آراء

آراء

شوية دم … !

الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥

المروءة هي أحد الآداب الأخلاقية، التي يحملها الإنسان بالفطرة، وسمة من سمات النفس الزكية، التي كثيراً ما تصاحبها النخوة كصفة أساسية من الصفات، التي تتزين بها جوانب الإنسان، خاصة الرجولة. وللمروءة عدة شروط تنقسم إلى قسمين «شروط المروءة في النفس، وشروط المروءة في الغير»، ودعونا نتوقف قليلاً على شرط واحد من شروط المروءة في الغير، وهو شرط «المعاونة، والمؤازرة»، يعني الإسعاف بالجاه، والإسعاف في النوائب، وهذا أقل المروءة. منذ أربع سنوات، وفي ساعة الذروة من الصباح الباكر، وقت خروج الموظفين، والطلاب إلى أعمالهم، ومدارسهم، توقفت سيارة بشكل فجائي على الطريق السريع الحيوي، الذي يصل مدينة الخبر بالظهران، لتصطدم تباعاً تسع سيارات، الواحدة تلو الأخرى، في ارتطام دوَّى صوته مثل طلقات، ليتوقف بعدها السير على الطريق بأكمله. سادت لحظة جمود، وصمت، ثم تعالت أصوات الأطفال في عدد من السيارات، كنت من ضمنهم في السيارة السادسة مع ولدي. حين استوعب الجميع الأمر، خرج من كل سيارة سائقها ليطمئن على مَنْ خلفه، ومَنْ أمامه، ذُعر ابني، وأخذ يبكي من هول الصدمة مثل أي طفل، ومثل أي أم أيضاً تمالكت نفسي، وأخذت أتفحصه، وأُطمئنه حتى شتَّت هدوئي عدد من الضباع، التفوا حول السيارة، يتنقل الواحد منهم تلو الآخر من النوافذ كمَنْ يبحث عن فريسة ليلتقطها. لم أشعر بألم الصدمة على قدر ما شعرت بألم…

آراء

من يتحدث أقل يقلْ أكثر

الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥

في عصر السرعة والمعلومات التي تقابل الانسان وترافقه أينما اتجه، لم يعد الحديث الطويل هو المؤثر. ولهذا أصبح الناس وخاصة في ميادين العمل يفضلون الاختصار، وتجنب المقدمات الطويلة، والخطابات الانشائية. وخلال العقدين الأخيرين حدثت ثورة معلوماتية وظهرت وسائل اتصال حديثة متعددة حاصرت الانسان وجعلته مقيدا أمام كم هائل من الأخبار والمعلومات والأفكار والصور التي كانت في الماضي تصله عبر المذياع أو الصحف أو التلفزيون وأصبحت الآن تأكل وتشرب وتنام معه وترافقه أينما ذهب. الحقيقة أن الاختصار فن يحتاج الى مهارة وتدريب. من يطلْ الشرح والتفصيل قد لا يفعل ذلك عن رغبة وانما بسبب عدم القدرة على ايصال ما يريد أن يقوله عبر الاختصار. بعضنا يطيل معتقدا أن رسالته أو فكرته لم تفهم فيكرر ويضطر من يستمع اليه الى المقاطعة قائلا: الرسالة وصلت. أما من يصر على الاطالة والتكرار رغم وضوح ما يقول فيحتاج الى تدريب في مجال مهارات الاتصال. وحتى لا أطيل عليكم سأختم بمثال قرأته لكم: كان نائب رئيس احدى الشركات العالمية شخصا حريصا على الأداء المثالي لكنه كثيرا ما ينخرط في الثرثرة غير الهادفة، وقد أدى إخفاقه في توصيل رسائل مختصرة بفريق التنفيذيين الذي يعمل معه الى الإصابة بالملل، فقد شعر أفراد الفريق بأنه يهيمن على الاجتماعات بمناقشته الطويلة جدا لكل نقطة! بل إن الأسوأ من ذلك أنه…

