجانب في انقرة كان استثنائيا بسبب الاوضاع السياسية التركية على المستويين الداخلي والخارجي ، فاستثناء السفير الاسرائيلي من الدعوة يعكس استمرار توتر العلاقات التركية الاسرائيلية وعدم توجيه الدعوة لممثل السفارة السورية ينبئ عن حاله العلاقات التركية السورية والتى وصلت الى طريق اللاعودة كما ان عدم مشاركة السفير المصري في القاهرة احتجاجا على الموقف التركي الرسمي من رفض التغيير في مصر واعتبار ذلك تدخلا في الشأن المصري يوضح حجم الخلاف بين الموقفين التركي والمصري الجديد تجاه الاحداث في مصر على المستوى الداخلي حرص اردوغان على مشاركة نائبه نعمان كورتولمش والذي انضم قبل اشهر للحزب وهي رسالة للسفراء الاجانب انه مرشحه المفضل للانتخابات القادمة وسط انباء عن وجود خلاف بين رئيس الوزراء ونائبه القوي بولنت ارينتش بسبب اختلاف وجهات النظر تجاه معالجة احداث تقسيم ، ففي الوقت الذي سعى ارينتش الى التعامل بهدوء وبدبلوماسية مع المحتجين رفض رئيس الوزراء اعطاء اى فرصة للمحتجين وتحقيق اى مطلب من مطالبهم رغم محاولات البعض افهامه ان صورة الحزب تضررت كثيرا ولاسيما في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. رئيس الوزراء التركي حرص على توجيه رسالة تسامح للسفراء الغربيين ولممثلي الكنيسة الارثوذكسية والأرمينية عبر عرض لفرقة الاطفال الموسيقية والتى قدمت…
آراء
الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣
ليست مفاجئة موجة العمليات الإرهابية الدراماتيكية التي تصاعدت في سيناء خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة بمعدلات غير مسبوقة منذ تأسيس جماعات مسلحة متطرفة في هذه المنطقة في أواخر تسعينيات القرن الماضي. كانت هذه الموجة متوقعة لدى بعض المحللين، وغير مستبعدة لدى بعضهم الآخر، بعد أن تمددت الجماعات المسلحة في سيناء، مستغلة حالة الفوضى التي أعقبت انهيار جهاز الشرطة خلال انتفاضة 25 يناير. وأظهر الاعتداء الذي استهدف قائد الجيش الثاني الميداني اللواء أحمد وصفي في رفح مساء الأربعاء قبل الماضي (10 يوليو)، حدوث تطور نوعي في قدرة هذه الجماعات أو بعضها على تنفيذ هجمات أشد خطراً من أي وقت مضى، فقد تم هذا الاعتداء باستخدام صواريخ «جراد» وشحنات متفجرة. ولكن القوة المكلفة تأمين القائد المصري الكبير ردت على ذلك الاعتداء بنجاح. غير أن الخطر يظل كبيراً لأن الجماعات المسلحة استثمرت العام الذي حكمت فيه جماعة «الإخوان» مصر لدعم قدراتها التسليحية والتدريبية والتنظيمية واللوجستية، فقد ثبت الآن وجود علاقة بين الرئيس المعزول محمد مرسي وسلطته ومن ورائهما جماعة «الإخوان» وتلك الجماعات. وتظهر كل يوم دلائل وقرائن جديدة على أن الرئيس السابق استغل سلطته لتحجيم دور الجيش والأجهزة الأمنية في مواجهة الجماعات الإرهابية المسلحة. وكان كاتب السطور قد أثار هذه المسألة في مقالته المنشورة هنا في «وجهات نظر» يوم الأربعاء 29 مايو الماضي تحت…
آراء
الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣
الأرجح ان قيادة «حزب الله» لن تهتم كثيراً بتفاصيل العقوبات التي ينطوي عليها قرار الاتحاد الأوروبي وضع جناحه العسكري على لائحة الارهاب. فهي تعرف بدقة الصعوبات التقنية الهائلة امام الفرز بين العسكري والسياسي في الحزب، وهي تعلمت دروساً ثمينة من التجربة الايرانية في هذا المجال. وحتى لو تم تجاوز هذه الصعوبات فهي تتصرف وكأنها غير معنية بكل ما يصدر عن المجتمع الدولي وهيئاته بالنسبة الى الحزب، وقد أثبتت ذلك لمناسبة توجيه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتهامات لعناصر في الحزب في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. اذاً، هذا التصنيف ينطوي على رسالة سياسية في المقام الأول. وإعلان التمييز بين جناحين للحزب، في الوقت الذي يعرف الجميع ان كل مستوياته وهيئاته ومؤسساته تدمج الصفتين معاً، مقصود. فهو تحذير مسبق للحزب وقيادته من مغبة الاستيلاء على الحكم في لبنان، في ضوء انغماسه الكامل في النزاع السوري وتحويل بلد الأرز كساحة للصراع تخضع هي الأخرى لميزان القوى العسكري. وفي ضوء عرقلته لتشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، وتعميم فراغ دستوري يشتبه بأن الحزب وراءه من اجل أن يتولى هو سده عندما يحين الوقت المناسب. هذه المخاوف التي يعبر عنها اعضاء في الاتحاد الاوروبي دفعت الى التحذير من ان العقوبات التي تطاول الجناح العسكري ستتحول عقوبات على الحزب في حال اقدامه على فرض واقع جديد من…
آراء
الثلاثاء ٢٣ يوليو ٢٠١٣
أهم ما يفعله الجهاديون المسلحون، على تعدد ساحاتهم الوطنية وكثرة تنظيماتهم، وعلى تفاوت قوتهم، أنهم يعززون الوقائع الصلبة والاتجاهات القابلة لأن تسود في المجتمعات التي ينشطون فيها. وهذا في معزل عن الرأي، سلباً أو إيجاباً، في هذه الوقائع وتلك الاتجاهات الكثيرة. لقد رأينا، في لبنان، عينة صغرى على ذلك في حالة الشيخ الصيداوي أحمد الأسير الذي أتاح لـ «حزب الله» مراكمة انتصار آخر وتثبيت واقع مفاده ترسيخ الهيمنة لسلاحه، وبالتالي تكريس «شرعيته» المفروضة بقوة الأمر الواقع. لا بل تمكن أحمد الأسير، بجميع قواه العقلية، من تمكين واقع زائف هو عادية التقاطع بين الشرعية الرسمية و «شرعية» حزب الله. لقد بات أمر كهذا يبدو عادياً لعدد أكبر من اللبنانيين! على نطاق أوسع وأهم، دفعت الحركات الجهادية المنتشرة في شمال سورية وشرقها، والتي أحجمت قوى الثورة عن مواجهتها، في اتجاهين يصعب التقليل من صلابتهما ومن تجذرهما. فأولاً، ومن خلال إقدامها على اغتيال قادة عسكريين وتهديد آخرين في «الجيش السوري الحر»، قوت نزوع الحرب الأهلية لابتلاع الثورة وتحجيمها. وثانياً، ومن خلال صدامها العسكري بالمسلحين الأكراد في «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي»، دفعت هذا النزوع إلى مرحلة متقدمة وُضع معها قيام دولة كردية في الشمال السوري على جدول أعمال المنطقة. وغني عن القول إن هاتين، أي الحرب الأهلية والدولة الكردية، وجهتان شعبيتان وموضوعيتان كائناً ما…
آراء
الثلاثاء ٢٣ يوليو ٢٠١٣
عندما يؤكد تقرير صندوق النقد الدولي حول أسعار السلع الأساسية لشهر يونيو 2013 انخفاض أسعار الأطعمة بنسبة 3% خلال الفترة من ديسمبر 2012 إلى يونيو 2013 بينما سجلت سوقنا المحلية ارتفاعا لأسعارها من 4% في سبتمبر 2012 إلى 6,4 % في يونيو 2013 فإن هذا يؤكد وجود خلل كبير يمنع هذه السوق من الاستجابة لتطورات الأسعار في الأسواق العالمية، وقبل أن نجهد أذهاننا بالتفكير في أسباب هذا الخلل فإن خبيرا اقتصاديا يوضح لنا أهمها وأخطرها، ألا وهو « الاحتكار». هذه المفردة القبيحة وغير الإنسانية واللاأخلاقية في معناها العام هي التي تجعل شكوى الناس المستمرة من الغلاء لا صدى لها، وهي التي تجعلهم يشعرون باليأس من إمكانية إنقاذهم من هذه المحرقة المستمرة. تخيلوا يا سكان المملكة جميعا أن ثلاثين تاجرا فقط يحتكرون 45% من السلع الرئيسية في السوق، وأن منهم من يمتلك أكثر من 35 ألف وكالة حصرية بحسب تصريح رئيس المركز السعودي للدراسات والأبحاث ناصر القرعاوي لصحيفة الشرق يوم الأحد 12 رمضان، والذي وصف فيه المواد الغذائية بالسرطان المستمر الذي لم تستطع وزارة التجارة مكافحته لأن الاحتكار فيه واضح سواء ما يتعلق بالسلع المستوردة أو المنتجة محليا، رغم صدور نظام لمكافحة الاحتكار ومنعه. إن الاحتكار بهذا الشكل البشع يشكل وضعا يهدد المجتمع عندما يصبح أسيرا لعدد محدود من التجار يتحكمون…
آراء
الثلاثاء ٢٣ يوليو ٢٠١٣
تصوّر أننا صرنا بصدد حقيقة «ارفع رأسك» هذه المرة، لكن ليس رأساً من باب الفخر بل من باب الواقع، فرؤوسنا كلها صارت مطأطأةً ذليلةً خانعةً، لكن أمام شاشة جهاز يتحكم فيك، ويسيطر عليك، كما يسيطر عقار كيماوي يمنحك في البداية متعة، لكنه مع الوقت، يوقعك في سيكولوجية الإدمان والتعود، وتصبح عاجزاً عن الفكاك منه أو العيش من دونه، ولو أن كاميرا تصوّر لقطةً علويةً لجموع الطلبة والطالبات، والشبان والشابات، والسادة والسيدات في الأسواق والمقاهي والبيوت، لوجدت رؤوساً تدفن نفسها في أجهزة صغيرة بيدها، أو تمسك الجهاز بيديها وتدق أزراره متباهية بأنها صارت تسرع أكثر من الآخرين، صار مشاهداً عادياً أن ترى فتاة تمشي وعينيها على الشاشة، تتحسس قدمها الطريق أو تدبُّ كما يدبُّ الأعمى على مقدمة سلم كهربائي، لا ترى ولا تدرك من يمرّ بقربها. جلستُ ذات مرة في مقهى، والشمس تكاد تغربُ، فجلستْ بجانبي سيدةٌ، وضع النادل قهوتها، بردت، وغابت الشمس، ومرّ النسيم، وهي لا تزال تدق على جهازها، وتخاطب آخر بعيداً، إنها غيبوبة جديدة، واحدة من الغيبوبات التي يسهل علينا الانزلاق فيها، فأسهل ما على الإنسان هو الانزلاق الذي لا يكلف شيئاً، بينما المقاومة تكلف الكثير، ولدينا مثلٌ يقول: «الموت مع الجماعة رحمة»، وبدلاً من أن تكون منعزلاً ووحيداً وشاذاً، فالأهون أن تكون اهتماماتك مثل كل الناس، وأن…
آراء
الإثنين ٢٢ يوليو ٢٠١٣
ما الذي حدث في مصر حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم من احتراب وتنابذ أدى إلى انقسام مجتمعي خطير ربما يحدث لأول مرة بهذا الشكل ويهدد الكيان المصري ما لم يبادر العقلاء إلى تدارك الأمر ؟ سؤال يجول في خاطر كل محب لمصر وهو يراها تنزلق إلى الفوضى وتسير نحو مستقبل مجهول بين قوى سياسية تتجاذب عليها أطراف الصراع دون أن يبدو في الأفق تصور لحل يصل بمصر الدولة والشعب إلى بر الأمان . لقد ركب الإخوان موجة الثورة مبكراً مع تشككهم ابتداءً في نجاحها ضد نظام كان يبدوا ثابتاً على الأرض بقواعده الممتدة وقبضته الأمنية الراسخة، إلا أنه مع أول بوادر لاهتزاز نظام مبارك، تسابق الإخوان إلى الانخراط في الثورة ثم ما لبثوا أن تصدروا المشهد السياسي ساعدهم في ذلك حسن تنظيمهم في ظل انفراط عقد قوى الثورة التي لم يكن يجمع بينها سوى العداء لنظام مبارك. وتمكن الإخوان من اكتساح الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية ووصلوا إلى سدة الحكم في مصر لأول مرة بعد ما يزيد على الثمانين عاماً من تأسيس جماعتهم . كانت بدايات الثورة إذاً طيبة للإخوان وبدأ المستقبل أمامهم لسيادة المنطقة بعد وصول حركات الإسلام السياسي إلى الحكم في تونس وليبيا . إلا أن عدم خبرة الإخوان في إدارة شؤون الدولة وعدم قدرتهم على…
