آراء

آراء

«.. ثمّ الجهاد في سبيل الله!»

الخميس ٠٢ أبريل ٢٠١٥

كان طفلاً جميلاً في إحدى الفعاليات المدرسية التي كانت تقام بمناسبة ما، جيء به ليعتلي المنصة ويرتل بضع آيات من الذكر الحكيم. الحق أنني وصاحبي ذهلنا من طريقته الجميلة في الإلقاء، وسماحة وجهه، وإتقان المخارج الذي لا يتناسب مع صغر سنه، انتهت الفقرة والكثيرون يدعون له، ودعا صاحبي له من قلبه: الله يحفظه ويبعده عن الجهاد والمجاهدين! كان صديقي صادقاً في محبته ودعائه من القلب، لكن يبدو أنه شاهد آثار الصدمة على وجهي، فأوضح موقفه: أنت تعرف أنني لا أقصد أن يبتعد عن جهاد المال، كوموون! لايزال وجهي بلاستيكياً، ولا أستطيع التخلص من تعبير القرف، وصديقي يكرر: هيا أيها الأحمق، هل قال لك أحدهم إنني أراك جميلاً، ومستعد لـ«البحلقة» في وجهك أكثر من هذا؟! أنت تعلم أنني أقصد أن يبعده الله عن الإرهاب! أعلم! لكنك استخدمت مصطلحاً يخصنا نحن، لا الإرهابيين، غداً ستدعو له بالبعد عن الصلاة والحج والزكاة! يجيبني وهو يشير إلى البطاقة التي تحمل صورتي، وأنا أنظر برومانسية إلى العدسة، وتحتها كلمة «إعلامي»: إنها مشكلتكم أنتم يا بتوع الجرايد، نحن نكرر ما تقولونه.. حركات جهادية.. مجاهدون.. جهاديون.. لوموا أنفسكم، ويمكنك الآن الجلوس وفك التعبير الأبله.. لن تؤثر عليّ! لقد كان صديقي صريحاً إلى حد الجرح، لكنه صادق جداً، فنحن المسؤولون، وبغفلتنا وحماقتنا سببنا ضرراً كبيراً لهذا المصطلح الراقي،…

آراء

احمل رصاصة في جيبك!

الخميس ٠٢ أبريل ٢٠١٥

كنت في حوار مع رئيس تحرير «الشرق الأوسط» الأسبق طارق الحميد، حول إحدى مقالاته، كما أفعل عادة مع الزملاء العرب. سألته: لماذا لم تضف في مقالك «كذا وكذا»؟ فقال: لم أنسَ، ولكنني «دائمًا أحتفظ برصاصة في جيبي»! وهي كناية عن أنه يدخر بعضا من الحجج ليستخدمها لاحقا ضد من يهاجمونه. وهذه المقولة ذكرتني بأمور كثيرة نمارسها في حياتنا تندرج تحت المفهوم نفسه. ففي الإقناع مثلا يفضّل دائمًا أن يحتفظ المرء بحجة دامغة ليفاجئ بها خصمه في نهاية الحوار. فكما أن الحرب خدعة كذلك الحوار والإقناع. وليس من الحكمة أن «تحرق» كل أوراقك، فلا بد من شيء تدخره مثل الوقود الاحتياطي في الطائرة الحربية والسيارات الحديثة. وكذلك يفعل المتسابقون في حلبات السباق ومضمار الجري يبقي المتفوق منهم شيئا من طاقته للحظة الأخيرة ليباغت الجميع. والمتابع للأفلام الوثائقية المهنية يجدها تختم فقراتها بعبارة بالصميم لترسخ في الذهن، وهي الطلقة الأخيرة التي يبقى صداها عالقا في الأذهان. الحال ينطبق على البرامج التلفزيونية، ففي ختام الفقرة يذكر المذيع أمرا يثير الاهتمام ثم يقول: «نناقش ذلك بعد الفاصل»، وهو أسلوب احترافي في تشويق وإقناع المشاهد بأن البرنامج مستمر في مادة تهمك. ونفعل ذلك أحيانا نحن معشر كتاب الأعمدة لتكون الخاتمة أوقع على القارئ. وفي ميادين العمل التي تحفل عادة بالبيع والشراء ومحاولات استمالة الناس نحو…

