آراء
الجمعة ١٧ أبريل ٢٠١٥
قبل فترة رددت ابنتي الصغيرة على مسامعي جملة: "دلعوني.. أدلعكم". سألتها من أين سمعت هذه العبارة. فأجابت أنها تعلمتها من معلمتها. إذ تندلع هذه الجملة من لسان معلمتها عندما تتلقى طلبا من طالباتها الصغيرات؛ لإعادة ترديد أنشودة أو تشغيل فيلم رسوم متحركة لهن. وواصلت التحقيق مع ابنتي عبر سؤال آخر عن ماهية "التدليع" الذي تبتغيه معلمتها حينما تكرر عبارتها سالفة الذكر. فردت علي طفلتي شارحة بأن (أبلتها) تعني "بتدليعها" الاستماع إلى توجيهاتها عبر حل الواجبات والتفاعل معها في الفصل والابتسامة في وجهها. فكلما أكرمها طالباتها بجديتهن وبشاشتهن، كلما دلعتهن بتلبية رغباتهن البريئة. إن العبارة القصيرة الصغيرة التي تلوح بها هذه المعلمة لا تنسحب على طالباتها فحسب، بل على كل العالم. فإذا أردنا من رؤسائنا ومرؤوسينا في العمل أن يدلعونا علينا أن ندلعهم. إذا رفعنا سقف مطالبنا تجاه أحبتنا يجب علينا أن نقوم بمبادرات أكثر جاذبية وسخاء نحوهم. قبل أن نطلب من الآخرين مزيدا من الاهتمام والتقدير والوقت ينبغي أن نقدم ما يحثهم على القيام بهذه المهام الجسام تجاهنا. والأهم من كل هؤلاء أنفسنا. فإذا طالبنا ذواتنا بأن تلبي رغباتنا الغفيرة وطموحاتنا الغزيرة علينا أن نكافئ أنفسنا وندلعها ونروح عنها ونقدرها. فالتقدير والامتنان والحب ليس مقصورا على الآخر، فذاتك يجب أن تكون في المرتبة الأولى. فعندما تحبها ستحبك. وحينما تدلعها ستدلعك.…
آراء
الخميس ١٦ أبريل ٢٠١٥
كنت أستمع إلى شكاوى الناس من شركات ومكاتب الاستقدام، فأستغرب هضم حقوقهم وتلاعبها بالأسعار والمواعيد، حتى وقفت كشاهد عيان لأكتشف أن السر يكمن في محاباة وزارة العمل لها على حساب المواطن! قدّر الله علي وتقدمت منتصف رمضان الماضي لمكتب استقدام أطلب عاملة منزلية، فحدد وصولها خلال ثلاثة أشهر، وفي حال تجاوزها يتعهد المكتب بدفع غرامة مالية للعميل وفق "تاسعا" من العقد المبرم، ما لم يكن هناك مبرر خطي للتأخير صادر عن الجهة الرسمية في حكومة المملكة أو حكومة البلد الآخر. مرت الأشهر الثلاثة، ومثلها أخرى، ولم أر سوى المماطلة. في كل مرة كنت أُستقبل بـ"انتظر لست وحدك"، حتى فاض الكيل بعد مضي تسعة أشهر، فلم أجد بدا من التقدم بشكوى إلى وزارة العمل، وليتني لم أفعل! حضرت ومندوب المكتب إلى فرع وزارة العمل، فأوضح أنه بعد تقديم طلبي بأربعة أشهر أوقف الاستقدام من تلك الدولة، معترفا بخطأ المكتب في تأخره بالاستقدام، لكنه برره بكثرة الطلبات! طلبت المبرر الرسمي للتأخير حسبما نص عليه البند التاسع من العقد، وإذ به خطاب من مجلس الغرف التجارية في محرم الماضي، يطالب المكاتب بإعادة التأشيرات إلى العملاء حتى لا تتحمل غرامات التأخير. فأكدت أن هذا لا يعدّ مبررا، بل يدين مكتبه لأنه لم يعد لي التأشيرة ولا تكاليف الاستقدام حتى اليوم! قبل أيام فصلت وزارة…
آراء
الخميس ١٦ أبريل ٢٠١٥
