آراء
السبت ٢٦ يناير ٢٠١٣
أفكار عظيمة، ووعود مشجعة تلك التي سمعناها من القادة العرب في القمة الاقتصادية العربية التي اختتمت أعمالها في الرياض الأسبوع الماضي. إنهم يريدون تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في كل البلاد العربية، وتحويلها إلى كتلة اقتصادية واحدة منسجمة وناجحة، ترتع شعوبها في بحبوحة ورخاء ووظائف. ولكن لننزل هذه الأفكار العظيمة على واقع العالم العربي، فهل يمكن أن نؤسس وحدة اقتصادية تنساب فيها بلايين الاستثمارات والبضائع والوظائف بين أكبر بلدين عربيين -السعودية ومصر- اللذين يشكلان معاً أكثر من نصف اقتصاد العالم العربي؟ بالطبع لا، ليس لأن التجارة البينية بين هذين العملاقين متواضعة، فهي لا تزيد على 7 بلايين دولار، على رغم أنها الأضخم بين أي بلدين عربيين، وإنما بسبب الاختلاف الكبير في البنية الاقتصادية بين البلدين «الشقيقين» على رغم القرابة الجغرافية والدين والأهل والعشيرة، وقد وصف الرئيس مرسي البلدين بأنهما «قبيلة واحدة» خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض لحضور القمة. فالسعودية دولة رأسمالية، جُلّّ اقتصادها معتمد على النفط، نشطة صناعياً، ووصلت منتجاتها الى الأسواق المصرية، فيها فائض هائل من المال، ولكنها حريصة عليه، فتمضي به حيث تجد ضمانات أكبر لحمايته ولو بعوائد منخفضة. والأهم من كل ذلك أن لديها أيضاً مشكلات عميقة تشوّه بنيتها الاقتصادية، أهمها البطالة، وضعف مخرجات التعليم، واعتماد بلغ حدّ الإدمان على العمالة الأجنبية القليلة الكلفة في كل قطاعاتها الإنتاجية،…
آراء
السبت ٢٦ يناير ٢٠١٣
حدث أن قرأت النص الطويل لجلسة الاستماع التي عقدت في مجلس الشيوخ التي تسبق التصويت على تعيين مرشح الرئيس الأميركي لوزارة الخارجية جون كيري، نحو 35 ألف كلمة. وهو الحوار الذي دار بين السيناتور كيري ولجنة الشؤون الخارجية التي كان يرأسها كيري نفسه قبل تعيينه. وحتى نتعرف على شخصية وزير الخارجية الجديد، الذي سيثبت تعيينه بالإجماع، فهو قد سبق له أن مثل للشهادة أمام مثل هذه اللجنة قبل أكثر من 40 عاما كجندي عائد من حرب فيتنام. إذن، نحن أمام سياسي متمرس ومطلع. وهو مطلع على منطقتنا إلى درجة أن سبق له أن التقى الرئيس السوري بشار الأسد 6 مرات، أي أن كيري يعرف زوايا المنطقة ورجالها. مع هذا أشعر بالقلق مما قرأته لأن كيري لم يعكس مواقف واضحة في قضايا أساسية، وتحديدا سوريا وإيران. حتى إن السيناتور جون ماكين ألح عليه أن يتبنى موقفا أكثر وضوحا ينسجم مع المفاهيم الأخلاقية والمصلحة العليا بالوقوف ضد أفعال نظام بشار الأسد. وقال ماكين ألا ترى أننا نبذر في الريح في سوريا وسنحصد «القاعدة» وبقية الجماعات المتطرفة التي ستحل محل النظام؟ 60 ألف قتيل اليوم في سوريا والنظام سقوطه حتمي، وإن الأسد يفكر في الخطة (ب) بالرحيل إلى الساحل وارتكاب عمليات تطهير عرقية وإقامة دولة علوية هناك. وقال له ماكين أيضا لقد تحدينا…
آراء
الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٣
كثيرون نحن الذين استبشرنا بمشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء، الذي تمخض عنه نظام القضاء الجديد. فقد كان في السابق على القاضي تحمل عبء النظر في قضايا مختلفة، ولذلك أولى النظام الجديد الاهتمام للجوانب الفنية، وبالتالي أنشئت المحاكم المتخصصة. ونظام القضاء الجديد كما هو معلوم ليس نهاية مشروع تطوير القضاء، وإنما هو إحدى مراحله، وبما أن كل مرحلة من مراحل تطوير أي نظام تصب اهتمامها على جانب مهم من جوانبه، فإنه من الضروري أن تأتي المرحلة اللاحقة لتطوير الجوانب الأخرى بناء على ممارسة النظام على أرض الواقع، ورفع التوصيات التي من شأنها التنبيه للجوانب التي هي بحاجة إلى تطوير. وكما ذكرت فإن هذه المرحلة من مراحل مشروع التطوير العام للقضاء كانت منصبة على الجوانب الفنية، فإنه من الضروري أن تكون المرحلة الأخرى من مراحل التطوير منصبة في حقل الصلاحيات والمهام القضائية. فالسلطة القضائية ليست بالطبع مجرد قاعة محاكمة وإصدار أحكام وحسب، بل تتعدى في مسؤولياتها إلى كل ما له علاقة بمكونات العدالة، ابتداءً من صدور أمر الضبط مروراً بالتحقيق وإلى صدور الحكم القضائي وبقية مراحله من نقض وتمييز وغيرهما. ولعل من الجهات التي لها علاقة بالمهام القضائية ومن الضروري وجودها ضمن حقل القضاء هما النيابة العامة والرقابة العامة، ونحن في السعودية لدينا هيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام وهما الجهتان…
آراء
الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٣
عكس ما يريد أن يصوِّره «البعض الأبعض»؛ فإن الدين كان ولا يزال وسيظل أهم دافع للإبداع لاسيما في الفنون الإنسانية! فمازالت آثار مسارح الإغريق شاهقةً شاهدةً على عناية القوم بالمسرح عنايتهم بأهم الطقوس الدينية! أما الكنيسة فهي أم المسرح، وفي رحمها تغذى على الموسيقى -روح التراتيل الإنجيلية- والرهبان هم من ابتدع النوتة الموسيقية وطورها! ومعادلها الفني في الثقافة الإسلامية هو علامات «التجويد»/ العلم الذي كان له أكبر الأثر في تطوير «المقامات» التي وضع قواعدها «الخليل بن أحمد» على «التفعيلة»(الجملة الموسيقية) في «علم العَرُوض»! أما فن «المدائح النبوية» فلولاه لربما انقطع دابر «الطرب» غناءً وموسيقى وحرفةً! حيث ازدهر هذا الفن في القرن السابع الهجري، في ظل تردِّي المجتمعات العربية والإسلامية سياسياً واقتصادياً وفكرياً! وفي هذه الحال ينكفئ التاريخ على ذاته باحثاً عن «رمزٍ» يعينه على الصمود والتشبث بالتفاؤل في مواجهة الواقع المرير! وهل عرفت الدنيا رمزاً أعظم من نبينا/ محمد، فداه كل من يحارب الحياة باسمه -صلى الله عليه وسلم- وباسم دينه؟ ومن حسن حظ الفن (شعراً وغناءً وموسيقى) أن تزدهر «المدائح النبوية» في حضن الطرق الصوفية بعيداً عن «تسييس الدين» و«تديين السياسة»: فالصوفية هي الفرقة الوحيدة التي شغلها ترويض وتطهير نفوس أفرادها ومريديهم عن تكفير وتفسيق وجدال غيرها من الفرق الإسلامية؛ فاتفقت بقية الفرق على دَرْوَشَتِها المسالمة، بعد أن أَمِنَ…