آراء

أرقام الملك سلمان

الخميس ٠٢ أبريل ٢٠١٥

يبلغ معدل الريتويت (إعادة نشر التغريدة) للتغريدات الخاصة بحساب خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، في موقع التدوين المصغر “تويتر” نحو 129 ألف “ريتويت” للتغريدة الواحدة منذ أن أصبح ملكا.. ويعد الأعلى عالميا. ووصل عدد “ريتويت” إحدى تغريداته التي نشرت في 30 كانون الثاني (يناير) 2015 (الساعة 12:21 بعد منتصف الليل) نحو 355 ألف “ريتويت”؛ (دخلت من ضمن أكثر عشر تغريدات “ريتويت” تاريخيا)، والحساب يتابعه نحو 2.5 مليون متابع، بينما أكثر تغريدة تمت إعادة نشرها “ريتويت” للرئيس الأمريكي باراك أوباما كانت نحو 500 ألف قبل سنوات عدة، عندما كان يملك نحو 16 مليون متابع؛ ما يعكس أن أرقام “الريتويت” والتفاعل لخادم الحرمين الشريفين قد تنفرد في المستقبل بالصدارة. وهذه الأرقام تعطي دلالة على الشعبية التي يحظى بها الملك في أوساط شعوب الوطن العربي والاختيار الموفق لمضمون التغريدة. فها هو خادم الحرمين يقترب من الوصول إلى الرقم غير المسبوق الذي حققه أوباما رغم الفارق الكبير بينهما في عدد المتابعين بسبب دخول أوباما المبكر لموقع “تويتر”، وعدد الناطقين باللغة الإنجليزية في العالم (اللغة التي يغرّد بها رئيس أمريكا) مقارنة باللغة العربية. وأرقام الملك سلمان القياسية لا تقتصر على تغريداته فحسب، فحتى الوسوم (الهاشتاقات) المستوحاة من قراراته الملكية حققت أرقاما عالمية في أوقات قصيرة. فمثلا عدد المشاركات في وسم (عاصفة الحزم)، الوسم…

آراء

تحديات صعبة أمام «الاحتياطي الفيدرالي»

الخميس ٠٢ أبريل ٢٠١٥

يأتي الكم الهائل من البيانات الاقتصادية الصادرة خلال الأسبوع الحالي في الولايات المتحدة (والبيانات الأقل الصادرة في الصين ومنطقة اليورو) في لحظة خاصة مناسبة. وتنتشر الآراء الخاصة بالفرص المتاحة أمام الاقتصاد الأميركي على نطاق واسع. وهناك تباين كبير في التقييمات الخاصة بتأثير احتمال زيادة مصرف الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة خلال العام الحالي. كذلك هناك اختلاف أكبر في الآراء بشأن بما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تساعد في انتشال باقي العالم من التراجع أم أنها ستنجر إليه. وكان هذا التنوع في الآراء نتيجة العوامل المحلية والعالمية. وعبر الجدل حدود الزمن والجغرافيا. في الولايات المتحدة، لم يتفق خبراء الاقتصاد بعد على الحد الذي يمكن أن ينجح فيه التعافي المستمر للاقتصاد في التصدي للرياح المناوئة الداخلية التي يشير إليها من يشعرون بالقلق من حدوث ركود للاقتصاد القائم على السوق. ولم يقدم سوى عدد قليل حلا حاسما لمشكلة الأجور التي تتمثل في الفجوة الهائلة بين توافر الوظائف والدخل المنخفض. ويبدو أنه لا يوجد تناسب بين إجمالي توجهات الإنتاجية وتأثير التكنولوجيا التحويلية على الأرض. على الجانب الآخر، التأثيرات النهائية للانخفاض الحاد في أسعار النفط، والتقدير الملحوظ للدولار، غير مفهومة تمامًا، خاصة في ظل سعر الفائدة المنخفض جدا المصاحب لهذين التوجهين. كذلك يتسم السياق العالمي بسيولة أكبر، وهناك صعوبة أكبر في توقع مساره. وتتسع دوائر عدم…

