آراء

آراء

بين الراجحي وريتشارد برانسون: أين الخلل؟

الإثنين ٢٢ يوليو ٢٠١٣

بعقد عقود طويلة من التركيز في الدول الغربية على تحقيق الأرباح التجارية بغض النظر عن سبل تحقيقها وعن مساهمة تلك الأرباح في نمو المجتمع، أي بعد عقود من تطبيق "الرأسمالية" البحتة؛ ظهر جيل جديد من رجال الأعمال الذين ينادون بتغيير هذا الوضع، وينادون بوضع أطر أخلاقية للعمل التجاري وبإيجاد أفكار فعالة لتحقيق المشاركة الفعلية والبناءة لرجال الأعمال في بناء مجتمعاتهم. أحد هؤلاء هو رجل الأعمال البريطاني الشهير ريتشارد برانسون، رئيس شركة فيرجن، والذي قولب أفكاره في كتابه Screw Business as Usual (أي: قل وداعا للبزنس كما نعرفه)، والذي شرح فيه مفاهيم عديدة مبسطة في هذا الإطار. برانسون مشهور بأفكاره غير الاعتيادية في مجال العلاقات العامة، ولا يمكن طبعا الادعاء بأن أعماله الخيرية ليست ذات منطلق إنساني، ولكنها بالتأكيد أفادت مجموعته واسمه على سبيل العلاقات العامة، كما هو واضح من الكتاب. لكن لو تأملت فيما قدمه برانسون على صعيد الأرقام والمشاريع وحتى المفاهيم، لوجدت أنه لا يزيد أبدا عما قدمه رجل أعمال مثل الشيخ سليمان الراجحي أو غيره كثيرون في المملكة العربية السعودية، حيث يمكن ببساطة القول إنه وغيره من رجال الأعمال قدموا المليارات للعمل الخيري والإغاثي والإنساني.. لماذا يشتهر برانسون وبيل جيتس ووارن بوفيت وغيرهم عالميا في هذا المجال، بينما يبقى ذكر رجال الأعمال السعوديين البارزين محدودا رغم ضخامته واتساع…

آراء

أردوغان يصب الزيت على مياه النيل المضطربة

الأحد ٢١ يوليو ٢٠١٣

جاءت إطاحة الجيش المصري للرئيس المعزول، محمد مرسي، بهدف إنقاذ مصر من شبح الحرب الأهلية، لتنزع قناع الاعتدال عن وجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. ففي سبتمبر 2011، استخدم أردوغان المنبر الذي منحته إياه قناة "دريم" لحضّ الشعب المصري على تبنّي دستور علماني يقود إلى التعامل مع المصريين من جميع الأديان على قدم من المساواة، مضيفاً "العلمانية لا تعني الإلحاد". ولم تلقَ نصيحته هذه آذاناً صاغية. فقد أصدر مرسي مراسيم رئاسية لإحكام قبضته على السلطة، وعيّن إسلاميين في مجلس الشورى، وفرض دستوراً يتجاهل حقوق الأقليات والنساء. وبدلاً من الإصغاء إلى تحذيرات الاتحاد الأوروبي ونصائح مستشاريه الذين نبّهوه إلى أن مواقفه غير الجامِعة تتسبّب بالاستقطاب في البلاد، عمد إلى تنصيب محافظين ينتمون إلى "الإخوان المسلمين" و"الجماعة الإسلامية" في تسع محافظات مصرية. وقد أطلقت الظروف المعيشية، مع اضطرار المواطنين إلى الوقوف ساعات طويلة أمام محطات الوقود والأفران والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، رصاصة الرحمة على مسيرته السياسية. فقد طالب أكثر من 30 مليون مصري، أي ثلث السكّان، برحيله. النقاش حول وقائع ما جرى، وإذا كان انقلاباً عسكرياً أم تصحيحاً ديمقراطياً فرضته المطالب الشعبية، هو محض أكاديمي. المصريون هم من يقرّرون مستقبل بلادهم، وقد اتّخذت الأكثرية قرار تصويب الأخطاء التي ارتُكِبت بعد ثورة 2011. في نظرهم، الشارع هو الذي عزل مرسي بعدما قاد…