آراء

مأساة سوريا والنفاق الدولي

الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥

دخلت الثورة السورية عامها الخامس، وما زال هدفها لم يتحقق، نظراً لواقع الحال على الأرض في سوريا، ومواقف الدول الحليفة لها وغير الحليفة، والتي أجّلت التوصل إلى حل حاسم، عسكرياً كان أم سياسياً، لإنهاء مأساة الشعب السوري. وبدأ البعض يتوجس من أن مطاطية الموقف الأميركي أعطت الضوء الأخضر لحلفاء بشار الأسد للتمسك ببقائه في الحكم، حتى جاءت قنبلة وزير الخارجية الأميركي (جون كيري)، حين قال قبل أيام إن «على الولايات المتحدة وحلفائها التفاوض مع الرئيس السوري من أجل انتقال سياسي في سوريا»! هذا التصريح أظهر بأن السياسة الأميركية المعلنة تجاه سوريا قد انحرفت، حيث غابت عنه كلمات لم تخل منها التصريحات السابقة لكيري، مثل فقدان نظام الأسد للشرعية، وكونه جزءا من المشكلة وليس الحل، وضرورة رحيله فوراً. لقد حاولت الإدارة لملمة القضية بتصريحات تبرر نبرة التصريح المذكور، حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: «إن الأسد لن يكون مفاوضاً للولايات المتحدة»! والغريب أن موقف الإدارة الأمريكية يزداد «نعومةً» مع ازدياد «خشونة» النظام في تعامله مع شعبه، حيث راح ضحية الأزمة نحو 215 ألف شخص، وتم تشريد 12 مليون شخص داخل وخارج سوريا، ناهيك عن تدمير البنى التحتية والمناطق الأثرية، ودخول البلاد حالة شاملة من الفوضى والبؤس. ويتبادر للذهن وجود اتفاق أميركي روسي على ترك الأمور تتصاعد في سوريا، كي تخور قوة…

آراء

أين هم أهل اليمن؟!

الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥

أمس كتبت ميليشيا الحوثي، وحليفها علي عبد الله صالح، السطر ما قبل الأخير في قتل الشرعية اليمنية. بعد عمران ثم العاصمة صنعاء، وهما المحطتان الأبرز في الانقلاب الحوثي، ها هي عدن تترقب السقوط أيضًا، فإن سقط الجنوب اليمني سقطت البقية المتبقية من الشرعية، وأصبحت كل الحلول الممكنة حاليًّا ضربًا من الماضي. الساعات، وليست الأيام، القادمة حاسمة في الأزمة اليمنية، بين قلة متمردة فرضت أجندتها بقوة السلاح، وأغلبية يمنية صامتة تركت المتمردين يعيثون في بلادهم، في حين الجيش اليمني اضحى في أضعف حالاته، ما بين ولاءات متعددة، وانقسامات شقت صفوفه، والبقية الباقية المدافعة عن وحدة الدولة حُوّلت بقدرة قادر لتصبح متمردة يطاردها الحوثيون ورجال صالح، الذي بدوره هدّد من يقف أمامه، من اليمنيين، بأنه سيترك لهم البحر الأحمر لكي يهربوا منه، فهل اقترب صالح من تنفيذ تهديداته؟! جماعة الحوثي قتلت كل الحلول السياسية الممكنة، واجتماعات مجلس الأمن المتتالية لم ينتج عنها إلا فشل ذريع، فالأمين العام للأمم المتحدة مستمر في تكرار كلمته الشهيرة: «المجتمع الدولي قلق من الأوضاع»، والولايات المتحدة ليس لديها سوى تصريح مكتوب من جملة واحدة: «دعوة الحوثيين للكف عن زعزعة الاستقرار»، وهو الأمر الذي حدا بالسلطة في اليمن إلى تجرّع المرارة وطلب التدخل العسكري من الدول العربية. صحيح أن مبدأ السيادة يتيح للسلطة الشرعية، التي يمثلها الرئيس عبد…