آراء

«عاصفة الحزم»… وحاجة إيران إلى مراجعات عميقة

الخميس ٠٢ أبريل ٢٠١٥

تحتاج إيران الآن أكثر من أي وقت مضى، الى الواقعية والبراغماتية في التعامل مع عملية «عاصفة الحزم». فالأمر لا يتعلّق باعتداء على أرض إيرانية، ولا بتدخّل خارجي في شؤون الجمهورية الإسلامية، ولا بظلم يلحق بفئة اجتماعية يمنية فاستجارت بطهران لتعينها على نيل حقوقها، بل أصبح واضحاً على ألسنة العديد من المسؤولين السياسيين والعسكريين، أن هناك خطة هيمنة لمدّ نفوذ إيران وصولاً الى مواقع استراتيجية، مثل باب المندب والبحر المتوسط، لا تعنيها مباشرةً ولا تعني أمنها، إلا إذا كانت فعلاً دخلت نفسياً وهذيانياً في مزاج «إمبرطوري» وفي «عقل» مثل هذه الإمبراطورية التي حرصت على نفيها لكنها فشلت. وتحتاج إيران الآن خصوصاً الى التواضع، بعدما صعد بخار التعالي الى رأسها بفعل غطرسة القوة التي تتمظهر بها في المنطقة العربية، من دون أن يعترضها سوى حراكات سياسية سلمية واجهتها في لبنان باغتيالات سياسية واجتياح للعاصمة بيروت وبالترهيب لإسقاط الحكومة. وفي العراق بشحذ التطرّف المذهبي لرئيس حكومة هو حالياً بمثابة «نائب المرشد» والقائد السياسي لميليشيات «الحشد الشعبي» مكافأةً له، بعد تسبّبه بانهيار الجيش العراقي، وتجبّره على مواطنيه، وتطرّفه في احتقار اعتصاماتهم السلمية الى حد استفزاز الإرهاب «الداعشي». وفي سورية بمؤازرة النظام ورئيسه في تجاهل الاحتجاجات السلمية، وفي قتل مئات آلاف السوريين وتهجير أكثر من عشرة ملايين من مواطنهم. وفي اليمن بـ «شيطنة» الحوثيين ودفعهم…

آراء

الحزم العربي في اليمن

الخميس ٠٢ أبريل ٢٠١٥

بدأت عملية «عاصفة الحزم» الهادفة لإعادة الشرعية في اليمن المخطوف فجر يوم الخميس 26/3/2015، حيث قادت المملكة العربية السعودية تحالفاً من عشر دول، بإغارة 185 طائرة، بينما تعهدت الولايات المتحدة بتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للعمليات العسكرية. ونتج عن العمليات الأولى تدمير القصر الرئاسي ومقر المكتب السياسي للحوثيين وعدة مطارات، إضافة لعدة قواعد عسكرية، منها قاعدة «العند» الجوية، ومواقع للحوثيين في لحج والضالع. وتعد هذه العاصفة الأولى من نوعها بعد «عاصفة الصحراء» التي استهدفت إخراج القوات العراقية من الكويت عام 1991، حيث توافقت عدة دول عربية على الحسم العسكري، بعد انقلاب الحوثيين على الشرعية متمثلة في الرئيس هادي منصور. واعتبر مغردون بالملايين أن هذه العملية شكلت «وحدة» عربية في مواجهة التمدد الإيراني، وقال بعضهم: على العرب ألا يعتمدوا على أميركا في كل شيء، وحثوا تركيا على أخذ مبادرة مماثلة حيال سوريا. لقد تأخرت «عاصفة الحزم» قليلاً لأن الدول الخليجية أرادت إعطاء المجال للحوثيين لدراسة الحلول المقترحة، لكنهم رفضوا كل الحلول وانقلبوا على الشرعية وأشعلوا الفوضى في اليمن، كما استولوا على المقار الحكومية واعتقلوا الوزراء والمسؤولين دون وجه حق. ولا يجوز تحت أية دعاوى أن تستأثر فئة محدودة بمقدرات البلاد، خصوصاً وأن لدى هذه الفئة أجندة خارجية تعادي الأمة العربية، وتسعى لزعزة الأمن والاستقرار في المنطقة، بسبب ولائهم لإيران التي ما انفكت…