لم تطلب دول الخليج من باكستان قوات «مرتزقة» لتقاتل معها في «عاصفة الحزم»، وهي تدرك تماماً أن الجيش الباكستاني ليس للإيجار، كما هي مواقف بعض السياسيين هناك، لذلك لم تطلب أبداً استئجار جيش، أو مشاركة قوات باكستانية في حربها ضد الحوثيين، وكل ما أرادته دول المجلس من باكستان هو تأييد سياسي للتحالف الموجه ضد التهديد الإيراني الذي يواجهها من بوابة اليمن، وكان يكفيها فقط تأييد باكستان للتحالف، والانضمام رمزياً ولو بسيارة إسعاف واحدة تحمل العلم الباكستاني! «عاصفة الحزم» اتضح أنها اختبار حقيقي لصداقة باكستان الحقيقية، وهي مؤشر لمدى التعويل على صلابة وقوة دورها كحليف استراتيجي لدول الخليج، ويبدو أن دول الخليج لم تكن موفقة كثيراً في التعويل على هذه الدولة، في حفظ التوازنات الإقليمية! استثمرت دول الخليج كثيراً في تقوية الروابط والعلاقات مع باكستان، ومنذ استقلالها، وقدمت إليها أنواع الدعم السياسي والاقتصادي والإغاثي كافة، وفتحت أبوابها لرجال الأعمال، والعمالة، وأصحاب المهارات، وبأعداد كبيرة جداً، متحملةً تبعات وكلفة هذه الأعداد، والإمارات تحديداً وقفت بقوة مع باكستان في جميع المواقف، ووقفت معها عند كل كارثة طبيعية أو غير طبيعية، وهي دائماً كانت الملاذ الآمن لجميع السياسيين ورجال الأعمال الباكستانيين، عند الاضطرابات السياسية الشديدة التي غالباً تعصف بإسلام آباد، ودائماً تلقى قبول القوى السياسية كافة، لأن الإمارات كانت دوماً حريصة على ألا تكون…
آراء
الخميس ١٦ أبريل ٢٠١٥
قائمة طويلة من المسوغات، ساقتها جائزة الشيخ زايد للكتاب لتسمية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، شخصية العام الثقافية للدورة التاسعة، منوهة بأن سموه شخصية فاعلة وواسعة التأثير، ليس على مستوى الإمارات وحدها، بل على المستويين الإقليمي والدولي، ومرجعة ذلك إلى الرؤية الفريدة التي يمتلكها سموه، وما حققه من إنجازات كبرى على شتى الصعد. وأسندت اختيارها هذا إلى إنجازات سموه الكبيرة التي وضعتها في أطر، منها الإجابة عن تحديات الواقع الراهن، ودور الشباب، وعلى المستوى المعرفي، والأبعاد المجتمعية والإنسانية والإبداعية والمستقبلية. وهي مسوغات جديرة بأن تجعل من هذا الاختيار قراراً صائباً بكل المقاييس، وهو ما فعلته الجائزة بمجلس أمنائها وهيئتها العلمية التي اختارت سموه. لكن المسوغ الأكبر الذي يجعل من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الشخصية الأجدر بهذه الجائزة، هو أنه يمثل قيادة استثنائية كسرت كل القوالب التي اعتاد الناس أن يروا فيها القادة والرؤساء، حتى أولئك الذين وصلوا منهم إلى مرتبة الزعامة، فهو قائد ميداني لا يعترف بالجلوس في المكاتب وإدارة العمل من خلف الأبواب المغلقة، لذلك كانت زياراته الدائمة لمواقع العمل والوزارات والدوائر خبراً يومياً في الصحف ونشرات الأخبار. وهو قائد لا يعترف بالمستحيل، ويعتبر ما يراه الناس مستحيلاً تحدياً عليه أن يقهره. كما أنه…
آراء
الخميس ١٦ أبريل ٢٠١٥