آراء
الإثنين ٢٢ يوليو ٢٠١٣
علق أحدهم لافتة ضخمة وسط ساحة قريبة من شقتي خلال مظاهرات 30 يونيو (حزيران). كانت تحمل صورة السفيرة الأميركية لدى مصر آن باترسون، وقد وضعت على وجهها علامة إكس، وكتب أسفلها «ارحلي». المصادفة أن باترسون متزوجة، لكن وصفها بالعَازبة كان نوعا من التشويه، فالمرأة المستقلة عادة ما ينظر إليها بنوع من الشفقة أو عدم الثقة في الثقافة الأبوية المصرية. المصريون غاضبون من الولايات المتحدة. ونظرا لكوني أميركية، كثيرا ما يقول لي جيراني في القاهرة بأسئلة مثل «هل من أنباء عن أوباما؟»، كما لو كنت ضالعة في عملية اتخاذ القرار الأميركي. فعلاقة المصريين مع الولايات المتحدة تبدو شخصية بقدر ما هي سياسية، ولقد شاهدت ذلك التحول من الافتتان إلى خيبة الأمل. في أوائل الثمانينات، كان الناس هنا ينظرون إلى الشعب الأميركي كأبطال، يبدون إعجابهم برخاء البلاد وقوتها ونصرتها للحقوق المدنية. إلا أن الفترة التي سبقت وتلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وأفغانستان والعراق وأبو غريب وخليج غوانتانامو، كنت عندما أسأل عن جنسيتي، أضطر إلى الكذب في بعض الأحيان، لا لتجنب المواجهة، بل أضطر للاعتذار نيابة عن أميركا، كما يسمونها هنا. اليوم أكتب محملة برسالة إلى رئيس بلدي، تتلخص فيما يلي: يشكو المصريون من أن أميركا دعمت جماعة الإخوان المسلمين الاستبدادية، كما فعل نظام الرئيس حسني مبارك على حساب الحريات السياسية…
آراء
الإثنين ٢٢ يوليو ٢٠١٣
أعتقد أن القضية في النهاية هي قضية حب؛ إذ كلما ازددت حبًا لذكرى ما، ازدادت سطوة تلك الذكرى عليك. (فلاديمير نابوكوف) كثيرةٌ هي الأشياء التي لا نجد لها تفسيرًا في حياتنا، ولعلّ ذلك راجعٌ إلى سذاجة بعضها، وسذاجتنا في التعرّف إلى البعض الآخر. أحيانًا يراودني شعورٌ غامض بأنّني لا أنتمي إلى هذه اللحظة، إلى هذا اليوم، أو إلى هذا العصر. أشعر في قرارة نفسي أنني غريبٌ عن هذا العالم.. وأسمع رجع الصدى يأتيني من العتمة والعدم «مكانك ليس هنا»! ولو كان خلفي بابٌ سحريّ، أصرخ في وجهه «إفتح يا سمسم» فتنفتح لي مغارة الماضي، لتواريت خلفه إلى حقبة الثمانينات أو السبعينات! إنّها الـ«نوستالجيا»، أو بلغة أبسط «الحنين» إلى شيءٍ غامض: وجهٌ من الماضي تراكم عليه الغبار، صورةٌ بالأبيض والأسود كستها الطّحالب والأعشاب، وذكرى حلوة من أيّام الزمن الجميل، أيّام الطّيبين الذين راحوا وبقيت رائحتهم! وقد أخطأ بعض المثقفين عندما ظنوا أن الـ«نوستالجيا» رجعية ورفض لسنة التغيير، والحقيقةُ خلاف ذلك تمامًا؛ فالـ«نوستالجيا» شعورٌ نبيل، فهذا الحنين إلى الماضي ليس إلا وفاءً وإمتنانًا له. إنّه ذلك النّوع من الحنين الذي أصاب الشاعر محمود درويش فكتب أجمل أعماله «أحنّ إلى خبز أمي». وهو ذلك النّوع من الحنين إلى الأشياء الصغيرة التي كانت تدخل الفرح والرضا إلى قلوبنا. صوت «الصرناخ»، حينما نضع رؤوسنا على…