آراء

رسوم الأراضي.. أول الحلول فقط

الخميس ٢٦ مارس ٢٠١٥

تصدّر الإعلان عن موافقة مجلس الوزراء على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، قمّة هرم الأخبار الاقتصادية في السعودية، ونظرًا لأهميته وثقل وزنه وتأثيره على مستوى الاقتصاد الوطني، لا على مستوى السوق العقارية المحلية فقط، سيظل تأثير هذا القرار الاستراتيجي الذي دام انتظاره عدّة أعوام ماضية؛ تاركًا بصماته العميقة على المشهد الاقتصادي والمالي والعقاري في السعودية لعدة عقودٍ قادمة. يُنتظر خلال الفترة القادمة نتائج عمل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على إعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لتطبيق تلك الرسوم على الأراضي البيضاء، والرفع من ثم بما يتم التوصل إليه إلى مجلس الوزراء تمهيدًا لإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن بشكلٍ عاجل. وبالنّظر إلى الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الحريصة جدًا على سرعة معالجة ملف الإسكان، والجدية في مواجهة الأزمة العقارية المحلية التي وصلت إلى مستويات بالغة الخطورة، وقياسًا على الأداء الفعال الذي اتسم به عمل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية منذ بدء عمله القريب، يكمن القول إن آلية العمل المشار إليها أعلاه لن تستغرق زمنًا طويلاً، وقد يُفاجأ الجميع بسرعة إنجازها وإتمامها. إنّ من أهم ما سيسهم به قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، هو رفعه لتكلفة احتكار الأراضي والاحتفاظ بها لمددٍ زمنية…

آراء

سليماني وصناعة الشخصية الإيرانية

الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥

لم يعهد عن النظام الإيراني ترويجه لقياداته العسكرية والأمنية، رغم كثرة الحروب التي انخرط فيها على مدى ثلاثة عقود، وهذا ما يجعل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في الحرس الثوري، حالة لافتة، نظرا للظهور الإعلامي الخارج عن المألوف، ويسمح به في الوسائل الرسمية الإيرانية، والأخرى العربية المحسوبة على طهران. ومن الواضح أن أهمية الجنرال أبعد من مركزه كقائد لفيلق، حيث يقود حروب إيران الخارجية، السياسية والعسكرية. قد يكون بروزه نتيجة طبيعية لتزايد اعتماد إيران على قوتها العسكرية، بعد أن كانت تتكل بشكل أكبر على دعم وكلائها المحليين، مثل حزب الله وحماس والميليشيات الشيعية العراقية. فقد عُهد إليه بدور كبير في سوريا، وليس مبالغة ما قيل من أنه «لولا النجدة الإيرانية لسقط النظام السوري»، ويقول الأميركيون «إنه من يقود الحرب في سوريا». فقد كان نظام بشار الأسد، بالفعل، يترنح منذ عامين، وحوصرت قواته في كل مكان، ثم عادت إليها الحياة في أعقاب تولي الإيرانيين الكثير من المهام القيادية، وقيامهم بجلب وتمويل وإدارة عشرات الآلاف من لبنانيي حزب الله، وعراقيي «عصائب الحق»، ومن شيعة الأفغان. هذا السيناريو السوري الذي يقوده سليماني يتكرر في العراق، ونسب لرئيس منظمة بدر العراقية، هادي العامري، قوله، «لولا مساندة إيران، ووجود قاسم سليماني في العراق، لكانت حكومة حيدر العبادي الآن خارج العراق». وهناك أنباء أن الجنرال…