صالح وما أدراك ما «طالح»! الرجل الذي خبر الحروب والمؤامرات والمناورات والدسائس واستخدام النيران وتصفية الخصوم وتسويق الوعود الكاذبة، يكون بعد قرار مجلس الأمن القاضي بفرض عقوبات على نجله وقواته والحوثيين تحت الفصل السابع - قد انكشف الغطاء عنه وحانت ساعته. كانت غالبية النداءات قبل توقيع «المبادرة الخليجية» بشأن إنهاء الأزمة اليمنية في عام 2011 تدعو إلى إبعاد «المخلوع» علي عبدالله صالح خارج البلاد، لأن بقاءه سيضر بها، نظراً إلى تاريخه المؤامراتي، وحيله المغشوشة، وأفكاره الانتقامية، لكن الأمور لم تسرْ على هذا النحو، وهو ما جعله يلعب بالنار منذ أن نُزع منه كرسي الرئاسة! صحيفة «يمن برس» نشرت تقريراً صحافياً شيقاً نقلاً عن صحيفة مصرية بعنوان «سيناريوهات نهاية الوغد علي عبدالله صالح»! وقبل ذلك ناقشت مقالات عدّة خطورة بقائه في اليمن، متسائلة: لماذا لا يُبعد أو يبتعد صالح؟ كان الزعيم «عفاش» على مدى ثلاثة عقود يُعطّل كل الحلول في اليمن بالحيل والكذب والرقص على جراح اليمن بالمؤامرات والتصفيات والتفجيرات، حتى أُجبر على التنحي عن السلطة، عقب تفجير كاد يودي بحياته خلال صلاة الجمعة في مسجد النهدين بصنعاء بشظية اخترقت صدره، واستقرت بين قلبه ورئتيه، ونقلته السعودية ومن أصيبوا معه على الفور إلى المستشفى العسكري في قلب الرياض، واضعة كل إمكاناتها الطبية لإنقاذ حياته ورجاله، حتى عاد إلى اليمن سليماً معافى.…
آراء
الخميس ١٦ أبريل ٢٠١٥
كل الوقائع السياسية تدل على أن الرهان على الزخم الجماهيري لصناعة واقع ديمقراطي، غير مجد، وسينتهي هذا الرهان بفشل ذريع؛ ما لم تكن هذه الجماهير قد ارتقت في وعيها إلى الحدود الدنيا من الوعي بشروط الحرية أولاً، وبمبادئ الديمقراطية ثانياً، وبالاستعداد للنزول على هذه الشروط وهذه المبادئ – بكل ما يستلزمه ذلك من التضحية بالعلائق التقليدية وبالرؤى الموروثة – ثالثاً. فالجماهير التقليدية التي تشبّعت رؤاها بالتصورات الكليانية الشمولية، وبالبطل الكاريزمي المنقذ، لا يمكن أن يحركها إلا بطل تقليدي شمولي، ولا يمكن أن تدفع إلا في اتجاه حراك تقليدي شمولي ذي طابع استبدادي. وبالتالي لا يمكن أن تصنع ديمقراطية، ولا حتى شبه ديمقراطية، بل المرجح أنها ستصنع – بثورتها الاحتجاجية/ الغضبية – واقعاً أسوأ من الواقع الذي ثارت عليه، خاصة فيما يتعلق بمسيرة الحريات وحقوق الإنسان. من هنا، فإن الجماهير التي يحكمها وعي رجال الدين السلفيين في إيران، هي – كما يؤكد حازم صاغية – بروليتاريا رَثّة، تتشكل من عاطلين عن العمل، ووافدين حديثاً من أريافهم. (الانهيار المديد، حازم صاغية،ص204). ما يعني أنها جماهير أمية وشبه أمية، لديها القابلية لاستقبال الأطروحات السلفية التقليدية المشبعة بالخرافة وبالحماس وبالتضليل الإيديولوجي. إنها ليست جماهير الوعي التقدمي المتجاوز لواقعه، بل هي جماهير الوعي الماضوي المنكفئ إلى ما دون واقعه الطبيعي في مسار التاريخ. ولهذا لم…