آراء

إيران وتركيا… والخطاب مع العرب

الأحد ٢١ يوليو ٢٠١٣

اعتبر الرئيس الإيراني الجديد نفسَه ذكياً عندما خاطب الأسد قائلاً له: إنه سيظلُّ معه ضدَّ إسرائيل! لكنه يعرف أنّ الأسد ما بقي في السلطة شكلاً حتى الآن، إلا لأنّ إسرائيل وإيران تريدان ذلك، وقد قال لنا نصرالله إنه يتدخل في سوريا ضد التكفيريين ولحماية المزارات الشيعية، بينما قال نائب وزير الخارجية الروسي إنه يتدخل في سوريا لمنع سقوط دمشق! إيران في مأزقٍ مزدوج ولجهتين: لجهة احتياجها لإشعال حروب أهلية في العراق وسوريا ولبنان حفاظاً على مناطق نفوذها، وفي الوقت نفسه فإن روحاني نجح في الانتخابات الرئاسية في مواجهة مرشحي الحرس الثوري، المسؤول عن سياسات الداخل والسياسات العسكرية والأمنية تجاه العرب ودول الجوار الأُخرى خلال العقد المنقضي. وما أزال أذكر أنه قبل عامٍ ونيّف عندما برزت صعوباتٌ مع مجلس الشورى الإيراني في وجه الجنرال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس»؛ فإنّ سليماني ما وجد ما يدافع به عن نفسه غير القول إنه إن واجَهَ صعوباتٍ في إيران، فإنّ المصريين والإسلاميين العرب الآخرين سيدافعون عنه، لأنه بنى عشر إيرانات في العالمين العربي والإسلامي! وبسقوط «الإخوان» في مصر، فإنّ سليماني والحرس الثوري و«حزب الله»، أكبر إيرانات ولاية الفقيه في العالم العربي. فطوال سنة ظلّ مرسي، وظلَّ «الإخوان المسلمون» المصريون مصرّين على الاحتفاظ بالقائم بالأعمال المصري في دمشق، وظلّت الزيارات كثيرةً ومتبادلةً بين مصر وإيران.…

آراء

وكله أمر بالمعروف!

الأحد ٢١ يوليو ٢٠١٣

يقول تعالى: (... الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله...). والملاحظ هنا كيف فُصل المعروف والمنكر عن الحدود. ذلك أن الإسلام إنما يتألف من حدود الله والعبادات والوصايا، ومن بقية الأمور الأخرى التي اصطلح الكُتّاب على تعريفها بالمعروف والمنكر. وتعني ما تعارف عليه الناس وما أنكروه تبعاً لأعراف زمانهم ومكانهم. فما هي الأعراف؟ هي القوانين الإنسانية التي وضعها الإنسان وسار عليها. والآن كيف نفسّر مصطلحي «المعروف» و«المنكر»؟ المعروف من معناه، هو ما عرفه الناس ثم تعارفوا عليه، وبالتالي تحوّل إلى شيء مألوف ومقبول اجتماعياً وذوقياً لتلك البيئة. فماذا عن المنكر؟ من الطبيعي ومن اسمه أن يكون ما أنكره الناس ثم استنكروه فصار من الأمور المستهجنة وغير المقبولة اجتماعياً في بيئته. لذا يدخل مبدآ المعروف والمنكر ضمن المفاهيم المتطورة والمتغيرة بحسب الزمان والمكان اللذين وُجِدا فيهما. يقول تعالى في لباس المرأة الخارجي (ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين). وهنا ارتباط بين المعرفة في شكل اللباس ووقوع الأذية في شكل مباشر. وكله بحسب الأعراف السائدة في البلد الذي تعيش فيه تلك المرأة، فلباس المرأة المسلمة في بلاد الغرب - والذي لن يعرضها للأذية لو لبسته في بلاد أخرى - قد يعرضها للأذية، وكله لباس ساتر. ذلك أن الأعراف في تلك البلاد غيرها في البلاد الأخرى وهكذا. ولنأخذ قوله تعالى للنبي عليه…

