آراء
الثلاثاء ١٤ أبريل ٢٠١٥
الكثيرون منا يعلمون بأمر الرسالتين اللتين وجدهما "برود" الصديق المقرب للكاتب الشهير كافكا بين أوراقه بعد موته، والتي طلب منه فيهما أن يحرق كل كتبه، ما جعل كُتَّاب سيرة الكاتب يطلقون على الرسالتين: "وصية كافكا" . أعطت هاتان الرسالتان شعوراً بأن كافكا لم يكن يأتمن على أسراره، سوى هذا الصديق، لذا بدا مفاجئاً حين تجرأت امرأة، وبعد مرور أربعة وثلاثين عاماً على وفاة كافكا، ببيع رسائله إليها، ما كان موضع دهشة القراء والمهتمين الذين كانت في أذهانهم صورة الرجل الميال للعزلة، والعازف بطبعه عن فكرة الزواج أو حتى الارتباط بامرأة . من سياق الرسائل يفهم أن المرأة التي أرسل إليها رسائله كانت سيدة أعمال، وقد توفيت عام ،1960 وقبل وفاتها بخمس سنوات باعت هذه الرسائل لناشر أعمال كافكا، ربما لأنها قدرت أهمية هذه الرسائل في تسليط الضوء على جوانب غامضة في حياة "حبيبها" المحيرة . سنفهم أن الصديق برود هو، بالذات، من كان جسر التعارف بين كافكا وفيلس بوير، وهذا هو اسمها، حيث التقاها ذات أمسية من أمسيات أغسطس/ آب 1912 في بيت برود . كان كافكا قد أحضر مسودة كتابه الأول: "تأملات" لمراجعتها مع صديقه، حيث صادف وجود المرأة التي لفتت انتباهه . أثناء الجلسة تجاذب معها أطراف الحديث، وعرف عن مشروعها لزيارة فلسطين خلال الشهور القادمة، وراقت له…
آراء
الثلاثاء ١٤ أبريل ٢٠١٥
يقبع اليمن، بلادي، تحت حصار قوات الميليشيات الحوثية المتطرفة التي تتغذى حملة الرعب والدمار لديهم على الدعم السياسي والعسكري من النظام الإيراني المهووس بالهيمنة الإقليمية. ما من شك في أن الفوضى العارمة التي ضربت اليمن لا يحركها إلا جوع إيران للسلطة، وشغفها ببسط سيطرتها على المنطقة بأكملها. ليست الهجمات الحوثية إلا أعمالاً غير عادلة من العدوان الرخيص على الشعب اليمني والشرعية الدستورية لحكومته المنتخبة، كما تعتبر عدوانًا صارخًا على سيادة اليمن وأمنه. إن المتمردين الحوثيين هم دمى في أيدي الحكومة الإيرانية، ولا تعبأ الحكومة في إيران بمصير الشعب اليمني البسيط، ولكن جل همها هو تحقيق الهيمنة الإقليمية. وإنني، بالنيابة عن شعب اليمن، أدعو عملاء الفوضى إلى الاستسلام ووقف تقديم الخدمات لإشباع طموحات الآخرين. لم يفت الأوان بعدُ لوقف الدمار عن أمتي. ولا بد من جلوس الحوثيين إلى طاولة المفاوضات، وليس الاندفاع في ساحات المعارك لترويع المواطنين الآمنين. ينبغي أن يكون طموحهم إرساء الأمن والاستقرار في اليمن. ويجب عدم الحيلولة دون سن اليمنيين للدستور وتنفيذ نتائج الحوار الوطني الهادف إلى انتقال سلمي للسلطة إلى البرلمان الذي يضم تمثيلاً عادلاً من شمال اليمن وجنوبه، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي، والآليات التي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة، لاستكمال عملية التحول السياسي. غير أن الحوثيين وراعيهم، الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، رفضوا اتباع…