آراء

عاصفة الحزم ومستقبل اليمن

الخميس ٠٢ أبريل ٢٠١٥

لكل عمل سياسي أو عسكري تداعيات اقتصادية لا تقل أهمية إنْ لم تكن أكثرها أهمية لاستمرارية تأثيراتها لسنوات طويلة بعد انتهاء العمليات العسكرية، إذ تندرج حملة التحالف العربي في اليمن ضمن هذا المفهوم، والذي يتوقع أن يخلق واقعاً أكثر توازناً واستقراراً لمنطقة الخليج العربي. لقد شهد اليمن على مدى العقود الماضية تدفق استثمارات أجنبية مهمة، وبالأخص من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث ساهمت هذه الاستثمارات في إقامة العديد من المشاريع وتوظيف الآلاف من الأيدي العاملة اليمنية، إذ يأتي سد مأرب الذي أمر ببناءه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان شاهداً حياً على أهمية المشاريع التي أقامتها دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت وبقية دول المجلس. وتشكل استثمارات دول مجلس التعاون أكثر من 90% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في اليمن وبمبلغ يتجاوز 7 مليارات دولار، حيث وجهت هذه الاستثمارات لعملية البناء والتنمية، وبالأخص في إقامة مرافق البنى الأساسية اللازمة لنمو الاقتصاد اليمني. مؤخراً دخلت إيران على خط تدفق الأموال لليمن ولكن بصورة مغايرة تماماً ليس في مجال بناء السدود والمدارس والمستشفيات والمصانع، وإنما لتمويل المليشيات المسلحة وتزويدها بالسلاح لتلعب دوراً تدميرياً لما تم بناؤه على مدى سنوات طويلة وليفقد الشعب اليمني الذي يعاني من البطالة الكثير من فرص العمل، التي هو بحاجة ماسة إليها، مما أدى لأن يخسر…

آراء

تاريخ من الاذلال

الخميس ٠٢ أبريل ٢٠١٥

سواء تعلق الامر بحرق السجناء أحياء أو حز رؤوس المدنيين العزل بدم بارد او رجم فتاة متهمة بالزنا او قتل شاب متهم باللواط، فان كلمة السر في المنطقة باسرها هي "الوحشية"، فلا يمر اسبوع دون ان نحظى باستعراضات دموية لتنظيم "داعش". لقد قيل الكثير عن "إدارة التوحش"، لكن هذه المبالغة في الوحشية تدفع المرء للتساؤل عن السر وراء القدر المبالغ فيه من التباهي في ممارسة هذه الوحشية. ثمة حقيقة بغيضة تخيم في سماء هذه المنطقة هي ان وحشاً كبيراً يمد اطرافه في جميع بلدانها. وبالمقياس الجيوسياسي، فإن هذا الوحش يتمدد بين قارتين: غرب آسيا حيث معاقله القوية في العراق وسوريا مع درجات متفاوتة من التعاطف الخفي في الدول المجاورة وفي شمال افريقيا، في شبه جزيرة سيناء وليبيا وتونس مؤخرا دون ان ننسى معتوهي "بوكو حرام" في نيجيريا بغرب افريقيا الذين اعلنوا مبايعة زعيم "داعش". لكن السؤال مازال يلح بقوة: كيف ولد هذا الوحش وكيف نما على هذا النحو المفزع؟ هل هو التطرف الديني الذي يغذي هذا الوحش بالمتطوعين من كل مكان؟ بغض النظر عن اصرار غالب المعلقين الغربيين والاعلام الغربي عموما على هذا التفسير وربطه بشكل مخل وفج بالاسلام، فإن التعصب الديني لا يبدو سببا  مقنعاً او وحيداً. ان الميراث الثقيل للاستبداد الذي هيمن وما يزال على منطقتنا قد يعيد…