آراء

الراتب والقروض

الأحد ٢١ يوليو ٢٠١٣

أيام المناسبات تذكر بعض المواطنين بالمأزق الاقتصادي الذي يعيشونه. فالإجازة ورمضان والعيد ودخول المدارس التي جاءت وتجيء في أوقات متقاربة ألهبت تلك الاحتياجات، فتناثرت الأمنيات، وكلها تحمل إلحاحا لإعادة النظر في سلم الرواتب، وانبرى الكثيرون للرد على الخشية من ارتفاع الأسعار لو حدث نوع من مراجعة سلم الرواتب أو زيادتها، مخففين من هذه الحجة بمقدرة أجهزة الدولة على مراقبة الأسواق ولجم نفور الأسعار. وأمنية رفع الرواتب ليست نتاجا لهذه الحملة، إذ إنها أمنية سبقت ميزانية التريليون، فمع إعلانها تقاذف المواطنون البشائر وانحسرت في فلك خاص بكل مواطن وتجلت في زيادة الرواتب، وكلما تم إحباط هذا القول بأن الزيادة في الراتب تعني الزيادة في الأسعار، تراجعت الإشاعة في هذا المضمار، ولكنها انتقلت إلى حلم توفير المساكن، وانتقلت في فترة لاحقة إلى فكرة إيجاد تأمين صحي يعتقهم من ارتفاع الكلفة الصحية، ومع دخول هذا الحلم إلى مجلس الشورى وتباطؤ المجلس في تبنيه تقهقرت تلك الأحلام، خصوصا حينما ظهر للسطح مقولات عديدة عن خطورة زيادة الرواتب، إلا أن كل ما حدث أبقى أمنية زيادة الرواتب حاضرة في ذهنية المواطنين مع انتظار حدوث مفاجأة مفرحة، وهي الفرحة التي لم تغادرهم وهم يغردون عبر التويتر، ويستحضرون الدراسات الاقتصادية والتي تشير إلى تآكل دخل الفرد وعجز هذا الدخل في مواجهة غلاء المعيشة، كما أن دخل المواطن…

آراء

زايد.. سيد المكان

السبت ٢٠ يوليو ٢٠١٣

يأتي رمضان، ويعقبه رمضان آخر، وأنت الغائب الأكبر، نفتقدك بحجم غيابك، بصدمتنا في فقدك، وحزننا لرحيلك، ويمضي رمضان، ولا تزال أعيننا للسماء وقلوبنا تهفو لك ولأجلك، لا نعلم إلى ماذا ننظر وننتظر! محصن بالدعوات، مشيع بالبركات ولا تزال أكفنا مرفوعة، ندعو لك، علنا نرجع بعض من خيرك، بعض من حبك وتفانيك لأجل شعبك. منذ رحلت وتركتنا نحن اليتامى بعدك، ثكلى بدونك، شعبك يا سيدي يحن لك. أينما وجد الخير وجدت، اسمك بعدك يسافر في كل الاتجاهات، يميناً إذا كان العطاء يميناً، ويساراً إذا كان الجود يساراً. زايد الخير.. كيف قدر لهذا الاسم أن يخترق القلوب، ويبقى أثراً أبدياً في كل قلب. نفتقدك كما لم نفتقد أحد! لغيابك صمت الحزن، ولرحيلك صوت الألم. منذ أن رحلت يا سيد المكان لم تعد الأشياء كما كانت هي الأشياء! مبعثرة مشاعرنا، من يرتبها؟ ويرتبنا بعدك؟ المكان مثلنا يفتقدك، والزمان يا سيد اللحظات بكل دقائقه الثقيلة وجموع الثواني البطيئة يشتاق لك. منذ أن رحلت، ووهج حضورك لا يزال بريقه يشع في كل الأمكنة، يضيئ طرقنا، يوجهنا، ويذكرنا بك. سيدي، رحيلك غير خريطة قلوبنا، وتفاصيل أحاسيسنا، وأشكال مشاعرنا، كنا نخاف أن ننكسر بعدك، ولا نقوى على المسير، وكنا نخشى أن تضيع خطواتنا في زحمة الدروب، حتى أتى خليفتك، وانتشلنا من مخاوف أوهامنا، إلى واقع حياتنا، ووضعنا…