آراء
الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٣
خلال الأيام الفائتة تعرض أكثر من كاتب صحفي سعودي إلى هجوم شديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال المواقع الإلكترونية للصحف التي يكتبون بها جراء ثنائهم على الدولة، رغم أن المقالات التي كتبها الزملاء وتضمنت مدحا للدولة تضمنت نقدا شديدا وطرحا تناول مطالب جريئة في جانب من نفس تلك المقالات، لكن البعض لم يقبلوا بذلك الثناء ولهذا هاجموا الكتاب وسخروا منهم وقالوا ما قالوا فيهم. أنا هنا لن أدافع عن الزملاء، فهم أقدر وأولى مني بذلك، لكنني تذكرت أنه قبل شهرين دخلت في نقاش مع صديق، ويوم أن احتدم النقاش بيننا حول سلوك بعض الأشخاص من المشاهير في مجتمعنا قال لي بالحرف الواحد: "إذا فيك خير انتقد الدولة من خلال ما تكتب بدلا من أن تنتقد هؤلاء"! وحيث إنني لم أكن أود الدخول معه في جدال، بل كان بودي أن أتحاور معه، ثم لأنني لم أكن أود أن أضايقه لمكانته الكبيرة في نفسي، آثرت السكوت والانسحاب, وقلت فيما بعد لشخص قريب مني ومنه ليتك تشير عليه أن يطلع على مقالاتي التي أكتبها في "الوطن" ليرى حجم النقد المباشر الذي ينال الدولة والكثير ممن يمثلونها ويعملون باسمها. ما وددت الحديث عنه هنا هو أن الدولة تتعرض للنقد، حتى وإن كان هذا النقد ليس مطلقا ويختلف في قوته وجرأته من صحيفة إلى…
آراء
الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٣
متى يتم التعرف على أن المشكلة المعينة، التي يواجهها مجتمع ما، هي مشكلة ثقافية وليست بطارئة عليه، أم مشكلة طارئة عليه وليست جزءا من ثقافته؟ ولماذا يجب التعرف على المشكلة، هل هي طارئة على المجتمع أم جزء من ثقافته؟ إذا حدثت مشكلة ما أو جريمة ما، في مجتمع ما، ولم يتم التصدي لها بالقوة التي تستحقها فهي نابعة من ثقافته، وليست طارئة عليه. أما إذا تصدى لها بالزخم والحزم والقوة التي تستحقها فهي طارئة عليه وليست جزءا من ثقافته وذلك كونها هزت ضمير المجتمع الذي لم يعتد عليها، وعليه لم ولن يتقبلها، أو يتراخى أمامها. وإذا تمت دراسة المشكلة وتم تحديد نوعها، هل هي من فصيلة المشاكل الطارئة أم من فصيلة المشاكل المسنودة ثقافياً؛ هنا يتم التعرف على المشكلة ووضع الحلول القصيرة أو الطويلة الأمد للقضاء عليها، أو على أقل تقدير محاصرتها وعدم تكرارها. المشكلة الطارئة تحتاج فقط إلى حل قصير المدى، وذلك عن طريق الحسم والحزم الأمني وإنزال العقوبة الرادعة على محدثها، وتسليط الضوء على جوانبها من ناحية لماذا وكيف حدثت؟ وسبل تفاديها حتى لا تتكرر. أما عندما يتم التعرف على المشكلة وتحديد أسبابها، ويتم التأكد من أن لها أسبابا وجذورا ثقافية؛ فهنا يتم التوقف عندها ملياً، ويشترك في حلها، ليس فقط المؤسسات الأمنية والقضائية والتشريعية مع أهميتها، ولكن…
آراء
الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٣