آراء
الثلاثاء ١٤ أبريل ٢٠١٥
إيران هل خسرت أم ربحت؟ سؤال يتردد كثيرًا هذه الأيام بعد انتهاء المباحثات بين إيران و«5+1» في مدينة لوزان السويسرية، والذي أفضى بدوره إلى البيان المشترك الذي تضمن المعايير الأساسية لإيجاد حلول لمشكلات كتابة ومعالجة قضايا نص الاتفاق النهائي بشأن البرنامج النووي الإيراني. نسير مع القارئ لنستشف مدى ما تحقق من ربح وخسارة حتى الآن في البرنامج النووي الإيراني. ولكن قبل الشروع في ذلك يزاحمنا هذا السؤال: ألا يجب أن نعرف من هي أطراف الربح والخسارة في البرنامج النووي الإيراني قبل أن نضع الموازين في قسطاسها؟ وهو تساؤل في محله. وإذا كان من البديهي أن نقول إن الطرفين هما إيران و«5+1»، فإن الأجدر بنا أن نكون أكثر دقة بما أننا سنستخدم القسطاس الذي يعتبر أضبط الموازين وأقومها كما جاء معناه في معاجم اللغة العربية. ولذا يمكن تصنيف الأطراف التي تنعكس أصداء البيان المشترك للبرنامج النووي الإيراني مباشرة عليها كالتالي: 1 - إيران.. ويمكن القول إن هناك طرفين في إيران وهما: * النظام الإيراني. * الشعب الإيراني. هذا التوصيف لا يعني بأي حال من الأحوال أن الطرفين يقفان على النقيض فيما بينهما، غير أنه يمكن أن يكون للشعب الإيراني نظرة للبرنامج النووي عمّن هم في النظام الإيراني والذين بدورهم لا يتماهون في نظرتهم، فهناك من يقف أقصى اليسار بتشدده وهناك من…
آراء
الثلاثاء ١٤ أبريل ٢٠١٥
كانت صفحات الرأي إحدى المسؤوليات التي تولّيتها في آخر صحيفة شاركت في تأسيسها في البحرين عام 2005. وقبل تدشين الصحيفة، طلبت من الكتّاب المساهمين أن يضمّنوا مقالاتهم هوامش خصوصاً إذا ما كان هناك إدعاء من نوع ما في المقال أو وجهة نظر حول آخرين أو طرف آخر أياً كان، كأن يكتب أحدهم مثلاً «وكان الوزير/فلان قد أعلن في وقت سابق...إلخ». هنا كان مطلوباً من كاتب المقال أن يدعم ما يقوله بالمصدر ويثبته في قائمة الهوامش أسفل المقال. وغني عن القول إن مهمتنا كانت التأكّد من صحّة ذلك المصدر والنص المقتبس عنه. وكانت «الوقت» بهذا التقليد المهني، الصحيفة العربية الوحيدة التي تنشر المقالات بهوامش، بل وحتى التحقيقات الصحافية. لم يكن وضع الهوامش أمراً معتاداً ولا حتى مفهوماً لا للكتّاب ولا حتى للغالبية العظمى من الصحافيين، بل إن أحد الكتّاب وهو أكاديمي مخضرم مازحني معلّقاً: «في هذه الحالة أطالب بمكافأة أعلى لأن المقال مع الهوامش تحول إلى بحث..». هذا بالضبط كان أحد الأهداف الرئيسية لذلك التقليد: أن يتحول المقال إلى بحث مصغّر مدعوم بالمصادر وأن يكون ثمرة تحليل وتأمّل وليس مجرد تعبير عن وجهة نظر. أما صحّة المقاربة هنا فقد ثبتت فيما بعد في حدث عرضي لكنه ذو مغزى. فلقد نشر أحدهم على شبكة الانترنت استقصاءً لملاحقة السرقات الأدبية. أما قائمة الكتّاب…
آراء
الثلاثاء ١٤ أبريل ٢٠١٥