آراء

قبل النوم

السبت ٢٠ يوليو ٢٠١٣

كنت في السيارة مع صديقين يكبرانني في السن، وكنتُ مُرهقاً من المذاكرة والإعداد لامتحانات الثانوية العامة، فقلتُ لهما: «عندما تنتهي الامتحانات سيسقط جبلٌ من فوق كتفي، ومهما كانت الأيام المقبلة ثقيلة فإنها لن تكون بثقل هذه الأيام». فضحك أحدهما وقال: «صدّقني، كل ما هو قادمٌ سيكون أثقل من هذه الأيام». فكنستُ كلامه بيدي في إشارة إلى أنني غير مقتنع به. واليوم لا تمضي سنة دون أن أتذكر ذلك الحوار عدة مرات؛ فلقد صَدَقتْ توقعاته، وصارت أيام الثانوية العامة، مقارنة بحياتي الآن، أقل همّاً وتحدياً. كان همّي محصوراً في المذاكرة، ويمكنني أن ألخص قلقي حينها في جملة «تافه» دون الحاجة إلى تفصيل. ما زلتُ لا أحب المدرسة -سأظل أعترف بهذه الحقيقة أمامكم كثيراً- ولا أتمنى العودة إلى تلك الأيام فلكل مرحلة من الحياة لذّتها التي تأتي من التغلب على العراقيل وتحقيق نجاحات بسيطة، ولكنني أتمنى أحياناً أن أعود إلى المزاج الفكري البسيط الذي كنا نتحلى به أنا وأترابي في تلك الفترة. فلقد كنتُ لا أكفّ عن قراءة القصص والروايات، ثم بدأتُ بقراءة كتب علي الطنطاوي، ثم المنفلوطي والرافعي ونجيب محفوظ وطه حسين وغيرهم، وكنت لا أقرأ إلا قبل النوم، ولا أتصل بأصحابي لأسألهم عن شيء إلا قبل النوم أيضاً. ولا أُنكِرُ أنني مررت بمرحلة عشقتُ فيها كُتب السياسة ومجلاتها، ولكنني تخليتُ…

آراء

الإخوان وتوريط أردوغان

السبت ٢٠ يوليو ٢٠١٣

الطيب رجب أردوغان، شخصية دخلت بيوت معظم العرب، وقلوبهم، لأنهم شاهدوا فيه شخصية صادقة، وناجحة، ومتعاطفة معهم وقضاياهم. لكن الحب منذ النظرة الأولى لم يستمر كما هو، حيث خسر أردوغان الكثير من حماس العرب له، لأسباب عديدة، أبرزها كثرة وعوده بمواجهة مجازر نظام الأسد ولم يفعل، وتهديداته لإسرائيل بأنها ستدفع الثمن الغالي لقتلها المتظاهرين السلميين، وفي النهاية قبل الدية للقتلى فقط، وموقفه المنحاز للقذافي في الثورة الليبية، والقذافي شخصية يوجد شبه إجماع عربي على كراهيتها، ثم وصفه المتعجل لما حدث في البحرين بأنه «كربلاء ثانية» مؤيدا المتظاهرين المتطرفين. ورغم هذه «الهنات» لا يزال الكثير من العرب حقا ينظرون إليه باحترام، وبعضهم لا يلومه، مدركا أن الوضع في سوريا أصعب من قدرة أردوغان وتركيا. الآن، دخل معركة بين المصريين. تبنى موقفا منحازا وعنيفا لصالح جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ويكاد يكون الوحيد في العالم الذي يتبنى هذا الموقف. ولن نناقشه في إصراره على أنه مع «الشرعية» في مصر، وهي الرئيس المعزول محمد مرسي، لأنه جدل بيزنطي. فالمصريون يقولون أزحناه لسوء أدائه، وهيمنة جماعة الإخوان على كل الدولة، وعدم احترامه للديمقراطية التي جاءت به للحكم. أردوغان عندما يساند بهذا التطرف مرسي والإخوان، عمليا يعادي معظم القوى المصرية والعربية التي لا تشاركه رأيه. وإذا كان أردوغان يعتقد أن مرسي قد ظلم، وهذا حقه،…