يزداد الموقف الروسي تشدداً مع الوقت في مسألة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وتؤكد موسكو أن الحرب السورية ستطول سنوات وستحصد المزيد من الضحايا إذا استمرت المعارضة المدعومة من العرب والغرب في المطالبة برحيله، لكنها لا تقدم أي تفسير علني لماذا تصر هي على بقائه، باستثناء الحديث العمومي عن «مبدأ عدم التدخل»، ولا توحي بالثمن الذي تطالب به في مقابل التخلي عنه والتوصل إلى تسوية تنتهي بزوال نظامه. وتستغل روسيا الحرج العربي، الذي عبر عنه وزير الخارجية السعودي عندما تحدث عن «المأزق الكبير» المتمثل في عجز الدول العربية عن وقف حمام الدم في سورية واستحالة إقناع المعارضة بفكرة بقاءٍ ولو موقت للنظام الحالي بعد سقوط أكثر من 60 ألف قتيل، لتهدد (روسيا) بالمزيد من القتل وبإطالة أمد الاقتتال إلى ما لا نهاية، ولتؤكد استمرارها في منع مجلس الأمن من التوصل إلى إجماع ينهي المأساة. وأمس، تأفف وزير الخارجية الروسي من «هوس» المعارضة بإطاحة النظام، وكأن الأسد وصل إلى السلطة في انتخابات حرة ونزيهة وليس وريث ديكتاتورية قامت على هيمنة أقلية على مقدرات الحكم بالترهيب والإقصاء. لكن الروس الذين التقوا قيادات من مختلف أطراف المعارضة، يعرفون بالتأكيد أن هذه ستخسر مبرر وجودها إذا هي تراجعت عن مطلب التنحي، ويعرفون أن المواجهة، حتى لو طالت سنوات، لن تكون نتيجتها النهائية في مصلحة…
آراء
الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٣
حينما انطلقت بوادر ما ظنناه «ربيعاً» عربياً، لم يكن أمام من احتفى به غير التصفيق والتفاؤل بمستقبله. وكيف نلوم الظمآن التائه في صحراء قاحلة إن ركض خلف السراب؟ لا ماء في السراب، وحتى اليوم، لا ربيع في «الربيع»! بعضنا يصف المشهد اليوم بالربيع الإسلامي، وآخرون يكابرون ويصرون على أنه «الربيع العربي»، وأياً تكن التسمية؛ فالنتيجة واحدة. واقع العالم العربي - على أغلب الأصعدة - يبقى أسوأ مما كان عليه قبل عامين، وتلك نتيجة في عداد «تحصيل الحاصل» بعد ستة عقود من الضياع والفوضى والقمع والاستبداد، لكننا نحن الذين صفقنا لما ظنناه «ربيعاً»، نسينا في غمرة الاحتفال ببدايات ما جرى، جملة من الحقائق المهمة تشكل السدّ المنيع في وجه «الربيع»، فغير أننا شعوب تحركها العاطفة وتلتف حول صاحب الصــــوت الأعلى، ورثنا ثقافة تُبجل الحاكم، وتصنع منه أحياناً طاغية ومستبداً، وحتى مفهوم الدولة عنـــــدنا شائك وملتبـــــس، فـ «الأمة»، في خطاباتنا الدينــــية، وخــصوصاً عند التيارات الأصولية، تأتي قبل الوطن إن لم تكن هي «الوطن»، و «الدولة» في تراثنـــا هي غنيمة المنتصر، ولم تتأسس لدينا، حتـــى اليوم، ثقافة تستبدل مفهوم «السلطة» بفكرة معاصرة تتمثل في «الإدارة» لا أكثر ولا أقل. وهنا مربط الفرس، فما لم تكن الإدارة المؤهلة هي مصدر «شرعية» مؤسسة الحكم، فسيظل الصراع السياسي قائماً على أساس البحث عن «شرعية» تبرر البقاء…
آراء
الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٣
نحن شعب يعشق السهر كثيراً.. سيارات تدور خلف بعضها طوال الليل دوران مليء بـ«البحلقة» خصوصاً عند إشارات المرور، ومطاعم وكافيهات محددة ومتشابهة ومملة خصوصاً في المنطقة الشرقية، ناهيك «عن التبطح» المليء بالضجر والشيشة والنميمة في الاستراحات والقهاوي! في الصيف قالوا لأن أجواءنا حارة كذلك ترى الناس يستغلون تسامح الليل معهم لينسدحوا فيه حتى الصباح ليرحمهم من قيظ النهار، لكن في الشتاء ما عذرهم؟. هناك عار يتلبس الكثيرين لدينا حينما ينامون باكراً وهناك وصمات عار تلاحقهم من الجميع حتى يصل إلى نعتهم بالدجاج كناية عن نومهم مبكراً! صغارنا صاروا يسابقون كبارنا في السهر وأول غنيمة يقتنصها الصغار في الإجازات هي السهر! أي إجازة… ويك إند، أعياد، ربيع، صيفية. أنا لا أدري ماذا يحبب الصغار في السهر هل ليشعروا أنهم كبروا ليكتشفوا بعد أن يكبروا أنهم تخلوا عن أجمل أيام حياتهم! مع أن الليل المتأخر يحرم الصغار من الخروج والتنزه! أوه هل لدينا متنزهات؟ لا شيء أجمل من نسمة صباح ندي بعد حصة نوم كافية خصوصاً إذا لم تكن عندك دراسة أو عمل، شوارعنا جميلة أيام الإجازات في الصباح لأن السائقين المتهورين يغطون في «سابع نومة»! الأسواق خفيفة وجميلة ولكنها لا تفتح مبكراً وهذه غلطة وزارة العمل المشغولة بترتيب أوضاع الشغالات، أعانها الله. بعض العوائل السعودية لهم رأي آخر في الفطور، كأنهم…
آراء
الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٣
عرفت الشعوب منذ فجر التاريخ بمواصفات تتميز بها عن غيرها، بعضها إيجابي وبعضها الآخر سلبي، فهناك من يصف البريطانيين مثلا بأنهم لا يتمتعون بروح الفكاهة، والفرنسيون بأنهم شعب غير محب للأجانب، كما عرف اليابانيون بأنهم شعب عملي، والهنود بأنهم شعب مكافح. في عالمنا العربي عملنا على نفي توصيف الغرب لنا بأننا إما إرهابيون أو عنيفون أو مجرد شعوب بدائية غير متحضرة، واصفين ذلك بأنه مبني على نظرتهم المقولبة stereotype، وعملنا بالمقابل على إطلاق الأوصاف المفخمة والإيجابية على أنفسنا لدرجة تصورنا معها أننا أقوى شعوب الأرض وأنجحها وأكثرها تميزا. هذه النظرة للذات تأتي امتدادا لطبيعتنا المتأصلة بأهمية إعطاء الألقاب والمسميات التي تعبر عن الهوية أو تصف تميز الإنسان، مثل القول في وصف أحدهم بالشيخ الأستاذ الدكتور فلان، أو تزيين الآخر بلقب أمير الشعراء مثلا، أو النسور أو الأسود لذلك الفريق أو ذاك، معتمدين في ذلك على مخيلتنا الشاعرية، وحبنا للكلمة التي تزخر بتلك الشاعرية، والتمجيد وفاء لما عرف به أجدادنا من التفاخر والاعتزاز بالأنا. في العصر الحديث، تغيرت الأسس التي من خلالها توصف الشعوب، فأصبحت هناك دراسات وآليات قياس للأداء، تعمل على رسم الصورة الحقيقية لواقع الشعوب، ومدى تميزهم وفشلهم في مناحي الحياة المختلفة، فتجد الكثيرين منا يمجد الدراسة التي تصفهم بالتميز، وتهاجم الدراسة التي تصفهم بالتأخر، وفي كلا الحالتين تبقى…