آراء
الأربعاء ١٥ أبريل ٢٠١٥
منذ اليوم الأول لـ «عاصفة الحزم»، التي انطلقت رداً على التدخُّل الإيراني في اليمن، بدأت أقلام عربية التشكيك في هذه الحرب، ومعاودة الطرح ذاته الذي صاحَبَ حرب تحرير الكويت. قد نتفهّم ما جرى في حرب تحرير الكويت، باعتبار أن بعض تلك الأصوات كان يدعو إلى حلّ عربي، على رغم يقينه بأن ذلك الحلّ لم يكن ممكناً في ظل الانقسام الذي شهدته الساحة السياسية العربية في تلك الأزمة. ولكن، كيف يمكن تفسير موقف بعض المثقفين العرب اليوم، على رغم أن الطرف الذي يواجه «عاصفة الحزم» يحمل مشروعاً إيرانياً مدمِّراً. «عاصفة الحزم» جاءت لتثبيت الشرعية في اليمن، ومنع أقلية من حكم الغالبية بالقوة، ووقف معاودة تجربة «حزب الله» اللبناني الذي يلعب دور الذراع العسكرية لإيران في المنطقة. ولكن، على رغم ذلك، نجد بعض الأقلام يقف مع إيران في خندق واحد، متجاهلاً أنها سعت الى زعزعة الاستقرار في مصر، وزرعت خلية إرهابية مسلّحة عام 2009، كان دورها التخطيط لشنّ هجمات إرهابية على مصالح مصرية، واستهداف حركة الملاحة في قناة السويس. وفي عامَي 1983 و1985، نفّذت عمليات إرهابية في الكويت بأيدي عناصر من «حزب الله»، الذي خطّط ونفّذ تفجيرات أبراج الخُبر في السعودية عام 1996، بتعليمات من الاستخبارات الإيرانية. وهي منذ أكثر من أربع سنوات، تخوض حرباً دموية ضد الشعب السوري، وتكرّر حال الاقتتال…
آراء
الأربعاء ١٥ أبريل ٢٠١٥
يبدو أن المقطع المحزن لمواطن سعودي، وهو يطالب وزير الصحة المقال بنقل والده المصاب بجلطة إلى أحد المستشفيات المتقدمة في المملكة قد كان فيما يبدو أحد الأسباب الرئيسة في إقالة الوزير من منصبه. وذلك المقطع والنتائج المترتبة عليه كان لها رسائل وعبَّر للمسؤولين والتنفيذيين في القطاع الحكومي، ولاسيما في الوزارات الخدمية التي لها علاقة مباشرة بحياة المواطنين. لقد عبَّر ذلك المواطن بحرقة عن حق والده برعاية صحية جيدة، ولكن -للأسف- أن المنطقة التي يقيم بها لا توجد بها مستشفيات لتقدم تلك الخدمة على رغم بلايين الريالات التي تخصصها الدولة للقطاع الصحي في بلادنا، وهو ما اضطر المواطن إلى أن يسعى إلى مقابلة الوزير؛ لشرح معاناة والده الذي وللمصادفة العجيبة أنه قد خدم في القطاع الصحي نفسه 35 عاماً، وعندما أصابه المرض لم يستطع أن يحصل على الرعاية الصحية المناسبة في منطقته.. فكيف الحال بملايين المواطنين الذين يمرون بتجارب مماثلة لهم أو لأقاربهم؛ فليس الكل لديه الواسطة لتلقي الرعاية الصحية في المستشفيات المتقدمة في بلادنا، فمصيرهم الهم والرضاء بالواقع المزري بالخدمات الصحية التي يتلقونها في مبانٍ في أطراف بلادنا أقل ما يوصف أنها مستشفيات، والغريب أن هذه الوزارة قد مر عليها الكثير من الوزراء في السنوات الماضية، ولكن المخرجات والإنجازات ضعيفة جداً، إلا ما ندر. أهو بسبب التضخم الإداري للقطاع الصحي…
آراء
الأربعاء ١٥ أبريل ٢٠١٥