آراء

(سعودية سلمان) لن تكون (عراق صدّام)

الأربعاء ٠١ أبريل ٢٠١٥

«عاصفة الحزم» ... هل هي عملية عسكرية أم عمل سياسي؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يتعمّق فيه من يريد أن يفهم حكاية التحرك السعودي المفاجئ والمبهر للعالم أجمع منذ انطلاق العمليات العسكرية، فجر الخميس الماضي، ضد الانقلاب الحوثي في اليمن، الذي تمدد وتجهبذ في جهات اليمن الأربع حتى بات مهدداً حقيقياً لدول الجوار. لن أقول إن السعودية تأخرت، ولكن صبرت وتريّثت متذرعة بسياسة النفَس الطويل كعادتها دوماً، حتى أصبح السكوت على تفرعن الحوثيين أمراً لا يطاق، فكان «الحزم» هو الحل. «عاصفة الحزم» ترمي إلى تحقيق أهداف مباشرة وأخرى غير مباشرة. فهي إضافة إلى هدفها الأساسي في لجم الميليشيات الحوثية وتعريتها وتشتيتها، فقد استطاعت أن تحقق «الاتحاد الخليجي» الذي دعا إليه الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز. تَحقّق الاتحاد الخليجي في السماء قبل أن يتحقق على الأرض! في الحقيقة أن المملكة العربية السعودية لم تصنع بـ «عاصفة الحزم» تحالفاً خليجياً فقط أو عربياً فقط بل صنعت تحالفاً إسلامياً لمواجهة مختطفي الإسلام ومشوّهيه. وهو تحالف يتشكل لأول مرة بهذا الحجم وهذا التنوع، ما يشي بحجم الغضب الذي بلغته هذه الدول المتحالفة تجاه عبثيات وكلاء إيران في المنطقة. لكن بالعودة إلى السؤال أعلاه، كيف نستطيع أن نميّز إن كانت هذه العاصفة عسكرية فقط أم أنها سياسية قبل وبعد عسكرتها؟ الإجابة نجدها في التحركات…

آراء

حرب تلد حلاً

الأربعاء ٠١ أبريل ٢٠١٥

«حرب تلد أخرى» هو عنوان كتاب للإعلامي العراقي سعد البزاز حول حرب الخليج. وأظن كثيرا من الناس يتداولون الفكرة باعتبارها حقيقة. لكن لا شك أن بعض الحروب قد تفتح الباب أمام حلول مرحلية أو طويلة الأمد. بطبيعة الحال، فإنه لا يوجد حل سحري أو منفرد لأي مشكلة سياسية. لا الحرب وحدها تحل المشكلات ولا المفاوضات. عالم اليوم أكثر تعقيدا وأسرع تغيرا، مما يجعل الدواء الواحد فعالا في حادثة محددة في زمن محدود. ما إن تمر الأيام حتى يبرز جانب آخر للمشكلة، ثم جانب ثالث.. وهكذا. أزمة اليمن، مثل عشرات الأزمات السياسية التي شهدتها المنطقة، مثال واضح على الطبيعة المتحولة للمشكلات. المبادرة الخليجية التي بدا أنها كانت استراتيجية خروج مناسبة من أزمة اليمن أواخر 2011، سرعان ما استبدلت باتفاق السلم والشراكة في سبتمبر (أيلول) الماضي. لكن هذا الاتفاق انهار بدوره قبل أن يدخل حيز التطبيق. ليس ثمة عيب جوهري في المبادرة، وليس ثمة عيب جوهري في الاتفاق. يكمن العيب في الطبيعة المتحولة للمشكلات مقارنة بالطبيعة الاستاتيكية للحلول. ربما كانت القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ واحدة من أنجح القمم، لأنها - على الأقل - خلت من الاستقطابات والتنازعات التي كانت سمة ملحوظة في معظم القمم السابقة. وقد اتفق الزعماء العرب على تشكيل قوة عسكرية موحدة، تبدو في إطارها العام شبيهة بتلك…