آراء
الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٣
قد يختلف الناس في كثير من الأمور، لكنهم متفقون في حب الشهرة والمكانة الاجتماعية، ويشير علماء الاجتماع إلى هذه الحقيقة بالقول إن: "من خصائص الطبيعة البشرية أنها شديدة التأثر بما يوحي العرف الاجتماعي إليها من قيم واعتبارات، فالإنسان يود أن يظهر بين الناس بالمظهر الذي يروق في أعينهم، فإذا احترم الناس صفة معينة ترى الفرد يحاول شتى المحاولات للاتصاف بتلك الصفة وللتباهي بها والتنافس عليها". وفي المجتمعات المتدينة نجد أن العديد من الناس ينخرط في سلك رجال الدين، فهناك المقام والمنصب والمال الكافي والاحترام والتقدير من المجتمع، ولهذا نجد التكالب من بعض الدعاة والمحتسبين على القنوات الفضائية والمحاضرات في المساجد والمنتديات الاجتماعية مع وجود تضخم هائل في هذه الفئة من الناس. ولهذا السبب صار الوعظ والاحتساب عند البعض مهنة تدر على أصحابها الأموال، وتمنحهم مركزاً اجتماعياً مرموقاً، وهي لا تحتاج إلى ملكات ومواهب خاصة إلا حفظ بعض الآيات القرآنية والأحاديث ومقدرة على الخطابة ولبس زي معين يمتازون به عن الناس. وفي السنوات الأخيرة بدأت تنشأ في المجتمع ظاهرة "الدعوة والاحتساب" دون ضوابط ضد كل تغيير أو تطور وتحول يحدث في المجتمع، مثل الاعتراض على عمل المرأة ومشاركتها في المجال السياسي، والاعتراض على معرض الكتاب والنوادي الأدبية والثقافية وعلى برامج الابتعاث وتطوير التعليم العام وتطوير القضاء. لا لوم على الدعاة والمحتسبين…
آراء
الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٣
أن تكون إعلامياً أو كاتباً أو شاعراً أو فناناً أو أي شيء، ولستَ مع "الجماعة" قلباً وقالباً؛ فتلك عند "الجماعة مصيبة". وتكون المصيبة أكبر لديها إن أعلنتَ موقفك بأنك ضد فكر "الجماعة" وسياستها، وهنا عليك أن تكون حذراً في كل حركاتك وسكناتك وعباراتك وخطواتك لئلا يستغل أحد المنتمين إليها شبه زلة أو عثرة منكَ، فيجرجرك في المحاكم بتهم شتى تبدأ بالإساءة إلى الدين – حتى وأنت تحترمه وتقدسه – وتنتهي حيث لا تدري... "الجماعة" هي "الإخوان المسلمون"، وما سبق هو حال الوسط الثقافي والفكري في مصر هذه الأيام حيث يُستغرب الوضع الذي آلت إليه الأمور، فـ"الإخوان" احتكروا الدين وصادروا الحريات باسمه، وبات على من يقرأ آية قرآنية في برنامج ما أن يخشى من تأويل "إخواني" لحركة يده وتعابير وجهه فيعتبر ذلك استهزاء وإساءة، ومن مثّل فيلماً ذات يوم يجب أن يسترجع شريط ذاكرته حتى لا يقاد إلى المحكمة بتهمة جاهزة. غير المنطقي في دولة ذات إرث عريق أن تقبل المحاكم العادية دعاوى "الإخوانيين" في قضايا تتعلق بالكتابة والإعلام، والمفترض أن يكون هناك فرع في وزارة الإعلام لتلقي تلك الدعاوى، غير أن سطوة "الإخوان" على ما يبدو أقوى، فسيروا الأمور وفق ما تقتضيه مصالحهم ورغبتهم في فرض الوصاية على الناس. إشكالية "الجماعة" أنها في حالة ذهول من التغيير الذي حدث، وكونها…