طفح الكيل يا طهران.. هكذا يمكن اختصار كلام وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره اليمني رياض ياسين، فقد نحى وزير الخارجية الإماراتي جانبًا لغة الدبلوماسية المرنة التي تعاطت بها دول الخليج العربي، وخصوصًا الإمارات، سابقًا، مع طهران، واعتمد تسمية الأمور بأسمائها، ودعا طهران إلى الكف عن محاولات تصدير ثورتها، والتعامل مع جيرانها كدول مستقلة لديها حدودها الجغرافية ونظام مصالحها وتحالفاتها وخياراتها، ويجمع شعوبها تاريخ مشترك وعميق، عمره أكثر من عمر الإمبراطوريات التي مرت على هذه المنطقة، الذي ليس بمقدورها إلغاؤه أو ترويضه أو تزويره، وهو ثابت راسخ، وليس بإمكان الحالمين أو القابعين في كهوف الماضي أن يستعيدوا فصول تفوقهم في مرحلة من مراحله، واستعماله أداة أو برهانًا، بهدف الترويج لفكرة تمايز أو قوة، أعطتهم أو تعطيهم الحق بامتلاك ما لم ولن يكون ملكًا لهم يومًا ما. مما لا شك فيه أن العقل السلطوي الإيراني مسكون بعقدة التفوق التاريخي، ويرفض الانسجام مع الواقع المعاصر، ويستغرق في قراءة الأحجام والإمكانيات وفقًا لشروطه ومصالحه، ويرفدها بمسوغات ثقافية وعقائدية، لتبرير تدخله في شؤون الآخرين، وهو لم يتوانَ عن هدفه في تقويض الدول لمصلحة الطوائف، والطوائف لمصلحة الجماعات المذهبية، والمذهبية لمصلحة العصبية والحزبية، وتقديم الهوية الفرعية على الهوية الجامعة، وسيطرة الحزبية على الحياة العامة، واستئثارها بالمؤسسات،…
آراء
الأربعاء ١٥ أبريل ٢٠١٥
أتفق تماما مع الأمير الحسن بن طلال في حاجة العالم العربي لمنظومة جديدة لإدارة أزماته. هذه الحاجة ظهرت بأجلى ما يكون في أزمة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، التي تفاقمت الأسبوع الماضي بعدما سيطر عليه تنظيم داعش. ما حصل في المخيم الواقع جنوب العاصمة السورية مثال واحد على افتقار العالم العربي لأخلاقيات الحرب، رغم كثرة ما يقال على الورق وفي المنابر من مواعظ أخلاقية. تشكل اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولات الملحقة بها منظومة أخلاقية - قانونية تنظم التعامل مع المدنيين في زمن الحرب. وقد توافق عليها عقلاء العالم بعدما اختبروا الكوارث التي حلت بالبشر والعمران في الحربين العالميتين. وتعتبر هذه الاتفاقيات جزءًا من القانون الدولي وتعبيرًا عن الضمير الإنساني وأخلاقيات الإنسان الطبيعي. ربما كانت حرب رمضان المجيدة (أكتوبر / تشرين الأول 1973) الوحيدة خلال نصف القرن الأخير التي تشهد التزامًا عربيًا بقواعد التعامل الأخلاقي أثناء الحرب. لكن هذا الالتزام لم يظهر أبدًا، أو ربما لم يكن واضحًا في الحروب التالية. قصف القرى الكردية بالسلاح الكيماوي (العراق 1988) وتدمير المطارات ومنشآت البترول الليبية في الأشهر الماضية، وبينهما فظائع الحرب الأهلية اللبنانية والسودانية والسورية، وصولاً إلى مأساة مخيم اليرموك الحاضرة، تدل جميعًا على أن حملة السلاح لا يميزون أصلاً بين جندي في دبابة وطفل يبحث عن فتات على قارعة الطريق. يستوي في…