آراء

سجنوه في صنعاء.. وقصفوه في عدن

الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥

من العبث أن نقرأ، أو أن نتابع قراءة ما يحدث في اليمن، على أنه يحدث في اليمن. ومن دون حاجة إلى الدخول في الدراما وتكبير الأشياء، فإن ما نشهده هو درس جديد في العمل أو في النهج السياسي، أو في الأخلاق السياسية، ولو أن السياسة عادة لا قطرة فيها من الأخلاق. احتل الحوثيون صنعاء، ثم تعز، ثم الحُديدة، ثم ركبوا طائرات الدولة اليمنية ليقصفوا بها الرئيس، الذي سجنوه في العاصمة، وأجبروه على الفرار إلى العاصمة الثانية. يفعل الحوثيون ذلك أمام الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، وخصوصا أمام مجلس الأمن والأمم المتحدة. يريدون القول، بكل بساطة، إن هذا زمن جنكيزخان، ومن يُرد مواجهته فليس من أسلوب آخر سوى الثقافة الجنكيزية. ويريدون القول إن هذا هو المستوى السياسي في العالم العربي من الآن فصاعدا. براميل متفجرة في سوريا، و«حشد شعبي في العراق»، ومطاردة الرئاسة قصفا في اليمن. لم يبدأ هذا المستوى الأخلاقي من السياسة في اليمن طبعا. كانت له علامات ومدلولات كثيرة، ليس أقلها تصريح المستشار علي يونسي، وغيره من المستشارين والنواب والخبراء. وقد تميز تصريح يونسي بنفي متعدد الوجوه، يُثبت فقط أو يؤكد فقط النظرية العلمية القائلة «نفي النفي إثبات». لقد أتعبت طهران نفسها بغير ضرورة في التنصل من الكلام الذهبي الذي أدلى به سعادة المستشار. وبدل هذا المجهود النَفَوي، كان…

آراء

ههههههه

الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥

شاعت هذه العلامة الترقيمية (ههههه) في كتابات الجيل الجديد، أو أيضاً في كتابات الجيل القديم في الوسائط الجديدة، للدلالة على أن ما قبلها هو موضع تبسّم! لم تكن هذه الإشارة موجودة ومستخدمة في ما سبق من أزمنة التكاتب، فما الذي فرض الحاجة إليها: هل هو تفاقم صعوبات فهم عند القراء المعاصرين، بحيث لم يعودوا قادرين على فهم مواضع الفكاهة من دون مساندة ولوحات إرشادية؟! أم أنها صعوبات تعبير عند الكتّاب الذين ما عادوا قادرين على إيصال فكرتهم بأسلوب واضح وسلس يمكّن القارئ له من فهم مواضع السخرية والتفاعل معها من دون مساعدة أحد؟! أم أنها خارج نطاق مسؤولية الكاتب أو القارئ، بل هي مسؤولية الإعلام الجديد الذي خلط الحابل بالنابل والساخر بالدامي والمضحك بالمبكي والمبهج بالمقزّز، فاستدعت هذه الاختلاطات الحاجة إلى تمييز أنواع وفئات ما يحويه الخلاّط الإعلامي؟!! وهل ستكون العبارة الساخرة المكتوبة للقارئ بعذرية وعفوية، جالبة للضحك والمسرّة له من تلقاء نفسها، كمثل مفعولها إذا اغتُصبت عبر إلحاقها بـ ههههههه؟! في ما مضى، لم يكن الكاتب الساخر هو الذي يقع تحت منظار التقييم فقط، بل والقارئ أيضاً عبر تقييس قدرته على فهم اللذعة الكتابية والتجاوب والتفاعل معها بحسب مكونه الثقافي والنفسي. أما الآن فقد أربك طوق النجاة الضاحك هذا القدرة على تقييم شطارة الكاتب في الإضحاك ونباهة القارئ في…