آراء

«واي فاي»… والنقد الساخر

السبت ٢٠ يوليو ٢٠١٣

منذ أكثر من عشرة أعوام، والكثير من البرامج عُرضت على القنوات التلفزيونية بما تحمل في مضامينها من عروض التقليد الساخرة للشخصيات الإعلامية والفنية على الصعيدين الخليجي والعربي، وقد كانت من البرامج المسلية التي تؤخذ في إطار القبول لدى العامة، ولكن البرنامج «واي فاي» الذي تعرضه قناة mbc في موسمه الحالي، أثار الكثير من الجدل حول تقليد الشخصيات التي تناولها فريق التمثيل في حلقاته الأولى، خصوصاً الشخصيات الدينية وغيرها من التي حصلت على شعبية من المتابعين من خلال البرامج الافتراضية للتواصل الاجتماعي. وعلى الوجه المهم في القضية، يجب أن نعرف أن لا أحد فوق النقد إلا الأنبياء المنزهين والمعصومين منه، ولكن القدسية والنزاهة التي يعتقدها الفكر الاجتماعي السائد حول التعرض للمتحدثين باسم الدين جعلتهم لا يفرقون بين السخرية والنقد الساخر، وبالتالي تضعهم في منطقة النزاهة المحظورة، وغير ذلك لاحظت جرأة البعض من المعارضين على الاستدلال بالنصوص الشرعية لتوثيق اعتراضاتهم، وقد قرأت كثيراً من ردود الأفعال التي ترفق مع اعتراضها على هذا النقد نصوصاً من القرآن والسنة تتضمن معاني مؤثرة للوعيد الشديد الذي ينتظر الذين يسخرون من المؤمنين ليؤيدوا بهذه النصوص آراءهم حول هذا الموضوع، وكأنهم يخرجون الفريق الآخر عن دائرة الإيمان! هذه الاصطفافات التي تظهر لنا في كل قضية بما تحمله من الخلافات الفكرية، تغذي المشاعر السلبية والتنافر بين الآراء، وتجعل…

آراء

لهذه الأسباب سوف ينتعش الاقتصاد المصرى

الجمعة ١٩ يوليو ٢٠١٣

من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، سماع أو قراءة أى شىء متفائل عن مصر هذه الأيام. فالقلاقل فى الشوارع مستمرة، مع وجود تهديد كبير على نحو غير مريح بتجدد المواجهة التى تشمل توليفة من مؤيدى محمد مرسى ومعارضى الرئيس المعزول والجيش. وتكافح الطبقة السياسية كى تجتمع حول إجراءات انتقالية فورية لإدارة الحكومة، ناهيك عن تلك الإجراءات اللازمة لإعادة البلاد إلى الطريق إلى الديمقراطية القادرة على البقاء. أما الاقتصاد فهو فى وضع حرج مع انتشار الفقر وزيادة العجوزات وارتفاع معدل التضخم وزيادة البطالة وانهيار الدخول. لا سبيل لإنكار ذلك. فمصر اليوم تفتقر إلى أية دعائم اقتصادية ومالية ومؤسسية وسياسية قوية. بل إن دعائمها الاجتماعية تعانى من ضغط غير مسبوق. ●●● وليس مستغربا أن يخشى عدد من الناس مما كان لا يخطر فى الماضى على بال أحد، ألا وهو الحرب الأهلية فى البلد الأكثر سكانا وتأثيرا فى منطقة جرى العرف على أنها متقلبة. ومع ذلك، فمع أن التشاؤم الحالى يبرره الواقع على الأرض، فلا ينبغى أن يعمينا ذلك عن خمسة عوامل سوف تحرك انتعاش مصر فى نهاية الأمر. وعلاوة على ذلك فهى تدل على قدرة كبيرة كبتها طوال عقود نظام اختار أن يفيد قلة مميزة لا أن يخدم الدولة ككل ويمكِّنها. أولا: تمتلك مصر العديد من محركات النمو الاقتصادى والدخل والتوظيف…