آراء

تأمل السيفين قبل طمعك في النخلة

الأربعاء ٠١ أبريل ٢٠١٥

أقولها عن قناعة شخصية، أكثر الرموز الوطنية تعبيراً في العالم رمزنا الوطني. لكل الدول رموزها الوطنية، إما أسود مجنحة أو نسور صلع أو شمس حمراء في فضاء أبيض، إلى آخره. القصد منها كلها الترهيب فقط، رمز الأسد المجنح تعبير من دولته عن قدرتها على الافتراس والفتك، وعندما يكون في يد الأسد سيفاً فتلك إضافة رمزية أخرى للتعبير عن مقاتلين كالأسود، والنسر الأصلع سيد الغابات والطيور، يحلق عالياً ثم ينقض، علاوةً على كونه نادر الوجود تجب حمايته، بمعنى أن الدولة التي هذا هو رمزها الوطني تعتبر نفسها نادرة بين الدول ويتوجب على سكانها الاهتمام بوجودها وبقائها. الشمس الحمراء في الفضاء الأبيض ترمز إلى احتراق من يتخطى الفراغ الأبيض نحو الدائرة النارية، وهكذا. راجع ما شئت من رموز الدول الوطنية، وليس أعلامها، ولن تجد فيها ما يشير إلى الجمع بين الترهيب والترغيب في رمز واحد. حسب اجتهادي، ليس في حضارات الشعوب الموغلة في القدم ما يشير إلى موروث شعري وقصصي يوجب على ذويه تقاسم الطعام مع الجائع الغريب والوافد وابن السبيل وفي نفس الوقت يبيح لأبنائه في أزمنة الجوع والحاجة السطو على من يملك الطعام ليمنعه عن الآخرين ويحتفظ به لنفسه. هذه المواصفات في التصرف أمام شروط البقاء فرضتها الصحراء الشحيحة، بمعنى أعط ما دمت قادراً وخذ متى احتجت. عندما تقرأ في…

آراء

دعوة إيرانية لمحاورة الحزم

الأربعاء ٠١ أبريل ٢٠١٥

دعت إيران أمس إلى حوار هادئ بين مختلف الأطراف في اليمن وأكدت أن الرياض وطهران قادرتان على الوصول إلى حل بخصوص الأزمة اليمنية، هذه اللغة الدبلوماسية (العقلانية) الإيرانية ما كان لها أن تكون لولا تغير الموازين في اليمن بعد عملية عاصفة الحزم، فقبل فترة وجيزة كان الإيرانيون يتباهون بأن العاصمة العربية الرابعة سقطت في أيديهم ويروجون بأنهم أصبحوا أسياد الخليج والبحر الأحمر.   كان من المتوقع أن تستخدم إيران حلفاءها اليمنيين كورقة تفاوض مع السعودية وحلفائها العرب مثلما استخدمت إيران من قبل حلفاءها اللبنانيين كورقة تفاوض مع أمريكا والغرب وإسرائيل، لم يحدث في كل صراعات المنطقة أن تدخلت إيران بقوات عسكرية في الدول العربية التي كانت سببا أساسيا في خرابها، فهي ترسل المستشارين وضباط المخابرات وتحارب أهل البلد بأهل البلد وتحرق بيوت العرب بأياد عربية، ولو اختارت إيران طريقا آخر غير طريق الحوار في اليمن فإنها لن ترسل أبناءها إلى المعركة بل سيتكفل بهذه المهمة أبناء لبنان المنتمون إلى حزب الله وأبناء العراق المنتمون إلى عصائب الحق وكتائب أبو الفضل العباس وغيرها من التشكيلات التي زرعتها في العالم العربي وكان تشكيل الحوثيين واحدا من أهمها من الناحية الاستراتيجية لولا القرار العربي بالقضاء عليه إنقاذا لليمن الشقيق وحماية للأمن القومي العربي.   على أية حال دعوة إيران للحوار والتعاون مع الرياض…