آراء
الأربعاء ١٥ أبريل ٢٠١٥
يحاول الرئيس الأميركي باراك أوباما بلورة اتجاه يحمل اسمه في مجال السياسة الخارجية. ويُعد الاتفاق الإطاري الذي تم التوصل إليه مع إيران في مطلع الشهر الجاري هو التطور الأكثر أهمية في هذا الاتجاه، الذي يسميه بعض أنصاره «الانخراط بدلاً من المواجهة». وربما يأمل أوباما أن يحمل هذا الاتجاه اسمه، بعد أن بدأ في تطبيقه في حالتي بورما وكوبا، ومضى به خطوة أبعد عبر الاقتراب من اتفاق نهائي مع إيران قد ينهي مواجهة استمرت 36 عاماً. وإذا أردنا أن ننفذ إلى أهم ما يميز هذا الاتجاه، ونتجاوز مفهوم الانخراط الذي لا يمكن اعتباره جديداً في تاريخ السياسة الخارجية الأميركية، ربما نجده في تعبير استخدمه أوباما أكثر من مرة بشأن المفاوضات مع إيران، وهو «الصبر الاستراتيجي». وقد قصد بذلك طمأنة القلقين من الانخراط مع إيران وكوبا، سواء في داخل الولايات المتحدة أو في الشرق الأوسط، إلا أن إمكانات القوة الأميركية تتيح اختبار مدى استعداد بعض الدول «المنبوذة» لتغيير سلوكها إذا حصلت على فرصة لمراجعة سياساتها. وهو يستند في ذلك إلى أن في إمكان الولايات المتحدة أن تعود إلى مواجهة هذه الدول حين يثبت استمرارها في سلوكها المفترض تغييره، أو تحايلها على الاتفاقات التي تُعقد معها. ويتطلب ذلك، وفق منهج أوباما، شيئاً من الصبر في معالجة قضايا استراتيجية تنطوي على معضلات مزمنة باستخدام…
آراء
الأربعاء ١٥ أبريل ٢٠١٥
ربما هو أكبر نصر دبلوماسي خليجي وعربي في الأمم المتحدة. من يصدق؛ روسيا المتشددة والمتعاطفة مع ميليشيا الحوثيين لم تستطع إعاقة قرار مجلس الأمن الخاص باليمن. ما الذي فعلته الدبلوماسية الخليجية أمس حتى تقنع موسكو بالموافقة غير المباشرة على عاصفة الحزم، وهي التي اتخذت مواقف متصلبة منها؟ ماذا جرى لكي تأخذ العاصفة كل هذا التأييد الدولي من قبل أعلى سلطة أممية في العالم؟ إنه نفس المنطق الذي انطلقت معه العاصفة، بأنها ضرورة قصوى اضطرت إليها الرياض وحلفاؤها لإنقاذ اليمن، إثر طلب رسمي تقدم به الرئيس الشرعي ووفق قوانين الأمم المتحدة. لم يحاصر مجلس الأمن في قراره ميليشيا الحوثيين وصالح ويطبق القرارات بشأنهم فحسب، وإنما بلغ الحد الأعلى من إجماع دولي غير مسبوق برفض استيلائهم على السلطة في اليمن، وبفرض عقوبات على قادتهم وعلى الرئيس المخلوع تحت الفصل السابع، كما أن القرار كان واضحًا في التهديد باتخاذ المزيد من التدابير في حالة عدم امتثال المتمردين للقرار 2216، أي أن عاصفة الحزم الحالية ما هي إلا أحد التدابير التي يستخدمها المجتمع الدولي لإيقاف احتلال اليمن. نجاح الدبلوماسية التي قادتها السعودية يؤكد أن عاصفة الحزم حينما انطلقت لم تكن خطوة متهورة؛ فالرياض من الاستحالة أن تخالف القانون الدولي، ولديها من الخبرة والدراية ما يساندها في اتخاذ القرارات الكبرى في الأوقات العصيبة بمنتهى الحكمة،…