آراء الثورة السورية على مفترق طرق

الثورة السورية على مفترق طرق

الجمعة ١٩ يوليو ٢٠١٣

في الوقت الذي كانت فيه طالبان باكستان تبشرنا أن لديها أو سيكون لديها مقاتلون في سوريا، كان فرعا «القاعدة»: دولة العراق والشام، وجبهة النصرة، يتصارعان على الموارد البترولية وموارد التهريب، وأيهما الأكثر شراسة في تطبيق الأحكام على السكان المدنيين الذين ابتلوا بهم! وفي الوقت نفسه أيضا كان فرعا «القاعدة» هذان يتنافسان: من يقتل أكثر من قادة الجيش الحر وجنوده - بينما كان الائتلافيون لا يزالون يتفاوضون للمرة العاشرة أو العشرين على تشكيلات الائتلاف وتنفيذياته وصلاحيات كل واحد منهم، كأنهم حزب خالد بكداش بعد وفاته، أو «فتح» و«حماس» في صراعهما على جلد الدب قبل صيده! كان هذا الجزء من المشهد المقبض في سوريا وخارجها في الأسبوع الأول من رمضان. لكن الجزء الآخر الباعث أكثر على الانقباض والإحساس بالمأساة: المذابح التي يمارسها جنود النظام الأسدي وشبيحته في حمص وريفها، ودمشق وريفها على وجه الخصوص، وعشرات الأماكن الأخرى في سوريا، سبق أن ثارت وتحررت، وكثير منها يقع اليوم تحت سيطرة إرهابين: إرهاب الأسد وزبانيته، وإرهاب عشرات الكتائب المسلحة والتي لا يدري أحد من أين جاءت؟ وإلى أين هي ذاهبة؟ تعاني الثورة السورية إذن من أربعة جوانب: جانب الأسد وزبانيته وأعوانه بالداخل والخارج، وجانب الفوضى والتآمر وقلة الكفاءة في المناطق التي للثوار سيطرة فيها، وجانب الائتلاف السوري بالخارج أو القيادة السياسية، وجانب الداعمين الدوليين…

آراء

كُن بِلالاً

الجمعة ١٩ يوليو ٢٠١٣

حياتنا قصص، ولهذا نحبها، ونستمع بعفوية مطلقة لراويها، وما أروع الرواية عندما يكون الحبيب المصطفى عليه أشرف الصلوات مبشراً فيها، إذاً دعونا نقرأ: عن أَبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِبِلاَلٍ: «يَا بِلاَلُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإسْلاَمِ، فَإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ - حركة النعل وصوته على الأرض - نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أرْجَى عِنْدي مِنْ أَنِّي لَمْ أتَطَهَّرْ طُهُوراً فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أنْ أُصَلِّي» [متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري]. دعونا نتمعن قليلاً في عمل الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه، هل كان خارقاً للعادة؟ أم كان صعب المنال حتى لا يصل إليه إلا النخبة؟ بالطبع لا، هذا العمل لا يستغرق منك إلا 5 - 8 دقائق فقط، وتكون قد أديت عملاً من أعمال أهل الجنة. السر يكمن بأن بلالاً، رضي الله عنه، كان «متميزاً» سبق غيره بعمله البسيط هذا، وكانت البشارة «الجنة»، وهنا الدرس: لا يهم العمل بسيطاً كان أم كبيراً، فقط «بادر بتميز». ولأن قصص الأولين لا تُملّ، دعونا نقرأ هذه القصة، والتي من روعتها كل ما قرأتها تخيلت نفسي أعيش أحداثها: حين كان في الشام، رأى بلال النبي صلى الله عليه وسلم، في…