الدوخة والمدواخ كانا قضية الأسبوع الماضي على الساحة المحلية، ومع كل تصريح لمصدر مسؤول، ذكر اسمه أو لم يذكره، بقي المتابع للقضية محتاراً لا يعرف الحقيقة. لا يختلف الموضوع عن قضية الأكواب البلاستيكية التي تم منعها قبل سنوات لأنها تحوي مادة شمعية تتحلل بالحرارة، وبعد سنوات من منعها تم اعتمادها مرة أخرى واعتبار التي تم استعمالها طوال السنوات الماضية فيها ضرر على المستهلكين، ونحن بالطبع ضائعون كالعادة لا نعرف أين نضرب برؤوسنا من الحيرة والتضارب في التصريحات وتحاليل المختبرات. ولا يختلف كذلك عن تعطل مثبت السرعات في السيارات، إذ تنفي وكالات السيارات مسؤوليتها وتلقي باللوم على أحذية الكعب العالي، بينما نقرأ في الصحف الأجنبية عن تغريم وكالات السيارات في السوق الخارجية عن هذه الأعطال، وكأن العيب هنا في السائق وليس في السيارات التي تحصل فيها هذه المشكلات. نعود للقضية التي لعبت بعقولنا، إذ أعلنت طبيبة أن تبغ المدواخ يحتوي على الماريغوانا، وبعدها بأيام أعلنت شرطة دبي أن تحليل العينات أثبت عدم وجود أي مواد مخدرة، ثم بعد أيام قليلة صرح مصدر مسؤول في وزارة الصحة بأن تبغ المدواخ يحوي مواد سامة ومبيدات حشرية، وغيرهما من المكونات التي تشكل خطراً على الصحة العامة. لنفترض أن الدوخة لا تحوي على أثر للماريغوانا، إنما المصيبة في تقرير وزارة الصحة المتعلق بالسموم التي يحويها،…
آراء
الثلاثاء ١٤ أبريل ٢٠١٥
منذ 2009 ونحن نعاني من مناوشات الحوثيين في الحد الجنوبي، لكننا الآن نخوض حرباً جوية مفتوحة مع هؤلاء بعدما تمادوا كثيرا، وانقلبوا على الشرعية، وأرهبوا اليمنيين في مختلف المدن، وبالذات مدينة عدن، العاصمة السياسية المؤقتة، التي ما زالوا يعيثون فساداً وإرهاباً في أطرافها. هذه الحرب الجوية بطلعاتها المجدولة، التي تزيد عن 1200 طلعة جوية منذ أسبوعين، تم خلالها تدمير كل مستودعات الأسلحة، وسلاح الجو الذي سيطر عليه الانقلابيون من الحوثيين وفلول الرئيس السابق صالح، لذلك من الطبيعي في ظل هذه الضربات الجوية اليومية أن تكون ردود الفعل متخبطة في الشمال، وعلى حدودنا الجنوبية، بهجمات يائسة ومضطربة، يشنها الحوثيون وأتباع صالح، ويستشهد فيها بعض جنودنا المرابطين على حدود الوطن، رحمهم الله، وألهم ذويهم الصبر والسلوان. ولا يخفى على من يتابع ما يحدث، أن القيادة الحكيمة على أعلى مستوياتها، تقف مع ذوي الجنود الذي استشهدوا دفاعاً عن الوطن، وذلك بالزيارة والعزاء وتسهيل أمور أبنائهم، ودعمهم مادياً، وهذا بالطبع واجب ديني ووطني وإنساني، ولكن يبقى الدور الأهم، وربما المفقود، لدى المواطنين في الوقوف مع ذوي الشهداء، ومواساتهم، ودعمهم بكل الوسائل المعنوية التي تشعرهم بأن كافة رجال هذا الوطن العظيم، هم بمثابة آباء وأخوة لهم، سواء عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، أو عن طريق الزيارات الشخصية لهذه الأسر التي فقدت عائلها. ويجب ألا يتوقف…
آراء
الثلاثاء ١٤ أبريل ٢٠١٥