آراء

صناعة الهدوء

الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥

تعصف الأشياء الصغيرة من حولك فتتسلل إليك كل السلبيات التي تصل عبر "واتساب" و"تويتر" و"فيسبوك"... إلخ. لكنها تتضخم في داخلك، إن استسلمت لها. لكنك لست سوى جزء هامشي ضئيل من العالم. لا تملك حلولا ناجعة. وليس صحيحا أن عليك الاهتمام بما يحدث في كل مكان، وأن يكون لك رأي فيه، فبعض الآراء ليست شأنك، فلماذا تشغل نفسك بها أصلا؟ الهدوء في الداخل مهمة تبدو صعبة في بعض الأحيان، لكنها ليست مستحيلة. صعوبة هذا الأمر أن البعض يتفنن في ضخ وتبني الصور والأخبار السلبية، وهو يتفنن أيضا في إفساد الأخبار الإيجابية، إذ إنه يؤمن أن نشر السلبية مهمة حتمية بالنسبة له في الحياة. مثل هؤلاء، من الجيد أن يسعى المرء إلى عزل نفسه عنهم، بحيث إنه يراهم وكأنه لا يراهم، وليس القصد حتما الاحتقار، ولكن الهدف النأي عما يشيعونه من سلبية وسواد. إن أغالب العداء الذي يستحكم بين أفراد مجتمعاتنا، أساسه خلافات على أمور لا تعنينا ولا تمسنا بشكل مباشر. هناك من يريدك أن تكون نسخة من سفاحي "داعش" أو المليشيات الشيعية، وأن تؤيد وجهة نظره التي تنحاز إلى هذا الطيف أو ذاك. وقد يقرر ألا يحبك لأنك لا تريد أن تكون لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء. مثل هذا الشخص، تجاهله والبعد عن التقاطع معه لا ضرر منه. بل إن…

آراء

إيران الخطر الذي نسخر به

الأربعاء ٢٥ مارس ٢٠١٥

«إيران تحسب نفسها قوة عظمى وهي كيان متهالك، إيران تتمدد وتوسع نفوذها وهي لا تعدو أن تكون فقاعة صابون، إيران تنتهج سياسة خرقاء بهذا التوسع والنفوذ وحشر أنفها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، إيران سقطت في الوحل اليمني وستغرق هناك، إيران ستواجه طوفانا داخليا من الثورة الغاضبة». ما بين القوسين مختصر لطروحات عدد من الساسة والمثقفين العرب مبثوثة في تصريحاتهم ومقالاتهم ومقابلاتهم المتلفزة، قد تبدو في الظاهر عبارات مطمئنة ومدغدغة للمشاعر لكنها تحمل في طياتها تثبيطا عن مواجهة الخطر. إن الخطورة على الكيانات والأوطان لا تأتي فقط من سياسة التقاعس وعدم اللحاق بركب الأمم القوية التي أعدت لخصومها ما استطاعت من قوة ومن رباط الصناعات الحربية المتقدمة ما يرهبون به أعداءهم، بل من تقليل حجم الخصم الحقيقي، وهذا يتسبب في تخدير الهمم وخداع العقول وتغشية الأبصار عن التقييم الحقيقي والمنطقي لقوة الخصوم. منذ أن تفجرت ثورة الخميني وأحلامه التوسعية سياسيا وآيديولوجيا وعسكريا واضحة المعالم، نسي العرب حكاية تصدير الثورة الإسلامية على الطغاة والمستبدين ونصرة المستضعفين ومنازلة الشيطان الأكبر أميركا، التي أطلقها الخميني وهو يترجل من طائرته الفرنسية التي حملته من باريس إلى طهران، وهو في الحقيقة يعني تصدير آيديولوجيته ونفوذه بمساعدة الشيطان الأكبر، عمل تلامذة الخميني لتحقيق أحلام ثورتهم الطائفية ليل نهار وأنفقوا في سبيل تنفيذها المليارات، المليارات التي استثمروها،…

آراء

نعم.. ولا.. ولكن.. وإلا إذا

الثلاثاء ٢٤ مارس ٢٠١٥

تعلمت من حرب لبنان ألاّ أتابع اليوميات التي تضيّع الوقت. أناس يكررون كل يوم ما لا يعرفون، والذين يعرفون، لا نعرفهم ولا نعرف من هم. وكان المعلّقون اللبنانيون، كل يوم وبلا تعب، يطلعون قرّاءهم على مواقف ومخططات أميركا والاتحاد السوفياتي، وتفكير فرنسا وبريطانيا والصين. تابعت أخبار الاتفاق النووي الذائع الصيت من خلال العناوين. يوم تفاؤل، يوم لا. بالتساوي، ومثل لعبة زهرة الأقحوان: بتحبني؟ ما بتحبنيش. ولم أتوقف يوما عند التفاؤل، ولا عند التشاؤم، لأنه لو كان هناك حقيقة في هذا أو ذاك، لما تغيّر بين ساعة وأخرى. ولو كان الفريقان يكنّان أدنى احترام لبقية العالم، لأحجما عن معاملة الآخرين بهذا الازدراء، في مسألة بالغة الخطورة، في جوهرها وفي تفرعاتها وفي انعكاساتها على الوضع العالمي. يتساءل المرء: من نصدّق؟ الجانب الأميركي أم الجانب الإيراني؟ التفاؤل أم التشاؤم؟ والأكثر راحة هو ألا نصدّق كليهما، لأن كليهما لا يخاطبنا، بل يخاطب جمهوره، وكليهما يمهد الطريق لإعلان نهاية الخداع، فما هو شأننا في المسألة؟ إيران لا تكفّ عن هتافها «الموت لأميركا»، و«تتصور» كل يوم مع أميركا في شوارع جنيف. وفي جبهات العراق، تتبادلان صور الحشود المعادية للفريقين، وتقاتلان من خندق واحد. قيل لنا إن إيران تفاوض ست دول، فإذا بنا لا نرى سوى المستر كيري ووفده. وكل هذه الجلسات والنزهات من أجل الاتفاق على…

آراء

من الكيماوي إلى النووي.. الاكتفاء بنزع الأداة

الثلاثاء ٢٤ مارس ٢٠١٥

لم يتوقع رئيس النظام السوري بشار الأسد ومن يخطط له، أن تقتصر عقوبة نزيل البيت الأبيض باراك أوباما ضده، نتيجة استخدامه للسلاح الكيماوي ضد المواطنين السوريين في غوطة دمشق، على الاكتفاء بطلب تسليم سلاحه الكيماوي، مقابل التراجع عن القيام بعملية عسكرية، لم يكن قرار تنفيذها جديا، بعدما تمت إحالتها إلى الكونغرس للتصويت من أجل أخذ الموافقة عليها، لما توانى الأسد في استخدام الكيماوي بشكل كثيف وحاسم ضد شعبه. القبول الدولي بقرار تسليم الأسد سلاحه الكيماوي مقابل إلغاء العمل العسكري ضده، سابقة غير مألوفة في قوانين العدالة الدولية في محاسبة مجرمي الحرب، خصوصا من يرتكبون إبادات جماعية. ولذلك فإن اكتفاء الرئيس الأميركي باراك أوباما ومن معه، ممن يسمى «المجتمع الدولي»، بنزع أداة الجريمة، والتغاضي عن محاسبة المجرم، فتح شهية الأسد، الذي أفلت من العقاب، على استخدام أقصى درجات العنف والقسوة ضد شعبه، وشجعه على ارتكاب المزيد من جرائم الحرب، فأمطر المدن السورية بالبراميل المتفجرة، التي لا يقل خطرها عن خطر الكيماوي. أما تيقنه من عدم جدية المجتمع الدولي في محاسبته فجعله يستقوي سياسيا على معارضيه، وبرفض كل الحلول السياسية المطروحة لحل الأزمة في سوريا. حاليا، لا يختلف تعامل إدارة البيت الأبيض مع ملف إيران النووي عن تعاملها مع سلاح الأسد الكيماوي، فهي تركز على الأداة وليس على محركيها. فجل اهتمام وانشغال…