المادة العلمية وحدها، وعلى قدر أهميتها، يقيد رواجها الثقل، وتبقى بعيدة ومحدودة التناول، وفي الغالب لا يعمد إليها إلا الباحثون المختصون. وحتى تتحرر من ضيقها هذا لا بد أن تخرج إلى صياغات تنمو فيها الدهشة، أن تصير لها روح، جسد، لسان، يدان وقدمان، وقصص وذاكرة، تتجاوز بها المعلومة جمودها، وتعبر إلى القارئ. تلمسه وتقدح في نفسه وذهنه سحريتها وعمق أثرها، لتغدو ذاك النوع الهائل من الكتب، الذي يجذبك ويعلّمك في الوقت نفسه. كتاب "جبال مكة، قراءة تاريخية" لمؤلفه د. عدنان عبدالبديع اليافي الذي صدرت طبعته الأولى في عام 2014، جاء على هذا النحو البارع. فإضافة إلى مادته التاريخية الرصينة والمهيبة، وسبقه وفرادته في تناول جبال مكة، فقد زخر هذا العمل بالقصص والمرويات الموثقة، بالآيات القرآنية والأبيات الشعرية والعظمة، بالصور والرحلات والخرائط واللحظات المؤثرة، والعديد من الشخصيات، وعشرات المصادر. بدأ د. عدنان بين يدي كتابه بمحبته للجبال بعموم، وجبال مكة بشكل خاص منذ كان طفلا، مرورا بشبابه، وعمله نائبا لمدير عام مركز أبحاث الحج، لتجيء هذه الكتابة بعد تجارب ومعرفة وخبرات طويلة، مشيرا إلى أنه اقتصر في اشتغاله على الشوامخ فقط من جبال مكة، فهي –أي جميع الجبال- كما نقل العلامة عبدالله الغازي قول القطبي عنها "إنها لا تُعد". تناول الكتاب جبل حراء "النور" وغاره الشهير، مهبط الوحي، وجبل ثور وغاره…
آراء
الإثنين ١٣ أبريل ٢٠١٥
كان العالم العربي في السابق مطمعًا للدول العظمي والإمبراطوريات بهدف حماية مصالحها أحيانا (الولايات المتحدة) أو لتأمين طرق الإمبراطورية (بريطانيا)، أو خلق حالة من توازن القوى في الإقليم، ولكن لم يكن العالم العربي - إلا نادرا - مرتعا لعربدة القوى المتوسطة مثل إيران. ترى والحرب دائرة في اليمن بهدف أصغر، هو استقرار اليمن، وهدف استراتيجي أكبر هو إعادة إيران إلى حدودها الجيوسياسية، ترى ماذا نحن فاعلون تجاه التمدد الإيراني في بلداننا؟ بداية وقبل أن نحدد ما سنفعله لا بد أن نعرف أسباب هذا التمدد الإيراني. الفضاء العربي ليس فضاء شيعيا مثلا كي نبرّر تمدّد إيران مذهبيا، نعم هناك جيوب شيعية وسط بحر من السنة، ولكن وجودها لا يؤهلها أو يؤهل إيران لهذا التمدد والنفوذ. إذن الحديث عن صراع الشيعة والسنة واستخدام الآيديولوجيا كمبرر لهذا التمدد لا يستقيم والحالة الديموغرافية على ما هي عليه. التمدد الإيراني أيضا لم يأتِ نتيجة لقوة النظام الإيراني الأخلاقية لتصديره كنموذج من خلال القوة الناعمة ولا نتيجة للقوة العسكرية أو الاقتصادية كما هو الحال اليوم بالنسبة للصين مثلا، كي تسود إيران من منظور القوة الصلبة (الاقتصاد والسلاح). إيران دولة لا تبتعد عن اليمن كثيرا من حيث كونها أقرب إلى الدول الفاشلة منها إلى الدول المستقرة، وهذه ليست مبالغة. فالناظر إلى وضع إيران الداخلي ولمؤشرات الاقتصاد الإيراني…
آراء
الإثنين ١٣ أبريل ٢٠١٥
في تنويه تاريخي لابد من فهم المكونات التي تجعل من إيران تتدخل في اليمن بهذه الصورة المتهورة رغم أسئلة كبيرة حول مدى قدرة إيران على أن تؤدي دورا فاعلا في اليمن ذي التشكيل القبلي والاجتماعي المعقد، والذي تتحكم في مقوماته عوامل تاريخية وجغرافية يمكنها الانقلاب مباشرة ضد التكوينات الشيعية التي تحاول إيران أن تقدمها للعالم كحاكم لليمن وكحليف استراتيجي لها. القراءة الجيوسياسية لليمن معقدة إلى درجة كبيرة؛ فالتداخل السياسي القبلي هو اللاعب الرئيس في تكوين هذه الدولة، فهناك القبيلة كمكون اجتماعي وسياسي واقتصادي، وهناك القبلية السياسية وهي التي تجمع بعضا من "سمات الأحزاب السياسية وجماعات الضغط او جماعات المصالحة"، وهذا يذهب بنا إلى نتيجة تاريخية حتمية تؤكد أن القبيلة هي من أهم مكونات الدولة اليمنية، لأن القبيلة اليمنية - وبخلاف الكثير من القبائل العربية الصحراوية الأخرى - تمتلك الاستقرار والحدود الجغرافية والمكونات البشرية والسلاح الحربي والإطار الاقتصادي. الشعب اليمني بطبيعته "يفهم الدولة على أنها دولة صلة الرحم التي تربط الأسرة بالقبيلة" وهذا سبب للتحالفات القبلية في أحيان كثيرة في التكوينات المجتمعية اليمنية، فالمجتمع اليمني من أكثر المجتمعات العربية تجانسا وتماسكا "وينتمي اليمنيون إلى أصل عربي واحد متفرع من سلالتين هما القحطانية والعدنانية" كما تشكل القبائل اليمنية ما يقارب خمسا وثمانين بالمئة من إجمالي سكان اليمن، كما تقدر عدد القبائل اليمينة…
آراء
الإثنين ١٣ أبريل ٢٠١٥
المشهد الشرق أوسطي الحالي يتسم بثلاثة متغيرات جديدة تستحق الانتباه: أولها: انتقال مركز التأثير والفاعلية داخل النظام العربي من المحور المشرقي إلى منطقة الخليج مع بروز محاولة جديدة لترميم المعادلة الإقليمية لمواجهة مخاطر التحلل الداخلي والتدخل الخارجي. ثانيها: تمحور عملية الصراع الإقليمي حول النزاع العربي - الإيراني إثر استفحال التدخل الإيراني في الأزمات الحادة التي تعصف بعدد من البلدان العربية الرئيسية وفق تخريج طائفي مدمر. ثالثها: تغير نوعي في الموقف الأميركي إزاء المعادلة الشرق أوسطية بالانفتاح على إيران، مما فرض على الطرف العربي لأول مرة منذ الثورة الخمينية 1979 تدبير السياسات الإقليمية بطريقة منفردة دون التعويل على التنسيق مع الشريك الأميركي. السؤال المطروح اليوم بقوة هو: كيف يمكن أن نقرأ هذه المتغيرات من زاوية الرؤية الاستراتيجية الأميركية الجديدة للمنطقة، التي يبدو أنها شهدت في حقبة الرئيس أوباما تحولات جذرية في التوجه والأولويات والمواقف؟ الواقع أن أوباما أفصح خلال السنوات الأربع الأخيرة وفي مرات متتالية عن هذه التحولات التي انعكست في إدارة ملفات ثلاث: حركية «الربيع العربي»، الحرب الأهلية في سوريا والعراق، الملف النووي الإيراني. والملاحظ في هذا السياق أن استراتيجية أوباما تأرجحت بين توجهين متعارضين: النزوع الرسالي المثالي من خلال خطاب نشر الديمقراطية وفرض التغيير الداخلي والنزوع الواقعي البراجماتي في التعامل مع الأزمات الإقليمية (الإحجام عن إسناد المعارضة السورية والصفقة…
آراء
الإثنين ١٣ أبريل ٢٠١٥
للحرب التي تدور في اليمن الآن آثار نفسية إيجابية سبق أن أشرت إليها في مقالة سابقة. إن تكاثر الدعوات بين السعوديين إلى التجنيد الإجباري قد يكون استثماراً حكيماً وتصريفاً ذكياً للطاقة والعنفوان الذي أتخم اليافعين والشباب، وجعل بعضاً منهم ينقاد نحو التنظيمات الإجرامية ويتحول إلى عدو لوطنه، فضلاً عن كون هذا التنادي هو المتوقع من كل شاب سعودي منتمٍ حقاً إلى وطنه، مع أن الجزم بنتائج نفسية كبيرة خيرة ملموسة لهذا التحالف الخليجي يبدو مبكراً ومرهوناً بالتطورات، وحدود الحماسة والخطاب الإعلامي الذي استخدم في ذلك، إلا أن المستقبل مرهون بحكمة القادة الذين هم خير من يقدر حدود الاحتمال، ومنافع القرار، وعوامل الانحراف عن الأهداف المرسومة. الآن يبدو الحديث حول الحروب وآثارها مغرياً. الحروب الواسعة الشاملة تشبه في تأثيرها على المجتمعات إلى حد ما تأثير الطوفان والفيضان الذي يجرف كل شيء أمامه، وقد يكتسح معه شوائب ضارة، كما اكتسحت هجمات التتار الحشاشين ودمرت معاقلهم. الحروب قد تحطم ظواهر بدأت بالنمو ولكن لم تمهلها الأقدار لتترعرع، قد تكون ظواهر سيئة أو نافعة، وقد تكون الحرب في المقابل عاملاً مساعداً أو رئيساً في بزوغ تيار ديني أو اجتماعي أو فلسفي تماماً كما عرفه المسلمون في حروب الفتنة، وكما يعيشه العراق وسوريا اليوم. وقد تكون التغييرات العميقة التي تحدثها مآسي الحروب دافعاً ورافعة لولوج…
آراء
الإثنين ١٣ أبريل ٢٠١٥
يمكن التأكيد على أن المقولات المثبطة: "ما لي علاقة"، "أنا ويش دخلني"، إلى آخر المقولات التي تثبط النفس عن المشاركة بتحمل المسؤولية تجاه الآخرين، وتجاه حماية مقدرات الوطن بالدرجة الأولى، أنها تكاد تلاشت إلى أدنى مستوياتها. لم يعد ممكنا أن تمر مرور الكرام أو حتى اللئام؛ أية أخطاء أو تجاوزات أو مخالفات مهما كان نوعها أو مصدرها في الوقت الراهن، ولم يكن ليتحقق هذا الأمر لولا ارتفاع درجة الوعي والمسؤولية لدى كل فرد ينتمي إلى هذا الوطن العظيم، لتلتقي وتنسجم تطلعاتها وطموحاتها المشروعة مع ثقة وأهداف القيادة المخلصة. وعي المواطن واستشعاره مسؤوليته تجاه وطنه ومجتمعه، شرطان لازمان واجبان لا مجال على الإطلاق لتجاهلهما في سبيل تحقيق التقدم المنشود لأي مجتمع كان، في غيابه أو في حال ضعفه تتساقط فعالية الأنظمة والتشريعات وكل جهود مشتركة كتساقط أوراق الخريف، فلا تبقى في يديك بعدئذ إلا أطلال خاوية على عروشها، لا يكسوها إلا غبار وأشباح لا روح فيها ولا طموح. هنا يكمن الفرق الجوهري بين أمم تسابق الزمن لتتخطاه، وأخرى غابت عن الوعي والتاريخ تخطاها الزمن بعشرات أو مئات السنين! الركيزة هي الإنسان كأقوى مؤثر، وما سواه فلا يتعدى حد كونه عاملا تابعا متأثرا. يكفي أن تبدأ ببناء الإنسان، وتنمية بيئته (صحة، تعليم، عمل، سكن، عدالة، ضمانات لحريته، وأنظمة لمسؤولياته)، ومن ثم سينطلق…